يُعتبر فيروس كورونا الذي انتشر خلال ستينيات القرن الماضي أحد أهم نتائج التلوث البيئي المستمر، فالأمراض على مدار التاريخ جاءت بسبب التلوث والجهل، وهذا ما حدث بالضبط مع فيروس كورونا، والذي كان من الممكن جدًا القضاء عليه في بدايته لولا تفشي الجهل في البلاد الذي بدأ فيها هذا الفيروس، مما تسبب في انتشاره واشتداده حتى أصبح الآن داء بلا دواء، يُعالج المُصابين به بالحجر الصحي والعزل عن الآخرين، لكن، قبل أن نندب حظوظنا، دعونا نتعرف أولًا في السطور الآتية على فيروس كرونا وأسبابه وانتشاره والحلول التي يمكن من خلاله تخفيف حُمته أو القضاء عليه.
فيروس كورونا ومنشأه البيئي
ما هو فيروس كورونا؟
فيروس كورونا ببساطة هو الفيروس الذي يأخذ بيدك نحو الطريق السريع للموت، فأول ما يتعرض له هذا الفيروس هو الجهاز التنفسي، حيثُ يمسك بالشخص لفترة لا تتجاوز غالبًا الشهر، ويجعله مُصابًا بالرشح وضيق التنفس في المرحلة الأولى منه، ثم يتطور الأمر بعد ذلك ليشمل الرشح المصاحب بالدماء، وهذا يعني أننا في المرحلة الثانية، ثم ينتهي الأمر في مرحلته الثانية عندما يُصب المصاب شاحب الوجه ولا يقوى على الحركة أو ترك الفراش، وقد يُخطئ بعض الأطباء في تشخيص هذا الفيروس ويتم اعتقاده مجرد التهاب رئوي، وربما هذا ما حدث بالفعل مع ظهور فيروس كورونا، وخاصةً في الشرق الأوسط، حيث كان مجهولًا لدرجة أن الكثير من الناس ماتوا به دون أن يعرفوا ذلك.
ظهور فيروس كورونا
ظهر فيروس كورنا في الفترة التي اختفت فيها الأمراض العتيقة كالطاعون والكوليرا، حيث بدأ في بعض دول شرق أسيا عام 1960، وتحديدًا في كوريا والصين، حيث كانت الصين قد خرجت من فترة احتلالٍ وخيمة على يد اليابانيين، تم فيها تدمير البنية التحتية للبلاد، لذلك لم تكن بمأمن من هذا المرض عندما داهمها، فكان بمثابة حرب واحتلال ثاني، ثم بدأ الفيروس بعدها في الانتشار وشمل أغلب مناطق أسيا حتى وصل في بداية الألفية الثالثة إلى الشرق الأوسط، وتحديدًا في شبه الجزيرة العربية، ومنه إلى بعض الدول الأفريقية.
أسباب فيروس كورونا
لا أحد يعرف تحديدًا ما هي الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا الفيروس، لكن يُعتقد أن التلوث البيئي، الذي انتجته قنبلة هيروشيما وخلفته الحروب اليابانية في الصين، السبب الرئيسي لهذا الفيروس، وقد حملته في البداية الطيور والحيوانات ثم تطور الأمر مع الوقت حتى وصل إلى الإنسان، وربما يكون هذا هو السبب الذي يجعل الجميع نادمًا حتى الآن على عدم القضاء على المرض في مهده والتضحية بالحيوانات، الأمر الذي أدى إلى احتفاظها بالفيروس ونقله إلى الإنسان.
السبب الثاني الذي يُعتقد أنه أيضًا من أسباب هذا المرض، هو تناول بعض الحيوانات لنباتات سامة غير مُميتة، نباتات أصابت الحيوانات التي تناولتها بنوع من الرشح تطور فيما بعد إلى فيروس كورونا، وهناك سبب ثالث يكمن في تحول إحدى الفيروسات الموجودة بالفعل وتطورها إلى كورونا، وهو سبب غير منطقي، إذ أن الفيروسات أمراض جامدة، فلا يُمكن أن يتحول فيروس بي مثلًا إلى فيروس سي، أو العكس، لكن يمكن جدًا أن يُصاب شخص واحد بالفيروسين معًا.
أعراض فيروس كورونا
كما أسلفنا، فيروس كورونا في بدايته لا يبدو أبدًا كفيروس خطير، بل يكون مجرد رشح بسيط يعتقد الجميع أنه ناتج عن تغير الطقس وغيره من الأسباب البسيطة، وقد يكون أيضًا في بدايته على شكل سعال أو ضيق تنفس أو ارتفاع درجة حرارة الجسم، وكلها بالطبع أشياء معتادة إلى الجسم ولا يعتقد الغير متخصصين أبدًا أنها من الممكن أن تكون بداية لفيروس خطير كفيروس كورونا.
