يُعرف العنكبوت الأسترالي بالعنكبوت السام الغريب، والحقيقة أن الغرابة لا تُعد أمرًا مقصورًا على العنكبوت الأسترالي فقط، وإنما كل عنكبوت موجود على هذه الأرض، وذلك على الأقل بسبب تكوينه الغريب، لكن ما يميز العنكبوت الأسترالي إضافةً إلى ما سبق أنه يُمكن أن يؤدي دور الثعبان بجدارة، فهو قادر على القتل ومُتشبع بالسام، وبالرغم من ذلك لم يستطع الإفلات من خطر الانقراض المُحدق الذي داهمه في السنوات الأخيرة، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف على حيوان العنكبوت الأسترالي وحقيقة امتلاكه للسم مثل الثعبان وهل هو يقترب من الانقراض فعلًا أم لا؟
محتويات
ما هو العنكبوت الأسترالي؟
ينتمي العنكبوت الأسترالي إلى فصيلة تُسمى العنكبيات، والحقيقة أن ذلك العنكبوت الأسترالي ليس سوى غيض من فيض، فهناك أكثر من أربعين ألف نوع من هذه الفصيلة، وبالتأكيد لم يستطع أحد التعرف على كل الأنواع حتى الآن إلا أن العنكبوت الأسترالي يحتفظ بشهرته كأبرز وأخطر هذه الأنواع على الإطلاق.
شكل العنكبوت في الواقع لا يُمكن تحديده بوضوح، فهو حيوان هش المظهر جدًا، لدرجة أنه قد لا يظهر، لكنه في النهاية يؤسس لمبدأ التشعيب، أي أنه شيء تتشعب منه عدة خطوط، هذه الخطوط تُشكلّ شكل العنكبوت الأسترالي والعنكبوت بشكل عام، وأهم ما يُميز حياة العنكبوت بالتأكيد هو بيته الغريب.
بيت العنكبوت
يبني العنكبوت الأسترالي، مثل باقي أنواع الفصيلة، بيتًا من الخيوط، وكلمة الخيوط هذه لا تُقدر بعدة خيوط بسيطة تُعد على الأيد الواحدة، وإنما تبلغ في الحقيقة أكثر من أربعمائة ألف خيط، يُشكلون جميعًا بيتًا طويلًا يصل إلى عشرين سنتيمتر، وهو طول مناسب جدًا إذا ما وضعنا في الحسبان أن العنكبوت الأسترالي يقصد التخفي عن أعين البشر.
قد يعتقد البعض أننا عندما نتحدث عن بيت تم بناءه من الخيوط فإننا بصدد بيت ضعيف هش يُمكن اختراقه بسهولة، لكن هذا الأمر في الحقيقة ليس صحيحًا، إذ أن خيوط العنكبوت تُعد من أقوى الخيوط الموجودة على الإطلاق، وهي تُعادل في قوتها مواد أُخرى تُعرف أساسًا بالصلابة مثل الفولاذ مثلًا.
حياة العنكبوت الأسترالي
يعيش العنكبوت بشكل عام في أي مكان في العالم، لأنه ببساطة يهوى المرتفعات، ولا يوجد مكان في العالم لا يحتوي على مُرتفعات، إلا أن العنكبوت الأسترالي الذي نحن بصدد التحدث عنه لا يعيش سوى في أستراليا فقط، وهذا ما يتضح من اسمه، العنكبوت الأسترالي، وحتى الآن لم يثبت تواجده في أي دولة أخرى، لأنه لا يطير مثلًا.
يمتلك العنكبوت الأسترالي ثمانية أعين وثمانية أرجل، إضافةً إلى وجود مادة المغازل أسفل البطن، وهي المادة التي تقوم بإفراز الخيوط وبناء البيوت، والحقيقة أن العنكبوت الأسترالي منذ اليوم الأول لولادته يكون قادرًا على بناء البيوت مثل العنكبوت الذي يبلغ أرزل العمر، وهذا أمر قد يتعجب منه البعض في حياة العنكبوت الأسترالي، إذ أنه لا فرق بين صغير وكبير، ومنذ اليوم الأول يُصبح الجميع سواسية وقادرين على الاعتماد على أنفسهم، وخاصةً فيما يتعلق بالصيد والافتراس وتقضية الحاجات الغذائية الهامة.
العنكبوت الأسترالي والصيد
يستخدم العنكبوت الأسترالي خيوطه في صيد فرائسه، فعندما يقترب هو بخيوطه، أو تقترب الفريسة من الخيوط، يُصبح الأمر شبه مُنتهيًا، وتنتهي تلك الفريسة في الحال، لأنه يُحكم عليها بالخيوط ويمنعها من الحركة لثواني، قبل أن يُزيد من إحكام القبضة ويمنعها من الحياة بشكل عام، والحقيقة أنه لا يعرف أحد حتى الآن كيف يتناول العنكبوت الأسترالي فريسته بعد صيدها، لكن الشيء الذي يعرفه الجميع بلا استثناء هو كيفية أذية ذلك العنكبوت للبشر وكيفيته حمايته له.
