تسعة بيئة
ذوبان قمم الجليد
بيئة » المناخ » ذوبان قمم الجليد : مؤشر خطير للاحتباس الحراري

ذوبان قمم الجليد : مؤشر خطير للاحتباس الحراري

ذوبان قمم الجليد أمر خطير جدًا على البيئة ومن يعيشون بها، فهو فقط لا يؤدي إلى زيادة كثافة البحار والأنهار، بل يدل كذلك على زيادة نسبة الاحتباس الحراري!

تُعتبر عملية ذوبان قمم الجليد واحدة من العمليات الخطيرة التي بدأت تحدث في القرون الثلاث الأخيرة، وتحديدًا مع دخول النهضة الصناعية، وهو أمر سيتضح فيما بعد، لكن ما يعنينا في تلك الظاهرة أن خطورتها لا تتوقف أبدًا عند إذابة قمم الجليد الموجودة، فهذا أمر خطير بالطبع، لكن الأخطر أن هذا الأمر يدل على زيادة مؤشر الاحتباس الحراري، وهذه هي الخطورة بعينها، لأن الاحتباس الحراري يُهدد خلال قرون قليلة بحرق الكوكب بأكمله، هذا استمر بالطبع على ذلك المنوال، وللأسف سيستمر لأن الأمور التي تؤدي إليه لا غنى عنها لدى الإنسان، إذًا، وببساطة شديدة، نحن أمام كارثة بكل ما تعنيه الكلمات من معانٍ، لكن يلزمنا بالتأكيد الاقتراب أكثر من تلك الكارثة والتعرف جيدًا على كل صغيرة وكبيرة بها، لذلك دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على ظاهرة ذوبان الجليد وكيفية كونها مؤشر خطير للاحتباس الحراري.

تشكل قمم الجليد

قبل أن ندخل في مرحلة الذوبان دعونا نبدأ أولًا بالخطوة الأولى في موضوعنا هذا، وهي المتعلقة بوجود جبال الجليد التي فيما بعد تتعرض لذوبان قممها نتيجة للاحتباس الحراري، والحقيقة أن تشكل الجبال يأتي بعد عدة مراحل ثابتة، فأولًا ينزل المطر إما في صورة ماء أو ثلج خفيف، وفي كل الحالتين فإن البرد يتكتل بجعل المنتج النهائي كتل من الثلج، ومع تكتل الكتل تُصبح جليدًا، وذلك هو المكون الذي يُستخدم فيما بعد من أجل تشكيل الجبال.

تراكم الثلج، وصلابته بعد ذلك نتيجة البرد، يحوله إلى مادة أُخرى تُسمى الجليد، وعادة ما تكون أرضية الجليد نهر أو بحر، وهذا ما سيتسبب في الإذابة فيما بعد، عمومًا، عندما يتراكم الجليد يتكون الجبل الذي نتحدث عنه، وعندما يتكون الجبل يُصبح من الوارد جدًا حدوث ظاهرة ذوبان قمم الجليد .

ذوبان قمم الجليد

بعدما يتكون جبل الجليد بالطريقة التي ذكرناها قبل قليل يبدأ في الاشتداد والتماسك أكثر وأكثر، والحقيقة أن تلك الجبال لا تتواجد غالبًا سوى في الأماكن التي تُعرف بالأقطاب، والتي تكون درجة الحرارة فيها تحت الصفر، حيث تلك المناطق تغيب عنها الشمس بشكلٍ أو بآخر، وهو المطلوب بالضبط فيما يتعلق بهذه التكوينات، ولذلك فإن الكارثة الحقيقية تحدث عندما تصل الشمس إلى هذه المناطق، أو على الأقل الحرارة، وقد كان هذا الأمر غير وارد الحدوث، إلى أن لاح في الأفق الاحتباس الحراري بكل ما يمتلكه من تأثير على الجليد.

الاحتباس الحراري، الذي يتكون بفعل عدة عوامل تتعلق بالتلوث، يُعتبر في الواقع أشد بأسًا من الشمس، بل يُمكن القول إن الحرارة التي يمتلكها تكون مُركزة، بحيث أن تأثيرها لا يقل عن إذابة القمم، وفي بعض الأحيان يكون الأمر أشد خطورة فيؤدي إلى إذابة جبل الجليد بأكملها، ولابد أن بعضكم الآن يتعجب من تهويل فعل مثل ذوبان الجليد ويعتبره حدث عادي من الوارد حدوثه وليس له أي أثر، وهؤلاء بالتحديد يجب أن يعرفوا تأثير ذوبان قمم الجليد.

