من المعروف لدى الجميع أن تأثير الصناعة يختلف كثيرًا عن تأثير الزراعة أو غيرها من الأنشطة التي يُمارسها الإنسان، فتقريبًا هي الشيء الأكثر ضررًا على البيئة بسبب المخلفات التي تتركها هذه العملية، وكأن البيئة بكل أسف تدفع ثمن التقدم البشري الذي أدخل الآلات الحديثة، والتي كان من المفترض أن تأتي بنتيجة إيجابية تخدم البيئة ولا تضرها، والحقيقة أنه مع حصر أضرار الصناعة وعلاقتها بالتوازن الموجود بالبيئة تبين أنها تؤثر سلبًا في عدة أصعدة، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على عملية الصناعة وتأثيرها على التوازن البيئي وكيفية التقليل من ذلك الأثر.
محتويات
ما هي الصناعة؟
قبل أن نتعرف على تأثير الصناعة على التوازن البيئي علينا أولًا التعرّف على الصناعة نفسها، فهي بطل هذه الكارثة إن جاز التعبير، والحقيقة أن الانسان قد عرف الصناعة بمفهومها الأول منذ اليوم الأول له على هذه الأرض، فلكي يحصل على الغذاء مثلًا يجب عليه تجهيزه وصنعه بطريقة ما، أو على الأقل صنع آلة تُساهم في عملية الحصول على الغذاء، كشبكة الصيد والصنارة بالنسبة للأسماك مثلًا.
أخذت الصناعة تتطور مع تتطور الإنسان، والحقيقة أنه لم تكن هناك أي مشاكل في نوعية وكيفية الصناعات التي يمارسها الإنسان حتى القرن الثامن عشر، فلم تكن تضر البيئة من قريب أو بعيد نظرًا لعدم دخول الآلات والأجهزة في تلك اللعبة، لكن، مع بداية الثورة الصناعية واتجاه العالم للاستعانة بالآلات والأجهزة الحديثة، بدأ تأثير الصناعة السلبي في الظهور، وبدأت المشكلات في التصاعد.
الصناعة والبيئة
كما أشرنا، ظهر تأثير الصناعة الحقيقي على البيئة بعدما دخلت الآلات والأجهزة الحديثة في العملية الصناعية، فيمكن القول إن الأمور كانت تسير بشكل طبيعي جدًا قبل هذه الدخيلات، ومع ذلك يجب أن نعترف بأن دخول تلك الآلات والأجهزة، وإن كان قد أضر بالبيئة، فإنه أيضًا قد ساهم في تحسين معيشة الإنسان وجعلها أكثر إنتاجًا وفائدة، ولنتناول مثلًا صناعة هامة مثل صناعة السيارات، فبالتأكيد نحن نعرف أنه لا شيء أكثر خطرًا على البيئة من عوادم تلك السيارات، لكننا نعرف أيضًا أن اختراع السيارة بشكل عام يُعتبر نقلة كبيرة في الحياة البشرية، فالمسافة التي كانت تُقطع في شهور باستخدام العربات البدائية أصبحت الآن تُقطع في سويعات قليلة بعد اختراع السيارة، بمعنى أكثر وضوحًا، الصناعة لها ما لها وعليها ما عليها، وسوف نتناول الآن أبرز تأثيرات الصناعة على البيئة.
تأثير الصناعة على البيئة
تتأثر البيئة كما ذكرنا بالصناعة، لكن هناك بعض الأشياء التي يظهر بها تأثير الصناعة بشكل كبير، وأهم هذه الأشياء بكل تأكيد الماء، فهو الشيء الأكثر تأثيرًا من المخلفات التي تُلقى به، ويؤدي إلى نتائج تتسبب بالتبعية في إفقاد البيئة لتوازنها، فعندما نقوم بإلقاء مخلفات المصانع في البحر والأنهار فإننا بذلك نرتكب كارثتين كل كارثة أعظم من الأخرى، أما الكارثة الأولى فهي التي تتعلق بتلويث الماء، وبالتالي إفساد الشيء الأهم في حياة البشر، والكارثة الثانية التي لا تقل خطورة عن الأولى تتمثل في القضاء على الثروة السمكية، والثروة السمكية كما نعرف جميعًا مصدر غذائي هام ومعروف منذ بداية البشرية، وبذلك تكون الكارثة أو التأثير الأهم للصناعة يتعلق بتلويث المياه، لكن دعونا نتناول هذه الآثار بشيء من التفصيل ونعرف كيفية وخطر كل شيء على حدة.
