تعد السلاحف البحرية واحدة من أقدم الكائنات البحرية بل الحية عموماً على وجه الأرض، حيث يوجد منها 7 أنواع مختلفة تثبت الحفريات تواجد تلك الأنواع منذ ما يزيد عن 100 مليون عام وأكثر- أي أن تواجدها يمتد منذ حقبة الديناصوريات وحتى يومنا هذا- وعلى عكس باقي أنواع السلاحف فإن السلاحف البحرية لا تتمتع بالقدرة على إخفاء رأسها وأقدامها داخل قشرتها. كما أن لها ألواناً عدة ما بين الأصفر والأخضر والأسود تبعاً لاختلاف النوع. وكذلك أيضاً تعدد الأنواع يسبب تعدد طبيعة الغذاء الذي تتغذى عليه السلاحف البحرية فمنها من يأكل قنديل البحر، والأعشاب البحرية، وسرطان البحر والإسفنج والقواقع والطحالب والرخويات.
السلاحف البحرية وخطر انقراضها
تقدير مشكلة انقراض السلاحف البحرية
من الصعب تحديد عدد السلاحف البحرية الموجودة الآن أو حتى معرفة أماكن تجمعهم وذلك يرجع إلى أن ذكور السلاحف وصغارها تترك الشاطئ مبحرة باتجاه المحيط ولا تعود مرة أخرى، بالإضافة إلى أنها تهاجر لمسافات بعيدة للغاية فبعضها قد يقطع مسافة تصل إلى 1400 ميلاً فقط للبحث عن الغذاء أو للعثور على مكان ملائم لوضع البيض. ولكن على العموم فإن السلاحف البحرية تفضل المياه الدافئة ذات درجة الحرارة المرتفعة نسبياً وتبتعد تماماً عن المياه الباردة القريبة من الجليد.
فلا يمكن للسلاحف البحرية الحياة في المياه القطبية، أما بقية المحيطات فقد تنتشر بها إما للحياة أو في طريقها للهجرة إلى مكان مناسب. فهناك نوع من السلاحف البحرية يسمى بالسلحفاة ذات القشرة المستوية يفضل الاستقرار في الساحل الشمالي لأستراليا، بينما أنواع أخرى لا تجدها إلا فقط في خليج المكسيك وعلى سواحل الولايات المتحدة الأمريكية.
تمتد دورة الحياة للسلاحف البحرية إلى عشرات السنين. فبعد حدوث عملية التزاوج والتي تتم في مياه البحر، تبحر الأنثى إلى الشاطئ لتضع البيض تحت الرمال ثم تعود مرة أخرى للبحر وتترك الفرصة ليمر الوقت ويفقس البيض وتبحر الصغار بمفردها إلى وطنها الأم. بعض أنواع الإناث قد تعيد عملية التزاوج مرة أخرى ولكن بعد عدة سنوات ثم تبحر مجدداً إلى الشاطئ وهكذا.
أسباب تعرض السلاحف لخطر الانقراض
تعتمد الكثير من الدول الساحلية على سلاحف البحر كمصدر للغذاء؛ فيقومون بصيدها بشكل متكرر. وأشهر تلك المجتمعات هي المجتمعات الصينية القديمة التي كانت تعتمد على صيد السلاحف كمصدر مهم للبروتين، وبسبب رحلة هجرتها الطويلة وصعوبة العثور على أماكن تجمعات السلاحف البحرية فقد يقوم الصيادون باصطياد كمية كبيرة جداً تزيد بكثير عن حاجتهم ثم يضعونها في بحيرات صغيرة أو أحواض مياه صناعية ليستعملونها عند الحاجة. كما يقومون أيضاً بتجميع بيض السلاحف وتناوله كوجبة كاملة.
وهناك أنواع أيضاً من السلاحف البحرية يتم صيدها وتجميعها للحصول على الصدفة التي تغطيها، كما يحدث في الصين واليابان وبيرو حيث تستخدم الأصداف المنزوعة من السلاحف البحرية في أغراض احتفالية وفعاليات بعض المهرجانات كما تدخل في صناعة الجواهر والحلي والعقود. كما تستخدم جلود السلاحف في صناعة الأحذية.
كل تلك الأهداف جعلت من السلاحف البحرية عاملاً جاذباً للصيد وبالتالي وقوع السلاحف البحرية تحت خطر الانقراض. ولكن هناك الكثير من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى ذلك مثل:
الصيد بالخطأ
حيث يقوم الصيادون بإلقاء شباكهم في المياه دون علم أو دراسة مسبقة بأنواع الحيوانات البحرية التي تعيش أو تمر من تلك المنطقة، فقد يكون هدفهم في الصيد هو الحصول على نوع معين من الأسماك ولكن إذا وجدوا سلاحف بحرية في شباكهم أو أي كائنات بحرية أخرى غير التي يهدفون لصيدها فلا يلقون لذلك بالاً ويتركونها حتى تموت وبعضهم قد يدفنها عندما يعود للشاطئ والبعض الآخر قد يلقي بها في البحر مجددا ولكن بعدما سلبت حياتها دون جدوى.
