تسعة بيئة
الاحتباس الحراري
بيئة » المناخ » الاحتباس الحراري : كيف ستتحول جنوب أوروبا إلى صحاري بسبب المناخ ؟

الاحتباس الحراري : كيف ستتحول جنوب أوروبا إلى صحاري بسبب المناخ ؟

آثار الاحتباس الحراري لا تُعد ولا تُحصى، وآخر الدراسات تذكر أن الاحتباس الحراري سيتسبب في تحويل مناطق كبيرة من جنوب أوروبا إلى صحاري قاحلة، فكيف ذلك؟

يُعتبر الاحتباس الحراري من أكبر الأخطار التي تواجه أوروبا، وخاصةً الشمال الشرقي منها، فبلاد الجليد التي عُرفت دائمًا بالثلوج أصبحت الآن مُهددة بالتحول إلى صحراء جرداء، وذلك بفعل الحرارة التي ينتجها الاحتباس الحراري هناك، والحقيقة أنه لولا الثقب الذي حدث في الغلاف الجوي لم وُضعت الدول الأوروبية في مأزقٍ كهذا، لكن علينا أن لا ننسى أيضًا أن ثقب الغلاف الجوي هذا كان لعدة أسباب أهمها التلوث الجوي الذي أنتجته المخلفات الصناعية، أي أن الأمر كله يدور في نفس الفلك، وهو أن الدول الأوروبية فعلت ذلك بنفسها، وأنها المسئول الأول عنه، لكن دعونا أولًا في السطور الآتية نستعرض المشكلة من البداية، وهي ماهية الاحتباس الحراري تحديدًا.

الاحتباس الحراري وتبعاته على الأراضي الأوروبية الجنوبية

ما هو الاحتباس الحراري؟

يُعرف الاحتباس الحراري بأنه الارتفاع الشديد والمُفاجئ في درجات الحرارة، وهو أيضًا ارتفاع غير مُبرر، حيث تتزايد درجة الحرارة في مكانٍ ما وتؤدي إلى جدبها، ويُقال أن هذا بالضبط هو ما حدث في الأراضي الصحراوية الموجودة في أفريقيا أو أي مكان في العالم قبل ملايين السنين، حيث كانت مُجرد أرض زراعية أو ثلجية عادية، ثم جاء الاحتباس الحراري وحولها إلى ما هي موجودة عليه الآن، والمعروف أن تلك الظاهرة تسلب الحياة من المنطقة التي تحل بها، والأسوأ من ذلك أنه لا طريقة للوقوف بوجهها وصدها، فهي تأتي هكذا، بلا أية أسباب، وإن كان البعض قد حاول الاجتهاد في إيجاد أسباب منطقية لتلك الظاهرة.

أسباب الاحتباس الحراري

إذا سلَّمنا بأن الاحتباس الحراري ينتج عن تلوث الغلاف الجوي فإننا بحاجة إلى معرفة أسباب ذلك التلوث، وهو يحدث لأسبابٍ طبيعية تتعلق بباقي الظواهر كالزلازل والبراكين والعواصف والحرائق، وأسباب أخرى جناها الإنسان بنفسه، وذلك مثل الملوثات الصناعية التي تنتج عن استخدام المواد الحفرية كالفحم والبترول وغيره من مصادر الطاقة، الهامة بالطبع، إلا أنها تؤدي إلى التلوث، وبالطبع يفتقر الأمر إلى مزيدٍ من التوضيح.

الأسباب الطبيعية

هناك كمية مُحددة من الإشعاع الشمسي تصل إلى الأرض يوميًا، هذه الكمية هي المسئولة عن جعل الثلوج ثلوج والصحاري صحاري، لكن يحدث بسبب البراكين والزلازل والأعاصير والحرائق، وغيرها من الظواهر الطبيعية، خرق في المجال الجوي، وعليه، فإن كمية الإشعاعات التي تصل من الشمس تتغير، وتُصبح إما قليلة عن الحد المطلوب أو زائدة عن الحد المسموح به، وهذا بالضبط ما جعل بعض الأراضي العادية تُصبح صحراوية جدباء كما نراها الآن، وهو أيضًا ما جعل نفس الأراضي العادية هذه تُصبح عبارة عن قطعة من الثلج، وكل هذا كما أسلفنا يتغير بالتغير الإشعاعي وازدياد أو نقصان كميته، أي يُمكن القول تلخيصًا أنه جانب متروك للطبيعة.

الأسباب غير الطبيعية

على الجانب الآخر تؤثر بعض الأسباب الغير طبيعية في زيادة الاحتباس الحراري، وأهمها بالطبع حرق الغابات ومخلفات المصانع الغازية، والتي يكون أهمها ما ينتج عن استخدام المواد الحفرية كالفحم والبترول والغاز، ويمكن القول أن تلك الأسباب هي الأكثر تأثيرًا من الأسباب الطبيعية، فهي تؤدي إلى تكوين وتصعيد غاز ثاني أكسيد الكربون، والذي يقوم بدوره برفع درجات الحرارة، واستجلاب نسبة أكبر من الإشعاع الشمسي، وكما أسلفنا، زيادة نسبة الإشعاع الشمسي تعني زيادة نسبة المناطق الصحراوية في العالم، وربما هذا هو ما استغاثت من أوروبا في السنوات الأخيرة، فمن كان يُصدق أنه سيأتي اليوم الذي تُصبح فيه دولة أوروبية، مثل أسبانيا مثلًا، تمتلك صحراء في أراضيها، لا أحد يصدق بالطبع، لكن ذلك الأمر الذي لا يُمكن تصديقه قد حدث فعلًا.

