هناك العديد من الكوارث البيئية في آسيا التي أثرت بصورة كبيرة على البيئة من ناحية الجو والماء والتربة والنباتات والتنوع الحيوي والخلل في السلسلة الغذائية وغيرها من الجوانب بالإضافة إلى التأثير الذي خلفته تلك الكوارث على صحة الإنسان، وبسبب الفقر المنتشر في مناطق عديدة في آسيا وكثافة السكان في بعض المناطق فإنه يصعب على الحكومة توفير الدعم اللازم لتقليل تلك الآثار وأيضًا فإن غياب الوعي البيئي لدى السكان يمنعهم من التفاعل مع القضايا البيئية والالتزام بكل القيود التي من شأنها الحفاظ على بيئة كوكبنا قدر الإمكان، وإذا نظرنا إلى كل الكوارث البيئية في آسيا سنجد أن هنالك الكثير من الكوارث التي يصعب أن نحصيها في موضوع واحد، لذا فإننا اخترنا حوادث وقضايا متنوعة من بلدان مختلفة لتعطيك نظرة شاملة عن أهم التحديات التي تواجهها قارة آسيا، وسنفتتح موضوعنا بتأثير الإشعاعات النووية التي حدثت في كازاخستان ثم تقلص بحيرة بيلاندر، وسنذكر في أجزاء متفرقة من الموضوع التأثيرات المختلفة التي سببتها انفجارات المصانع وتسرب النفط، وسنذكر أيضًا ما يخص التنوع الحيوي مثل تأثير تقلص أعداد النسور في الهند والحملة الموجهة لقتل بعض الآفات والتي سببت خللاً كبيرًا في السلسلة الغذائية وغيرها من القضايا البيئية الهامة.
تعرف على أخطر الكوارث البيئية في آسيا
موقع اختبار سيميبالاتينسك
عندما احتل الاتحاد السوفيتي كازاخستان قام بإنشاء موقع لاختبارات القنبلة النووية التي سعى إلى تطويرها في أسرع وقت ممكن ثم العديد من التجارب النووية الأخرى التي تعتبر من أسوأ الكوارث البيئية في آسيا وقارات أخرى، ويوجد الموقع في الشمال الشرقي لكازاخستان بالقرب من نهر إيرتيش، وفيما بين أعوام 1949 حتى 1989 قام الاتحاد السوفيتي بـ 456 تجربة نووية في الموقع بدون أن يهتم بالتأثير المحتم على صحة السكان وعلى بقية الكائنات الحية والبيئة، وأخفت الحكومة السوفيتية كافة المعلومات عن مواطني البلد وصُنفت على أنها معلومات سرية، لذا فالإحصائيات غائبة عنا لكن هذا الكم المهول من التجارب يعطينا فكرة بسيطة عما يحتمل أن يكون قد حدث، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي تم إغلاق الموقع في سنة 1991، ويحتمل أن تأثير الإشعاعات وصل إلى حوالي مئتي ألف من السكان، وقد لوحظ زيادة بعض أنواع السرطان في المناطق المجاورة والعديد من الأمراض الخطيرة الأخرى.
بحيرة بيلاندر: من أسوأ الكوارث البيئية في آسيا
تقع بحيرة بيلاندر في ضاحية بيلاندر في الجنوب الشرقي لمدينة بانجالور الهندية، والبحيرة تضم عدد متنوع من الحيوانات البحرية بالإضافة إلى الحيوانات البرية التي تعتمد عليها في مياه الشرب وتلوث مياهها يعني كارثة بيئية خطيرة، فمساحة البحيرة حوالي 148 كيلومتر مربع ويصل طولها إلى 3.6 كيلومتر، والآن قد أصبحت ملوثة بشكل خطير بسبب قيام السكان بتصريف مياه الصرف الصحي إليها، مما جعل المياه غير صالحة للشرب لعدد كبير من الحيوانات وساهم في اختفاءها من المنطقة المحيطة وذلك مثل الببغاء وبطاريق الخشب والسحالي وأنواع من الثعابين، لتصبح المنطقة المحيطة مهجورة ولتنتشر الرائحة الكريهة الخارجة من البحيرة. وقد وعدت الحكومة الهندية ببرنامج إصلاحي لإنقاذ هذه البحيرة الهامة ولكنها لم تقم بأي مجهود مؤثر، والمجهود الحقيقي أتى من المنظمات البيئية والسكان المحليين، ولكنهم لم يتمكنوا من القيام بالمطلوب ووجدوا أنهم في حاجة إلى تمويل مادي من الحكومة، فقاموا بإنشاء عريضة على الإنترنت وقع عليها أكثر من أربعين ألف مواطن، ولكن حتى الآن يبدو أن الأزمة لم تجد طريقها في الحل، لذا فإنها ضمن أخطر الكوارث البيئية في آسيا التي تتجاهلها السلطات المختصة بالرغم من الآثار السيئة التي تحدث باستمرار.
