لا شك طبعًا أن الاستهلاك المفرط للمواد والطاقات الموجودة حولنا واحدة من الأخطار الكُبرى التي تواجه البشر وتواجه البيئة بشكل عام، فقد خلق الله الأشياء لنستخدمها بلا شك، لكن هذا الاستخدام لا يكون بشكل عشوائي دون قيود أو شروط أو حدود، وإلا فإنه لا يُصبح استهلاك عادل، وإنما ظالم بكل شكل من أشكال الظلم، أيضًا ثمة بعض المواد المُعرض للنفاد إذا تم استخدامها بشكل مفرط، وهو أمر يجر الخطر الكبير في ذيله بالطبع، ناهيكم عن المواد الضارة أساسًا والتي نستخدمها نحن البشر بصورة جنونية على الرغم من علمنا في بعض الأحيان بخطورتها، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نقترب أكثر من فكرة الاستهلاك المفرط ونعرف ماهيته وخطره وكيفية تحوله إلى وبال شديد على البيئة، والأهم من ذلك أننا سنتناول أشهر وأبرز النماذج على هذا الاستهلاك، فهل أنتم مستعدون للقيام بذلك الآن؟ حسنًا لنُبحر في عالم البيئة.
الاستهلاك المفرط
بشكل عام يُقصد بمصطلح الاستهلاك المفرط استخدام المادة أو الشيء بصورة تزيد عن المعدل الطبيعي المُعتاد، فعندما تقوم باستخدام شيء ما فأنت تضع في حسبانك أنه قد يكون قابلًا للنفاذ، وخصوصًا إذا كان غير متجدد، وبالتالي تتجنب الاستهلاك المفرط أو الزائد عن الحد، لكن إذا حدث وقمت بعملية الاستهلاك هذه فإنك وبكل أسف تكون قد ارتكبت واحدة من الكوارث الكبرى التي تستحق التوقف عندها وفعل المستحيل من أجل إنقاذها، وربما يكون الشكل الأمثل من الاستهلاك المفرط هو ذلك الذي يطال الماء على وجه التحديد، فكيف يحدث يا تُرى؟
الاستهلاك المفرط للماء
ربما يكون الماء من أكثر الأشياء التي يظهر عليها فكرة الاستهلاك المفرط التي نتحدث عنها في هذا المقال، فالناس يستخدمون الماء بمعدل يومي لا يُمكن الاستغناء عنه بأي شكل من الأشكال، هذا المُعدل يقل ويرتفع من شخص إلى آخر، ثم يقل ويرتفع من بلد إلى أخرى، لكنه في نهاية المطاف يظل استهلاكًا كبيرًا مع الوضع في الاعتبار أننا نعتمد على الأنهار العزبة في الحصول على هذا الماء بالأساس، وبالتالي عندما تنفد تلك الأنهار فإننا سنكون أمام كارثة كبرى، وهي عدم وجود عنصر رئيسي وفارق في الحياة البشرية، والكارثة هنا أن استخدامنا للماء واستهلاكه بإفراط لا يشمل فقط الشرب، فلو كان الأمر سيصل إلى هذا الحد فليست هناك مشكلة منه على الإطلاق، لكن البشر لا يزالون يستخدمون المياه في أغراض التنظيف والأغراض المشابهة التي لا تخدم البيئة وإنما بالعكس تتسبب في إلحاق الضرر بها.
الاستهلاك المفرط للطاقة
مثلما هو الحال مع فكرة الاستهلاك المفرط التي تحدث في الماء فإن الطاقة كذلك تظل من الجوانب المحفوفة بالخطر ويُعتبر استهلاكها المفرط أمر خطير جدًا يُهدد البيئة، فنحن عزيزي القارئ نستخدم أنواع كثيرة جدًا من الطاقة، لكن الأمر الذي ربما لا نُفكر فيه أن تلك الأنواع التي نستخدمها منها ما هو مُتجدد ويُمكن الحصول عليه مرة أخرى من خلال عدة طرق معينة وواضحة ومنها كذلك ما هو ليس متجددًا، ومن هذا المنطلق يُصبح الاستهلاك المفرط وبالًا كبيرًا وشر شديد البأس، فمثل هذه الطاقات الغير مُتجددة عندما تنفد تُسبب مشكلة كبيرة للغاية للحياة البشرية والبيئة التي تتواجد فيها هذه الحياة بشكل عام، وربما تبرير ذلك هو كون مثل هذه الطاقات من الصعب جدًا العثور عليها مجددًا، بل ربما يكون من المستحيل أيضًا، كذلك لا ننسى وجود بعض الطاقات التي تحتاج إلى آلاف السنوات من أجل المرور بمرحلة إعادة التكوين، ببساطة، الأمر مستحيل جدًا، ولذلك فإن الاستهلاك المفرط لمثل هذه النوعية من الطاقة أكبر خطر يُمكن أن يواجه البيئة على الإطلاق.
