تُشكل عملية صيد الحيتان خطرًا كبيرًا على البيئة لما قد ينتج عنها مِن خلل في التوازن الطبيعي، فليس من الحكمة في شيء الانقضاض على نوع معين من الحيوانات والتركيز عليه حتى إفناءه، وقد حدث ذلك مع الكثير من الحيوانات التي أصبح وجودها الآن مجرد أسطورة، كما أن صيد هذا النوع من الحيوانات يتناقض مع القوانين الدولية التي تسعى لحفظ وإدارة الحيوات البرية والجوية والبحرية، وتُسمى مخالفة هذه العملية بالصيد غير المشروع.
كل ما يخص صيد الحيتان
الصيد غير المشروع
الصيد غير المشروع أو الغير قانوني هو الصيد الذي يُأثر على البيئة بالسلب، ويُمنع الصيد في أوقات كثيرة، منها موسم التكاثر،ففيه يُمنع الصيد لحماية الحياة البرية والبحرية، كذلك يُمنع الناس من الصيد في حالة عدم حيازتهم على رخصة صيد أو الصيد خارج ساعات الصيد الرسمية والتي تُحددها بعض البلدان التي تُعطي اهتمامًا لتلك العملية.
ومن الأشياء التي تجعل الصيد غير مشروعًا أيضًا بل وتمنعه هي استخدام أسلحة غير صالحة للصيد،أو وجود الفريسة في منطقة محظورة أو تملّك شخص أخر لها،أو استخدام أحد طرق الصيد الجائر، أو التعدي على حيوانات قيد البحث العلمي، أو صيد حيوانات محمية من القانون أو مُعرضة للانقراض، وهذا ما يحدث أثناء صيد الحيتان ، ودفع البعض إلى اعتباره مُشكلة تُهدد أمن البيئة وسلامتها.
أهمية الحيتان
السبب الرئيسي في الإقدام على مثل هذا النوع من الصيد المحظور هو الحصول على الزيوت، فالحيتان تحتوي على أفضل أنواع الزيوت، والزيت الذي يتم استخراجه منها يُسمى زيت العنبر، وهو يُستخدم في الإضاءة والتزييت وصناعة الجلود، بل أن زيت الحوت أيضًا يدخل في صناعة الصابون والسمن الصناعي، ويُستخدم نوع العنبر تحديدًا في بعض الصناعات الكيماوية، ناهيك عن لحوم الحوت والتي تكون بالأطنان في الحيتان الكبيرة، حتى أن اصطياد حوت واحد يُعادل في اللحوم اصطياد أكثر من ألف سمكة.
تاريخ صيد الحيتان
بدأ صيد الحيتان في الظهور منذ العصور القديمة، حيث عرفت أوربا الأمر في القرن الحادي عشر، وكان ثمة شعب مجهول يُغطى مناطق البرانس الغربية ويعيش على صيد الحيتان، وفي القرن السابع عشر عرفت أمريكا الشمالية حرفة صيد الحيتان وامتنتها وتطورت فيها.
أفرط البشر في صيد الحيتان لما يحصلون عليه منها، نتيجة لذلك تعرضت بعد الأنواع للانقراض، فتأسست اللجنة الدولية عام 1946، وحاولت بشتى الطرق السيطرة على عمليات صيد الحيتان، لكن تلك المحاولات لم تجدى نفعا بسبب طمع الناس في تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الحيتان والتي ينتج الحوت الأبيض منها أكثر من 19080 لترا من الزيوت!
الصيد العرضي
يُطلق اسم الصيد العرضي على صيد الحيتان غير المستهدفة، وذلك عن طريق ما يُسمى بمصائد الأسماك، ويقع ضحية لذلك عدة أنواع أبرزها الدلافين والحيتان وخنازير البحر، ويحدث ذلك بصورة طبيعية عن طريق شبكة الصيد.
ومن المتوقع زيادة هذا النوع من الصيد نظرًا للنمو السكاني الكثيف وازدياد حاجة الناس إلى اللحوم السمكية، ويتم الاتصال بطريقة مباشرة في شكل اتصال جسدي مع شباك الصيد، أما الاتصال غير المباشر فيتم من خلال مسارات الغذاء البحرية، ومن الجدير بالذكر أن الحيتان التي تقع في تلك المصائد يتم الاحتفاظ بها نظرًا لقيمتها.
تأثير صيد الحيتان
أكدت الأبحاث التي أجريت في الآونة الأخيرة على الحمض النووي أن صيد الحيتان أصبح له تأثير أسوأ بكثير من ذي قبل، ويؤكد عالم الأحياء البحرية بمركز هوبكنز البحاري والذي يتبع جامعة ستانفور “ستيف بالومبي” أن تقديرات أعداد الحيتان كانت خاطئة لأنها مأخوذة من إحصائيات قديمة تغيرت مفرداتها بشكل جذري.