انفجارات جوانجتشي
في السادس والعشرين من أغسطس لسنة 2008 حدثت إحدى أخطر الكوارث البيئية في آسيا حيث اندلعت سلسلة من الانفجارات بسبب حادثة صناعية صغيرة أدت إلى اندلاع عدد من المصانع الموجودة في مدينة ياتشو حاضرة مقاطعة جوانجتشي في الجنوب الشرقي للصين، والمصنع الأساسي كان ينتج أسيتات عديد الفاينيل بكمية كبيرة والذي يستخدم في الدهانات والمواد اللاصقة. حدث الانفجار الأول في السادسة صباحًا في ورشة داخل المصنع، ثم بدأت انفجارات ضخمة أخرى في الواحدة ظهرًا، وانتشرت النيران في نطاق عشرة آلاف متر مربع، وتسببت في إخراج غازات سامة مثل الأمونيا والفورمالدهيد (الميثانال) والأسيتيلين وأول أكسيد الكربون، وقتل مالا يقل عن 120 إنسان وجرح أكثر من 60، واختفى ستة أشخاص ثم اعتبروا موتى بعد فترة طويلة، وبسبب الخوف من وصول الانبعاثات السامة إلى المناطق السكنية المجاورة فقد تم إخلاء 11,500 من السكان، ومن حسن الحظ أن الانفجار وقع في مدينة صناعية تبعد مسافة كبيرة عن مناطق سكنية وأغلبها غير مأهولة بكميات كبيرة من السكان، كما أنه لولا قيام قوات الحماية المدنية بعمليات الإطفاء بسرعة فإنه كان من المحتمل تسرب التلوث إلى نهر لونج ووقتها ستكون الكارثة بالفعل إحدى أخطر الكوارث البيئية في آسيا .
تقلص أعداد النسور في الهند
هناك تسعة أنواع من النسور التي تعيش في شبه القارة الهندية، ولكن أغلبهم الآن مهددين بخطر الانقراض وقد حدث هذا بوتيرة سريعة على مر العقود الماضية، ففي الثمانينيات من القرن الماضي كان هناك حوالي 80 مليون فرد من النسر الهندي أبيض الظهر والآن تقدر أعداده ببضعة آلاف فقط، لذا فإن المشكلة خطيرة حقًا وهي من أسوأ الكوارث البيئية في آسيا ، أولاً علينا أن نعلم أن النسور تعتمد بصورة كبيرة في حياتها على الأنشطة التي يقوم بها الإنسان، ففي الهند نجد الديانة الهندوسية التي يعتنقها غالبية الشعب توقّر النسور فعندما تموت الأبقار التي يقدسها الهندوس يتركون جثتها للنسور لتأكلها، لذلك فإنه من المفترض ألا توجد أية مشكلة تعيق نظامهم الغذائي، لكن في التسعينيات لاحظ عضو في مجتمع بومباي للتاريخ الطبيعي تناقص أعداد النسور في متنزه كيولاديو الوطني، وعندما ارتفعت وتيرة التناقص بشكل مخيف أصبح العلماء قادرين بسهولة على ملاحظة الكارثة، ولكن المشكلة تكمن في أنه من غير القانوني قتل النسور لأي أغراض حتى الأغراض العلمية وذلك بسبب قدسيتها لدى الهندوس، لذا استبعدوا فكرة تشريحهم بالرغم من أن الضرورة العلمية تدعو إلى هذا وأن ما يحدث هو كارثة ضمن أكبر الكوارث البيئية في آسيا .