العنكبوت الأسترالي المُفيد
للغرابة، تتشعب مجموعة العنكبوت الأسترالي الواحدة إلى قسمين، القسم الأول قادر على القتل بالسم، والقسم الثاني مفيد جدًا، فهو يقتل الحشرات التي قد تضر وتُزعج أصحاب المنزل، لكن المُحبط حقًا أنه لا توجد طريقة يُمكن من خلالها تمييز النوعين، بمعنى أن كلاهما في النهاية يتبعان العنكبوت الأسترالي شكلًا، وإن كان الشر يُضخ ضخًا من النوع الثاني لذلك العنكبوت، العنكبوت الأسترالي السام.
العنكبوت الأسترالي والسم
حظي العنكبوت الأسترالي بميزة ربما لا تتوفر في باقي أنواع فصيلته، وهو أن سُمه قادر على قتل إنسان، ليس ذلك فقط، بل إنه يتجاوز درجة السم الذي تمتلكها الثعابين، وهو ما منحه رهبة خاصة في قلوب الجميع.
عُرفت حقيقة امتلاك العنكبوت الأسترالي لأول مرة قبل قرنين، حيث مات أحد المواطنين الأستراليين جراء لدغة منه، وقد يسأل سأل، هل ظهر سم العنكبوت الأسترالي فقط في ذلك الوقت؟ والإجابة بالطبع لا، لكن من كان يُفكر أصلًا في الاقتراب من حيوان هش مثل العنكبوت؟ وما الفائدة التي يُمكن أن تُجنى من ذلك؟ بالطبع ليس هناك فائدة من ذلك، لكن ذلك الشخص الأسترالي الغير محظوظ بالمرة اقترب وفعل، فسجل أول حالات التسمم.
انقراض العنكبوت الأسترالي
بدأت مُعاناة العنكبوت الأسترالي مع الانقراض منذ اليوم الذي مات فيه أول شخص لُدغ منه وتجرع سمه، حيث أدرك الجميع حينها أن ذلك العنكبوت لا يُمكن التعايش معه بشكل طبيعي، وأنه طالما لا يحمل فائدة، ولا وجود له، فلا ضرر من التخلص منه من باب درء الشر قبل أن ينتشر.
محاولات قتل العنكبوت الأسترالي في الحقيقة كانت أسهل من محاولات التنفس، فذلك العنكبوت لم يكن قادرًا على الفرار أو الدفاع عن نفسه، كان مُجرد طمسه بحذائه أمر كافٍ جدًا، ويُقال إن الأعداد بدأت تتناقص بمعدل مهول سنويًا حتى دخلت في مرحلة التهديد في الانقراض، ومن المتوقع قريبًا أن تنقرض نهائيًا، ولكي نكون واضحين، لقد أثبت هذا الأمر أن البشر، من أجل الدفاع عن أنفسهم، مُستعدين لفعل أي شيء، حتى لو وصل الأمر إلى إقصاء حيوان من الطبيعة.
هل يُفيد التسمم؟
إذا ما سألنا سؤالًا وقلنا هل يُفيد التسمم الذي يُسببه العنكبوت الأسترالي؟ فإن الإجابة بالتأكيد سوف تكون لا، فلا وجود لتسمم مفيد وتسمم ضار، فكلاهما في النهاية طريق مختصر إلى الموت، لكن إذا حذفنا بعض الحروف من الجملة، وسألنا، هل يُفيد السُم؟ فإن الإجابة هنا ستختلف للغرابة، وستكون نعم، يُفيد سم العنكبوت الأسترالي كما لم يفد سُم أي حيوان من قبل.
تمكن العلماء الأستراليين في الآونة الأخيرة من إثبات حقيقة غريبة جدًا، وهو أنه يُمكن الاستفادة من السم الذي يحمله العنكبوت الأسترالي في علاج أمراض عظيمة مثل السكتة الدماغية، وأضاف العلماء أنهم باتوا الآن قادرون على استخلاص السم من العنكبوت بكل سهلة وتحويله إلى لقاح يُفيد في علاج المرض المذكور، لكنهم أوصوا في نفس الوقت بعدم الإسهاب في القتل لكيلا تنتهي معه تلك الفائدة العظيمة، والسؤال الآن بكل بساطة، هل سيستمع أحد لهم؟ أم سيستمر القتل حتى الانقراض؟
أضف تعليق