تسعة بيئة
غزو الجراد
بيئة » الطبيعة » غزو الجراد : تأثيره على الزراعة والمحاصيل

غزو الجراد : تأثيره على الزراعة والمحاصيل

غزو الجراد هو حالة تقوم فيها أسراب كبيرة جدًا من الجراد بالدخول إلى أراضي مزروعة لتتسبب في تآكل الغطاء النباتي للأرض في فترة قصيرة مسببة الكثير من الضرر.

غزو الجراد من أكثر المشكلات التي تقابل الفلاّح، وبالطبع فإنّ هذه المشكلة تتسبب في إعاقة مجتمع بأكمله، حيث أنّها في حقيقة الأمر تعد من الكوارث البيئية بمعنى الكلمة، حيث أنّ الجراد عادةً ما يتغذى على المحاصيل الزراعية ومن ثمّ فإنّ تعب وجهود الفلاّحين يصبح غنيمة للجراد، في حيث أنّ هناك أزمة اقتصادية كبؤرة تعم البلاد نظراً لانتشار الجراد الذي منع النّاس من وجود ما يتغذون عليه.

غزو الجراد : المشكلة والتأثيرات البيئية

مشكلة غزو الجراد

لقد تعرّضت مصر في فترات كثيرة إلى غزو الجراد ولقد قال العلماء وخبراء الأرصاد إنّ مصر انتقل الجراد إليها عبر الحدود حيث أنّ المناخ يساعد في ذالك، وعادةً ما يوجد الجراد في مناطق وجود السافانا والحشائش ويوجد علاقة بين الحرارة وبين وجود الجراد، حيث أنّه يفضّل الوجود في البيئة التي درجة حرارتها بين العشرون والخمسة وعشرون درجة مئوية. ويفضّل الجراد أن يتغذى على الأرز والقمح.

تصنيف علماء الحشرات للجراد

لقد قام العلماء بتصنيف الجراد نظراً للأخطار التي تنتج عن غزو الجراد إلى البلاد ولقد كان التصنيف على طورين وهما الفردي وهذا الطور لا يسبب أيّة مخاطر على الإطلاق، حيث أنّه يكون ساكن وفي حالة التجمع وهذا هو الطور الثاني للجراد فإنّه يغزو البلاد والمحاصيل الزرعية.

مكافحة غزو الجراد

نظراً للآثار السلبية الكثيرة التي تنتج عن غزو الجراد فلابد من عمل السبل التي تساهم في مكافحة هذا الوباء، وأوّلى خطوات المكافحة مراقبة المناطق التي ينتقل الجراد عبرها مثل الصحراء، مع التركيز على الأماكن التي يكثر يها عملية التكاثر والتي توجد في شمال السودان ودلتا نهر النيجر وعلينا أن نحرص على منع وجود التجمعات أيّ أنّ المكافحة سوف تبدأ من الطور الغير ضار وهو الطور الساكن حيث أنّه في هذه الفترة يكون عاجز عن الانتفال أو الطيران بأجنحته، وعلينا أن نقاوم بشدة التجمعات التي عادةً ما تكون في المناطق الرطبة من سواحل بحيرة تشاد ومناطق الجنوب الغربي من جزيرة مدغشقر ومناطق النيل الأزرق.

غزو الجراد للبلاد

الجراد عند فترة البلوغ عادةً ما يكون ذات لون يميل إلى اللون الأخضر ويصل طول ذكر الجراد إلى 7 سنتيمتر بينما الأنثى يصل طولها إلى 9 سنتمتر، وتحمل الرياح الجراد في فترة النهار مع التيّارات الهوائية الشديدة، حيث أنّ هذه التيارات تساعدها في الانتقال عبر الحواجز الموجودة في الجبال، وهذا المكان هو الموطن الأصلي للطور الثاني وهو التجمعات ومن الأفضل أن تتم متابعة الحشرة بصفة دائمة من أجل مكافحتها في الطورين الأول والثاني.

التعاون بين هيئة الأرصاد ووزارة الزراعة

لابد من التعاون بين هيئة الأرصاد ووزارة الزراعة من أجل المكافحة لغزو الجراد حيث أنّ انتشار الجراد يتوقف كثيراً على درجة حرارة الوسط المحيط وهذا بالطبع يتطلب دخول هيئة الأرصاد والمكافحة تتطلب وجود وزارة الزراعة للتخلّص من هذا النوع من الحشرات المسببة للعديد من الخسائر الاقتصادية.

دور الفلاّح في مقاومة غزو الجراد

في السنوات الماضية كانت هناك وسيلة يتّم حملها في اليد وهذه الوسيلة تكتشف الأماكن التي يوجد فيها الجراد كما أنّها كانت تساهم في تحديد خطي الطول والعرض للمنطقة التي يوجد فيها، ولقد كانت تستخدم في الصحراء، ومع التقدم العلمي قد قامت وزارعة الزراعة بتصنيع رش له دور كبير في مكافحة الجراد إلى حدّ كبير، ويمكن الإبلاغ عن أماكن وجود الجراد باللاسلكي ومن ثمّ فإنّ الطائرات تأتي لترش المساحة المنتشر فيها الجراد للتخلّص منها نهائياً.