كيف عرف العلماء السبب؟
بعد سنين طويلة من البحث اكتشف الدكتور ليندزاي أوكس مع فريقه في سنة 2003 السبب الأساسي وراء تقلص أعداد النسور، حيث وجدوا أن المشكلة تعود إلى دواء يسمى ديكلوفيناك وقد استخدم بكثرة لعلاج الماشية فيما يخص الالتهابات والحمى وأعراض أخرى، وفعالية العلاج جعلته يجتاح الأسواق واستخدمه أصحاب المواشي بكثرة في العقود الأخيرة من القرن الماضي وحتى مطلع القرن العشرين، وأثبتت أبحاثهم أن أكل النسر لجثة الحيوان الميت الذي حصل على العلاج مؤخرًا يتسبب في مقتله بشكل مؤكد، ثم تأكدوا أنه في حالة احتواء نسبة 1% من جسم الحيوان الميت على المادة الفعالة من الديكلوفيناك فإنه سيتسبب في مقتل النسر.
أنواع النسور المهددة
أكثر الأنواع التي عانت من الديكلوفيناك هو نسر الجيبس، وتناقصت أعداد النسر الهندي والنسر ذو المنقار النحيل بنسبة 97.4% وذلك فيما بين أعوام 1993 وحتى 2003، وقد تعرضت أنواع أخرى لتقلص أعدادها لكن بوتيرة أقل مثل النسر الأسمر وذلك لأنه يقضي فصل الشتاء فقط في الهند ونسر الهيمالايا وذلك لأنه غالبًا ما يعيش في الجبال لذا فإن احتمال أكله لحيوان معالج قليل نسبيًا، وهذان النوعان تعرضا إلى التقلص بنسبة تتراوح من 20% إلى 40% وهي ليست بالقليلة على المستوى العام، لتظل تلك الأنواع مهددة بالانقراض حتى يومنا الحالي ولتصبح المشكلة من أخطر الكوارث البيئية في آسيا .
تأثير تقلص أعداد النسور في الهند
أي تغير في السلسلة الغذائية يؤثر بدوره على مسار السلسلة وقد تكون له توابع خطيرة على البشر والحيوانات والنباتات والبيئة، والتغير المفاجئ في وجود حيوان لاحم مثل النسر أثر بصورة كبيرة في العديد من النواحي، فغياب النسور يعني غياب الطريقة المثلى للتخلص من جثث الحيوانات، مما جعل السكان يلقون بالحيوانات الميتة في مياه البحيرات والبرك والأنهار وأدى هذا إلى تلوث كبير مفاجئ، أما من تركوا الحيوانات الميتة في البرية فإن هذا ساعد على انتشار أنواع غير مألوفة من آكلات الجيف في الهند مثل الفئران والكلاب البرية، وعلينا ملاحظة أن التمثيل الغذائي للنسر هو مميز بشكل استثنائي ليجعله قادرًا على أكل الحيوانات الميتة دون أن يصاب هو بأية أمراض مصابة بها الحيوانات (باستثناء القليل من الأمراض والمواد الكيميائية مثل الديكلوفيناك كما ذكرنا)، لكن الفئران والكلاب تصبح حاملة لأغلب الأمراض، والكارثة تكمن في وجود حوالي 18 مليون كلب بري في الهند وعشرات الملايين من الفئران، وكثرة الكلاب يعني أنها تمثل تهديد لآكلات اللحوم القوية مثل النمور التي اضطرت لمهاجمة الكلاب للدفاع عن مناطقها وقد تسبب هذا في مواجهات بين النمور والإنسان.
