تلعب السلوكيات اليومية دورًا كبيرًا سواءً بالسلب أو بالإيجاب في عملية المحافظ على البيئة الخاصة بنا خالية من التلوث وآمنة للأجيال القادمة، في هذه السطور نتعرف على أفضل الوسائل التي تجعل السلوكيات اليومية الخاصة بنا مناسبة للبيئة وتساعد في حفظ الموارد الهامة لهذا الكوكب بدلاً من إهدارها بدون طائل.
السلوكيات اليومية وكيف نجعلها محافظة على البيئة
ترشيد استهلاك الموارد البيئية
عملية ترشيد استهلاك الموارد البيئية لكوكبنا وحفظها من الهدر هي أحد أهم عمليات المحافظة على البيئة الخاصة بنا آمنة ونظيفة وخالية من التلوث، مجرد الحفاظ على موارد مثل الماء، والبترول، والفحم، والهواء النظيف، وعدم استخدامها هو أمر جيد للبيئة، استخدام الموارد يحولها إلى شكل آخر يصعب على البيئة التعامل معه أو التخلص منه ومن الملوثات التي يسببها بعد ذلك، في السطور القادمة نستعرض أهم ما يجب على المرء فعله من أجل ترشيد استهلاك الموارد البيئية المختلفة.
ترشيد استهلاك المياه
المياه هي من أهم الموارد الطبيعية الموجودة في البيئة، ونحن بحاجة على الدوام للماء، ليس من أجل الشرب والطهي فقط، بل إننا نحتاج المياه للاستحمام، والنظافة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغير ذلك الكثير من الاستخدامات المختلفة للماء، الحفاظ على الماء هو أمر ضروري من أجل المحافظة على البيئة، فإهدار الماء أو تلويثه يستلزم الكثير من الجهد والوقت من الطبيعة من أجل إعادته مرة أخرى لحالته النقية التي من الممكن أن نستفيد به منها، هذه النصائح قد تكون أهم النصائح التي يُوصى بها من أجل الحفاظ على الماء وعدم إهدار ما هو متاح لنا منه:
- التأكد من إغلاق الصنابير بعد الاستعمال (الشرب، الاستحمام، عمليات النظافة).
- عدم إهدار الكثير من الماء في حمامات السباحة وأحواض الاستحمام.
- عدم استخدام المياه في أعمال النظافة بدون داعٍ.
- استخدام أساليب الزراعة الحديثة التي تساهم في تخفيض الكميات اللازمة من المياه للري للحد الأدنى.
- تغطية المجاري المائية المعرضة للهواء الجوي والشمس بغرض عدم تعريضها لعوامل التبخر والنتح.
- المحافظة على المياه الجوفية وعدم الاستخدام الجائر لها لأغراض الزراعة أو الصناعة بدون التأكد من قابلية التعويض لهذه المياه من قبل الطبيعة.
ترشيد استهلاك الوقود بأنواعه والكهرباء
الوقود بأنواعه المختلفة هو مخزنات للطاقة نقوم بحرقها من أجل تحرير الطاقة المخزنة فيه، والتي قد تكون خُزنت فيه على مدار الملايين من السنين، عمليات حرق الوقود للاستفادة من الطاقة الموجودة فيه قد تزايدت في السنوات الأخيرة بشكل كبير جدًا، وذلك بعد الثورة الصناعية وتنامي الاحتياجات العالمية من الطاقة بغرض الاستخدام في المنازل أو في المصانع أو في وسائل النقل أو حتى في العمليات الزراعية وغيرها من الأنشطة البشرية.
