تسعة بيئة
القطب المتجمد الجنوبي
بيئة » المناخ » القطب المتجمد الجنوبي : لماذا يعد مهمًا جدًا في النظام البيئي؟

القطب المتجمد الجنوبي : لماذا يعد مهمًا جدًا في النظام البيئي؟

القطب المتجمد الجنوبي هو القطب الثاني للأرض بعد القطب الشمالي، والحقيقة أن ذلك القطب يُعد منبعًا للجليد، إذ أن ثمانية وتسعين بالمئة من مساحته عباره عن جليد.

يُعتبر القطب المتجمد الجنوبي أحد معالم الأرض والأشياء التي تتميز به، تمامًا مثلما هو الحال مع القطب المتجمد الشمالي، فهما القطبين الوحيدين للأرض، وقد تسميتهم بالأقطاب نظرًا لأنهم يشملون طرفي الأرض ويُعدون المنطقتين الأبعد بها، والحقيقة أن الحياة على القطب المتجمد الجنوبي ليست جامدة كما يتخيل البعض، فهناك عدد من السكان، وإن كان قليلًا، إلا أنه يُبرهن على إمكانية التعايش في مثل هذه المناطق، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بأسطورة الجليد القطب المتجمد الجنوبي، وكيف تسير الحياة هناك، وهل ثمة من يعيش هناك أصلًا؟

القطبين المُتجمدين في الأرض

لكل شيء أول وآخر، وآخر الأرض من الناحية الجنوبية هو القطب المتجمد الجنوبي، والذي يُعد قطعة من الثلج، وهناك كذلك القطب المتجمد الشمالي، وهو الحد الأخير للأرض من الناحية الشمالية، وبذلك يتكون القطبين، الشمالي والجنوبي، واللذان يُعتبران كذلك أعلى المناطق الموجودة على سطح الأرض.

يأخذ القطبين، الشمالي والجنوبي، نفس الشكل تقريبًا، حتى أن الغير مُطلّع قد يظن أن القطبين شيء واحد، ففي النهاية كلاهما يُغطيه طبقة من الثلج، لكن الحقيقة أن ثمة بعض الفوارق التي ربما لا يعرف بها الجميع، والتي يمكن من خلالها التمييز بين القطب المتجمد الجنوبي والقطب المتجمد الشمالي.

الفارق بين القطبين

في البداية يجب أن نعرف بأن القطب المتجمد الجنوبي أكبر مرة نصف من القطب المتجمد الشمالي، وهو الفارق الأول بين القطبين، لكنه معرفته والتأكد منه تتطلب بحث وقياس، لذلك نذهب إلى الفارق الثاني والأهم، والذي لا غُبار عليه ويُمكن التحقق منه بسهولة، وهو يمكن في الطبقة التي تأتي أسفل الجليد.

بالنسبة للقطب الأول، القطب المتجمد الجنوبي، فجميع من زاره لاحظ بالتأكيد أن الجليد أكثر خشونة من القطب الآخر، وذلك ببساطة لأن ذلك القطب أسفله يابس، أي أن الجليد عندما تكون قام بذلك على اليابسة، بخلاف القطب المتجمد الشمالي، والذي تجمد أعلى ماء، وهو ما يجعله يذوب نصف ذوبان في كل فصل صيف، بينما يبقى القطب الجنوبي متجمدًا كما هو طوال العام على نفس الحالة التي اكتُشف عليها خلال القرن العشرين.

اكتشاف القطب الجنوبي

اكتُشف القطب المتجمد الجنوبي في نهاية العقد الأول من القرن العشرين، وتحديد في الرابع عشر من ديسمبر القابع في عام 1911، وذلك على يد روالد أمندسن، والحقيقة أن روالد لم يكن مُستكشفًا أو مُتخصصًا في هذا المجال، وإنما جاء ذلك الاكتشاف عن طريق الصدفة البحتة، فقد كان ذلك الرجل أو من وضع قدمه في هذا القطب، لذلك تم اعتباره المُكتشف له، على الرغم من أن البعض قد ادعى أن روبرت سكون، وهو مُستكشف في الحقيقة، قد وجد هذا القطب أولًا في عام 1912، وأنه لا وجود لشخص يُدعى روالد في عام 1911، عمومًا، التاريخ اعترف بروالد، واعترف كذلك بأنه قد سبق هذا الاكتشاف بعض المُشاهدات غير المُثبتة في القرن التاسع عشر، لكن، وإن كان ذلك صحيحًا، فإن أحدًا من هؤلاء الأوائل بالتأكيد لم يطأ بقدمه القطب المتجمد الجنوبي قبل روالد أمندسن، والذي فعلها كما ذكرنا في عام 1911.

