تسعة بيئة
تارابا العظيم
بيئة » الطبيعة » تارابا العظيم : طائر نادر يوشك على الانقراض من عالمنا

تارابا العظيم : طائر نادر يوشك على الانقراض من عالمنا

تارابا العظيم طائر وحيد يتبع فصيلة واحدة لا يتواجد بها أي نوع غيره، وقد ظهر الطائر لأول مرة في المكسيك، بعد ذلك تم العثور عليه في مناطق متفرقة منها أمريكا.

يُعتبر طائر تارابا العظيم أحد أبرز الطيور التي ظهرت مؤخرًا، وبالتأكيد ذلك لا يمنع من تواجدها قبل ذلك الوقت بكثير، وقد كان الظهور الأول في القرن السابع عشر بجنوب دولة المكسيك، ثم بعد ذلك بدأت مشاهدات تارابا تكثر في عدة مناطق، منها على سبيل الذكر لا الحصر أمريكا الوسطى والبرازيل والأرجنتين ودولة ترينداد الصغيرة، والحقيقة أن امتلاك طائر تارابا للعديد من المميزات الشكلية والقدرات الخاصة جعله يحتل مكانة عالية بين الطيور، هذا قبل أن يتعرض مؤخرًا للتهديد بخطر الانقراض، عمومًا، في السطور القادمة سوف نعرف كل شيء يتعلق بهذا الطائر بدايةً من حياته وعاداته وانتهاءً بخطر الانقراض إلي تعرض له.

تارابا العظيم

لكي نكون واضحين فيما يتعلق بذلك الطائر يجب أن نعرف أنه ثمة جنس كامل من الطيور يحمل اسم تارابا، هذا الجنس الكامل في الحقيقة لا يتواجد به سوى نوع واحد فقط من الطيور، وهو نوع تارابا العظيم، والحقيقة أن الأمر بالرغم من كونه لُغزًا إلا أنه يُمثل حالة خاصة وتفرّد أكثر لذلك الطائر.

كلمة تارابا وحدها لا تعني شيء، بل هي جنس يُطلق على ذلك الطائر فقط، والذي تم اكتشافه نهاية القرن السابع عشر كما ذكرنا، وذلك في جنوب دولة المكسيك، ثم بعد ذلك بدأ يتم ملاحظة تارابا في مناطق أخرى أغلبها بقارة أمريكا الشمالية، وقد عُرف تارابا في هذه المناطق بأوصافه المميزة.

أوصاف تارابا العظيم

يأخذ تارابا العظيم شكل الصقر، فهو يُشبهه في كل شيء يتعلق بالتكوين الجسماني، حتى الحوافر التي يمتلكها الصقر ويستخدمها في الصيد موجودة كذلك في تارابا العظيم، لكن الاختلاف الحقيقي بينهما يبدأ من اللون، حيث أن تارابا العظيم لا يأخذ سوى اللون الرمادي، أما الصقر فقد يأخذ عدة ألوان أبرزها الأسود.

فيما يتعلق بالتكوين الجسماني فهو كما ذكرنا من قبل يتشابه كثيرًا مع الصقر، لكن يمكن أن يكون الوزن أقل منه بنسبة بسيطة، كما أنه يمتاز بوجود ما يُشبه غطاء الريش على ظهره، والذي عادةً ما يأخذ لونًا مميزًا، إما الأبيض أو الأصفر، وأيضًا ثمة نقش بنفس اللون على مناطق متفرقة من الظهر، لكنها لا تظهر بسبب قلتها.

حياة تارابا العظيم

حياة تارابا العظيم تدور بأكمله داخل الغابات المطيرة، فهو يُفضل التواجد في الغابات وفي نفس الوقت يحن كثيرًا إلى الماء، وفي الحقيقة أن ذلك الأمر كان مُحيرًا جدًا للكثيرين لأنه من المعروف أن الطيور ليس لها مكانًا مُحددًا تتواجد فيه للأبد، وحتى إن كان لها ذلك المكان فهو بالتأكيد لن يكون الغابات، وكونها مطيرة لن يشفع لها ذلك التناقض بالتأكيد، فهما كانت الظروف التي يحتويها المكان يبقى قانون الطيور واحدًا، لكن تارابا العظيم خالف ذلك القانون.

عندما تم العثور على تارابا العظيم لأول مرة كان مكان اكتشافه هو الغابات المكسيكية، ومع الوقت اكتُشف أنه يتواجد في غابات كثيرة بالأمريكيتين ولم يتم العثور عليه أبدًا في أفريقيا والمناطق الحارة بشكل عام، وهذا يعني أن تارابا العظيم يُفضل العيش في الأماكن الباردة ويبتعد عن الحارة، وربما يكون ذلك أيضًا من أجل التوافق مع صغاره.