التأثير ممتد
مع مرور السنين أصبحت هذه الحيوانات حاملة لعدد كبير من الأمراض ذات الخطورة البالغة مثل داء الكلب والجمرة الخبيثة والطاعون وغيرهم وهي أمراض تتسبب بشكل غير مباشر في وفاة عشرات الآلاف كل سنة، لذا فإن تلك الكارثة بلاشك هي إحدى أكبر الكوارث البيئية في آسيا ، ففي الهند يموت حوالي 30,000 إنسان من داء الكلب كل سنة وهو عدد يزيد عن نصف عدد الوفيات في بقية دول العالم كلها، ويتم معالجة حوالي نصف مليون مواطن هندي من داء الكلب كل سنة وهذا يعني تكلفة كبيرة تساوي عشرات ملايين الدولارات في تلك البلد التي يوجد فيها عدد كبير من السكان تحت خط الفقر، هذا بالإضافة إلى التكلفة التي تتكبدها الدولة في التأمين الصحي بسبب عضات الحيوانات الناقلة للأمراض وحملات التطعيم واسعة النطاق، لتشير التقارير النهائية أن تقلص عدد النسور كلف الهند عشرات المليارات كل سنة، وهي كارثة اقتصادية مهولة، وقد حظرت الحكومة الهندية استخدام دواء الديكلوفيناك في سنة 2006 واستبدلوه بدواء بديل يسمى ميلوكسيكام وقاموا بتجربته على النسور أولاً ليضمنوا أنه لا يضرهم وقد أثبت عدم ضرره بالفعل.
تسرب النفط في إسرائيل
في منطقة وادي عربة يوجد حقل نفطي يسمى بئر أورا، وبسبب تهالك إحدى أنابيب النقل الرئيسية فقد حدث تسرب كمية هائلة من النفط تقدر بما بين 3-5 مليون لتر وذلك في الرابع من ديسمبر لعام 2014، وقد صرحت الحكومة بأن عمليات التنظيف ستستغرق سنين عديدة وأن هذه الحادثة هي الأسوأ في تاريخ البلاد، وبسبب الحادثة استقال أمير بيريتز وزير الحماية البيئية من منصبه، وقامت حكومة بنيامين نتنياهو بتعيين وزير جديد وتعيين أوفير أكونيس السياسي المعروف كنائب له، ولحسن الحظ فإن البنية التحتية القوية في منطقة الكارثة حالت دون تسرب النفط إلى خليج العقبة ومن هناك قد تصل الكارثة إلى دول أخرى لتصبح بالفعل واحدة من أعنف الكوارث البيئية في آسيا ، وقد وافقت الحكومة على إنفاق مبلغ 4.4 مليون دولار في عمليات الإصلاح.
حرائق الغابات في إندونيسيا
في سنة 1997 حدثت إحدى أكبر الكوارث البيئية في آسيا والعالم كله، وذلك عندما اندلعت حرائق مهولة التهمت مساحات شاسعة من الغابات في إندونيسيا واستمرت حتى العام التالي، ويصنفها الباحثون باعتبارها واحدة من أخطر ثلاث حرائق غابات في القرنين الأخيرين وأشدهم تأثيرًا في كل النواحي، هذا إن لم تكن الأكثر خطورة من بينهم، وقد امتد التأثير ليشمل دول قريبة منها حيث وصلت الآثار بقوة إلى ماليزيا وسنغافورة، وقد عمل رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد على إيجاد حل للأزمة في ذروة حدتها لكنه لم يتوصل إلى حلول رادعة، إلا أنه قام بتشكيل لجنة لدراسة الأزمة وإرسال المعونات اللازمة واضطرت قوات مكافحة الحرائق الماليزية للسفر إلى إندونيسيا للمشاركة في عمليات الإطفاء وأرسلت اللجنة كذلك مجموعة من الأطباء وفريق إنقاذ وفريق طوارئ ومجموعة من الخبراء والباحثين لمتابعة التطورات، وقد وجهت الحرائق ضربة قاضية للاقتصاد الماليزي في السنة الثانية من الحرائق وهذا في الوقت الذي كانت قد بدأت فيه الاستثمارات الماليزية تزداد ويتعافى الاقتصاد من الركود الذي ظل لسنوات تحت أنظمة حكم فاشلة، ومن الجدير بالذكر أن الأمطار الموسمية التي انهمرت بغزارة في بداية شهر ديسمبر ساعدت على إطفاء جزء كبير من الحرائق، إلا أنه بعد حلول الجفاف عادت النيران لتلتهم الأرض، ثم وصلت الآثار إلى دولة بروناي وبنسبة أقل وصلت إلى تايلاند وفيتنام وحتى بعض الجزر الفلبينية التي عانت من الضباب والانبعاثات الضارة، وبعد انطفاء كل الحرائق فإنها كانت قد التهمت أكثر من 8 مليون هكتار من الأراضي وعانى الملايين من سكان الدول سابقة الذكر من تلوث الهواء لتصبح واحدة من أكبر الكوارث البيئية في آسيا على الإطلاق.
