تسعة بيئة
السحب السوداء
بيئة » الهواء » السحب السوداء : تأثيراتها الضارة على البيئة

السحب السوداء : تأثيراتها الضارة على البيئة

تعد مشكلة السحب السوداء واحدة من أكبر المشكلات البيئية التي تواجه عددًا من العواصم والمدن الكبرى، في هذه السطور نسلط الضوء على مشكلة السحب السوداء .

إن تلوث الهواء أو تكوين السحب السوداء من القضايا التي أصبحت تقلق الإنسان في جميع المجتمعات لاسيما وأن الهواء يعتبر احتياجاً ضرورياً لحياة الإنسان مثل الماء، بل يعد أمراً ملحاً أكثر من الماء على ضروريته في الحياة لما له من أُثر كبير في المحافظة على البيئة ولم من المؤسف أن الهواء لم يعد بذلك النقاء الذي كان عليه في سبق، منذ أن خلق الله الكون بعد أن عبثت فيه يد الإنسان المهملة والغير مهتمة بسبب الممارسات الخاطئة والتي أضحت اليوم عادة طبيعية دون الاكتراث بأي شيء، مما أدي إلى اختلال التوازن واهتزاز النظام البيئي الدقيق، وتلوث الهواء الذي نستنشقه حيث كان الإنسان هو السبب، فكانت المدن الصناعية ومحطات توليد الطاقة والمواصلات البرية والبحرية والجوية والاستعمالات المنزلية، هذه المصادر تبث بشكل يومي آلاف الأطنان من الملوثات المختلفة نحو الهواء بدون ضابط أو مانع وعليه فإن الغلاف الجوي أصبح معبئ أو مكب نفايات غازية دون الانتباه لما سيحدث بعد ذلك حيث أن الإنسان هو الذي يتنفس هذا الهواء الملوث وهو نفسه الذي السبب المباشر والرئيس لهذه المشكلة، وهو الذي تحمل مسئوليتها وتلقى آثارها سلباً على صحته وأقرب مثال تلك الحادثة في مدينة لندن في عام 1952م حيث اختطت تلك الملوثات الهوائية مع الضباب فتكون ما يسمى بالضباب الدخاني مما أدى إلى تكوين سحابة سوداء اللون فوق لندن امتدت حتى 5 أيام متواصلة مما تسبب في اختناق حتى الموت ل4000 شخص على أقل تقدير.

ما الأسباب المؤدية إلى ظاهرة السحب السوداء ؟

تلوث الهواء

عرف علماء البيئة تلوث الهواء بأنه الحالة التي يكون الجو فيها خارج أماكن العمل محتويا على مواد بتركيزات سامة وضارة بالإنسان أو بمكونات البيئة وبناء عليه يمكن القول بأن تلوث الهواء يعني احتواءه على ملوثات عديدة ملوثات بكميات مكثفة ولفترة زمنية قد يكون لها تأثير على صحة النبات والحيوان والإنسان وصولاً إلى البيئة التي يعيش الإنسان فيها ويمكن اعتبار الهواء ملوثاً في حال حدوث تغيير لتركيباته نسبة لأي سبب، وإذا ما اختلطت به بعض الشوائب أو الغازات الأخرى بمقدار بسيط سوف يؤدي إلى الإضرار بالحياة.

الحرائق

كثير ما تتعرض مناطق الغابات وأراضي الحشائش في بعض أيام الصيف الحارة والجافة إلى حرائق تقضي على آلاف الأشجار والشجيرات، وعلى مساحات كبيرة من الأراضي، وهي بذلك تطلق الدخان إلى الجو على شكل سحب سوداء كثيفة، قد تصل إلى طبقات الجو العليا مما ينتج عن هذه الحرائق إنتاج الكميات الهائلة من الغازات الضارة كثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون بالإضافة لجزيئات رمادية دقيقة جداً حيث أنها تنطلق للجو مؤدية إلى تلوث الهواء والغيوم بشكل كبير وواضح وتشبعها واحتوائها على المواد السوداء وتغير لونها.

ولعل من أشهر الحرائق في العصر الحديث ما شهدته غابات سيبيريا في الماضي من شهر أبريل في سنة 1987م، والذي استمر مدة تزيد على خمسة عشر يوماً، حيث قضى على مساحات شاسعة من الغابات تقدر ب 35000 هكتار وبعث إلى الهواء من ملوثات تقدر بحوالي آلاف الأطنان من مجموع الملوثات وتحول السحب إلى اللون الأسود.