دور المراكز العلمية في مكافحة غزو الجراد

القيام على عمل الاختبارات التي تساهم في إنشاء مادة جديدة يتّم إضافتها أثناء زراعة النباتات وهذه المادة تساهم في طرد الجراد فتمنعه من الإقبال عليها.

غزو الجراد وتأثيره على الزراعة

غروب قبل الغروب وسحابة قاتمة لا تستطيع العين أن تلم بأطرافها تخمد جذوة الشمس في لحظات، إنه أحد أيام خريف 1988م في مصر، تلك السحابة لم تكن أبدا محملة بأمطار خير كالعادة وإنما كانت أخطر موجة من موجات غزو الجراد منذ عهد الفراعنة، حيث كان هجوم الجراد على مصر من ثلاث جهات الشرق والغرب والجنوب في أسراب بلغ عددها 68 سربا تتراوح مساحة السرب الواحد بين 40 و100 كيلو مترا مربعاً، تستهدف كل ما هو أخضر ويصلح للأكل. وإذا كان الحديث عن الظواهر البيئية يستمد أهميته من كونه يتعلق بشكل مباشر برغبة الإنسان المستمرة في تحسين أسباب الحياة من حوله بالشكل الذي يضمن له العيش في محيط بيئي خالي من المنغصات، فإن من أكبر تلك المنغصات التي تفرض نفسها على الإنسان وتشكل خطرا على غذائه بشكل مباشر (غزو الجراد) للأراضي الزراعية الخضراء وإتلافها.

أنواع الجراد

والجراد (Locusts) هو مجموعة كبيرة من الحشرات تعرف بالنطاطات (grass hoppers) ويوجد ما يزيد على 20 ألف نوع من الجراد في العالم منها:

  • الجراد الصحراوي Desert Locusts
  • الجراد الأفريقي المهاجر African Migratory Locust
  • الجراد الأحمر Red locust
  • جراد الشجر.
  • جراد بومباي.

غير أن المعني بالحديث هنا هو الجراد الصحراوي الذي يصنف علميا كالتالي: المملكة الحيوانية – طائفة البعديات الحقيقية – شعبة مفصليات الأرجل – طائفة الحشرات سداسية الأرجل – رتبة الحشرات مستقيمة الأجنحة – جنس الجراد – نوع الجراد الصحراوي.

الجراد الصحراوي

وتكوين الجراد الصحراوي يساعده على تحمل الظروف البيئية القاسية التي يعيش فيها من انخفاض نسبة الرطوبة وجفاف الأعشاب وارتفاع درجة الحرارة، فالجراد الصحراوي حشرة كبيرة يصل طول الأنثى إلى نحو 6سم، ويكون الذكر عادة أصغر من ذلك، وتتميز أفرادها البالغة بجناحين أماميين وفم قارض وزوج من قرون الاستشعار القصيرة, وبالصدر رجلان صدريتان خلفيتان متمحورتان للقفز والأجنحة أطول من الجسم.

والتحول في هذه الحشرة من النوع التريجي أو الناقص Hemimetablolus إذ لا تمر الحشرة بطور العذراء بين طور اليرقة والحشرة الكاملة, فهي تتطور من طور البيض إلى طور اليرقة (الحورية) ثم إلى الحشرة الكاملة مباشرة.

مواسم تزاوج الجراد الصحراوي

ينشط هذا النوع من الجراد على مدار العام وتنتج الحشرة الواحدة من اثنين إلى ثلاثة أجيال في العام الواحد حيث يمكن لأنثى الجراد أن تضع أكثر من 300 بيضة في المرة الواحدة.

مظاهر الجراد الصحراوي

وللجراد الصحراوي مظهران مختلفان في الشكل والسلوك هما:

  • المظهر الانفرادي ومن خصائصه:
  • يكون لون الحشرة الكاملة فيه رماديا.
  • لا يتعدى أعداد الجراد في هذا النمط أكثر من 500 جرادة في الهكتار الواحد.
  • ذو شهية محدودة وغير نهم للأكل.
  • لا يشكل الجراد في هذا المظهر أي خطر على المزروعات, بل غالبا لا يلاحظ وجوده.

المظهر المهاجر أو الجماعي ومن خصائصه

  • يميل لون الحشرة فيه إلى الاحمرار.
  • يتواجد بأعداد مرعبة حيث يعيش ضمن أسراب يبلغ طول السرب الواحد نحو 350 كيلو متر.
  • يمثل خطرا داهما على المزروعات.

والأصل هو تواجد الجراد في الحالة الفردية حتى إذا تغيرت ظروف المناخ بالشكل الذي يخدم تكاثره ونموه انتقل إلى المظهر الجماعي المهاجر، وتشمل تلك الظروف:

  • هطول الأمطار ونمو الغطاء النباتي، والتي إذا اجتمعت ازدهر الجراد تكاثراً وانتشاراً وتحركت أسرابه مع الرياح السائدة.
  • موسم تكاثر الجراد

للجراد ثلاث مواسم ينشط فيها تكاثره

  • الموسم الأول هو (الموسم الصيفي ) ويمتد من يونيو إلى أكتوبر, وذلك في بلاد (السودان وأريتريا وبعض دول غرب أفريقيا).
  • الموسم الثاني هو (الموسم الشتوي ) ويمتد من الصومال إلى الساحل الشرقي لأفريقيا.
  • الموسم الثالث وهو (الموسم الربيعي ) ويمتد من مارس إلى مايو في بلاد شمال شرق أفريقيا والخليج العربي.