ما هو سبب حدوث الحرائق؟
سبب حدوث الحرائق هو أسلوب القطع والحرق المستخدم في العمليات الزراعية البدائية في إندونيسيا التي يعمل فيها نسبة كبيرة من السكان في الزراعة ويعتمدون على المضخات التقليدية وغيرها من الطرق القديمة التي تؤثر بشكل سلبي على التربة، ببساطة فإنهم يقومون بقطع أشجار ونباتات الغابات ثم يحرقوها ليحولوها إلى أرض زراعية، لكن في بعض الأحيان قد يخرج الحرق عن السيطرة ليلتهم المناطق المجاورة وهذا ما حدث، كما أن بعض الصحف أشارت إلى مشكلة اجتماعية خطيرة تحدث في البلاد، وهي تعمد الحرق، وهذا ما يقوم به ملاك الأراضي الصغار وحتى الشركات الزراعية الكبيرة، ففي حالة وجود أرض متنازع على ملكيتها يقوم أحد الأطراف بحرق مزارع الطرف الآخر ليعلن أنها ملكيته الجديدة بالقوة وليبدأ في زرع محصوله الخاص، ومؤخرًا قالت وكالة ناسا أن ظاهرة إل نينيو أو التردد الجنوبي مرتبطة بالحرائق هناك وأن زيادة الحرائق يعني زيادة الظاهرة التي تؤثر بصورة بالغة في الناحية الاقتصادية لبلدان جنوب شرق آسيا.
الخسائر والنتائج لواحدة من أكبر الكوارث البيئية في آسيا
تقدر الخسائر المادية لحرائق إندونيسيا بنحو 4.47 مليار دولار تكبدت إندونيسيا منها النصيب الأكبر، وبلاشك فإن الخسائر الأخرى هي الأشد خطورة مثل حالات الوفيات الناتجة أغلبها عن الاختناق وعدد كبير ممن أثرت الانبعاثات على صحتهم وذلك على المدى القريب أو البعيد، وكذلك نقص التنوع الحيوي بسبب مقتل عدد مهول من الحيوانات وتدمير النباتات المختلفة، وقد أخرجت الحرائق ما بين 0.81 إلى 2.57 جيجا طن (الجيجا طن تساوي تريليون كيلوجرام أو مليار طن)، وبعد انتهاء الأزمة قالت رابطة دول جنوب شرق آسيا (المعروفة باسم آسيان) بأنه يتوجب إنشاء نظام تحذير في المنطقة لمنع تكرار الحادثة ووافقت على برنامج لتعزيز حماية البيئة وإنشاء إدارة حديثة للحد من الحرائق وذلك بالتوازي مع إصدارها لقوانين صارمة.
حملة الآفات الأربعة
هذه المرة نحن أمام كارثة من أكبر الكوارث البيئية في آسيا التي تمت بسبب أفعال بشرية بشكل كامل، فقد بدأت هذه الحملة الغاشمة في الصين في الفترة ما بين 1958 حتى 1962 وذلك بناء على توجيهات الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بقيادة ماو تسي تونج وهي واحدة من سلسلة قرارات غاشمة أضرت بالبيئة وبنواحي أخرى أهمها مقتل الملايين من الصينيين عبر عقود بسبب المجاعات وانهيار الاقتصاد، حيث ظنت الحكومة أن القضاء على الحيوانات الضارة بالمحاصيل الزراعية سيكون خطوة إلى الأمام في تحسين الإنتاج الزراعي، واستهدفوا أربعة حيوانات وهي الفئران وعصافير الدوري وحشرات ذات الجناحين والبعوض، فقامت بحملات واسعة النطاق في كل وسائل الإعلام لإجبار الفلاحين على قتل تلك الآفات، وقد تسبب هذا في إخلال السلسلة الغذائية ونقص التنوع الحيوي بشكل كبير عبر تلك السنين.
