تسعة بيئة
سلحفاة نهر ماري
بيئة » الطبيعة » ما هي سلحفاة نهر ماري ؟ ولماذا تعتبر على حافة الانقراض؟

ما هي سلحفاة نهر ماري ؟ ولماذا تعتبر على حافة الانقراض؟

سلحفاة نهر ماري أحد أبرز السلاحف وأكثرها غرابة، فهي تعيش قرابة الخمسين عام، وتأخذ حوالي ثلاثين عام على الأقل من أجل البلوغ، لكنها أصبحت معرضة للانقراض.

تُعد سلحفاة نهر ماري واحدة من أهم السلاحف وأكثرها غرابة، الحقيقة أن السلاحف بشكل عام يُمكن تصنيفها كحيوانات غريبة ومُثيرة، وذلك نظرًا للحياة التي يعيشونها، فلكم أن تتخيلوا مثلًا أن حيوان مثل الأسد لا يأخذ أكثر من سنتين للبلوغ، بينما تأخذ تلك السلحفاة ما يعدو من ثلاثين عام، عمومًا، تعيش فلحساء نهر ماري في استراليا على الأرجح، وقد أصبحت في الآونة الأخيرة مُهددة بالانقراض، لذلك دعونا في السطور الآتية نتعرف سويًا على تلك السلحفاة وكيف تسير حياته الغريبة تلك، وهل هي فعلًا مُهددة بالانقراض أم لا؟

سلحفاة نهر ماري

كما ذكرنا، تُعتبر سلحفاة نهر ماري نوع برز من أنواع السلاحف، والسلاحف بشكل عام مخلوقات بطيئة، قد تعيش في أي مكان، لكنها تُفضل مجاورة البحار والأنهار، وقد حظيت السلاحف منذ معرفة الإنسان بها بشهرة واسعة، جعلتها تقبع ضمن قائمة الحيوانات المفضلة بالنسبة له، حتى أنها تتواجد في الأماكن التي تتواجد بها أشهر الحيوانات، مثل الحدائق والمنتزهات، وإن كان ذلك التواجد لا يخلو من شبهة استغلال.

عرف الإنسان سلحفاة نهر ماري قبل عشرة آلاف عام، لكن وجودها سبق ذلك التاريخ بكثير، وربما يكون السر في هذا الأمر هو أن السلاحف كانت تتخفى في بدايتها، مُستغلةً بذلك أوصافها المُميزة.

أوصاف سلحفاة نهر ماري

بداية العجب في أوصاف سلحفاة نهر ماري أنها لا تعيش على الأرض، أو بمعنى أدق، لا تُفضل اليابسة، وإنما تقضي مُعظم حياتها في الماء أو بالقرب منه، وهي تمتلك ما يُشبه الطحالب على رأسها، والحقيقة أنه لا يُشبه فقط، وإنما هو طُحلب فعلًا، ولا يعرف أحد كيف نمى ذلك الطحلب على رأس السلحفاة وأصبح جزءً منها.

تتفاوت أطوال سلحفاة نهر ماري بشكل غريب، لدرجة أنه قد ما يبلغ مئة سنتيمتر على الأكثر، في حين أن هناك ما يقترب من المتر أيضًا، عمومًا يُميز سلحفاة نهر ماري ذلك الذيل الموجود خلفها، والذي يُعد من أغرب الأجزاء الموجودة فيها، نظرًا للمهمة الغير متوقعة التي يقوم بها هذا الذيل.

سلحفاة نهر ماري والذيل

يبلغ طول سلحفاة نهر ماري حوالي عشرين سنتيمتر، لكن ذلك لا يهم على الإطلاق، وإنما ما يُثير غرابتنا فيما يتعلق بذلك الذيل أن سلحفاة نهر ماري تستخدمه في العملية الوحيدة التي لا يُمكن أن تقوم من مكان كهذا، عملية التنفس.

بجانب زيل سلحفاة نهر ماري ثمة أجهزة وأشياء أخرى تستخدمها تلك السلحفاة في عملية التنفس، والتنفس بالنسبة للسلحفاة عملية معقدة جدًا، لأنها لا تأخذه من الهواء مباشرة، وإنما يؤدي الماء وظيفة الوسيط، حيث تأخذ منه السلحفاة الأوكسجين، وعمومًا، يُعد الماء عنصرًا أساسيًا في حياة سلحفاة نهر ماري.

أين تعيش؟

اسم سلحفاة نهر ماري في الحقيقة مأخوذ من اسم البحيرة التي يعيش بها هذا النوع من السلاحف بكثرة، وهو نهر ماري الذي يتواجد في أستراليا، وربما اختارت سلاحف ماري هذا النهر نظرًا للطبيعة المختلفة التي تتمتع بها مياهه، لكن، لا يجب أن ننسى بأن بعض سلاحف نهر ماري لا تعيش في نهر ماري، أو في استراليا من الأساس، وإنما في أنها أخرى بالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، وذلك من باب نقل التراث البحري، فأصلًا تلك السلاحف الموجودة في بحار وأنهار الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا نشأت في نهر ماري بأستراليا، وكأن ذلك النهر يحتوي على إكسير الحياة بالنسبة لهم.

