تُعتبر ظاهرة المطرقة المائية من أكثر الظواهر المنبوذة في الحياة المائية بشكل عام والزراعية بشكل خاص، فهي تُتلف عند حدوثها المواسير والمُعدات، وتتسبب في تكبيد المُزارع أو صاحب المضخة خسائر فادحة، لا دخل له فيها، ولا دخل للطبيعة كذلك فيها، لكنها ظاهرة تحدث نتيجة خطأ تقني هندسي، يجعل توقف ضخ المياه المُفاجئ أشبه بكارثة صغيرة، تُشبه مع الفارق الفيضانات التي كانت تحدث قديمًا وتُدمر كل ما حولها، حتى تم التغلب عليها فيما بعد ببناء السدود، فهل هناك ما يُشبه السدود بالنسبة للمطرقة المائية؟ هذا بالضبط ما سنتعرف عليه في السطور التالية بعد أن نعرف المقصود بالمطرقة المائية وأسباب حدوثها.
شرح ظاهرة المطرقة المائية وكيفية حدوثها
ما هي المطرقة المائية؟
تُعد المطرقة المائية واحد من الظواهر الهيدروليكية التي تنتج عن تفاعل شيء مع شيء أو تحدث نتيجة لحدوث شيء ما، فعندما تقوم الهيئات المائية بإغلاق مضخات المياه أو المحابس بشكل مفاجئ تحدث حالة أشبه بالموجة، هذه الموجة، التي تحدث خلف المضخة، تزداد سرعتها بصورة جنونية حتى تصل في بعض الأحيان إلى ألف متر في الثانية الواحدة بالمواسير الحديدية، وثلاثة أضعاف تلك السرعة في المواسير البلاستيكية الهشة، وهذه الظاهرة تنل من كل المواسير بكافة أنواعها وأحجامها، إلا أنها تكون شدة وطأة في تلك التي تمتلك أقطار كبيرة وضغط عالي وسرعات جنونية، فكل هذه الصفات تصنع بيئة خِصبة جدًا تسمح بحدوث المطرقة المائية.
تبعات المطرقة المائية
عندما تحدث ظاهرة المطرقة المائية فإنها تُخلّف الكثير من الأضرار بالماسورة التي حدثت بها، هذه الأضرار تشمل تقريبًا كافة المناطق المؤثرة، مثل المحبس ومنتصف الماسورة ونهايتها، فالمحبس مثلًا يقع بجواره عن حدوث المطرقة المائية ضغط سالب، هذا الضغط قد يؤدي لحدوث بعض الجروح والتشوهات في جسم الماسورة، أما المحابس نفسها فهي تتعرض للتلف أو على الأقل التشويش بصوت دائم لطرقات.
في الناحية الأخرى من الماسورة لا يكون الأمر أفضل من المنتصف، فالضغط الموجب الذي يحدث هناك لا يمنع من تغيير كلي في عزوم الماسورة، وينتج عنه أيضًا إجهادات الطرق ذاتها، وهذا الضغط الموجب في الأساس يكون بسبب ارتطام ما نتج عن المطرقة المائية من تدفق مائي بالشيء الأهم في الماسورة وهو المحبس، الأمر الأكثر تأثيرًا هو أن تلك العملية تحدث فجأة وبسرعة شديدة جدًا لا تتحملها أي ماسورة في الغالب.
الطرق وسرعة الموجة
فيما يتعلق بالمطرقة المائية، ثمة بعض العوامل التي تتأثر بها عملية الطرق، أهمها بالتأكيد السرعة التي تكون عليها الموجة المصاحبة للطرق وحجم الماسورة، سواء كان طويلًا أم قصيرًا، فهو في الحالتين يُحدث تأثيرًا، ولكن، يُمكن تفادي هذا الأمر بقراءة الكتالوج القادم مع القطعة ومعرفة المكان الذي يمكن أن تتجمع فيه المياه عند الضخ.
أما سرعة الموجة فتُحددها عوامل أخرى كمرونة السائل وتناسبها مع مرونة الماسورة وقطرها وسمكها، وعلاقة كل ما مضى أيضًا بكثافة السائل، والعامل الأهم بالطبع في هذه العملية هو عدد لفات المضخة، فبناءً عليه يُمكن تحديد سرعة الموجة بكل سهولة.
برامج المطرقة المائية
مع تفشي ظاهرة المطرقة المائية ظهرت بعض البرامج التي تُمكن من قياس الظاهرة وحساب قوتها، بل ومحاكاتها أيضًا، وهذه البرامج ليست في الواقع دليلًا على التقدم الكبير في هذا المجال بقدر ما هي دليلًا واضحًا على اشتداد قوة وتأثير ظاهرة المطرقة المائية وخوف الناس منها، لكن هذه البرامج بدأت في التلاشي شيئًا فشيئًا بعد التوصل إلى طرق تُمكن من القضاء على المطرقة المائية.