البراكين

تعتبر البراكين مصدراً طبيعياً للسحب السوداء أثناء ثورانها، حيث تنطلق منها غازات ومواد صلبة إلى الجو، ويمكن لهذه المواد الصلبة والغازات أن ترتفع إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى طبقة أعلى طبقات الجو العليا وعليه فأنها تمثل إحدى المسببات الطبيعية الرئيسة في تلوث البيئة والغيوم بشكل عام وذلك بسبب المواد البركانية بالتي تبقى عالقة في الجو لفترة طويلة من الزمن حيث تعتبر هذه الفترة كافية تماما حتى تنتقل الملوثات وتكون منتشرة في مساحة كبيرة من كوكب الأرض بواسطة الرياح وبالتالي التأثير على الغيوم وتشبعها بالأكاسيد الضارة وغالبا ما يكون لها كبير الأثر على عناصر المناخ كما أن الحمم البركانية تحتوي على نسبة عالية من الكبريت المنصهر ويحتوي بعضها على الغازات مثل غاز كبريتيد الهيدروجين وغاز ثاني أكسيد الكبريت وقد تحتوي على غاز كلوريد الهيدروجين وهذه الغازات حمضية التأثير وتؤثر على طبقات الغيوم وبالتالي تعتبر شديدة الإضرار بمكونات البيئة عند ذوبانها في أمطار السحب السوداء التي تسبب التلوث في المجاري بل وتزيد من درجة الحموضة داخلها وعليه فأنها ترفع من درجة حموضة التربة وتدمر ما بها من محاصيل وكائنات حية.

المصادر البشرية لتلوث الهواء

تعتبر استعمالات الإنسان المختلفة من خلال أنشطته في البيئة التي يعيش فيها من المصادر الأولية المؤدية لتلوث الهواء، ويمكن إجمال هذه الاستخدامات في المجال العسكري والصناعي وحتى المنزلي في الحياة اليومية، حيث أن الإنسان يبذل كل الجهد من أجل إشباع رغباته من كل ما هو جديد دون الاكتراث منبهرا بالوسائل التكنولوجية الحديثة فأسرف باستغلالها غير آبه بالنتائج التي تسببها حيث انعكس بالسلب على نظام الحياة الخاصة به، بل أن الإنسان كان المتضرر الأكبر بسبب التلوث الذي أحدثه بنفسه. أما أهم المصادر البشرية لتلوث الهواء فهي كما يلي:

وسائط النقل

حيث تشكل وسائط النقل المختلفة البرية والجوية والبحرية مصدرا رئيسي في مجال تلوث الهواء والعمل على تكون السحب السوداء، أما الوسائط البرية فهي الأهم لزيادة أعدادها وأنواعها وبسبب ما تقذفه من مخلفات احتراق الوقود في داخلها مما يترك الأثر السلبي على الإنسان وجميع الكائنات الحية، وبالتحديد إذا كان في علمنا أن المصدر في هذه الحالة هو تزايد مستمر نتيجة للزيادة المطردة في أعداد المركبات وانتشارها في سائر أنحاء العالم موزعة بين المدن الكبيرة والصغيرة بل يمكن تواجدها في الأرياف والمناطق النائية.

الصناعة

حيث تلعب الصناعة دور مهم ورئيس في تلوث الهواء والغيوم بالإضافة إلى الغازات الملوثة الناتجة عن احتراق الوقود اللازم للصناعة بحيث تطلق الصناعات المختلفة العديد من الملوثات في الهواء فحجم المنشأة الصناعية كلها تساهم بنوع وحجم التلوث الصادر عن تلك المنشأة حيث ينتج عن إجراءات عمليات الصناعة الكثير من كميات الكبريت وأكاسيد النيتروجين والكبريت وأول وثاني أكسيد الكربون والمواد الأخرى الهيدروكربونية، والمواد العالقة وهذا بالإضافة إلى ما تطلقه الصناعة من ملوثات تعتبر نادرة لكن بعضها يحتمل السمية وتؤثر في الهواء والغلاف الجوي.

كل هذه الأسباب والعوامل تؤثر في تشكيل السحب السوداء والتي يمكن اعتباره كظاهرة نلاحظها في المدن الكبرى والمدن الصناعية ذات الاكتظاظ السكاني الكبير بشكل مرعب ولها التأثير السلبي على الطبيعة ومناحي الحياة حيث تعتبر السحب السوداء ذات تأثير كبير على البيئة ومكونات الحياة حيث تمتلئ هذه السحب السوداء بالأمطار المشبعة بالأكاسيد والغازات الضارة والتي تهطل على شكل أمطار حمضية تعمل على موت الكائنات الحية الدقيقة وإجهاد التربة والتأثير على الجهاز التنفسي للإنسان السرطان الجلد.

ولذلك كان ولابد من الاهتمام في تطوير البيئة والعناية بها بدلا من الممارسات الخاطئة والتي لا حصر لها للإنسان بسبب اللامبالاة والشجع، ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من الدول تدعم الطاقة البديلة أو الخضراء التي لا تساهم في زيادة المشكلة، كما أن العمل على تطوير الصناعة وتنمية ثروات يجب أن يكون في إطار تنمية مستدامة تراعي البيئة بشكل أساسي حتى لا تفقد مقومات الحياة وتجعل من هذا الكوكب كابوس لا يمكن التعايش معه.

محمد حماد

مهندس حاسوب، أعمل في مجال الشبكات والبرمجة، لدي خبرة في مجال الكتابة لدى العديد من الصحف والمجلات الإلكترونية، منفتح على جميع الثقافات، أهوى السفر والمطالعة ولعب الشطرنج.

أضف تعليق

11 − 1 =