تُعد مشكلة ارتفاع منسوب البحار من المشاكل العويصة التي يُبتلى بها العالم كل قرن، فمع التخلص من الأمراض المُميتة مثل الطاعون والجدري، ظهر لنا شيء آخر أكثر خطورة، وهو ارتفاع منسوب البحر الذي يُمكن أن يؤدي ببساطة شديدة إلى إغراق المدن والبلاد كاملة، والحقيقة أن ارتفاع منسوب البحار لا يُعد ظاهرة فُجائية، خرجت إلى العالم بغتة دون سابق إنذار، وإنما يُعد لها منذ وقت طويل وتأخذ في التفاقم منذ آلاف السنين، عمومًا، في السطور القادمة، سوف نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بظاهرة ارتفاع منسوب البحار، وهل تُهدد البيئة وتُشكل خطرًا كبيرًا على من يعيشون بها أم لا.
محتويات
ارتفاع منسوب البحار
يُطلق مُصطلح ارتفاع منسوب البحار على زيادة مُعدل ارتفاع البحر الطبيعي للدرجة التي تجعله يخرج عن إطار ذلك البحر ويتسبب في بعض المشاكل التي أهمها إغراق المدن المجاورة، وهي ظاهرة تُشبه كثيرًا الفيضان في تفاصيلها، إلا أنها تختلف عنه في كونها تأتي بعد تراكم وإعداد مُسبق، وليست فُجائية مُباغتة مثل الفيضان، كما أن الفيضان يُمكن حجبه ببناء السدود، أما ارتفاع منسوب البحار فهو أمر لا يُمكن مواجهته بأي شكلٍ من الأشكال، فبالتأكيد عندما يمتلئ وعاء بشيء ما فليس أمامك سوى أن تُفرغ هذا الوعاء أو تُنقص المقدار الموجود به، وهو حل لا يُمكن تطبيقه مع البحر.
أسباب ارتفاع منسوب البحر
تمر عملية ارتفاع منسوب البحر بعدة حلقات حتى تخرج لنا في النهاية بالسبب الذي يؤدي إلى ذلك الارتفاع، ففي البداية تحدث عملية الاحتباس الحراري، وتلك العملية كما نعرف جميعًا تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة، وعندما ترتفع درجات الحرارة لا يُصبح الجليد الموجود على الأرض بمأمن على الإطلاق.
ارتفاع درجات الحرارة كما أشرنا يؤثر على الجليد الموجود، وخاصةً في مناطق مثل القطب الشمالي، وعندما يذوب الجليد يتحول إلى ماء، هذا الماء يملأ البحر ويؤدي إلى ارتفاع معدل المياه الموجودة فيه، وهذا ما نُسميه نحن بظاهرة ارتفاع منسوب البحر، والتي يكون السبب الرئيسي لها كما هو مُتضح ارتفاع درجات الحرارة.
تطور ارتفاع منسوب البحر
كما ذكرنا من قبل، ظاهرة ارتفاع منسوب البحر ليست جديدة، وإنما فقط جاء ظهورها جديدًا، أو تأثيرها بمعنى أدق، فقد أثبتت الاحصائيات أن ذوبان الجليد وبداية زيادة منسوب البحار بدأ قبل قرون طويلة، فكانت الزيادة تحدث بشكل شبه منتظم وبنسبة لا تقل أو تزداد تقريبًا.
زيادة المنسوب وتطوره كما تُشير الاحصائيات تقول بأنه في كل سنة يُضاف حوالي 2ملم إلى المنسوب الطبيعي، أما إذا أردنا حساب الزيادة بوحدة القرن، فإننا نتحدث عن زيادة تبلغ 20 سم كل قرن، وربما بدأ الأمر في الحدوث قبل مئة قرنٍ حتى ظهر في الآونة الأخير بعدما تجاوز المنسوب مُعدل الأمتار، وفي كل الحالات نحن أمام كارثة حقيقية.
البشر وارتفاع منسوب البحر
لا يمكن أبدًا التغاضي عن مسئولية البشر الكبيرة وتسببهم بشكل أو بآخر في عملية ارتفاع منسوب البحر، فكما ذكرنا، يكون السبب الرئيسي لهذا الارتفاع هو ذوبان الجليد الذي يحدث نتيجة لعملية الاحتباس الحراري، لكن ما قد يغفله البعض هو أن الاحتباس الحراري يحدث نتيجة للممارسات البشرية المختلفة.