المرحلة الثانية من أعراض فيروس كورونا تبدأ عندما تصل العدوى إلى أكثر الأماكن خطورة، وهي المجاري التنفسية، إذا تبدأ بعدها الرئة في الالتهاب وتتلف حوصلاتها ليبدأ بعدها الدم في مصاحبة الرشح والسعال، ومع الوقت، الذي لا يطول غالبًا، تبدأ الرئتين بكامل تفريعاتها في التلف، وبالتالي لا تتمكن من تأدية مهمتها الرئيسية التي تتمثل في تزويد الدم بالأكسجين اللازم له، وبالطبع لسنا في حاجة إلى القول بأن منع الأكسجين من الوصول إلى الدم يعني موت الشخص في الحال، وهذا بالضبط ما يفعله فيروس كورونا في أيامه الأخيرة بجسد المريض.
الوقاية من فيروس كورونا
قلنا من قبل أنه لا يوجد إلى الآن لقاح قادر على الوقوف في وجه فيروس كورونا، لكن يُعتقد أن ثمة طُرق يُمكن من خلالها الابتعاد عن الفيروس وتقليل فرص الإصابة به، منها مثلًا عزل المريض ومنعه من الاختلاط بالآخرين، ويُسمى هذا العزل بالحجر الصحي، وقد تطبيقه بالفعل في السعودية على بعض الحالات التي وصلت الإصابة عندها إلى المرحلة الأخيرة، كذلك هناك النصائح العامة التي يجب الآخذ بها دائمًا سواء وُجد الفيروس أم لا، وذلك مثل غسل اليدين وتجنب الزحام وعدم الاقتراب من مواطن الرطوبة وغيرها الكثير من الإجراءات الوقائية المُتبعة.
طموحات وأماني
الطموح فيما يتعلق بالتعافي من الأمراض أمر مُستحب جدًا، خاصةً إذا كان الأمر مُتعلق بفيروس خطير يُهدد الحياة البيئية مثل فيروس كورونا، حيث يُقال إن مجموعة من الأطباء المُتخصصين تجمعوا منذ ما يقرُب من عشرة أعوام في مكان سري بالولايات المتحدة الأمريكية وتركوا ذويهم وأوطانهم مُكرسين حياتهم في البحث عن دواء لهذا الفيروس، وقد خرجت عدة تصريحات مُتضاربة من منظمة الصحة العالمية خلال تلك الفترة، فمنها ما يؤكد على قدرة هؤلاء الأطباء في إيجاد الدواء بل واقترابهم منه، ومنها ما يصف تلك المحاولات بمجرد عبث وتضييع للوقت، أما المرضى المُصابين بهذا الفيروس فلا يملكون سوى انتظار النتائج، مُحملّين بالطموحات والأماني.
فيروس كورونا والبيئة
يُقال دائمًا أن الفيروسات تنتج عن البيئة ثم تتطور وتطعن في هذه البيئة التي انتجتها، وتلك حقيقة مُطلقة تتناسب جدًا مع فيروس كورونا، فبالرغم من أن الأسباب الرئيسية له تتمثل في مُخلّفات الحروب والنباتات السامة إلا أن الهواء كما ذكرنا كان له النصيب الأكبر في مهمة نقل الفيروس ونشره بهذه الصورة الكبيرة، ولا نُبالغ إذ نقول أن الهواء كان ينقل هذا الفيروس في الصين حوالي عشرة آلاف كيلو متر يوميًا، ولولا عمليات الحجر الصحي للمرضي لكان من الممكن جدًا أن ينتشر الفيروس في الصين بأكملها، كما أن الشمس، على ذكر البيئة، تُعطي فيروس كورونا حصانة ضد الأدوية واللقاح، فلا تجعله يتأثر بهما، وهذه كارثة أكبر من كارثة الهواء الحامل للفيروس.
المُصاب يبقى وحيدًا
شهدت حِقبة الإصابة بفيروس كورونا ظهور المعدن الحقيقي لما يُسمى بالعلاقات الدولية، فالدول التي كانت تزعم أنها تتكاتف مع كافة مثيلاتها بدافع الإنسانية امتنعت عن التعامل مع الدول التي كانت مصابة بالفيروس مثل الصين وكوريا، بل ولم توفر لها ما يلزم من معدات طبية وأطباء قادرة على إيقاف زحف الفيروس المُخيف، وهذا لم يؤثر في شيء بالطبع سوى تفاقم الفيروس وانتقاله إلى الدول المجاورة وزيادة انتشاره، ليُصبح بعدها فيروس كورونا بالشكل الهائل الموجود عليه الآن، ويُصبح كذلك الابن العاق للبيئة.
أضف تعليق