أزمة المياه في إيران
حسب تصريح عيسى كالانتاري وزير البيئة الذي صرح به في يوليو من سنة 2013، فإن المشكلة الكبرى التي تواجه إيران هي نقص المياه وندرته في بعض المناطق، ووفقًا لكلماته فإنها مشكلة أكبر من الصراعات السياسية التي تخوضها إيران، وأنه في حالة عدم حل المشكلة فإن إيران ستعاني من مشاكل الجفاف في غضون ثلاثين سنة وستتحول البلاد إلى قرى أشباح وأول ما سينهار هو القطاع الزراعي، وفي نفس السنة قال وزير الطاقة حميد تشيت تشيان أن الأزمة وصلت إلى مستويات خطيرة، وقال أن الطرق التي اتبعتها الحكومات السابقة في زيادة عدد السدود لزيادة السعة التخزينية للمياه لن يصبح حلاً في المستقبل، وقبل أن نتعمق في المشكلة فإنه علينا معرفة مصادر المياه في البلد، فمياه الأمطار هي موسمية بشكل غالب ولا تتساقط إلا فيما بين أشهر أكتوبر ومارس كل سنة، مما يتسبب في ضعف التربة في بقية الأوقات من السنة، وتتجمع الأمطار في الأنهار الرئيسية مثل نهر كارون الذي يقع في منطقة الأحواز العربية، والأزمة القاتلة هي عدم ضخ المياه بالكميات المتناسبة التي تغطي المناطق المختلفة، وكذلك وجود أمطار غزيرة في بعض المناطق دونًا عن مناطق أخرى، فمثلاً بالقرب من بحر كاسبيان نجد كثافة في الأمطار تزيد حوالي 13 ضعف عن الكثافة في منطقة بلاتو الوسطى.
إحصائيات هامة عن أزمة المياه الإيرانية
البنية التحتية في إيران قد تكون ممتازة في بعض المناطق لكنها بالغة السوء في مناطق أخرى، لكن بشكل عام فإن الدولة تعتمد على السدود المبنية بالمواصفات العالمية الحديثة وكذلك الخزانات وخطوط أنابيب النقل، لكن توجد كذلك طرق تقليدية مستخدمة مثل قنوات الري التي نجدها في مناطق مثل يزد وخراسان وكرمان. الأرقام التقديرية للمياه المتجددة في كل مناطق إيران هي 128.5 مليار متر مكعب لكل سنة، وتقدير المياه ذات الانسياب السطحي من الرقم السابق (المياه الآتية من الأمطار أو ذوبان الثلوج) هو 97.5 مليار متر مكعب سنويًا، وتقدير المياه الآتية من الطبقات الصخرية المائية هو 5.4 مليار متر مكعب. بالنسبة للسدود فإن هناك 42 سد ضخم يعملون في إيران وقادرين على تخزين 33 مليار متر مكعب من المياه، وأغلب تلك السدود تعمل لأغراض متعددة مثل الحصول على الطاقة والتحكم في مستوى الفيضانات واستخدامات أخرى. ومن الجدير بالذكر أن استهلاك المياه في سنة 1993 كان يبلغ حوالي 70 مليار متر مكعب لكنه تزايد إلى 93 مليار متر مكعب في سنة 2004، مع ملاحظة أن نسبة 94% من المياه تم استهلاكها في العمليات الزراعية والنسبة الباقية في الشرب والعمليات الصناعية، ولنعرف مقدار الأزمة الحالية سننظر إلى آخر الإحصائيات لتخبرنا بأن إيران تستهلك 70% من كمية المياه المتجددة الموجودة في البلاد بكاملها وبهذا فقد تجاوزت المتوسط العالمي الذي يوصى به بزيادة 40%.