ترشيد استهلاك الطاقة هو أمر حيوي لتجنيب البيئة المحيطة بنا المزيد من التلوث، فحرق أنواع الوقود يتطلب إخراج الغازات المسببة لمشكلة الاحتباس الحراري في الجو وتعريض كوكب الأرض لتنامي مشكلة الاحتباس الحراري وزيادة معدلات درجات الحرارة، مما يتبعها العديد من التبعات، مثل ذوبان جليد القطبين، والتقلبات المناخية المفاجئة، والتي تسبب بعض الكوارث البيئية في بعض الأحيان، في السطور القادمة نستعرض ما يجب علينا فعله من أجل ترشيد استخدام الوقود (والكهرباء المولدة عن طريقه أيضًا) للحد الأدنى لمراعاة البعد البيئي في حياتنا اليومية:
- من السلوكيات اليومية الجيدة للحفاظ على البيئة هو ترشيد استخدام الكهرباء عن طريق استغلال الإضاءة الطبيعية ودهان الحوائط بالألوان الفاتحة واستخدام العواكس والمصابيح الموفرة للطاقة (مصابيح النيون ومصابيح الـ LED بدلاً من المصابيح المتوهجة التقليدية التي تستخدم الكثير من الطاقة الكهربية)
- ترشيد استخدام الكهرباء عبر تقليل استخدام الأجهزة كثيفة الاستهلاك للكهرباء، مثل أجهزة تكييف الهواء التي لا يجب استعمالها إلا للضرورة فقط وفي حالة ارتفاع درجة الحرارة عن الحد الذي لا يطاق، وأيضًا بعد استنفاذ كل وسائل تلطيف درجة الحرارة، مثل التهوية الطبيعية، والمراوح وغيرها من وسائل تخفيض درجة الحرارة التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الكهرباء.
- ترشيد استهلاك الكهرباء عن طريق التقليل من استخدام سخانات المياه، وعدم تشغيلها بلا طائل وطوال الوقت، سخانات الماء الكهربائية هي من أكثر الأجهزة استهلاكًا للكهرباء، وخصوصًا عند تشغيلها لفترات طويلة في اليوم، استخدام السخانات الكهربائية بحرص هو أحد السلوكيات اليومية الصديقة للبيئة التي يجب على كل منا النظر إليها بعين الاعتبار على الدوام.
- استقلال وسائل المواصلات العامة بدلاً من السيارات الخاصة، فوسائل النقل العامة أقل تلويثًا للبيئة وأقل في استهلاك الوقود في المجمل، ولذلك يسود توجه في البلدان المتقدمة من أجل تشجيع المواطنين على التخلص من السيارات الخاصة بهم، واستخدام المواصلات العامة، وفي هذا المجال على الحكومات العمل بجد على تحسين حالة المواصلات العامة وجعلها متيسرة وسهلة الوصول بالنسبة لكل شخص، وذلك من أجل تشجيع المواطنين على استقلال المواصلات العامة بدلاً من السيارات.
- استخدام السيارات الكهربائية أو السيارات التي تعمل عن طريق الغاز بدلاً من السيارات التي تعمل عن طريق البنزين، فرغم أن كل هذه الأنواع تتسبب في استهلاك الوقود، وتؤدي إلى إهدار موارد البيئة، إلا أن بعضها أخف ضررًا من الأخرى، والشخص الذي يريد تعديل السلوكيات اليومية الخاصة به لئلا تؤذي البيئة عليه أن يقوم بما يتطلبه الأمر لتقليل نسبة الهدر والتلويث إلى الحد الأدنى.
- استخدام الدراجات في عمليات التنقل القصيرة أو حتى التنقل على الأرجل، هذا الأمر من السلوكيات اليومية التي تلقى تشجيعًا كبيرًا في البلدان المتقدمة، والتي يهتم مواطنيها بأن يقوموا بالتماشي مع السلوكيات البيئية الصحيحة في حياتهم اليومية.
ترشيد استهلاك الغابات
الغابات توصف في الكثير من الأحيان بأنها رئات كوكبنا، فهي تعمل على تخليص الكوكب الأرضي من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتطلق الأكسجين في الجو، وهو الغاز المطلوب لكل الكائنات الحية من أجل التنفس والقيام بعمليات التمثيل الضوئي والحياة بشكل سليم، في الآونة الأخيرة ازدادت عميات قطع الغابات بغرض استخدام الأخشاب الخاصة بها في عمليات التصنيع المختلفة، والقطع الجائر للغابات يضر بكوكبنا على العديد من الأصعدة، نقدم بعضًا من النصائح التي يجب على كل منا أن يجعل السلوكيات اليومية الخاصة به تتلاءم معها إذا ما أردنا أن نحافظ على غابات كوكبنا من الاستنزاف والتدمير:
- عدم استخدام الخشب في بناء المنازل وصنع الأثاث، والاستعاضة عن الخشب بمواد أخرى لا تسبب ضررًا كبيرًا للبيئة عن طريق قطع الغابات.
