من المعلوم أن البحث عن أساليب تخزين الطاقة أمر يشغل بال العلماء في العصر الحديث أكثر من أي شيء آخر، فالحياة التي يعيشها الإنسان على ظهر هذه الأرض بما فيها من تطور وازدهار وبحث عن مخترعات حديثة ومستحدثات تكنولوجية تستهلك المزيد من الطاقة (المتجددة وغير المتجددة) كل هذه الأمور تزج بإنسان هذا العصر في دوامة البحث عن وسائل حديثة لإنتاج الطاقة أو على الأقل تمكنه من تخزين تلك الطاقة المتجددة ليستخدمها وقت الحاجة إليها، فإذا تمكن الإنسان من تخزين الطاقة الشمسية واستخدامها وقت الليل بصورة تكفي احتياجاته حتى ظهور شمس اليوم التالي لكان هذا الاختراع أفضل بكثير من البحث عن مصادر جديدة للطاقة بل لا يقل أهمية عن صعود الإنسان للقمر أو الكواكب الأخرى، ومن الجدير بالذكر أن مخزنات الطاقة يجب أن يتوافر فيها عدة مواصفات تعتمد على سعة المخزن، وسرعته في التخزين والتفريغ، وكذلك الكفاءة وعدم فقد جزء كبير من الطاقة عند استردادها، وعمر المخزن الافتراضي، وأخيرا تكلفة التخزين، ويلقي هذا المقال الضوء على أحدث أساليب تخزين الطاقة في العصر الحديث والتي من أهمها.
تعرف على أحدث أساليب تخزين الطاقة
الهيدروجين
يعتبر الهيدروجين واحدا من أحدث أساليب تخزين الطاقة ، ولكن يعيبه ارتفاع تكلفة استخدامه في التخزين، وتعتمد إستراتيجية استخدامه في تخزين الطاقة على تحليل الماء كهربيا إلى عناصره الكيميائية الأولية وتخزين الهيدروجين منه كمادة كيميائية أولية حاملة للطاقة، والهيدروجين –وإن كان مكلفا في تخزينه- إلا أنه يتميز بقدرته على إنتاج طاقة عالية وخفيف الوزن، كما يمكن تخزينه على شكل هيدروجين سائل مثل الذي يتم استخدامه في مكوك الفضاء، وهو يحتاج إلى طاقة عالية لتتم إسالته، كما يجب عزل الحاويات التي يخزن فيها بشكل جيد مما يزيد في تكلفة تخزينه، ويمكن أيضا تخزين الهيدروجين في صورة مضغوطة في خزانات خفيفة، وبالرغم من الكثير من المخاوف والمخاطر التي تشوب تلك الطريقة كوسيلة من أحدث أساليب تخزين الطاقة إلا أن العلماء لديهم أمل كبير في توفير احتياجات المنازل ليلا للكهرباء من هذه الطريقة، وكذلك يبحث العلماء عن وسائل لاستخدام ثاني أكسيد الكربون عن طريق تحويله إلى ميثان قابل للاشتعال كطريقة لتوليد الطاقة واستخدامه ليلا.
تخزين الهواء
من الطرق القديمة في تخزين الطاقة والتي استخدمت في محطة هانتورف بألمانيا عام 1978م والتي تقوم بضغط الهواء وضخه مسخنا في كهوف (خزانات) تحت الأرض حينما يكون لديها فائض في الطاقة، ويتم إعادة استرجاع هذا الهواء المضغوط مرة ثانية لتوليد الكهرباء وقتما يزداد الطلب على الكهرباء، وبهذه الوسيلة كإحدى وسائل تخزين الطاقة تمكنت تلك المحطة من إنتاج حوالي 300 ميجاوات لمدة تصل إلى ثلاث ساعات، ولكن تلك الطريقة ما زالت تحتاج للتغلب على بعض عيوبها والتي من أهمها:
انخفاض المردود
بمعنى أن الطاقة التي يتم توليدها أقل من الطاقة المستهلكة في عملية التخزين.
تعقيد التنفيذ
فالخزانات التي يخزن فيها الهواء تحت الأرض من العمليات المعقدة والمكلفة في نفس الوقت لأنها تحتاج إلى تسخين الهواء قبل ضغطه.
طول المدة وزيادة الفاقد: بالرغم من فاعلية هذه الطريقة كإحدى أساليب تخزين الطاقة إلا أنه كلما طالت مدة تخزين الهواء في هذه الكهوف فذلك يؤدي إلى فقدان جزء كبير من حرارته؛ وبالتالي تضيع الطاقة المخزنة فيه، وذلك يؤثر سلبيا على كمية الطاقة الكهربائية المطلوب استرجاعها وتوليدها من هذا الهواء المضغوط.
ومن هنا وجب البحث عن حلول لمثل هذه المعضلات فضلا عن البحث عن وسائل تخزينية أخرى للطاقة والتي من شأنها تيسير حياة الإنسان وتنظيف بيئته وتجعله قادرا على استغلال ثروات الأرض بصورة طيبة ونافعة.