حياة سلحفاة نهر ماري

في الحقيقة تعج حياة سلحفاة نهر ماري بالغرابة، بداية من الماء الذي يُلازمها والألوان المُختلفة التي تأخذها والأجواء التي تعيش بها بشكلٍ عام، ودعونا مثلًا نبدأ من الألوان، فلكم أن تتخيلوا أنه في كل مرحلة عمرية تمر بها سلحفاة نهر ماري تأخذ لونًا مُختلفًا، فمثلًا في الصغر تأخذ اللون الأخضر، وعندما تكبر قليلًا تأخذ اللون الأصفر، ثم الأحمر وغيره من الألوان، والواقع أن تغير الألوان هذا راجع إلى تغير المياه الذي تحرص عليه هذه السلحفاة.

لا تستقر سلحفاة نهر ماري في ماء واحدة أكثر من عام، بل ويمكن القول أكثر من شهر، لكن التغير لا يكون بتغيير النهر بأكمله، وإنما فقط المنطقة المائية، وإياك أن تستخفوا بهذا الأمر، لأن ذلك الانتقال يُعد بالنسبة للسلاحف هجرة، ولا مجال بالتأكيد للإسهاب في الشيء الأعظم الذي اشتهرت به السلاحف منذ بداية التأريخ، البطء.

سلحفاة نهر ماري والتكاثر

التكاثر أيضًا تقليد عجيب تُعرف به السلاحف، فبالرغم من أن مدة الحمل والولادة لا تتجاوز الأسبوعين إلا أن بلوغ سلحفاة نهر ماري لا يأخذ أقل من ثلاثين عامًا، تخيلوا أن تظل هذه السلحفاة الغريبة أكثر من ثلاثة عقود غير قادرة على الاعتماد على نفسها أو الزواج أو فعل أي شيء بحجة أنها لم تبلغ بعد، في حين أن بعض الحيوانات قد تُولد، ثم تبلغ وتتكاثر وتموت في أقل من عامين!

عمومًا لا يجب أن ننسى أننا نتحدث عن نوع من أنواع السلاحف، ولا يجب أن نغفل كذلك أن البطء هو السمة الرئيسية لحياة ذلك الحيوان، بطء في أي شيء يُمكن تخيله، حتى ولو كان التكاثر والإنجاب، والانقراض كذلك.

سلحفاة نهر ماري والانقراض

بكل أسف وجدت سلحفاة نهر ماري طريقها نحو الانقراض، وهو طريق بدأته في الحقيقة منذ زمن بعيد، لكن البطء الشديد الذي عانت منه في كل الأشياء المتعلقة جعلها تصل متأخرًا، وتحديدًا قبل قرنين من الزمن، حيث فجأة، وبلا أي مُقدمات، وجدت سلحفاة نهر ماري نفسها مُعرّضة للانقراض، ووجد الباحثون أنفسهم أمام نهر ماري وهو خالٍ من السلحفاة لأول مره في تاريخه.

كان ذلك الحدث أشبه بفقدان استراليا لجزء من تاريخها، فالحقيقة أن السلحفاة النادرة هذه لم تكن مجرد حيوان داخل بحارها، وإنما أيضًا دلالة وتُراث، لا نُبالغ إذ نقول إنها كانت محط افتخار، على كلٍ، هُددت سلحفاة نهر ماري للانقراض وبدأ الجميع في البحث عن أسباب منطقية لهذا الأمر.

أسباب انقراض سلحفاة ماري

أولًا وقبل كل شيء يجب علينا التنويه إلى التضارب الشديد الموجود حول انقراض سلحفاة نهر ماري، وهل هي انقرضت بالفعل أم أنها فقط هُددت بالانقراض، الشيء الوحيد المؤكد أنها لم تعد موجودة بالنهر نفسه، وقد تكون موجودة في مكان آخر، عمومًا ما يهمنا هو معرفة أسباب حدوث كل هذا التدهور فيما يتعلق بحياة هذه السلحفاة، والحقيقة أنه يُمكن إرجاعه إلى الأسباب التي انقرضت بها الحيوانات غير الحاملة للحوم أو أي عنصر جذب مادي ملموس، وإنما فقط من أجل الترفيه والتسلية، أجل، انقرضت سلحفاة نهر ماري لأنها لم تتمكن من التكاثر، ولم تتمكن من التكاثر لأن الصيادون بدأوا في صيدها وبيعها لرجال الأعمال من أجل التسلية والترفيه.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثمانية + عشرة =