كارثة تقلص بحيرة إرومية وبحر آرال
كانت هذه البحيرة هي أكبر بحيرة في الشرق الأوسط وسادس أكبر بحيرة مالحة على كوكب الأرض مع مساحة تغطي حوالي 5,200 كيلومتر مربع وطول يبلغ 87 كيلومتر وعرض 55 كيلومتر وعمق 16 متر، لكن بسبب عوامل مختلفة أهمها بناء السدود تقلصت البحيرة وفقدت 90% من مساحتها، وطالما نحن نتحدث عن المشاكل البيئية في آسيا وتقلص الموارد المائية فإنه يتحتم علينا ذكر تقلص مساحة بحر آرال وهو في الحقيقة عبارة عن بحيرة كبيرة تقع فيما بين الأراضي الكازاخستانية والأوزباكستانية وتحتوي على أكثر من 1000 جزيرة صغيرة، ولكن بسبب الطرق الغاشمة في الزراعة واستصلاح الأرض للحصول على الكمية القصوى من المحصول على يد السوفييت أثناء احتلالهم المنطقة فإن البحيرة فقدت أغلب مياهها لدرجة أنه في سنة 2007 أصبحت الكمية المفقودة تعادل 90% من الحجم الكلي السابق، لذا فإنها اعتبرت إحدى كبرى الكوارث البيئية في آسيا .
انفجار مصانع كبريت المشراق في العراق
المشراق هي مدينة تقع بالقرب من مدينة الموصل في العراق، و تضم مجموعة من مصانع الكبريت تعرضت إلى الانفجار في يونيو من سنة 2003، وتلك الحادثة تسببت في انبعاث أكبر كمية مسجلة من ثاني أكسيد الكبريت في الجو حدثت بسبب الإنسان عبر التاريخ، أي أنها من أكبر الكوارث البيئية في آسيا والعالم بأسره، ويعتقد البعض أن ما حدث كان تخطيط مدبر، وقد ظلت الحرائق مستمرة لثلاثة أسابيع، وفي ذروة الانفجار كانت الأدخنة تتسبب في إخراج 21,000 طن من ثاني أكسيد الكبريت إلى الجو كل يوم، وحتى تدرك الأزمة على صورتها الحقيقية فإن هذه النسبة تساوي نصف الكمية التي تخرج من انبعاثات الكبريت في كل ولايات أمريكا وتزيد عن نسبة الكبريت الخارج من أغلب الانفجارات البركانية الهائلة، واستطاعت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا تحديد السحابة السوداء وتقدير حجم انبعاثات الكبريت بنحو 600,000 متر مكعب طوال فترة الحريق، وقد وصلت هذه الغازات السامة إلى الموصل التي تبعد 45 كيلومتر منها، لتصبح من أخطر الكوارث البيئية في آسيا ولتسبب في تدمير البيئة وفي خسائر بشرية واقتصادية فادحة حيث خسرت الدولة أكثر من 20 مليون دولار في عمليات الإصلاح وخسر العاملين في الزراعة أكثر من 40 مليون دولار، وفي 22 أكتوبر من سنة 2016 وأثناء معركة تحرير الموصل بقيادة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية فإن التنظيم قام بتفجير مخازن أخرى للكبريت وتسببت في تسمم أكثر من ألف شخص ومقتل إثنين.
خاتمة
إذا نظرنا بحكمة إلى المشاكل السابقة فإننا سندرك أن قارة آسيا تواجه تحديات صعبة جدًا وقد تكون مستحيلة في غياب الوعي البيئي، لذا فإن الحل يكمن في التعامل مع المشاكل البيئية بالطرق المنهجية العلمية والنظر إلى القضايا البيئية بقدر أكبر من الأهمية، وإذا دققنا سنجد أن الكوارث البيئية في آسيا تسببت في خسائر اقتصادية فادحة بالنسبة لمؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة وكذلك تأثيرها على صحة الإنسان ووجود الحيوانات والنباتات، لذلك فإن القضية تهم كل الأفراد كما تهم الدولة، ولن تتحسن الأحوال إلا من خلال تكاتف الجميع مع بعضهم البعض.
أضف تعليق