ويكمن الخطر في تعدد مواسم تكاثر الجراد إلى انتقال الجراد من موسم تكاثر إلى آخر بالتتابع فما إن ينتهي موسم إلا وبدأ آخر، ويصل الجراد إلى حد الوباء إذا تواجد في أكثر من منطقة تكاثر في آن واحد.

معاناة الإنسان من الجراد

ومعاناة الإنسان من آفة الجراد قديمة قدم معرفته بالزراعة ويشهد على ذلك رسومات الحشرة على معابد قدماء المصريين بمنطقة سقارة بمصر منذ حوالي 2430 قبل الميلاد، وكذلك قد ورد ذكر الجراد في المخطوطات والكتابات القديمة وحتى في الكتب الدينية، غير أنه لم يقترن ذكره إلا بكوارث قد ألمت بالإنسان.

حيث لم تكن تلك الحشرة في يوم رحيمة بالإنسان عندما تزوره بأعدادها التي تحجب وجه الشمس، بل بلغ ضررها بالإنسان ومزروعاته حد المجاعة في بعض البلدان.

وبمنظور تاريخي فقد حدثت هجمات الجراد الكبرى في (1926ـ 1934) و(1940- 1948) و (1963ـ 1967) و (1967ـ 1969) و (2003ـ 2005).

وكان من أسوأها غزوته العالمية عام (1987ـ 1989) التي تسببت في خسائر قدرت حينها بنحو 300 مليون دولار أمريكي في أكثر من 30 دولة على مستوى العالم.

مع العلم بأن تقدير الأضرار التي يخلفها الجراد يعتمد على المدة التي سيبقى بها الجراد في المنطقة الواحدة وحجم الأسراب ومرحلة المحصول وهو من الصعب بصفة عامة تقديره بسبب طبيعة الهجوم العالية.

تهديدات الجراد

ويهدد الجراد على وجه التحديد المساحة الواقعة بين سواحل البحر المتوسط وخط الاستواء وتقدر بـ 11مليون ميل مربع ( أغلبها أراضي صحراوية ), وتشمل هذه الرقعة الواسعة كل الدول العربية في شمال أفريقيا ودول الخليج العربي وكذلك المناطق الجنوبية من بلاد الشام والعراق، حيث يعيش عليها 1/8 سكان العالم في إحدى وستين دولة من المغرب إلى الهند.

ونستطيع أن نجمل أسباب خطورة الجراد الصحراوي في الآتي

  • قدرته على التكيف مع الظروف البيئية الصعبة بحكم تكوينه الذي يساعده على ذلك.
  • قدرته على الطيران لمسافات طويلة حيث تزيد سرعة سرب الجراد على 400 كيلو متر في الليلة الواحدة.
  • سرعة التكاثر بالإضافة إلى تعدد مواسم التكاثر.

شهية الجراد

احتياج الجراد إلى كميات كبيرة من الغذاء أثناء فترة نموه فكل كيلو متر واحد من السرب يقضي على ما يقرب من ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم الواحد، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة، حيث تأتي الحشرة على المزروعات تماما أوراقا وأزهارا وثمارا وحتى البذور والبراعم والقشور.

طرق مكافحة الجراد

لجأ الإنسان إلى طرق كثيرة لمكافحة الجراد بدأت قديما بالتخويف والحرق في الخنادق ثم إلى استخدام المبيدات الحشرية وهي الطريقة الأكثر انتشارا ويبدو أنها الأسرع فتكا بالجراد، حيث يتم رش المناطق التي يغزوها الجراد ليلا حيث فترة استقراره على الأرض. هذا بالإضافة إلى طرق المقاومة البيولوجية والتي لم تثبت كفاءتها في هذا الصدد بعد. أما أحدث الوسائل هي استعمال أجهزة الرصد والتنبؤ المبكر وتتبع الجراد في أطواره وذلك بشكل منتظم.

وقد تأخرت الحكومات كثيرا قبل أن تسلك مسلكا منظما ومدروسا لمواجهة هجمات الجراد الصحراوي، ولكن مع تزايد أخطار هجمات الجراد ومع تزايد جهود المنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن استطاعت معظم الدول أن تغير من طرق مكافحتها العشوائية غير المدروسة إلى طرق أكثر تنظيما وفاعلية، حيث كانت البداية عام 2002 م عندما أنشئت هيئة مكافحة الجراد الصحراوي في منطقة غرب أفريقيا وضمت وقتها عشر دول.

منال ماجد

حاصلة على بكالريوس هندسة، أحب الكتابة والقراءة.

أضف تعليق

6 + 9 =