غذاء تارابا العظيم

يتغذى طائر تارابا العظيم على كافة الأشياء الصغيرة الموجودة حوله، والتي يمكن أن يظفر بها طائر في حجمه، وأهم هذه الأشياء بالتأكيد هي أوراق الشجر، والتي تتساقط أمامه في الغابات التي يعيش بها، ومن هنا ربما نستنبط لماذا يُفضل ترابا العظيم العيش في الغابات المطيرة، لأنها بالتأكيد تحتوي على غذاءه الرئيسي.

لا يعتمد تارابا العظيم في الغالب على أوراق الأشجار فحسب، بل كذلك يميل إلى السحالي والأشياء الصغيرة، الثدييات منها بشكل خاص، والحقيقة أن تارابا العظيم يُعتبر من الطيور التي تعتمد على كميات كبيرة من الغذاء، هذا على الرغم من أن ذلك الاعتماد لا يظهر على حجمها الذي يكون صغيرًا مقارنة مع طيور أخرى.

تارابا العظيم والتكاثر

التكاثر بالنسبة لتارابا العظيم أمر في غاية النمطية، فمثلًا، كي تفقس الطيور ويُصبح لديها بيض فإنها في حاجة أولًا إلى التزاوج مع فرد آخر، وهذا كله يحدث في الموسم الذي يُطلق عليه موسم تزاوج التارابا، ويحدث فيه التلقيح بكميات كبيرة، ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة الحمل والولادة.

مرحلة الحمل بالنسبة لتارابا العظيم تعني الرقد على البيض من أجل الفقس، وهو أمر يأخذ أربعة عشر يومًا فقط، بعدهم يبدأ الطفل أو الطائر الصغير من نوع التارابا في محاولة التأقلم مع الأشياء المُحيطة به، وينجح في ذلك بعد حوالي شهر، ثم يُصبح طائرًا حرًا خلال شهرين، ثم يبدأ دورة العمر التي لا تتجاوز العام غالبًا، والحقيقة أن ذلك العمر القليل بعض الشيء ليس هو العمر الحقيقي، وإنما هو العمر الذي تفرضه الظروف المناخية التي لا يتمكن تارابا العظيم من تحملها.

تارابا العظيم والانقراض

في الآونة الأخيرة دخل تارابا العظيم دائرة الانقراض، وتناقصت أعداده من حوالي نصف مليون فرد إلى مئة ألف طائر فقط، ثم تناقصت هذه الأعداد من جديد وحدثت النكبة بوصول الأعداد إلى خمسة آلاف فرد فقط، وقد قيل إن ذلك الرقم ليس صحيحًا بل إن الأعداد الحقيقية لا تتجاوز ربع ذلك الرقم، أي أننا وببساطة شديدة أمام كارثة حقيقية.

لم يعد تارابا العظيم مهدد بالانقراض وحسب، وإنما دخل الدائرة ووضع يده بقوة خلالها وأصبح على رأس قائمة الطيور المهددة بالانقراض في تصنيف اتحاد الطيور المُهاجرة، والواقع أن الهجرة في الأساس لم تكن سوى سبب رئيسي في النكبة التي تعرض له ذلك الطائر الضعيف في الآونة الأخيرة، حيث كانت من أهم أسباب التهديد بالانقراض.

أسباب التهديد بالانقراض

ذكرنا من قبل أن تارابا العظيم كان مُتميزًا كل شيء وفريدًا، لكننا قد غفلنا التطرق إلى الشيء الذي يُعد عيبًا كبيرًا في ذلك الطائر ومن أهم أسباب تراجعه، وهو ضعفه الشديد، فلكم أن تتخيلوا بأن أعظم أسباب موت تارابا العظيم وتهديده بالانقراض هو موته أثناء السفر والتنقل في مواسم الهجرة!

يُعاني طائر التارابا منذ وقت طويل من الضعف، والحقيقة أن ذلك الأمر لم يبدأ منذ مولده، وإنما اتضح فقط في القرون الأخيرة، والغريب أنه لم يستطع أحد حتى الآن إزالة الستار حول ذلك الضعف المفاجئ الذي ضرب الفصيلة بأكملها، لكن ما يعنينا أنه تسبب في موت أعداد كبيرة منه بشكل سنوي أثناء الهجرة، تلك الهجرة التي تكون في الأساس من أجل البحث عن غابات مطيرة أكثر مناسبةً للعيش من غيرها، عمومًا، تم حجب مجموعة من التارابا وجاري تلقيحهم والاهتمام بهم من أجل إخراج جيل جديد قادر على إكمال مسيرة ذلك الطائر وفي نفس الوقت غير مصاب بالضعف الذي ضرب الصفوف الأولى منه دون مبرر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

19 + 14 =