الممارسات البشرية التي تؤدي إلى حدوث الاحتباس الحراري تتمثل في الأساس بتوجيه كميات كبيرة من الغازات الضارة باتجاه الغلاف الجوي، تلك الغازات التي ينتج أغلبها نتيجة لمخلفات المصانع وعوادم السيارات وحرائق الغابات، مما يؤدي كما ذكرنا إلى الاحتباس الحراري وبالتالي ارتفاع درجات الحرارة، ثم تذويب الجليد ورفع منسوب البحار.
مستقبل ارتفاع منسوب البحار
يؤكد العلماء والباحثون على أن مستقبل ظاهرة ارتفاع منسوب البحار غير مُبشر بالمرة، فمن المتوقع أن تزيد النسبة لتُصبح 3مم في العام بدلًا من 2مم، وبالتالي تحدث الزيادة بالنسبة لوحدة القرن، حيث ستُصبح 30 سم بدلًا من 20سم، والحقيقة أن كل هذه كوارث من المزمع حدوثها والتسبب في كوراث أخرى، فكما أشرنا من قبل، ارتفاع منسوب البحار يُشبه كثيرًا الفيضانات في تأثيره، حيث سيؤدي هو الآخر إلى إغراق المدن المجاورة وخلق نوع من أنواع الفوضى والدمار، ومع ذلك لا يزال البشر غير مُدركين أو مُتفهمين للأمر، بل يسعون بشدة إلى تصدير العقبات ووضع نهاية مبكرة للأجيال القادمة، والتي للأسف ستعاني وحدها من تبعات هذه الإهمال الشديد بحق البيئة.
مواجهة ارتفاع منسوب البحار
هل هناك طريقة يمكن من خلالها منع ارتفاع منسوب البحار؟ بالتأكيد لا، وكاذب من يدعى القدرة على فعل ذلك، لأنه لا يوجد كائن بشري قادر على مواجهة الطبيعة، لكن، ما يُمكننا فعله بصدد هذا الأمر هو منع الأسباب التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري، وبالتالي ذوبان الجليد وارتفاع منسوب البحار، أي أننا وببساطة يجب أن نمتنع عن تلويث السماء بالغازات السامة ومُخلفات المصانع والسيارات، وبالتالي لن تحدث ظاهرة الاحتباس الحراري التي تُذيب الجليد وتؤدي إلى حدوث ارتفاع منسوب البحار، ببساطة شديدة، حل المشكلة ومواجهتها يكمن في التصدي لمنبعها وأساسها.
الارتفاع والانكماش
هناك ظاهرة تُسمى بظاهرة انكماش القطب الجنوبي، وهي تتعلق بشكل أو بآخر بظاهرة ارتفاع منسوب البحر، حيث أن انكماش القطب الجنوبي عندما يقع نتيجة لارتفاع درجات الحرارة ووصول الشمس إلى أماكن لم تكن تصل إليها من قبل، فإنه يؤدي إلى تذويب أسطورة الجليد الموجودة هناك، وبالتالي تكثر المياه وتنغمر إلى البحار مُتسببة بذلك في ارتفاع منسوبها، بتوضيحٍ أكثر، تتسبب درجات الحرارة في ظاهرتين من الظواهر المُخيفة والمُضرة للطبيعة، هما ارتفاع منسوب البحار، وانكماش القطب الجنوبي، وما خفي كان أعظم بكل تأكيد.
تأثير الارتفاع على البيئة
إلى جانب كل ما سبق ذكره من أضرار، فإن ارتفاع منسوب البحر يحمل دمارًا خاصًا للبيئة، فقد أثبتت الدراسات أن زيادة نسبة المياه المالحة أمر غير محمود بالمرة، لأنها بالفعل تتجاوز السبعة وتسعين بالمئة، ولا مجال للزيادة عن ذلك القدر، لأننا وببساطة لن نستخدم تلك الزيادة، بل سنسعى للتخلص منها.
تُعتبر مياه البحر عبء على البعض، وذلك لأنه لا تحتوي على الماء العذب للشرب أو ري الأراضي الزراعية، أي أنها ليست سوى جراب ووعاء للسمك، بل أنه قد ثبت أن السمك قد يعيش بعض الأحيان في المياه العذبة، ولذلك، يكون من الضار بالبيئة أن يرتفع منسوب البحر وتزداد كمية المياه المالحة، لأن ذلك الأمر يمكن اعتباره ببساطة خلل بيئي.
أكثر المناطق المُتضررة
يرتفع منسوب البحر إجمالًا في كل بحار العالم، لكن ثمة بعض البحار التي تتعرض لتأثير أكبر بسبب قربها بشكل أو بآخر من القطب الشمالي أو الجنوبي المُتجمد، وهو مصدر كل هذه الأضرار كما ذكرنا بسبب ذوبانه، ومن أكثر البحر والمحيطات تأثرًا البحر المُحيطة بأوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.
أضف تعليق