تواجه الأفيال خطر الانقراض في العصر الحديث بسبب جهل الإنسان بالقيمة العالية التي تمثلها له قديما وحديثا؛ فقد لعبت الأفيال على مر التاريخ دورا مميزا في اقتصاديات الإنسان وثقافته الدينية وذلك بسبب ضخامة حجمها وقوتها الجبارة؛ فمنذ مئات السنين احتلت مكانة عالية لدى العديد من الثقافات في السلم والحرب حيث اعتبرتها بعض الثقافات آلهة، واتخذها بعض الملوك رمزا لهم كدليل على القوة، وفي العصر الحديث استخدمت الأفيال في السيرك والمهرجانات الشعبية، كما يتم الاتجار في أنياب الفيلة لاستخدامها في الصناعات العاجية ذات الربح الباهظ والذي يزداد الطلب عليه باعتباره الذهب الأبيض في الزينة وأنواع الصناعات المختلفة التي يقبل عليها أهل قارتي أفريقيا وآسيا.
تنتشر الأفيال بكثرة في قارتي آسيا وأفريقيا كموطن أساسي لها، وللأسف تواجه الأفيال خطر الانقراض في العصر الحديث حيث قتل منها أكثر من 100000 فيل خلال ثلاث سنوات فقط ومازال الخطر مستمرا إن لم تتكاتف جهود المجتمع الدولي للحد منه والتغلب عليه حفاظا على تلك الثروة القومية العالمية، وفيما يلي أهم التهديدات والأخطار التي تواجهها الأفيال:
خطر انقراض الأفيال
القضاء على الغابات
تحتاج الفيلة –بسبب طبيعتها الضخمة- إلى كمية كبيرة من الحشائش كطعام وغذاء يومي، ولكن يد الإنسان امتدت بالسوء لتقضي على مساحات كبيرة من الغابات الخضراء التي تعتمد عليها الأفيال في تغذيتها؛ وذلك بهدف الزراعة أو استغلال الأخشاب في الغابات وغير ذلك، ولذلك لجأت الفيلة إلى التعدي على مزارع السكان مما نتج عنه الصدام المباشر مع الأهالي؛ فواجهت لذلك الأفيال خطر الانقراض بسبب إطلاق النار عليها.
الصيد غير المشروع
لقد كان للنقص المفاجئ في إمدادات النفط دور كبير في ارتفاع قيمة العاج ليكون أغلى من الذهب، وبالتالي أصبحت تجارة العاج من المخاطر التي تهدد حياة الأفيال بالانقراض، فقد تسابق الصيادون –خصوصا بعد وصول الأوربيين إلى القارة الأفريقية- للحصول على أنياب الفيلة والاتجار بها ليعتمد عليها النحاتون والصناع المهرة في معيشتهم خصوصا بعد ارتفاع سعر العاج، والغريب أن الأفيال خطر الانقراض يهددها بصورة أكبر بسبب استخدام الأسلحة الآلية والمركبات والطائرات في مطاردة وقتل الأفيال واصطيادها.
السياحة والترفيه
من المؤسف أن يتزايد الطلب على استخدام الفيلة في صور متعددة في العروض الترفيهية والجذب السياحي خاصة في الفنادق والمراكز السياحية، والتي يعتمد عليها سكان كثير من البلدان مثل الهند واليابان في آسيا ومعظم دول وسط وجنوب أفريقيا، وهذه السياحة في البلدان النامية تمثل خطرا على حياة الفيلة بسبب نقص التواصل الاجتماعي مع باقي الفيلة أو الإصابة أثناء القيام بالحيل الخطرة، كما يستخدمها البعض كوسيلة للمواصلات والانتقال من مكان لآخر.
التلوث البيئي
تواجه الأفيال خطر الانقراض بسبب تناول النباتات والمياه الملوثة بجثث الكثير من الفيلة التي تم قتلها من قبل البشر؛ مما ينتج عنه تعرض الفيلة للإصابة بالأمراض الخطيرة والموت في النهاية، وجدير بالذكر أن إزالة الغابات تؤدي إلى إصابة الفيلة بالمجاعة والهزال ثم الانقراض لقلة الأعشاب والمياه؛ وبالتالي يفقد عالمنا عددا كبيرا من الحيوانات ذات القيمة العالية في البيئة مما يتسبب في إحداث خلل في التوازن البيئي.
