“إنها تظهر بكل العالم كيف لا نرى واحد منها في الشرق الأوسط؟!” هذا لسان حال كثيرا من المتسائلين فيما يتعلق بحفريات الديناصورات العملاقة في الشرق الأوسط، كان ظهور الديناصورات العملاقة المبهر للجميع من خلال السينما في الفيلم الشهير الحديقة الجوراسية (Jurassic Park) حدثا جلل في تسعينات القرن الماضي، فمع تقنيات الجرافيك العالية وضخامة الإنتاج حقق الفيلم مبيعات كبيرة تعدت الملايين، لكن في الواقع قد يكون الأمر أكثر إثارة لمشاهدة ديناصور حقيقي. بداية قبل الخوض في حديثنا عن الديناصورات العملاقة، علينا التقديم جيدا لماهية الديناصورات، فالديناصورات هي حيوانات عملاقة تتراوح أحجامها من بضع سنتيمترات إلى أحجام كبيرة كما هو الحال في الديناصورات العملاقة التي تزداد في الطول أحيانا لتصل إلى 10 أمتار أو أكثر، بدأت رحلة الديناصورات في الحياة منذ ما يقرب من 243 مليون سنة واستمرت دورة حياتها منذ العصر الثلاثي وحتى نهاية العصر الطباشيري. وترجع الأصول البيولوجية التطورية للديناصورات لفصيلة الزواحف التي تطورت لتعطي ذلك التنوع الكبير في الشكل والحجم الذي نرى عليه أحافيرها اليوم. أظهرت الكثير من الأدلة الحفرية مؤخرا الأصل التطوري للطيور والذي تم إرجاعه للديناصورات الطائرة المجنحة مثل الديناصور المشهور أركيوبتريكس. لذا فأن وجود الديناصورات على وجه الكوكب لم يكن حدثا عابرا، بل انعكس على الكثير بداية من الجيولوجية وصولا للبيولوجيا والتاريخ، هل ما زلتم مستعدون لمعرفة المزيد عن الديناصورات العملاقة ، أربطوا الأحزمة إذا واستعدوا للتحليق في عالم الديناصورات.
محتويات
بداية عصور الديناصورات العملاقة
ظهرت الديناصورات العملاقة لأول مرة في العصر الثلاثي (Triassic) مما يقارب 234 مليون سنة طبقا للعمود الزمني الجيولوجي، لما يقارب 160 مليون سنة عاشت الديناصورات على وجه الأرض حتى وقت الانقراض الكبير فيما يعرف بالعصر الطباشيري؛ مما يقارب 65 مليون سنة. قصة الديناصورات العملاقة قصة كبيرة عبر تاريخ الأرض فحسب علم الحفريات يعتقد بداية وجود الديناصورات بدأت على القارة العملاقة بانجيا (Pangaea)، ففي الماضي لم يكن العالم بالشكل الجغرافي الذي نعرفه اليوم، القارات السبع التي تظهر متفرقة اليوم تفصل بينها المحيطات السحيقة كانت ملتصقة ببعضها البعض لملايين السنين، بدأ تطور ووجود الديناصورات في الوقت التي كانت جميع القارات متحدة في كتلة يابسة واحدة، لكن مع نهاية العصر الثلاثي حدثت العديد من الزلازل والحركات الأرضية العنيفة بالكتلة اليابسة مما سبب سلاسل من البراكين الثائرة في مختلف أنحاء اليابسة والتي بدأت تنمو في مناطق الضعف باليابسة مكونة الشكل الجغرافي المعروف اليوم للقارات. قد يكون الأمر عجيبا بالنسبة للبعض أن يتخيل شكل القارة العظمى التي كانت تضم جميع القارات المعروفة اليوم، أو حتى تخيل شكل الحياة بها بالنسبة لكائنات ذلك العصر، ولكن لنزيدكم من الشعر بيت فأن القطب الجنوبي في ذلك الوقت لم يكن موجودا ولم تكن الثلوج مجودة من أساسه على وجه الكرة الأرضية، تميزت تلك الفترة من عمر الأرض بارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة وكذلك تصحر مساحات كبيرة من اليابسة، هذا ساعد الديناصورات العملاقة كثيرا باعتبارها أحد الزواحف التي ساعدتها الحرارة على التطور سريعا والتكيف مع البيئة، نتيجة لضيق مسامات الجلد لديها وتأقلمها السريع مع الحرارة.