وصف القطب

أوصاف القطب الجنوبي المتجمد في الحقيقة لا تستحق الحديث الكثير، ففي النهاية هذا القطب ليس إلا قطعة كبيرة من الجليد الأبيض، لكن، إذا ما تحدثنا عما يكمن تحت ذلك الجليد فسنجد أنه قطعة، بنفس حجم الجليد، من اليابس، وبتفصيلٍ أكثر، فإن تلك القطعة اليابسة ليست في الأصل سوى هضبة كبيرة.

يبلغ ارتفاع الهضبة التي تكتسي بجليد القطب الجنوبي المتجمد ما يقترب من الثلاثة آلاف متر، وتحديدًا 2830، وهو ارتفاع كبير جدًا، يتماشى بالتأكيد مع المساحة الكلية لذلك القطب والتي تزيد مرة ونصف كما ذكرنا عن القطب الشمالي المتجمد، عمومًا، سمحت هذه المساحة الهائلة بانبثاق قارة جديدة أصبح مُعترف بها الآن من قِبل العالم بأكمله.

قارة القطب الجنوبي

كما أشرنا، انبثق عن كبر مساحة القطب المتجمد الجنوبي قارة كبيرة تُسمى بأنتاركتكا، وأنتاركتكا لمن لا يعرف تُصنف، من حيث المساحة، كقارة أكبر أسيا، بل إنها تُضاعفها من حيث الحجم، لكن الحقيقة أن تلك القارة المُعترف بها يُغطى أكثر من ثمانية وتسعين بالمئة منها بالثلوج، وليس مجرد ثلج عادي، بل ذلك الذي يزيد سمكه عن الاثنين كيلو متر.

درجة الحرارة في قارة أنتاركتكا الواقعة في القطب المتجمد الجنوبي تزيد عن تسعين درجة تحت الصفر، لكن ذلك لم يمنع من إقامة حياة كاملة في تلك القارة، حيث يعيش فيها مجموعة من الناس منذ اكتشافها وحتى الآن.

الحياة في القطب المتجمد الجنوبي

أولًا يجب أن نسأل سؤالًا هامًا، هل توجد حياة في القطب الجنوبي المتجمد؟ والإجابة بكل بساطة نعم، توجد حياة على القطب المتجمد الجنوبي، لكنها مجرد حياة تم ترتيبها بشكل مؤقت، وليست حياة عشوائية أُقيمت تحت لواء الوطن ومن المقرر استمرارها للأبد، ولابد أنكم تسألون الآن ما نعنيه بالسطور الفائتة، والتي تبدو مُربكة بعض الشيء، وللتوضيح أكثر، يجب أن نتعرف على السكان الذين يعيشون في القطب المتجمد الجنوبي، وهم ببساطة، الأشخاص العاملون لدى الوكالات والمنظمات.

عندما تم اكتشاف القطب الجنوبي أرسلت الوكالات والمنظمات مندوبين لها، كما أنه في الأساس ثمة أطباء وعلماء يذهبون إلى هناك من أجل دراسة الحياة في الجليد تحت درجة لا تُطاق من البرودة، ويبلغ أعداد هؤلاء حوالي خمسمائة شخص، وهم الممثلين الحقيقين لسكان القطب المتجمد الجنوبي، بل إنهم إجمالي عدد الموجودين هناك بالفعل، والحقيقة أنهم يتغيرون في كل فترة، فلن يذهب عالم إلى هناك ليُجري دراسات على المكان ثم يجلس للأبد، فبالتأكيد سيأخذ كل ما يحتاجه ثم يعاود من جديد ليأتي غيره، وهكذا في باقي المجالات.

كيف يعيشون؟

يعيش الخمسمائة شخص المذكورين حياة هادئة بعض الشيء في القطب المتجمد الجنوبي، فهم يحصلون على الامدادات وكل ما يحتاجونه بشكل مستمر من الحكومات والمؤسسات التي ترعاهم، لكن، ماذا إذا افترضنا أنه ثمة بعض السكان الذين يعيشون في هذه المناطق وليس لهم عائل أو جهة تُساندهم، كيف يعيشون؟

في الحقيقة يعيش هؤلاء حياة مغامرة أشبه بالحياة القديمة التي كان يعيشها الإنسان القديم، فأما ما يتعلق بالغذاء فهو يكون من الحيوانات التي تُجازف وتذهب إلى تلك المنطقة المتجمدة، وهي أنواع قليلة جدًا، أشهر البط والإوز، أما النوم فهو أيضًا يكون عن طريق هذه الحيوانات، فهم يستخدمون جلودهم في بناء الخيام وصناعة ملابسهم كذلك، وأيضًا يستخدمون العجلات الصغيرة، ويستجلبون الإضاءة عن طريق الزيت، والذي يستخدمونه في التدفئة كذلك، إجمالًا، يعيش هؤلاء حياة بدائية بكل ما تعنيه الكلمة من معان، لكنهم مستمتعون بها، فقط لأنها تقبع في القطب المتجمد الجنوبي.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة × ثلاثة =