- التقليل أو منع استخدام الورق بشكل كامل في الطباعة، والاستعاضة عنه بطرق النشر وتبادل المعلومات الإلكترونية.
- عدم الإفراط في استعمال المناديل الورقية بغير حاجة.
- زراعة أشجار محل الأشجار التي يتم قطعها، وذلك من أجل الحفاظ على التوازن على الدوام بالنسبة لأعداد الغابات على الكوكب.
- عدم قطع الغابات من أجل التوسع في الزراعة، فالغابات مهمة جدًا للتنوع الحيوي في بيئتها، واستخدام أراضي الغابات من أجل الزراعة يضر بالتنوع الحيوي بشكل كبير جدًا.
استخدام المنازل والمنتجات الصديقة للبيئة
ظهرت في الآونة الأخيرة أفكار لمنازل ومنتجات صديقة للبيئة، تحاول المنازل الصديقة للبيئة أن توفر لساكنيها احتياجاتهم من الطاقة وغيرها من الموارد بشكل ذاتي، ولا تتسبب في الكثير من عمليات التلويث في محيطها.
أيضًا هناك أنواع معينة من المنتجات تكون أقل تلويثًا للبيئة من غيرها، مثل الاستعاضة عن الأكياس البلاستيكية بالأكياس الورقية أو القماشية، وذلك بالنظر إلى أن البلاستيك يلوث البيئة إذا ما ظل لفترات طويلة داخل النظام البيئي بدون وسيلة تخلص آمنة منه.
استخدام مصادر الطاقة النظيفة فقط
من أهم السلوكيات التي تساعد إلى حد كبير في الحفاظ على البيئة بحالة جيدة وتجنيبها التلوث والدمار هي استخدام مصادر الطاقة المتجددة والأقل تلويثًا للبيئة، وعدم استخدام المنتجات التي تؤدي إلى تلويث البيئة بشكل كبير. في السطور التالية نستعرض بعض وسائل الحصول على الطاقة مرتبة من الأكثر تلويثًا للبيئة إلى الأقل تلويثًا:
الفحم
يعتبر الفحم أحد أقدم أنواع الوقود التي اكتشفها الإنسان وبدأ يقوم بحرقها من أجل الحصول على الطاقة الحرارية للتدفئة ولطهي الطعام، أو بعد ذلك فالمراجل البخارية ومحطات توليد الكهرباء، لكن مشكلة الفحم أنه يتسبب في الكثير من التلويث للبيئة، بدءًا من عمليات استخراجه، ووصولاً إلى عملية حرقه للاستفادة من الطاقة الكامنة فيه، في الحقيقة ينتج الفحم نواتج احتراق أكثر بكثير من أنواع الوقود الأخرى، وكذلك يطلق بعض الملوثات شديدة الإضرار بالبيئة، لذلك يجب تقليل الاعتماد على الفحم إلى الحد الأدنى من أجل تجنيب البيئة الكثير من التلوث غير الضروري.
منتجات النفط
منتجات النفط تستخدم بالأساس في تشغيل محركات وسائل المواصلات، بدءًا من الطائرات والسفن، ومرورًا بالشاحنات والسيارات، وانتهاءً بالدراجات النارية وغيرها من وسائل النقل. استخدام منتجات النفط في إنتاج الكهرباء ليس كبيرًا جدًا في الوقت الحالي، لكن على أي حال لا تعتبر منتجات النفط مصدرًا جيدًا للحصول على الطاقة النظيفة، صحيح أن منتجات النفط أقل تلويثًا من الفحم بكثير، لكنه ما يزال يعد من مصادر الطاقة الملوثة للبيئة بشدة.
الغاز الطبيعي
يعتبر الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة الحديثة نسبيًا، وهو يعتبر أنظف أنواع الوقود الحفري، بسبب غناه بالمحتوى من الطاقة، وقلة نواتج الاشتعال الصادرة عنه إلى الحد الأدنى، يستخدم الغاز الطبيعي الآن في تشغيل الكثير من وسائل النقل العامة والخاصة، وأيضًا يستخدم بشكل متزايد في عمليات توليد الكهرباء، لكن الغاز الطبيعي يعاني من مشاكل في عمليات نقله وتخزينه، فهو يحتاج إلى إسالته من أجل نقله في أنابيب الغاز الطبيعي، وهو أيضًا يحتاج إلى حاويات مغلقة من أجل تخزينه، لذلك من الصعب تخزين كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلا بتكلفة باهظة.