الديناصورات العملاقة في الشرق الأوسط
كانت الأرض عبارة عن قارة واحدة كما ذكرنا إلى نهاية العصر الثلاثي، لاحقا بدأت الكتلة اليابسة من الأرض بالانحلال حول محاور الضعف التكتونية في التربة التي سببتها الزلازل والبراكين مكونة كتلتين صخريتين ضخمتين أو يمكننا أن طلق عليهم قارتين، لوراسيا (Laurasia) في الشمال وتضم آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وغندوانا (Gondwana) في الجنوب وتضم شبه القارة الهندية وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا وأنتاركتيكا، هذا الانقسام لم يحدث بين ليلة وضحاها بالطبع برغم حركات الزلازل والظروف التكتونية القاسية لكن الأمر استغرق ملايين السنين، في ذلك الوقت كانت الديناصورات أكبر الكائنات المسيطرة على التربة الأرضية من حيث الكتلة الحيوية والحجم، وبرغم انفصال القارتين العظمتين عن بعضهما البعض ألا أن هناك أدلة جيولوجية أثبتت أن هناك كان طريق بري يربط بينهم حتى بعد الانفصال، وهذا يدلل أيضا أن الديناصورات استمرت في التنقل كثيرا طوال فترة وجودها على الأرض.
بالنسبة للشرق الأوسط فالمعلومات المنتشرة حول انحصار الحفريات في أمريكا الشمالية وأوروبا غير صحيحة، فبرغم انتشار حفريات الديناصورات في أمريكا بشكل كبير ألا أن الشرق الأوسط يحظى بالكثير من الأدلة كذلك:
الديناصورات العملاقة في مصر: انتشر في بداية العام الحالي الكثير من الأخبار حول اكتشاف أحافير ديناصور مصري يسمى (منصوراسورس) نسبة للباحثين المكتشفين له من جامعة المنصورة، إذا كنت ممن تفاجئوا كثيرا بذلك الخبر لا داعي لذلك فالحفريات المكتشفة لمنصوراسورس ليست الأولى من نوعها في مصر، هناك العديد من المناطق الجيولوجية التي تم اكتشاف أحافير ديناصورات بها في مصر، جاءت معظم الاكتشافات الحفرية في مصر على يد العالم الألماني ارنست استرومر، وفي بدايات القرن الماضي مما يزيد على 100 عام كان الاكتشاف الحفري الأول الذي يثبت وجود ديناصورات بمصر؛ الاسبينوسوراس 1915، ويعد الاسبينوسوراس من أضخم أنواع الديناصورات المفترسة حيث كان يصل طوله لما يقارب 18 متر وما يقترب من 20 طن في الوزن أحيانا. وبما أن الاسبينوسوراس من الأنواع المفترسة فاعتماده الأساسي في الغذاء كان على الأسماك إضافة للحيوانات التي على اليابسة، فذلك النوع كان مثل الزواحف التي تعيش بالماء واليابسة مثل التمساح، أما عن شكله فكان يتميز بشكله المريب وعظام ظهره البارزة للأعلى والأسفل. أما عن منصوراسورس فأنه يعتبر أخر الاكتشافات الحفرية التي تدل على وجود الديناصورات العملاقة في مصر، وما بين الاسبينوسوراس ومنصوراورس وجد كثيرا من حفريات الديناصورات؛ فديناصورات مثل ايجبتاسوراس (Aegyptosaurus)، وبحرياسوراس (Bahariasaurus)، وبارليتيان (Paralititan) عاشوا في مصر قبل وجود الإنسان بملايين السنين.
الديناصورات العملاقة في شبه الجزيرة العربية: شبه الجزيرة العربية حظيت أيضا بالديناصورات على أرضها يوما ما، ولكن الحفريات التي تدل على وجود ديناصورات عملاقة تعتبر قليلة شيء ما، وهذا قد يكون لاحتمالين؛ أما أن المنطقة لم تكن حاضنة بشكل كبير للديناصورات، وقد يرجع ذلك لأن البيئة التي شاهدتها الجزيرة العربية خلال عصور الديناصورات لم تكن الأفضل بالنسبة للديناصورات، وعلى الجانب الأخر هناك احتمال مرجح وبديهي لاختفاء الحفريات بسبب الظروف الجيومناخية في المنطقة خصوصا مع انتشار المياه الجوفية وازدياد احتمالية تجريف أي رواسب في مجاري الأنهار أو السيول، كذلك نوعية الصخور النارية الصلبة المتواجدة في منطقة شبه جزيرة العرب، والتي تعتبر سيئة للغاية لحفظ حفريات حيوانات ماتت من ملايين السنين.