أهم الحلول للحفاظ على الأفيال
الحفاظ على المحميات الطبيعية
بسبب مواجهة الأفيال خطر الانقراض يجب الحفاظ على المحميات الطبيعية التي تعيش فيها، وتوجد العديد من المحميات الوطنية والمتنزهات الطبيعية في قارة أفريقيا ولكن هذه الحدائق والمحميات ليست كبيرة بالدرجة الكافية لحماية تلك الحيوانات، وما زالت تلك المحميات والحدائق تواجه خطرا يهددها من قبل الإنسان الذي تعبث يده لتخريبها والحد من مساحتها لاستصلاحها وزراعتها؛ لذلك يجب التكاتف من المجتمع الدولي لسن قوانين صارمة تحد من العبث بتلك الغابات أو الاعتداء على الأفيال بها، بل يجب وضع إجراءات تلزم السكان المجاورين للغابات بزراعة محاصيل ومزروعات محددة لا تجذب الفيلة؛ حتى لا يحدث الصدام بين الأهالي والفيلة.
السياحة البيئية
من العوامل التي دعت الحكومات الأفريقية خصوصا لاتخاذ إجراءات وتدابير قوية لحماية الفيلة هو الأهمية المتزايدة للتجارة السياحية والقيمة العالية للفيلة في السياحة الأفريقية، فعلى سبيل المثال تحصل كينيا على 50 مليون دولار سنويا من السياح الذين يأتون إليها لمشاهدة الفيلة؛ ولمواجهة الأفيال خطر الانقراض هذا عملت تلك الحكومات على إنشاء المتنزهات الوطنية وجلبت إليها الأفيال حفاظا عليها من الاستنزاف لأنها تمثل ثروة قومية سياحية.
تنظيم تجارة العاج
تشير الدراسات إلى أن أكثر من 20000 فيل قتلوا في عام 2013م وهذا المعدل أعلى بكثير من معدل مواليد الفيلة في العالم، ومن الواضح أن الأفيال خطر الانقراض يهددها بسبب عمليات القتل والصيد من أجل تجارة العاج؛ وقد أكدت الدراسات أن الأفيال قد تتعرض للإبادة خلال العقود المقبلة، ومن هنا وجب الحظر الكامل على تجارة العاج منذ عام 1990م، وقد وضعت الفيلة في الملحق الأول للاتفاقية ، وبالرغم من ذلك إلا أنه ما زالت هناك حكومات لا تدعم الحظر على الاتجار في العاج مثل: زيمبابوي وجنوب أفريقيا وبوتسوانا حيث أنهم يطالبون بتنظيم الاتجار في العاج وليس حظره، ومن هنا وجب وضع قوانين صارمة تنظم مثل تلك العمليات والتجارة الدولية في العاج بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فهل يؤثر هذا الحظر على أنواع التجارة الأخرى؟ وهل ينجح المجتمع الدولي في إيجاد تدابير من شأنها الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض ومن بينها الفيلة؟
العناية بالفيلة في الحدائق
إن الفيلة المأسورة في حدائق الحيوان تحتاج إلى الرعاية والاهتمام من أجل الحفاظ على صحتها وتكاثرها بطريقة سليمة بعيدا عن زواج الأقارب حتى لا تتعرض لخطر التغير الجيني الوراثي، وتواجه الأفيال خطر الانقراض بسبب الإهمال في الحدائق العامة والمتنزهات؛ لذلك وجب اتخاذ تدابير صحية معينة للحفاظ على تناسلها بالطريقة السليمة التي تحفظ توازنها على المدى البعيد.
العودة إلى الغابات
يحصل الكثير من الأهالي على الفيلة واقتنائها واستخدامها في العمل لحمل الأشجار أو السياح داخل الغابات وعمليات نقل البضائع في الطرق غير الممهدة، وبسبب الحد من قطع الأشجار أو منع التعدي على الغابات يفقد الكثير من الأهالي أعمالهم؛ ومن هنا يلجئون للتسول في الشوارع بالأفيال للحصول على المال من الأجانب والسياح؛ لذلك يدعو علماء البيئة إلى إرسال تلك الأفيال إلى الغابة مرة أخرى كما تدعو بعض المؤسسات إلى الإفراج عن تلك الفيلة المستأنسة وإعادتها إلى موطنها الأصلي في الغابات للتناسل والتكاثر.
ولا زالت الأفيال خطر الانقراض يهددها خاصة في أفريقيا وآسيا بسبب الصيد الجائر وغيره من الأسباب التي تم تناولها سابقا، حيث تناقصت أعدادها بنسبة 62% خلال العقد الماضي في منطقة أفريقيا الوسطى؛ ومن هنا وجب التدخل السريع من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية حفاظا على تلك الحيوانات من خطر الانقراض،ولأن الفيلة لها أهمية سياحية واقتصادية كبيرة في العديد من البلدان مثل اليابان والهند في آسيا وكذلك دول جنوب ووسط أفريقيا وجب على الحكومات في تلك الدول اتخاذ العديد من القوانين والتدابير التي من شأنها الحفاظ على تلك الثروة القومية التي إذا انقرضت تدهورت الحالة الاقتصادية بها.
أضف تعليق