تعمير الشواطئ
قد يبدو عنوان تلك الفقرة إيجابياً بعض الشيء، ولكنه في الأصل يحمل آثاراً سلبية على حياة السلاحف ويساهم بشكل كبير في زيادة خطر الانقراض الذي يتهددها. حيث أن التوسع في البناء وتشييد المنازل والفنادق والمنتجعات السياحية والمقرات الترفيهية المطلة مباشرة على الشواطئ يقلل من فرصة إناث سلاحف البحر في إيجاد مأوى ملائم لتضع بيضها فيه وبالتالي قد تضطر إلى وضعه في مكان يمثل خطورة عليه ويمنع صغار السلاحف من النجاة، أو على الأسوأ فتجبر على الهجرة والإبحار لمسافات طويلة للغاية لتجد مكاناً آخر مناسباً فيمثل ذلك مجهوداً على الأنثى وقد تموت في النهاية قبل الوصول لشاطئ مناسب مما يزيد من خطر الانقراض.
التلوث وإلقاء النفايات في المياه
تؤكد الأبحاث والدراسات أن ملايين من الحيوانات البحرية شاملة السلاحف والدلافين والحيتان وغيرها تموت كل سنة من جراء إلقاء القمامة وخاصة البلاستيكية منها في المياه؛ فيختلط الأمر على تلك البحريات وتحاول التغذي على تلك القمامة فتسبب اختناقها ووفاتها على الفور. أو أن تلك القمامة تسبب تدمير الشعب المرجانية والتي تجذب السلاحف البحرية بشكل كبير.
كذلك التلوث بالكيماويات والمبيدات الحشرية يسبب على المدى البعيد تغيرات جسيمة في أنسجة السلاحف تضعف الجهاز المناعي لها؛ فيزيد معدل إصابة السلاحف بالأمراض وتضعف قدرتها على الشفاء فتموت في النهاية مما يزيد من خطر الانقراض.
الاحتباس الحراري
تسبب تلك الظاهرة والتي باتت واقعاً أضراراً كبيرة على الكائنات الحية على وجه العموم. ولكن السلاحف كان لها نصيب الأسد من التعرض لخطر الانقراض بسبب الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض والذي فاق قدرات السلاحف البحرية على التحمل والتكيف مع تلك الحرارة العالية، فالاحتباس الحراري يسبب ذوبان الجليد في القطبين وبالتالي ارتفاع منسوب المياه مما يؤدي إلى ظاهرة تآكل الشواطئ والتي تعد مكان دفن البيض مما يساهم بشكل كبير في خطر الانقراض الذي يتهدد السلاحف البحرية.
أيضاً ارتفاع درجة حرارة رمال الشواطئ يجعلها ملاذاً غير آمن بالمرة لبيض السلاحف البحرية فلا تتحمل قشرة البيض درجة الحرارة العالية للرمال وبالتالي تفشل في إكمال دورة نموها وفقسها بشكل طبيعي مما يؤدي إلى خسارة السلاحف البحرية لأجنتها.
بعض الحلول لمشكلة خطر الانقراض الذي يتهدد السلاحف البحرية
- إذا أردت شراء مأكولات بحرية فيفضل شراؤها من شركات معتمدة وكبيرة حاصلة على موافقات منظمة الصحة العالمية ومنظمة حماة البيئة والتي تضمن بدورها قواعد الصيد المقنن وحماية السلاحف البحرية وغيرها من الكائنات من الانقراض.
- كذلك التوقف عن شراء أو استخدام كل ما قد يكون منتجاً من السلاحف سواء من اللحوم أو الجلود أو الصدفة أو حتى بيض السلاحف وذلك لحماية السلاحف من خطر الانقراض.
- تفعيل نظرية الحزام الأخضر وتطبيقها على أرض الواقع عن طريق زيادة مساحة الرقعة الخضراء وزرع الأشجار في كل مكان كحل بسيط لمقاومة ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض.
- محاربة التلوث وتجريم إلقاء القمامة في المياه عن طريق تفعيل قوانين خاصة بذلك، وكذلك منع استخدام المبيدات الحشرية.
- الحفاظ على مناطق لجوء السلاحف البحرية في الشواطئ من امتداد العمران إليها، حتى تتوفر البيئة المناسبة لوضع البيض وإنتاج صغار السلاحف كمحاولة لمقاومة خطر الانقراض الذي يتهددها.
- إنشاء محميات طبيعية تختص بالكائنات التي على وشك الانقراض عموماً والسلاحف البحرية بشكل أخص. مع
- توفير كافة الظروف الملائمة لحياتها ودرجة الحرارة التي تناسبها والاهتمام بالرعاية الصحية والطبية الدورية.
- توعية الصيادون بخطورة الصيد الجائر والغير مقنن على البيئة والحيوانات البحرية، وتمكينهم من استخدام آليات حديثة لمعرفة أماكن تمركز أنواع البحريات التي يحتاجون لصيدها فقط. مع التدريب الجيد على كيفية التعامل إذا تم صيد كائن بحري آخر بالخطأ.
أضف تعليق