تأثير ذوبان قمم الجليد

التأثير الأكبر لذوبان قمم الجليد هو ارتفاع منسوب الأنهار والبحر، وقد يعتقد البعض أن هذا الأمر قد يبدو طبيعي وليس به أي خطورة، لكن كل ما ينقص هؤلاء للشعور بخطورة الأمر هو أن يُحضروا كوبًا فارغًا ثم يصبوا الماء به حتى يمتلئ الكوب عن آخره ويسقط الماء حول الكوب ويُغرق المكان، هل تعرفون كيف يكون هذا الأمر صعبًا؟ ببساطة، نحن نتحدث عن بحر ونهر لا يتحملان الماء الموجود بهما وبالتالي يلفظانه لأنه زيادة عن طاقتهما، الأمر يُشبه إلى حد كبير الفيضان، لكن الفيضان من ذلك النوع تكون خطورته أكبر بكثير من تلك الفيضانات التي كانت تحدث قديمًا وتُهلك قرى ومدن كاملة، في هذه الحالة نحن نتحدث عن فناء الأرض خلال قرون قليل إذا استمر نفس معدل ذوبان قمم الجبال.

هناك بعض العلماء الذين بدأوا سريعًا في وضع كافة الاحتمالات الوارد حدوثها حال زاد الاحتباس الحراري وذابت كل قمم الجبال الموجودة في القارة القطبية الجنوبية، فقد أكدوا على أن مستوى سطح المحيطات والبحار والأنهار في العالم كله سوف يرتفع بأكبر مما هو موجود عليه الآن بواحد وستين مترًا، أي حوالي مئتي قدم، وهذا مُعدل خطير يُنذر بكارثة تتمثل في غرق قارات بالكامل، كما أن ذلك الجليد المالح عندما يذوب في الأنهار فسوف يُفسد كذلك مياه الشرب التي تُعتبر الأمل الأول للبشرية في البقاء، وهنا نجد الجميع يسأل السؤال الواجب التعريف بإجابته، لماذا يحدث الاحتباس الحراري؟

لماذا يحدث الاحتباس الحراري؟

الشيء الآخر الذي من الهام جدًا معرفته هو سبب حدوث الاحتباس الحراري على الرغم من أنه لم يكن موجودًا قبل ثلاثة قرون تقريبًا، والسبب ببساطة يكمن في النهضة الصناعية التي بدأت في فرنسا وألمانيا، تلك النهضة التي جاءت وجاء معها المواد المُستخدمة في تشغيل الآلات مثل الفحم والبترول والوقود بمختلف أنواعه، والحقيقة أن تلك المواد مع حرقها عند استخدام الآلات تُنتج غازات غير مُحبذة بالمرة، بل إن البعض قد يصفها بالغازات السامة، وعندما تتصاعد الغازات السامة فإن تأثيرها على الإنسان يكون أقل بقليل من التأثير على البيئة، ذلك المكان الذي يعيش فيه الإنسان بالأصل.

تأثير الغازات على الإنسان قد يطال رئتيه وقد يقتله مع تفاقم الأمر، لكن بالنسبة للبيئة بشكل عام فإن التأثير قد يأتي في صورة أمطار حمضية تهطل على الأرض وتُسمم الماء والهواء، أو احتباس حراري، وهذا هو الأمر ألسيئ في موضوعنا، لأن ذلك الاحتباس لا يرحم أبدًا، وغالبًا ما تكون أغلب نتائجه متعلقة بإذابة قمم الجبال الجليدية الموجودة منذ ملايين السنين، وطبعًا تحدث عملية ارتفاع منسوب البحر التي تحدثنا عنها، أي أن الأمر ببساطة يكمن في الطاقة والوقود اللذان نستخدمهما من أجل الصناعة ولا نعرف أنهما طريقًا سريعًا لنهاية العالم!

كيفية إيقاف ذوبان قمم الجليد؟

عندما تعرف كل شيء عن المُشكلة والخطورة التي تتوقعها منها فإنك بالطبع لن تظل مكتوف الأيدي، بل ستحاول جاهدًا أن تضع حدًا لكل ذلك العبث، فإذا كانت ظاهرة ذوبان قمم الجليد مشكلة واجتياح شديد للبشرية فإنه من الواجب طبعًا بذل كل الجهد من أجل إيقاف ذلك الاجتياح، أو على الأقل نيل شرف المحاولة، والواقع أن البداية المنطقية في التحرك السريع لحل تلك المشكلة أن يتم إيقاف كل شيء من شأنه أن يُسبب الاحتباس الحراري المؤدي بدوره إلى الذوبان، وطبعًا جميعنا يتفهم أنه ليس من السهل أبدًا إيقاف عملية التصنيع والإنتاج التي تُفرز الغازات المُسببة في النهاية للاحتباس، لكن من الوارد جدًا السيطرة على تلك الغازات بعد إفرازها، وهذا ما تمكن البعض بالفعل من القيام به فيما يتعلق بكارثة مُشبهة، وهي غازات ترميد النفايات، لكن في النهاية تم السيطرة عليها واستغلالها في توليد شحنات من الكهرباء، ولذلك نأمل أن يتم القيام بتصرف مُشابه لتلك المُشكلة أيضًا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثمانية + إحدى عشر =