كيف يُمكن القضاء على المطرقة المائية؟
أتلفت ظاهرة المطرقة المائية في الآونة الأخيرة عدد كبير جدًا من المواسير الضخمة، وتسببت في خسائر فادحة للجميع، لذلك تكاتف المعنيين بالأمر وأخذوا في البحث عن سُبل للقضاء على المطرقة المائية حتى انتهوا إلى عدة عوامل تُسهم في ذلك، أهمها مثلًا العمل على زيادة أعدد المحابس داخل الماسورة الواحدة، وهذا بالطبع يعني تقليل طول تلك الماسورة، وكما اتفقنا، طول الماسورة من أهم أسباب حدوث المطرقة المائية.
الحذر والكهرباء
التوخي والحذر أيضًا من عوامل القضاء على المطرقة المائية، وتطبيقهما هنا يعني عدم غلق المحبس دفعةً واحدة، وإنما يجب حدوث ذلك ببطء حتى يتم تفادي الموجات الكبيرة وسرعتها، كذلك من ضمن عوامل القضاء على المطرقة المائية توفير الكهرباء، فغلق المحابس دفعة واحدة يشبه كثيرًا انقطاع الكهرباء المفاجئ، كلاهما يُسبب صدمة داخل الماسورة، لذلك يجب توفير مصدر بديل احتياطي للكهرباء يساهم في الحالات الطارئة.
هناك أيضًا نوع من الغرف الهوائية المضغوطة، تُثبت بالماسورة فتضمن عدم حدوث ضخ مُفاجئ، هذا بالإضافة إلى الشيء الأهم والذي يجب وضعه في الحسبان قبل التفكير في شراء الماسورة من الأساس، وهو قدرتها على التحمل لظاهرة مثل ظاهرة الطرق المائي عند حدوثها، وهذا الأمر يُمكن الوصول إليه عن طريق مُعاينة السُمك والطول.
المطرقة المائية والمشاريع العملاقة
كل ما سبق يُمكن من خلاله القضاء على ظاهرة المطرقة المائية، لكن، هناك مشاريع عملاقة تمتلك مواسير ومضخات كبيرة الحجم وثقيلة الوزن، وهذه المواسير لا يُجدي معها الحلول التقليدية وإنما يتم عمل ما يُشبه الأبراج المائية عند بداية مكان الضخ أو خطه، تكون كفيلة بامتصاص الضغط الناتج عن المطرقة المائية وتمرير الأمر بسلام دون شروخ أو كسور، وهذا الحل كما ذكرنا يُجدي فقط مع المشاريع العملاقة ذات البنية التحتية الضخمة.
المطرقة المائية والبيئة
ربما يتوهم البعض أن المطرقة المائية لا تنعكس أضرارها على البيئة، ولتصحيح هذا الاعتقاد نحن في حاجة أولًا إلى معرفة التأثير الناتج عن عملية كسر أو شرخ الماسورة، وهو شيء في غاية الأهمية، حيث يؤدي هذا الكسر، الذي قد يتوهم البعض أنه أمر بسيط، إلى تعطيل الحياة الزراعية، هذا إذا ما كانت تلك الماسورة تُغذي مساحة معينة من الأراضي الزراعية، أما إذا كانت الماسورة مُخصصة للشرب مثلًا فتتضاعف الكارثة أكثر وأكثر، فلا يوجد شيء جدير بالاهتمام أكثر من مياه الشرب، يليه في الأهمية المحصولات الزراعية، وتلك هي أضرار المطرقة المائية على البيئة باقتضاب.
بلاد لا تعرف المطرقة
هناك بعض الدول التي لا تعرف المطرفة المائية، أو بمعنى أدق، لم تتعرض لها مُسبقًا، وهي بالتأكيد الدول التي لا تلجأ إلى المواسير القابلة للطرق من الأساس، فقد تمكنت العملاقتين، الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، من اختراع وتطوير نوع جديد من المواسير والمحابس، لا يؤدي فيه الانقطاع المفاجئ عن ضخ المياه إلى حدوث المطرقة المائية، بل إن المواسير التي تُستخدم هناك تحتوي على مواد مُساعدة في تسهيل حركة المياه وعدم تعريض الماسورة المحبوسة داخلها إلى الطرق أو التوقف المفاجئ.
وقد توصلت الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا إلى هذا النوع من المواسير عام 1997، وذلك بعد حدوث طرق مائي مُفاجئ بمدينة لوس أنجلوس أدى إلى إتلاف الماسورة الأم بالمدينة وتعطيل المياه قرابة الأسبوع، فتم احتواء المشكلة بالمواسير الجديدة ثم تم تعميمها خلال العشر السنوات التالية في جميع الولايات حتى أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية آمنة من المطرقة المائية.
أضف تعليق