الاحتباس الحراري في أوروبا

أخيرًا وصل الاحتباس الحراري إلى قارة أوروبا، وهو الأمر الذي كان ينتظره البعض بشغف لإثبات صحة نظرياتهم حول نتائج التلوث الصناعي وعلاقته بزيادة الاحتباس الحراري، وبالرغم من أن الأمر جاء مُباغتًا وغير متوقعا إلا أنه قد جاء، جاء ليؤكد على أن الإنسان هو المتسبب الرئيسي لذلك الاحتباس بما يقترفه في البيئة، والدليل على ذلك أن دول منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي كانت بمأمنٍ عن كل ذلك، أصابها مؤخرًا تبعات الاحتباس، وكان البداية من الشمال، حيث بلاد الأندلس، إسبانيا.

الاحتباس الحراري في إسبانيا

المعروف عن إسبانيا أن بلاد الأقاليم الاستوائية الباردة، فهي تقع في شمال أوروبا ويحدها من الشرق دولة المغرب التي تقل شيئًا عنها فيما يتعلق بالطقس، لكن، مع مرور الوقت، بدأ الجميع في ملاحظة أن بعض المناطق الثلجية هناك أخذت في الانصهار لتصبح مناطق عادية، أما المناطق العادية في الأصل فقد بدأت بدورها في التصحر شيئًا فشيئًا حتى أصبحت صحراء أصلية، وهو الأمر الذي دفع الجميع لسؤالٍ واحد ما زالت إجابته قيد الدراسة حتى الآن، وهو ببساطة كيف حدث ذلك في أسبانيا؟

حدوث الاحتباس الحراري

مع الدراسة والتدقيق تم التوصل إلى أنه خلال القرنين المنصرين بدأت بعض المناطق الباردة في التعرض لزيادة مفاجئة في كمية الإشعاع الشمسي الذي من المفترض أن تحصل عليه، ويرجح أن هذا الارتفاع جاء بمقدار درجتين من وحدة السيليزتين، وهذا يعني أن تلك المناطق، الواقعة ضمن البحر الأبيض المتوسط، والتي تبدأ من إسبانيا في أوروبا وتشمل بعد ذلك بعض دول شمال أفريقيا، سوف تتحول خلال عشرة آلاف سنة فقط إلى صحاري واسعة، وهذه الكارثة قبل أن يتم البت فيها والبحث عن الحلول يجب أولًا معرفة كيفية الحدوث كي لا تحدث ثانية، وهذا يعني أن أصابع الاتهام سوف تبحث عن المتسبب في ذلك لتُرفع في وجهه.

أسباب تصحر إسبانيا

من سوء حظ إسبانيا أنها تقع بجوار أكبر المناطق الصناعية في العالم، وعلى رأسها ألمانيا، لذلك لم تكن بمأمنٍ من الاحتباس الحراري فور حدوثه، خاصةً وأنها لا تملك ما يواجه ذلك من أدوات تعقيم البيئة ومصانع التدخين التي تتواجد في باقي دول أوروبا، وللمفارقة، يُعتقد أن السبب الرئيس لذلك التصحر هو عدم كون أسبانيا دولة صناعية كبرى مثل باقي الدول، وقد يبدو الأمر وكأنه مزحة إلا أنه حقيقة مُطلقة.

في الواقع، إن الهواء المُلوث يُعطى المناعة فعلًا ضد الاحتباس الحراري للدول التي تُفرزه، أما عندما يتجمع في المناطق المحيطة به، مثلما حدث في إسبانيا، فإنه يؤدي إلى الكوارث التي سبق ذكرها من ثقب الغلاف الجوي وزيادة الإشعاع الحراري، وعليه فإن المُتسبب الأول فيما حدث لإسبانيا هو أكبر الدول المحيطة بها، ألمانيا، وهذا الأمر لم تعتبره أسبانيا اتهامًا بقدر ما هو التفسير المنطقي الوحيد، وعليه فإن الاجتماعات التي أقيمت بعد هذا الحدث أخذت تبحث عن حلولٍ أكثر منطقية وقابلية للتنفيذ.

حلول الاحتباس الحراري

هناك الكثير من الحلول للاحتباس الحراري، والتي تبدو في الواقع غير منطقية بالمرة، وإنما قيلت فقط من أجل البرهنة على إمكانية مجابهة تلك الظاهرة، إلا أنه، وللإنصاف، هناك طريقة تُعد أكثر ملائمةً للأمر، وهي زرع المزيد من الأشجار وبالتالي زيادة نسبة الأكسجين، وعليه فإن يُمكن مواجهة الارتفاع المُخيف في نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج عن تلوث الهواء بأدخنة المصانع، وهي طريقة غير مؤكدة النجاح إلا أنها تُعد الحل الأنسب لمواجهة الاحتباس الحراري.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

20 + إحدى عشر =