الطاقة النووية
من ناحية، ينظر الكثير من الأشخاص إلى الطاقة النووية على أنها طاقة نظيفة لا تسبب انبعاث أي غازات تسبب الاحتباس الحراري أو تلوث البيئة، لكن مشكلة النفايات النووية هي مشكلة كبيرة جدًا تجعل الكثير من الأشخاص ينظرون إلى الطاقة النووية نظرة توجس.
الطاقة الكهرومائية
الطاقة الكهرومائية هي الطاقة المنتجة من طاقة حركة المياه الموجودة خلف السدود ومياه الأنهار الجارية، وأيضًا في بعض الأحيان أمواج البحر والمد والجزر. تعتبر الطاقة الكهرومائية طاقة متجددة لا تسبب أي تلويث للبيئة، لذلك تعتبر من مصادر الطاقة المنصوح باستخدامها على الدوام ما أمكن، كذلك الطاقة الكهرومائية هي طاقة رخيصة ولا تحتاج إلى حرق وقود من أي نوع، لكن يعيب هذا النوع محدودية استخدامه، حيث لا توجد الكثير من البلدان لديها أنهار أو سدود تمكنها من الحصول على الطاقة الكهرومائية النظيفة، أيضًا البلدان التي لديها مثل هذه المصادر، لا تكفيها للحصول على كافة احتياجاتها من الطاقة منها، وتضطر إلى إكمال ما تحتاجه من طاقة عبر وسائل أخرى.
طاقة الرياح
تعتبر طاقة الرياح من الطاقات المتجددة والنظيفة، وهي تعتمد على تدوير توربينات كبيرة عن طريق حركة الرياح، يعيب هذه التقنية في الوقت الحالي ارتفاع تكلفتها، وأيضًا محدودية استخدامها.
الطاقة الشمسية
يتم توليد الطاقة الكهربائية من ضوء الشمس عن طريق خلايا خاصة تستقبل الضوء وتحوله إلى كهرباء، لكن هذه التقنية لم تثبت بعد جدوى اقتصادية تجعلها مناسبة للاستخدام العملي.
استخدام أساليب إعادة الاستخدام والتخلص الآمن من النفايات
ظهر مصطلح إعادة الاستخدام أو إعادة التدوير ليشير إلى العمليات التي تتم على بعض المنتجات الصناعية أو الأولية من أجل إعادة استخدامها في نفس الغرض أو في غرض آخر بدلاً من التخلص منها، إعادة التدوير هو أحد السلوكيات اليومية الأكثر فائدة للبيئة والأقل إضرارًا وتسببًا في التلويث، يمكن تدوير قطاع عريض جدًا من المنتجات، على سبيل المثال:
- الزجاج بكل أنواعه.
- الورق والكرتون والخشب.
- بواقي الطعام وبعض مخلفات الزارعة.
- المعادن بكل أنواعها.
- الأجهزة الإلكترونية والكهربائية.
أيضًا يلعب التخلص الآمن من المنتجات دورًا كبيرًا جدًا في الحفاظ على البيئة خالية من التلوث الذي قد يسببه هذا المنتج، وعلى الأخص هناك منتجات تسبب الكثير من التلويث للبيئة بشكل يجعل من عملية التخلص الآمن من هذه المنتجات ضرورة حتمية لتجنيب البيئة المحيطة الكثير من الدمار والتلويث.
استعرضنا في ما سبق العديد من السلوكيات اليومية التي يمكن للشخص منا اتباعها من أجل المساهمة بنفسه في الحفاظ على البيئة، بعض هذه السلوكيات اليومية من الممكن القيام بها بسهولة، بينما البعض الآخر يحتاج إلى قرارات من مؤسسات وهيئات وحكومات، لذلك حاول بقدر الإمكان أن تطبق أكبر عدد ممكن من هذه السلوكيات اليومية من أجل مستقبل أفضل لكوكبنا.
أضف تعليق