لماذا يُصبح وبالًا على البيئة؟
الآن بعد أن تعرفنا تقريبًا على كل شيء يتعلق بمصطلح مثل الاستهلاك المفرط وأدركنا كيفية حدوثه في أشياء غاية الأهمية مثل الماء والطاقة فإن السؤال الذي لا يزال في حاجة إلى الإجابة حتى الآن هو السؤال المتعلق بتأثير ذلك الاستهلاك المبالغ فيه وكيفية تحوله إلى شكال من أشكال الوبال على البيئة، وهذا الأمر يحدث لأسباب أهمها فقدان أصول الموارد والطاقات.
فقدان أُسس الطاقات والموارد
من الأشياء الخطيرة التي تجعل الاستهلاك المفرط وبالًا شديدًا على البيئة كون ذلك الاستهلاك يقود إلى فقدان العالم للأسس الخاصة بالموارد والطاقات، وهنا يجب التركيز على كون ما نتحدث عنه هنا الأُسس وليس مجرد كميات من الكل، وهو أمر مقتصر طبعًا على الطاقات غير المتجددة بوجه خاص، فمثل هذه الطاقات عندما يتم استهلاكها بكثرة وإفراط فإنها تنتهي من البيئة حولنا، ثم بعد ذلك لا يُصبح لها أصل يُمكن من خلاله إعادة هذه الطاقة من جديد، بمعنى أدق، نحن نفقد هذه الطاقة بشكل نهائي، وهذه هي الكارثة الكبرى التي لا يُمكن أبدًا اعتبارها مجرد وبال عادي.
فقدان سعة التحمل للكوكب
هناك شيء في غاية الأهمية يجب معرفته، وهو كون هذا الكوكب بالموارد التي يمتلكها بالكاد تكفي لعيش حياتنا بصورة مثالية أو تقترب ربما من المثالية، لكن على الجانب الآخر يأتي الاستهلاك المفرط كي يُقلل من فرص البقاء، أو ببساطة يقتلها، حيث أن الموارد التي كانت تكفي لمئة سنة مثلًا عندما تُستهلك بإفراط فإنها تُصبح مُلائمة لنصف هذا العدد من السنوات، وبالتالي يكون هناك ناقوس الخطر الذي يُهدد بقاء البيئة، والآن، بعد أن فهمتم ذلك السبب، هل لا زال الأمر لا يعدو كونه وبال عادي على البيئة أم أنه كارثة وكارثة كبرى أيضًا.
زيادة الضغط على العناصر الموجودة
طبعًا جميعنا يعرف بأن العناصر الموجودة في البيئة حولنا عناصر تكميلية، بمعنى أن كل عنصر حولنا لا يقوم بنفسه وإنما يحتاج العنصر الآخر، ونحن هنا نتحدث عن المياه والأطعمة ومواد الطاقة وغيرها من الأشياء المشابهة، لكن ما يحدث عند الاستهلاك المفرط أن الضغط يقع على بعض العناصر، وبالتالي لا تحدث العملية البيئية بالشكل الملائم لها، وهو خطر كبير طبعًا لا يقل عن الخطرين السابقين من حيث كونه تهديد للحياة البشرية على وجه التحديد، وبالمناسبة، بعض الطاقات الغير مُتجددة بدأت تنفد بالفعل، كذلك هناك خطر شح المياه المُحدق الذي لم يعد مجرد خطر وإنما كارثة مُحدقة وقريبة للغاية، والآن فقط تخيلوا هذا العالم دون وجود المياه به!
ختامًا عزيزي القارئ، نحن بالتأكيد لا ندعو في السطور الماضية إلى عدم استخدام الطاقة أو المواد الموجودة حولنا بكافة أشكالها، فهو أمر لا يُمكن الهرب منها لحاجتنا الماسة والشديدة لها، لكن فقط نحن نتحدث عن إمكانية جعل الاستهلاك المفرط في مثل هذه المواد غير موجود بالمرة، وبالتالي يُمكن أن ينجح الأمر، يُمكن النجاة من هذا العالم المتوتر.
أضف تعليق