على المستوى الجيولوجي حتى نهاية عصر الديناصورات لم يكن ما يسمى بالبحر الأحمر، كانت اليابسة الأفريقية ملتصقة بيابسة شبه الجزيرة مباشرة، والذي سهل كثيرا بدوره المرور من وإلى شبه الجزيرة العربية بالنسبة للديناصورات. احتوت المملكة العربية السعودية على سبيل المثال على ديناصورات ذوات قواطع حادة آكلة للحوم وأخرى آكلة للنباتات، ويعد الاكتشاف الأول من نوعه للديناصورات بالسعودية يرجع لنهايات العام 2013، حيث كان الموعد مع اكتشاف أول حفرية ديناصور في المملكة في منطقة تبوك، حيث عثر على آثار حفريات ديناصور في أحد التكوينات الجيولوجية الصخرية بتبوك. إلى الجنوب في اليمن تم العثور على آثار أقدام محفورة في الصخور الرسوبية الموجودة على أحد الشواطئ الوديان القديمة، آثار الأقدام حسب علماء جيولوجيا الأحياء القديمة أظهرت أن الآثار كانت لقطيع من 11 ديناصور عملاق كانوا يعبرون المنطقة التي كان من الواضح أنها رطبة للغاية، الديناصورات كانت من نوع السوروبود (sauropods) أكبر الحيوانات العملاقة التي وجدت يوما على وجه الأرض. باقي الاكتشافات الحفرية الخاصة بالديناصورات في شبه الجزيرة محدودة شيء ما وتقتصر في أوقات كثيرة على أسنان وبقايا عظام صغيرة يعثر عليها من حين لآخر ويرجع ذلك للطبيعة الصخرية الصعبة للمنطقة العربية.
الديناصورات العملاقة في شمال أفريقيا: نصيب شمال أفريقيا غزير من حيث المستحاثات الأحفورية الخاصة بالديناصورات، فمن مصر وصولا إلى المغرب كانت المنطقة تحوي فيما مضى الكثير من الديناصورات، بعضها كان منتشر بطول الساحل الشمالي للقارة الأفريقية والبعض الأخر كان يتركز في مناطق معينة دون غيرها. على سبيل المثال كان الديناصور باريونيكس (Baryonyx) والذي يتحضر من العائلة الحيوانية اسبينوسوراس أحد أكثر الديناصورات التي حظيت بانتشار جغرافي واسع بداية من دول شمال أفريقيا المواجهة للساحل وحتى جنوب أوروبا تجاه إسبانيا ووصولا للملكة المتحدة، يرجع الانتشار الجغرافي الكبير الذي حظي به الاسبينوسوراس نتيجة للفترة الكبيرة نسبيا التي عاشها من أواسط العصر الجوراسي لما يقارب نهاية العصر الطباشيري، تميزت عائلة الاسبينوسوراس بشكلها العدائي المعروف للديناصورات اللاحمة، كان جميعهم يملكون الجمجمة الطويلة التي تشبه التماسيح، بالإضافة إلى الأسنان والقواطع الحادة.
بخلاف الاسبينوسوراس وجد نوع آخر من الديناصورات المفترسة وهو الأطلسوراس لكن تلك المرة لم يعثر لمستحاثات حفرية إلا في المغرب، ويتضح أن نشاط ذلك الديناصور المفترس كان محدودا في منطقة جبال أطلس على الساحل المغربي ومنها أخذ أسمه، تميز أطلسوراس بمميزات هامة من حيث كونه حيوان مفترس فبجانب الاتزان الذي تدعمه استخدام أطرافه الأربعة فامتلاكه رقبة طويلة نسبيا كانت ميزة افتراسية هامة. حظيت المغرب أيضا بديناصور يسمى الشينانيسوراس (Chenanisaurus) وكان من أنواع الديناصورات المفترسة التي تستخدم الأطراف الخلفية فقط والتي تعطي ميزة الحركة السريعة. بخلاف تلك الأنواع المشهورة يمكننا العثور أيضا على حفريات البريروسورس (Berberosaurus) وأخر الأنواع المكتشفة كان الديناصور الأحدث الذي عثر عليه في الجزائر في عام 2005 ويسمى بالشابسوراس (Chebsaurus).
