تسعة بيئة
صناعة الطوب من الطمي
بيئة » التراب » صناعة الطوب من الطمي : خسارة كبيرة للتربة ومواردها

صناعة الطوب من الطمي : خسارة كبيرة للتربة ومواردها

تعتبر صناعة الطوب من الطمي طريقة شديدة السوء لاستنزاف التربة كمصدر خصب للزراعة والإنتاج، نتعرف على الآثار البيئية السيئة لصناعة الطوب من الطمي هنا.

صناعة الطوب من الطمي ، هي أهم عوامل تدهور التربة الزراعية. من يستطيع أن ينكر فضل الأرض الزراعية في حياة الإنسان والحيوان على حد سواء حيث تعتبر الأرض الزراعية هي أساس الحياة على الأرض وتدهورها يعني تدهور الحياة فلم ترتق حياة الإنسان إلا عند اكتشافه سر الزراعة قديماً وتعلمه أسرار الاستفادة من الأرض وتطوره بدأ من تطور أساليب الزراعة. لكن مع التطور ازداد التلوث والتلوث أثر سلباً على الغطاء النباتي الموجود على الأرض وعلى التربة الزراعية أيضاً حيث كثرت اعتداءات الإنسان على الأرض الزراعية وقام بتجريفها من أجل صناعة الطوب من الطمي ليستخدمه في أغراض البناء متناسياً أهمية المحافظة على التربة الزراعية. تتميز البيئة الطبيعية بتوازن طبيعي خلقه الله سبحانه وتعالى، هذا التوازن الدقيق يسير وفق نظام معين وهو ما يعرف بالنظام الإيكولوجي الذي يربط بين العناصر البيئية المختلفة. أحد العناصر البيئية الهامة هي التربة، هناك عدة أنواع للتربة إلا أن تربة الطمي هي أفضل أنواع التربة الصالحة للزراعة نظراً لمتعها بمستوي خصوبة أعلى من أنواع التربة الأخرى. وتتكون التربة من ثلاث طبقات، الطبقة الأولى وهي الطبقة السطحية تغلف الأرض وعمقها لا يتجاوز عدة سنتيمترات تحتوي على العديد من العناصر الغذائية الهامة بالإضافة إلى العديد من الكائنات الحية الدقيقة كالديدان والحشرات وتعتبر هذه الطبقة هي أهم طبقات التربة في عملية الزراعة كما أنها عرضة للتأثر أكثر من غيرها، الطبقة الثانية وهي طبقة تحت التربة وهي تقع مباشرة تحت الطبقة السطحية، وأخيراً الطبقة الثالثة وهي طبقة الصخر الأم وهي الطبقة الأصلية التي تكونت منها التربة وهي أقل طبقات التربة تأثراً بعوامل التعرية أو النشاطات البشرية الضارة بالتربة.

منذ مئات السنين ظهرت صناعة الطوب من الطمي النيلي حيث استخدمه الإنسان في البناء، تقوم صناعة الطوب الذي يستخدم في البناء بشكل أساسي على إزالة الطبقة السطحية للتربة فيما يعرف بتجريف التربة وهو يختلف عن انجراف التربة الذي يحدث نتيجة عوامل طبيعية حيث تتآكل الطبقة السطحية للتربة اللازمة لنمو النبات نتيجة عوامل مناخية طبيعية كالماء والرياح، وبالرغم من أن عوامل التعرية أدت إلى تدهور التربة بشكل كبير إلا أن النشاط البشري والاعتداءات التي تتم على الأراضي الزراعية خاصة عملية التجريف التي يقوم بها الإنسان من أجل صناعة الطوب من الطمي ساهمت بالجزء الأكبر في تدهور التربة ومن أخطر الانتهاكات التي تحدث للأراضي الزراعية هي تجريف التربة. وتجريف التربة هو قيام الإنسان بالاعتداء على التربة وإزالة الطبقة السطحية منها (الطمي) ليصنع منها الطوب الأحمر المخصص للبناء مما يضر بالأرض ويؤدي إلى تدهورها وتراجع تصنيفها والأضرار بمستوى خصوبتها وقد يجعلها غير صالحة للزراعة مرة أخرى.