المحطات الكهرومائية
يعتبر تخزين الطاقة في المحطات الكهرومائية من أحدث وأفضل أساليب تخزين الطاقة في العالم حتى العصر الحديث؛ فالمحطات الكهرومائية تعتمد على توليد الكهرباء من خلا دوران توربينات ضخمة تنحدر عليها المياه من أماكن مرتفعة، وهي تعتبر أفضل طريقة لتوليد الطاقة النظيفة في العالم؛ لأنها لا يتولد عنها غازات سامة ولا تحتاج إلى طاقة أخرى صناعية لتوليدها فهي تعتمد على الطاقة الحركية وتحويلها إلى طاقة كهربية، وجدير بالذكر أن حوالي 16% من الطاقة الكهربائية في العالم يتم توليدها من المحطات الكهرومائية.
وتعتبر طريقة تخزين الطاقة في المحطات الكهرومائية من الطرق العبقرية كإحدى أساليب تخزين الطاقة ؛ حيث أنها تعتمد على استخدام الفائض من الطاقة الكهربائية المنتجة في المحطات لرفع المياه إلى خزانات كبيرة يتم إنشاؤها فوق سفوح الجبال أو الهضاب المرتفعة والتي يتم استرجاعها وقت الحاجة إليها لتوليد الكهرباء من خلال انحدارها لسد العجز في الكهرباء عند ازدياد الضغط وزيادة الحاجة إلى الكهرباء، وتمتاز هذه الطريقة بالكفاءة العالية في التخزين والتي تبلغ حوالي 80%، ولكن هناك عقبة تواجه مثل هذه الطريقة وهي الحاجة إلى الأماكن المرتفعة التي يتم إنشاء خزانات عليها والتي تختلف من دولة لأخرى حسب طبيعتها الجغرافية، ولكن تبقى هذه الطريقة أحدث وأنظف وأفضل أساليب تخزين الطاقة .
البطاريات الكهربائية
إن البحث عن الطاقة النظيفة أمر مازال يشغل بال العلماء والباحثين في مجال الطاقة، كما أن الحاجة إلى الاحتفاظ بتلك الطاقة النظيفة لفترات أطول ونقلها لأماكن لا يمكن توافرها فيها هو الأكثر أهمية في العصر الحديث؛ ومن هنا فمن الممكن أن تكون البطاريات الكهربائية تحولا عالميا في مصادر الطاقة الصديقة للبيئة كإحدى أساليب تخزين الطاقة حديثا، ويتم تخزين الطاقة في تلك البطاريات في صورة كيميائية يتم استدعاؤها فيما بعد عند الحاجة إليها عن طريق التفاعلات التي تحدث بين المعادن الموجودة فيها مع المحلول، وتلك البطاريات الكهربائية تكون قابلة للشحن مرة أخرى إذا اعتمدت على الرصاص والنيكل كانديوم، وإذا كانت تعتمد على الزنك والكربون والموفرات القلوية فهي تتميز بسعتها التخزينية العالية وتكون غير قابلة للشحن مرة أخرى، ومن عيوب البطاريات الكهربائية أن طاقتها التخزينية منخفضة بالمقارنة بحجمها الضخم وثقل وزنها، كما أن تكرار شحنها وتفريغها يقلل من كفاءتها مع مرور الزمن.
بالرغم من العيوب المذكورة آنفا إلا أنها كواحدة من أساليب تخزين الطاقة النظيفة لها بعض المميزات منها: تعدد أحجامها وأشكالها، كما أن طاقتها الكهربية التخزينية متواصلة بنفس القوة إلى أن تنتهي الطاقة من البطارية، ومن مميزاتها أيضا أن عمرها طويل نسبيا.
خلايا الوقود
وهي طريقة لديها قدرة فائقة على تخزين الطاقة وتكثيفها، وهي تعتمد أساسا على توليد الكهرباء من التفاعل بين غازي الأكسجين والهيدروجين، وقد استخدمت في ستينيات القرن الماضي وفي مركبات الفضاء ويمكن استخدامها في السيارات وغير ذلك، ولكن هذه الطريقة ما زالت قليلة الانتشار بسبب ارتفاع تكلفتها وبالتالي ارتفاع ثمن السيارات التي تعتمد عليها.
وبالرغم من بحث الإنسان والعلماء بصورة مستمرة عن أساليب تخزين الطاقة وعلى الرغم من ظهور العديد من التطبيقات والبدائل لتخزين الطاقة المتجددة والنظيفة والتي ذكرنا بعضا منها آنفا، إلا أنه يبقى هناك الأسلوب الأكثر فاعلية لتوفير الطاقة والحفاظ عليها وهو ترشيد استهلاك الطاقة بالإضافة إلى تقليل الحاجة إليها بقدر الإمكان؛ ومن هنا وجب بذل أكبر جهد ممكن للتوعية بشأن ذلك جنبا إلى جنب مع جهود العلماء للبحث عن بدائل جديدة لتخزين الطاقة واسترجاعها وقت الحاجة.
أضف تعليق