ما هو علم التطور وما علاقة الديناصورات العملاقة به؟
التطور البيولوجي ونظرية دارون في التطور والانتخاب الطبيعي من أكثر النظريات العلمية التي تم التشكيك فيها، خاصة في العقدين الأخيرين بمجرد البحث عن الأمر على جوجل ستجد الكثير من المناظرات والتشكيك والرد والرد المعاكس. بعيد عن الجانب الثقافي الفكري للنظرية، فأن التطور بمفهومه البيولوجي هو التغير الناشئ في الصفات الوراثية الموجودة خلال الأجيال المتعاقبة في النوع البيولوجي الواحد، هذه الصفات تعبر بالأساس عن جين ما معين يمر من الآباء للأبناء عن طريق عملية التزاوج ومن ثم الولادة. قد تنتج بعض الصفات الغير مألوفة أو المتوقعة في الأبناء وينتج هذا من الطفرات الجينية التي تحدث في الأجيال المتعاقبة، جوهر التطور يكون بالتطورات الجينية التي تحدث في الأبناء عن طريق ما يسمى بالانتخاب الطبيعي والذي يظهر الصفات الأفضل في بعض المواليد ويجعلها أكثر مقاومة للحياة وكذلك للبيئة المحيطة، ومن اهم عوامل التطورات الجينية هنا هي الطفرات التي تحدث في بعض الأنواع وتوهبها صفات وامتيازات تساعدها على الحصول على الغذاء والتكيف مع البيئة بشكل أكثر ملائمة عن الأجيال السابقة.
الديناصورات هنا خير مثال على التطور البيولوجي، فحسب تاريخها التطوري يرجع نشأة الديناصورات لما يسمى الأركوسوراس (Archosaurs)، وهي كائنات قديمة كانت زواحف تطورت ليصبح لها أجنحة للطيران، وفي الأخير تطورت لتصير الديناصورات؛ من هنا يمكننا اعتبار الطيور القديمة المنقرضة الجد التطوري للديناصورات وكذلك الطيور الحالية هي أحفاد بيولوجية للديناصورات، التطور استمر خلال دورة حياة الديناصورات الكبيرة في الثلاث عصور الوسطى فبداية من الأشكال البسيطة الصغيرة في الحجم في بدايات العصر الثلاثي حتى الوصول لأحجام الديناصورات العملاقة فيما بعد. التطور يظهر بوضوح على الديناصورات من حيث التكيف مع البيئة وطبيعة التغذية والحجم، فالديناصورات المفترسة عادة ما تعتمد على الأطراف الخلفية للحركة مع جمجمة ضخمة مكتظة بالعظام والقواطع الحادة، الطبيعة الجسدية للديناصورات المفترسة ساعدتها على مناورة الفريسة واستخدام السرعة في الانقضاض عليها. على الجانب الأخر نجد عدد كبير من الديناصورات الآكلة للنباتات تمتلك جمجمة أصغر نسبيا وقواطع ليست بنفس الجودة التي تملكها الأنواع المفترسة، وتتميز بالرقبة الطويلة التي تشبه الزرافة والتي تمكنها من الوصول للأشجار العليا للحصول على الغذاء.
كيف انتهى أمر الديناصورات العملاقة ؟
من أخبركم بأن الديناصورات العملاقة انقرضت جميعها حقا؟! إذا أردت رؤية أنواع متطورة من الديناصورات العملاقة القديمة حية حتى اليوم عليك بفتح نافذتك في الصباح والنظر إلى أحد الطيور التي تصيح بالخارج، وليكن الوصف دقيق في أمر الانقراض فجميع الديناصورات الأرضية الغير طائرة اندثرت بالطبع كما هو المعروف واندثر معها بعض الأنواع الطائرة أيضا، لكن ما بقى من الديناصورات الطائرة حاول التأقلم مع البيئة لاحقا ومنها انتجت الأشكال المتعددة للطيور المعروفة اليوم. لكن ماذا حدث للديناصورات جعلها تختفي دفعة واحدة من على وجه الأرض؟ حسنا ما يتفق عليه جميع علماء الأحياء القديمة والحفريات هو ما يعرف باسم الانقراض الجماعي العظيم، وهو في تعريفه حدث مفاجئ وسريع حدث في مدة زمنية قليلة نسبيا سبب خلل في الانتشار البيولوجي للحيوانات على وجه الأرض وقضى على فصائل وأنواع بيولوجية بكاملها وانتجت أنواع أخرى من بعده. حادث انقراض الديناصورات لم تكن الأولى في التاريخ الطبيعي، فقد حدث قبلها عدة أحداث انقراض وبعدها أيضا على مدار التاريخ الجيولوجي، منها الانقراض الجماعي الذي تم مع بداية العصر الكامبري وبه تم القضاء على معظم أشكال الحياة التي تعتمد على التخمر ويقتلها وجود الأكسجين، بدلا منها وجد ما يعرف بالحياة الحقيقية أو الكائنات التي تعتمد على الأكسجين بشكل أساسي لمواصلة الحياة ومن تلك الأنواع تطورت أشكال الحياة وتنوعت حتى وصلت للشكل الذي نراه اليوم. أما عن السبب الرئيسي للانقراض، فلم يتفق عليه العلماء بشكل واضح، لكن يمكننا حصر الأمر في فرضيتان مهمتان:
