تسعة بيئة
محطة نور
بيئة » الطاقة الشمسية » محطة نور : تعرف على أكبر مصنع للطاقة الشمسة في العالم

محطة نور : تعرف على أكبر مصنع للطاقة الشمسة في العالم

أعلن المغرب منذ عدة سنوات عن إنشاء محطة نور للطاقة الشمية، والتي تُعد أكبر محطة من هذا النوع في العالم أجمع، تعرف معنا على محطة نور وحجمها الفعلي.

تُعتبر محطة نور المغربية واحدة من أهم المشاريع العربية، والعالمية أيضًا، التي نُفذت خلال السنوات العشر الأخيرة، فقد تم الاستجابة أخيرًا للنداءات التي أطلقتها القمم الدولية بضرورة التوجه إلى الطاقة الشمسية ومحاولة الاستفادة منها قدر الإمكان، وذلك للتخفيف من استخدام الثروة الحفرية والبترولية التي تقترب جيلًا بعد جيل من النفاذ، ولا يعني هذا بالطبع أن الخوف على الثروة البترولية كان السبب الرئيسي للجوء إلى الطاقة الشمسية، وإنما هناك أسباب أخرى تتعلق بالتوفير والنظافة، وهذا ما لجأت إليه الحكومة المغربية، بإنشاء محط نور، وما سنتحدث عنه في السطور الآتية.

محطة نور وقصة بناء أكبر منشأة للطاقة الشمسية في العالم

ما هي الطاقة الشمسية؟

قبل أن نتحدث عن محطة نور يجب علينا أن نتعرف أولًا على الأساس الذي قامت عليه تلك المحطة، وهو الطاقة الشمسية بالطبع، والطاقة الشمسية هي ما تُنتجه الشمس ويُمكن الاستفادة منه في توليد الكهرباء أو أي استخدامات أخرى، أما محطات الطاقة الشمسية فهي بمثابة الأداة التي تُستخدم في تسيير هذه العملية، وقد ظهرت تلك المحطات في بداية القرن التاسع عشر، وتحديدًا مع بداية الحرب العالمية الأولى، حيث كانت المولدات الكهربائية تتعرض للقصف الدائم وتؤدي إلى قطع الكهرباء، لذلك تم اللجوء إلى تلك المحطات لضمان وجود الكهرباء دائمًا، فما دامت الشمس تُشرق ستظل محطات الطاقة مُستمرة في عملها.

بداية محطة نور

كانت الاستفادة من الطاقة الشمسية حلم يراود المغربيين لأكثر من عشر سنوات، فالمغرب، التي تفصل بين العالم الأوروبي والأفريقي من ناحية الشمال، تمتلك طاقة إشعاعية هائلة، تجعلها قادرة على بناء العديد من المحطات الكهربائية، لكنها فقط كانت بحاجة إلى قرارٍ جاد واستقرارٍ سياسي ومال فير، ومع توافر كل ذلك في عصر الملك محمد السادس تم التخطيط لبناء المحطة على ثلاث مراحل، كل مرحلة تشمل محطة منفصلة تحمل اسم نور بالإضافة إلى تسلسلها، وكانت الخطوة الأولى في يونيو 2013، حيث لم تمضي ثلاث سنوات حتى تم افتتاح المحطة نور 1 وسط احتفاء عالمي لم يحدث في الشرق الأوسط سوى مرة واحدة، وتحديدًا عند بناء قناة السويس بداية القرن المنصرم.

محطة نور

تمتد محطة نور على مساحة مئة فدان، يعتليهم ثلاثمائة ألف لوحٍ من الزجاج المُسطح، بجوارهم مصنع صغير على امتداد عشرة فدادين يعمل به 1200 عامل وخبير مسئولين عن إدارة الطاقة الشمسية التي تنتجها المحطة توجيهها إلى المحطات الفرعية ومنه إلى غرف التفتيش الكهربائية، ثم ينتهي الأمر في البيوت، وهي جولة صغيرة لا تأخذ ثواني معدودة بفضل المُعدات والأجهزة الحديثة التي الاستعانة بها أثناء تأسيس المحطة وجعلت منها شيئًا كبيرًا أصبح فيما بعد مصدرًا لفخر المغربيين.

بناء محطة نور

تقع محطة نور في مدينة ورزازات، وهي مدينة كُبرى تقع جنوب المغرب، وقد بدأ التنفيذ كما ذكرنا في فبراير 2016، والجميل في الأمر أن الشركة التي تولت بناء محطة نور كانت شركة سعودية تُدعى أكوا باور، وقد تكفلت تلك الشركة بكافة خطوات البناء من ناحية الخبرات والجهد، أما التمويل فقد كان مغربيًا بواقع حوالي 600 مليون دولار لكل سنة، وهو رقم فلكي بالطبع يمكن أن يكون ميزانية عشرة دول أفريقية متوسطة، لكن القيادة المغربية كانت تُدرك بالتأكيد الفوائد الجمة التي ستعود على المغرب من هذا المشروع.

