تآكل الشواطئ هي مشكلة عالمية كبيرة تهدد العديد من الشواطئ الرائعة بالزوال، نسلط الضوء في هذه السطور على مشكلة تآكل الشواطئ وكيفية مواجهتها والتقليل منها. أصبحت ظاهرة تآكل الشواطئ مشكلة عالمية تنضاف إلى العديد من الظواهر البيئية التي تهدد سلامة كوكبنا. سواحلنا البحرية تنحسر إلى الوراء شيئا فشيئا تاركة المجال للأمواج البحرية لتغطي مكانها. تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة : مياه البحر تزحف إلى الأمام والشواطئ مهددة بفقد مساحات مهمة مع ما يتبعه ذلك من عواقب وخيمة. لعلك لا تدرك أهمية موضوع بهذا الحجم فطالما كانت المشاكل البيئية أقل إثارة للاهتمام من غيرها ولعل هذا سبب كونها الأكثر تدميرا لكوكبنا. فما يُسْكت عنه يجد الفرصة ليقتل في صمت. وربما آن الأوان لنكشف الغطاء عن حقائق قد تصدمك عن ما تفعله اليد البشرية في بيتها أو بيئتها. كيف يحصل تآكل الشواطئ ؟وما السبيل لوضع حد لها قبل أن نستيقظ يوما لنجد أرضنا قد تحولت إلى كوكب بحري غير صالح للعيش؟
مشكلة تآكل الشواطئ والحلول المقترحة لها
شواطئ فقدت الكثير من مساحتها بسبب تآكل الشواطئ
لأنها ظاهرة عالمية فهذا يعني أنها تمس كل الشواطئ المعروفة. فعلى سبيل المثال شاطئ قطاع الغزة، الذي يعتبر أحد أجمل شواطئ البحر الأبيض المتوسط، يتآكل سنويا منذ 1994 حين تم إنشاء الميناء البحري. شواطئ الدلتا المصرية لم تسلم من هذه الظاهرة، بل إن تآكل شواطئها أصبح يهددها بالغرق إن لم يتدخل البشر لإصلاح ما تم إفساده. شواطئ عمان أيضا استسلمت لاستعمار مياه البحار المالحة لها. ففي منطقة الباطنة، التي تشهد نمواً شاملاً كل المجالات، يعاني ساحلها من تبعات التدخل البشري في الطبيعة. لا يتوقف الأمر على الشواطئ العربية فقط، فحتى الشواطئ الأوروبية تواجه نفس المعضلة كمنطقة لانجودوك الفرنسية وآكيتان ودلتا الرون.
أسباب رئيسية لتآكل الشواطئ
مع استنزاف الإنسان لثروات الطبيعة يصبح من البديهي أن كل مشكلة يخلقها هذا الاستنزاف يؤدي إلى مشكلة أخرى و التي بدورها ستلد مشكلة أخرى. الأمر يتعلق بسلسلة متصلة ببعضها حيث تتابع أحداثها بشكل درامي. تآكل الشواطئ هو أحد نتائج الاحتباس الحراري، الموضوع الرئيسي للمؤتمر العالمي للمناخ المنعقد أخيرا بباريس. ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى ذوبان الجليد في القطب الجنوبي لتلتحق المياه الناتجة عنه إلى المحيطات ويرتفع معه منسوب مياه البحار ويُغْرِق المناطق الساحلية ويدمر المساحات الزراعية القريبة بسبب ارتفاع ملوحة التربة الناتج عن نفاذ مياه البحر تحت سطح التربة.
تأثير حركة المياه بين المد والجزر، وإن كانت ظاهرة طبيعية تحدث بسبب الجاذبية التي يمارسها القمر على الأرض، فإنه يترك أثره على السواحل أيضا. ضربات الأمواج العاتية والعواصف البحرية والزلازل، كلها عوامل تؤدي إلى تحطم أجزاء من الشواطئ. تشييد المباني قرب الشاطئ بالإضافة إلى عدم احترام الشروط الهندسية عند البناء كما حدث مع ميناء غزة مثلا و الذي كان سببا رئيسيا لانجراف التربة وزحف مياه البحر إلى الأمام حارماً الشاطئ من 37 متراً خلال عشر سنوات فقط.
تأثيرات سلبية لتآكل الشواطئ
من غير المعقول ألا تكون قد لاحظت الأثر المدمر لهذه الظاهرة. ولكن لا بأس بإطلالة سريعة على صورة عالمٍ تنحسر فيه مساحة الشاطئ بشكل مستمر.
- سياحياَ : ينخفض عدد السياح الذين يقصدون المدن الساحلية للاستجمام صيفاَ ما يؤثر على اقتصاد المنطقة.
- بيئياَ : الخطر محدق بالحياة البحرية والنظام البيئي مع اختلال الخط الفاصل بين الشاطئ والمياه.
- اجتماعيا : زحف المياه إلى الأمام يؤدي إلى تراجع تشييد المباني إلى الوراء خوفا من انهيارها بالإضافة إلى الخوف من انهيار المباني الموجودة أساسا قرب الشاطئ.
- زراعيا : فقدان العديد من المساحات الزراعية بسبب ارتفاع ملوحة التربة.
هل من حلول؟
لا شك بوجود حلول لهذه الظاهرة، لكن المؤكد أنها ليست حلولا سحرية. إذ لا بد من توفر رغبة حقيقية لحلها لا ينبع إلا من الوعي بالأخطار المحدقة بنا من جراء تآكل الشواطئ.
أهم الحلول التي تنتهجها الدول الساحلية حاليا هي بناء حواجز ومصدات لحماية الشواطئ من الأمواج البحرية ووضع خرسانات أسمنتية وحواجز صخرية. لكن لابد من تقليل البناء العمراني قرب الشواطئ. والأهم من كل هذا هو إجبار المؤسسات الخاصة والعامة على احترام البيئة عن طريق سن قوانين صارمة والالتزام بتطبيقها.
كلمة أخيرة
ظاهرة تآكل الشواطئ مشكلة بيئية بالأساس تهددنا بفقد مساحة كبيرة من اليابسة ومواجهتها منوط بكل منظمات البيئة بالتعاون مع السلطات المسؤولة. فأمنا الأرض لا تستحمل المزيد من المشاكل البيئية المهددة لوجودنا كبشر.
أضف تعليق