صناعة الطوب من الطمي : ملف كامل من الألف إلى الياء

أضرار صناعة الطوب من الطمي

صناعة الطوب من الطمي لاستخدامه في أغراض البناء يعتبر من أكبر الخسائر التي تتعرض لها التربة على الإطلاق. تعتمد إنتاجية الأراضي الزراعية بشكل أساسي على تكوين التربة وأسلوب إدارتها للاستفادة القصوى منها، فالتربة تحتوي على مكونات عضوية وحيوية دقيقة تجعلها في توازن طبيعي تكونت عناصره على مر العصور الجيولوجية خلال آلاف بل ملايين السنين والإخلال بهذا التوازن الطبيعي نتيجة الضغوط البشرية والرغبة في التوسع العمراني والاستخدام السيئ للأرض يؤدي إلى تدهورها وعدم قدرتها على تأدية الدور الذي خلقت له ألا وهو إنتاج المحاصيل والثمار اللازمة لحياة الإنسان والحيوان لتستمر الحياة على الأرض. يقوم الإنسان بالعديد من الانتهاكات للأراضي الزراعية أخطرها على الإطلاق هو تجريفها حيث يستخدم الطبقة السطحية من التربة في صناعة الطوب الأحمر مما يجعل الحياة النباتية والحيوانية في خطر ذلك أن الاعتداء على التربة وتجريفها وإزالة الطبقة السطحية منها يحرم التربة من الطبقة اللازمة لنمو النبات وهي الطبقة التي تحتوي على المواد العضوية والنتروجين والكالسيوم والبوتاسيوم والفسفور وغيرها من العناصر الغذائية التي لا تستطيع الأسمدة والمركبات الصناعية والكيميائية تعويضها حيث لا تعود التربة أبداً لما كانت عليه قبل تجريفها. صناعة الطوب من الطمي تؤدي إلى عدم قدرة الأرض التي تم تجريفها على الإنبات ورذا وصل التجريف إلى الطبقة التحتية فإنه يحول الأرض التي تم تجريفها إلى مستنقعات وبرك وبالتالي ينخفض مستوى خصوبتها وصلاحيتها للزراعة مرة أخرى بشكل كبير مما يعني المزيد من الخسائر تضاف لمساحات الأراضي الزراعية التي تم خسارتها. المساحات الزراعية الواسعة التي تم تخريبها وانتهاكها تسير بنا نحو مصير محتوم وهو انقراض الأراضي الزراعية التي توفر المواد الغذائية اللازمة والثمار للإنسان والحيوان فالأرض الزراعية هي أصل الحياة على الأرض وتجريفها من أجل صناعة الطوب يجعلها تخسر الكثير من العناصر الغذائية المهمة اللازمة للزراعة وتفقد خصوبتها ويتدهور تصنيفها وتؤدي كذلك لتدهور الإنتاج الزراعي وقلة الثمار التي تنتجها هذه الأراضي، مما يجعل الدول التي يتم تجريف أراضيها تتعرض لخسائر اقتصادية كبيرة حيث تتوقف عن تصدير المنتجات الغذائية الزراعية والثمار كما أنها تضطر إلى الاستيراد لسد احتياجات مواطنيها من المواد الغذائية الزراعية.

تجريم صناعة الطوب من الطمي

بسبب الأضرار البالغة التي يحدثها تجريف الأراضي الزراعية، قامت الكثير من الدول بإصدار تشريعات تجرم تجريف الأرض الزراعية وتحريم الاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال كما تم منع صناعة الطوب من الطمي لكي يتم الحفاظ على الأراضي الزراعية وحمايتها من الهلاك ولكن بالرغم من صدور هذه التشريعات والجهود التي تبذلها الدول في المحافظة على الأراضي الزراعية وحمايتها من هذه الاعتداءات والانتهاكات إلا أن هذه الانتهاكات التي تتعرض لها الأراضي الزراعية من تجريف وبناء على تلك الأراضي لا تزال مستمرة خاصة في البلاد النامية بسبب نقص وعي مواطنيها بأهمية المحافظة على الأراضي الزراعية.

الأرض الزراعية هي أهم عناصر الحياة على كوكب الأرض، فالتربة هي ما تنتج الغذاء اللازم لاستمرار حياة الإنسان والحيوان على حد سواء والحفاظ عليها وحمايتها من الانتهاكات التي تتعرض لها يجب أن يكون على رأس الأولويات التي يهتم بها الإنسان. صناعة الطوب من الطمي والتي تعتمد على تجريف الأرض الزراعية عن طريق إزالة الطبقة السطحية من الأرض الزراعية يعتبر خسارة فادحة للتربة لأن هذه الطبقة تحتوي على العناصر الغذائية اللازمة لنمو النبات وإزالتها تعني انخفاض قدرتها على الإنبات مرة أخرى وقد يصل الأمر إلى استحالة زراعة هذه التربة مرة أخرى بعد تجريفها حيث تقوم بتقليل مستوى خصوبة التربة وتجعلها عرضة للبوار فتصبح غير صالحة للزراعة مرة أخرى فيعتبر تجريف التربة بمثابة إصدار حكم بالإعدام عليها. كما أن استصلاح الأراضي لا يؤدي إلى نفس النتيجة التي تؤدي إليها زراعة الأراضي الزراعية حيث أنها لا تتمتع بنفس الخصوبة التي تتمتع بها التربة الزراعية كما أنها تكلف الكثير من الوقت والمال والجهد، لذا يجب أن تتضافر الجهود في الدول التي تحدث فيها هذه الانتهاكات لمنع تضاؤل المساحات الزراعية، للمحافظة على ما تبقى من المساحات الزراعية والعمل على زيادة هذه المساحات في المستقبل لننقذ أنفسنا من الخسائر التي تلحق بنا نتيجة ازدياد خسارة المساحات الزراعية وتضاؤلها.

مي حسن

حاصلة على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة وماجستير في القانون من جامعة السوربون بباريس، محامية وباحثة قانونية.

أضف تعليق

عشرين − 3 =