فرضية اصطدام الأرض
تعتمد فرضية الصدم في إثباتها على افتراض أن السبب الرئيسي لانقراض الديناصورات العملاقة في نهاية العصر الطباشيري (Cretaceous) كان نتيجة أجسام فضائية ومذنبات هبطت لسطح الكرة الأرضية باصطدام عنيف منذ ما يقرب من 66 مليون سنة، استدل العلماء الذين تبنوا تلك الفرضية بارتفاع نسبة عنصر الايريديوم (iridium) بشكل مفاجئ في الطبقات المصاحبة لأحافير الديناصورات، الدليل الأقوى لتلك الفرضية يتمثل في الاستدلال على اصطدام مذنب ضخم بالأرض في منطقة المكسيك قبل الانفصال القاري الموجود اليوم؛ يتراوح عرض ذلك المذنب من 5 إلى 15 كيلومتر. داخل تلك الفرضية نفسها يختلف العلماء عن ما أحدثه المذنب من تأثير البعض يعتقد أن الحرارة الشديدة لذلك المذنب المحترق سبب موجة حرارة كبيرة اجتاحت الكوكب وقتلت الكثير من الحيوانات في طريقها، البعض الأخر يعتقد أن الاصطدام الذي سببه المذنب آثر بشكل مباشر على الغلاف الجوي للأرض مما أدى إلى تسرب أشعة الشمس الضارة مما أثر على أشكال الحياة على الأرض، ولذلك نجد أن هناك اختلاف أيضا بين الفترة التي استغرقتها الديناصورات للاندثار، البعض يعتقد أنها لم تتجاوز بضع ساعات والأخر يعتقد أن الأمر استغرق سنوات حتى تماما الانقراض.
فرضية سلاسل البراكين المتعددة
بجانب الاصطدام العنيف من قبل المذنب، يعتقد الكثير من العلماء أن الانقراض حدث تدريجيا عن سلسلة من الانفجارات البركانية، لكن كيف ذلك؟! تلك الفرضية تقول بأن الانقراض حصل تدريجيا على مدار أعوام عديدة، ويستدل على تلك الفرضية بمرتفعات ديكان الصخرية في الهند (Deccan Traps) التي يفترض أنها تكونت عن طريق ما يعرف بالفيضان البركاني الذي نشأ نتيجة لسلسلة انفجار البراكين التي حدثت منذ ما يقرب من 68 مليون سنة واستمرت لمليوني عام، مما أثر على النشاط الحيوي للديناصورات وأدى إلى انقراضها.
في الأخير وبعد كل ما ذكرناه عن الديناصورات العملاقة في الشرق الأوسط وتاريخها، لكن كيف آثرت حقا تلك الديناصورات على الأرض وعلى البشرية اليوم؟ للديناصورات أثر لا يمكن إنكار وجوده على العلوم الطبيعية، فبداية المستحاثات التي تم العثور عليها في الطبقات الصخرية في الأرض أخبرت العلماء الكثير عن ماضينا وعن الأحداث الهائلة التي حدثت على ظهر هذا الكوكب، إضافة للبيانات الجيولوجية تلك أضاف لغز اندثار الديناصورات من الكوكب معلومات هامة عن الاندثارات الكبرى التي حدثت للأنواع الحيوانية المختلفة على سطح الكوكب، وكان الأمر في حالة الديناصورات أكثر وضوحا عن حالات الانقراض المفاجئ السابقة، نظرا لانتشار الأدلة بكثرة وحفظها الجيد مما أعطى خصوصية كبيرة لوجود الديناصورات على الأرض. لا يقتصر دور الديناصورات على ذلك فالديناصورات تنذرنا بخطورة تصرفنا في استهلاك موارد كوكبنا بشكل سيء وترك المخلفات والغازات الضارة تفسد الغلاف الجوي، أيا ما كان ما أنهى حياة الديناصورات فقد تسبب بشكل مباشر في التأثير على الغلاف الجوي الخاص بالأرض وقتها، وهذا ما يجعل العلماء حاليا في سباق محموم للوصول لحسم الجدل بين النظريتين ومعرفة ما حدث لغلافنا الجوي تفصيلا.
الكاتب: باسل قطب
أضف تعليق