الماء، أبرز المتضررين
يعتبر تلويث المياه أبرز الأضرار التي تنتج عن تأثير الصناعة السلبي على البيئة، فالماء، والذي نستخدمه في الشرب وتسيير السفن وتشجيع الثروة السمكية يتأثر كثيرًا بالمخلفات الصناعية التي يتم الزج به في البحر بغرض التخلص منها وتنظيف المصانع، وبالطبع أغلبهم لا يعرف أنه عند تخلصه من الملوثات وتنظيف مصنعه فإنه بذلك يلوث البيئة بأكملها ويجعلها مهددة هي والحياة البشرية الموجودة بها بالفناء.
مخلفات المصانع في الحقيقة لا تكون أكثر من مخلفات، أي أنه لا فائدة منها للبحر، حتى ولو كانت تلك المخلفات مخلفات أشياء مفيدة، فهي في النهاية عندما تُلقى في البحر في صورة نفايات فلن تفرق في شيء عن المخلفات القذرة.
الهواء، المُلوَث الذي لا يعترض
بكل أسف يضطر الهواء إلى تلقي كافة أنواع الملوثات وكل تأثير الصناعة السلبي دون أن يكون له حق الاعتراض، ونحن هنا لا نتحدث عن تأثير الصناعة كمصانع فقط، وإنما أيضًا كمنتجات، فعندما تعمل السيارة مثلًا فإنه يخرج من خلفها كم هائل من الهواء السام الذي يصعد إلى السماء ثم يصطدم بالغلاف الجوي ويعود لنا في صورة هواء ضار، هذا بغض النظر عن الثقب الذي يُحدثه داخل ذلك الغلاف ويُسبب الاحتباس الحراري فيما بعد.
إذا ما أراد أصحاب المصانع إبراز حسن نواياهم وعدم إلقاء القاذورات والمخلفات في البحر من أجل المحافظة على الماء فإنهم يقومون بذلك عن طريق حرق تلك المخلفات، وهو ما يُسبب الضرر الأكبر، حيث تُفرز عملية الحريق هذه هواء أقل ما يُقال عنه أنه سام وغير مقبول بالمرة.
الأرض، عملية دفن النفايات
ملم تفلت الأرض كذلك من تأثير الصناعة السلبي، حيث عانت الأمرين بسبب ما يحدث بداخلها من عملية دفن نفايات المصانع بحجة أنه بهذه الطريقة سوف يتم الحفاظ على أهم شيء موجود على الأرض، وهو الماء والهواء، والحقيقة أنهم بجهلهم يلوثون الأرض نفسها، تلك التي تقوم عليها الحياة في الأساس.
ربما يستهن البعض بعملية دفن نفايات المصانع داخل الأرض ويعتبرها عملية عادية يمكن أن تُمرر بحجة أن الأرض تتلقى أي شيء، حتى الأموات من البشر والحيوانات، فهم أيضًا يُدفنون فيها وتُصبح بقاياهم مواد عضوية مفيدة، لكن الحقيقة التي يجهلها أغلب هؤلاء أنه في حالة دفن المخلفات في الأرض فإنه يُمكن أن تُفسد البنية التحتية للحيز الذي تم الدفن فيه، وبالتالي سوف تُصبح هذه الأرض والعدم سواء، لأنه ببساطة لن تتمكن من استقبال العملية الأولى التي وجدت من أجلها والأهم بين كل العمليات الحيوية على الإطلاق، وهي عملية الزراعة.
مواجهة تأثير الصناعة
هناك طرق متعددة يمكن من خلالها مواجهة تأثير الصناعة الجامح وحماية البيئة من المخلفات الموجودة به، وهذا الحل ببساطة يكمن في اللجوء إلى العملية التي ينادي بها الجميع منذ بروز مشكلة المخلفات الصناعية وكيفية التخلص منها، وتلك العملية ببساطة هي عملية إعادة تدوير المخلفات.
ببساطة شديدة، تضمن عملية إعادة تدوير المخلفات ألا يتم العبث بالطبيعة بأي شكل من الأشكال، وبالتالي حمايتها، وفي نفس الوقت تحصل الاستفادة من المخلفات الموجودة بلا أي قيمة، وعمومًا، في الآونة الأخيرة ظهرت الحلول التي يمكن من خلالها في المستقبل إنتاج المنتجات الصناعية واستخدام الآلات الحديثة دون إفراز أية مخلفات، وهو ما يعني أن تأثير الصناعة والعدم سوف يصبحان سواء، وهو المطلوب إثباته بالطبع.
أضف تعليق