وعندما قام بالومبي وزملائه بإجراء الإحصائيات تبين أن العدد قد تقزّم ولم يقل فقط، فالإحصائيات القديمة والتي تم إجرائها قبل بدء الصيد التجاري كانت تُشير إلى عدد مليون ونصف حوت، أما إحصائيات بالومبي والتي فجرت مفاجأة من العيار الثقيلة أشارت إلى تقليص العدد إلى عشرين ألف حوت فقط، كل ذلك ولم تتوقف اليابان!
بل وإن التهديدات البيئية التي تهدد الحيتان قد ازدادت، فبالإضافة إلى المناخ والتلوث وصيد السمك والضوضاء وهجمات السفن، ثمة صيد صناعي يُهدد غذاء الحيتان ويعرضها للوقوع ضحية لأدوات الصيد، وعلى الرغم من ذلك تتزايد أعداد الدول التي تؤيد صيد الحيتان ، مما يؤكد أننا مقبلون على كارثة حقيقية.
مناطق ودول صيد الحيتان
يكثر صيد الحيتان في عدة مناطق أكبرها السويد والنرويج وكندا وآيسلندا وروسيا والولايات المتحدة واليابان، هذا وتمتلك اليابان نصيب الأسد من عملية صيد الحيتان بما لا يقل عن 60% سنويا من عمليات الصيد في جميع أنحاء العالم، تليها الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول على تحفظ خوفًا من معارضة قرار اللجنة الدولية لصيد الحيتان التي تأسست عام 1946 لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه.
معارضة اليابان لقرار اللجنة الدولية
مع بداية القرن الواحد والعشرين وتشكيل لجنة دولية لصيد الحيتان بدأت بعض الدول الرضوخ إلى قرارات تلك اللجنة وتنفيذ قرارتها مما أدى إلى تقليل عملية صيد الحيتان،إلا أن بعض الدول لم تستمع لهذا القرار، وكأن على رأسهم اليابان.
بدأت اليابان تنفيذ مشروع ” الصيد العلمي للحيتان” في شمال المحيط الهادي، حيث اعتبرته صيد تُجاري في شكل مُقنع وجزء من الثقافة الغذائية اليابانية، هذا بالرغم من أن الإحصائيات اليابانية تؤكد أن عدد قليل جدًا من اليابانيين يتناولون لحوم الحيتان، وأن البعض يعتبره مُجرد مورد للزيوت فقط.
في سبتمبر 2014 أصدرت اللجنة الدولية لصيد الحيتان في اجتماعها الذي يُعقد كل عامين في سلوفينيا قرارًا يقول أن برنامج اليابان”الصيد العلمي للحيتان” غير قانوني ويجب أن يتوقف، حيث وافق المشتركون في الاجتماع بأغلبية 35 مُقابل اعتراض 25 شخص، لكنها في النهاية تُعد أغلبية غير مُلزمة على الإطلاق، ولهذا لم تلتزم به اليابان واستمرت في مشروعها واصفة قرار اللجنة الدولية لصيد الحيتان بالقرار المؤسف.
نهاية الحيتان
تشير كافة الإحصائيات أن أيام الحيتان في البحر أصبحت معدودة، خاصة مع صعوبة عملية التكاثر بالنسبة لهذا النوع الغريب من الحيوانات، ولا يمكن الجزم بالوقت المحدد لاختفاء الحيتان إلا أنه من المتوقع حدوث ذلك بنهاية هذا القرن، خاصةً في ظل إصرار الدول- وعلى رأسها اليابان- في الاستمرار بمشروع الصيد التجاري الذي يهدف إلى الربح دون النظر إلى الخطر الذي قد يُخلّفه هذا الأمر على البيئة.
هذا ومن المتوقع إجراء محاولة أخيرة في اجتماع “اللجنة الدولية لصيد الحيتان” المقبل والذي سيقام في عام 2017 بسلوفينيا والذي من الجائز أن يشهد حدوث مباحثات عنيفة وتوقيع عقوبات على اليابان المتسيدة لعملية صيد الحيتان، هذا العقوبات قد تصل إلى حرمانها من الصيد الدولي، هذا إن لم يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك ويتدخل مجلس الأمم ويتكاتف المجتمع الدولي ضد هذا الخطر الذي سيُسبب مشكلة حقيقية للبيئة، تلك المشكلة ستجعل العالم كله يرفع إصبع الاتهام في وجه اليابان، وإن كان ردة فعلها واستمرارها في ذات الأمر يؤكدان أن هذا الأمر لا يشغلها كثيرًا وأننا نتجه بثبات نحو طريقٍ مسدود يجعل بقاء الحيتان مسألة وقت!
أضف تعليق