فوائد محطة نور

بالطبع لم تُنشأ محطة نور عبثًا، وإنما هناك عدة فوائد رأى القائمين بالأمر أنه من الممكن تحقيقها عند اكتمال المحط، منها مثلًا قضاء الاحتياجات الأساسية من الكهرباء والنقل والاتصالات، فهذه المحطة تمتلك قدرة تزويد مئة ألف بيت بالكهرباء، وذلك في إجمالي مساحة ثلاثة آلاف كيلو متر، وهو رقم كبير سيتضاعف مع زيادة عدد المحطات، كما أن النقل الطرقي يحتاج إلى الطاقة الشمسية بصورة كبيرة، مثله مثل شبكات تصريف المياه الكبرى، وقد راعى المسئولون ترقية المشروع إلى الحد الذي يجعله يمد كل هذه الأشياء بالطاقة الشمسية ليلًا كما هو الحال في النهار تمامًا، وهذه تقنية فريدة ومفيدة جدًا، خاصةً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الطاقة الشمسية تحتاج إلى الشمس، التي تتوفر بالطبع نهارًا فقط.

أيضًا ستفيد المحطة بشكل غير مباشر في توفير كمية المياه المستخدمة في المغرب، حيث تعمل الطاقة الشمسية على تبريد المياه تبريدًا جافًا، مما يُساعد على انكماش الحاجيات المطلوبة وستصل إلى مليون كيلو متر مربع فقط، إضافةً إلى ذلك ستُحدث محطة نور انتعاشًا في كافة المجالات سواء كانت تتعلق بالتعليم أو الصحة أو الصناعة، وربما يكون ذلك هو السبب الرئيسي الذي جعل أغلب المُستثمرين يضعون أموالهم في هذا المشروع، لكن، تعرض المغربيين لصاعقةٍ كبيرة بعد معرفتهم أحد المُستثمرين.

دور الاتحاد الدولي

وكالعادة، بعد كل إنجازٍ جديد يخرج الاتحاد الدولي ليؤكد على دوره الهام والرئيسي فيه، لكن هذه المرة تجاوز الأمر كل التوقعات، حيث قال البيان الرسمي الذي خرج صبيحة ثاني أيام الافتتاح أن الاتحاد قد شارك بخمسمائة مليون دولار في تمويل محطة نور، ليس هذا فقط، بل إنه أيضًا قد أرسل الكثير من الخبراء والمُتخصصين لمُساعدة المغرب على إنجاز المشروع، ثم اختتم الاتحاد بيانه بتهنئة المغرب على هذا الإنجاز، وبالطبع لاقى هذا البيان سخطًا عارمًا من المغربيين، والذين رفضوا لغة الاتحاد الدولي التي تتضمن تقليل من شأن قدرات المغاربة وعدم الاعتراف بدورهم، أما الأصوات العاقلة فطالبت بعدم الالتفات لهذا البيان خاصةً وأن الإنجاز بالكامل على أراضي مغربية ولا يمكن نسبه لأحد سواهم.

لماذا المغرب تحديدًا؟

قد يتعجب البعض من تفكير المغرب فقط، بين جميع الدول العربية، في إنشاء محطة للطاقة الشمسية، لكن الإجابة تكمن ببساطة في كون المغرب أكثر الدول العربية امتلاكًا للإشعاع الشمسي، كما أن قارة أفريقيا تنتهي بها الناحية الشمالية وقارة أوروبا تبدأ بها من حدود إسبانيا، لذلك كان التفكير أولًا في استغلال الإشعاع الشمسي ثم بعد ذلك استغلال الموقع الجغرافي وربط القارتين بمحطات طاقة شمسية مثل محطة نور، حيث يمكن التفكير فيما بعد في تصدير الكهرباء للخارج عن طريق مشروع الفولتات الجامدة الذي يعكف مجتمع الباحثين على تطويره، والذي إن انتهى كما يُخطط له فسيُصبح من السهل جدًا تصدير الكهرباء وبيعها كسلعة مثل باقي السلع، وهي بالطبعة معجزة إن حدثت فستأخذ العالم إلى مكان آخر لم يكن يتوقع أبدًا أن يصل إليه.

تجارب مُشابهة

تجربة المغرب في إنشاء محطة نور للطاقة الشمسية كانت الأولى من نوعها في الوطن العربي، لكن قارة أمريكا الجنوبية، وتحديدًا دولة تشيلي، قامت بتنفيذ هذا المشروع في عام 2008، وقد أدى ذلك إلى كون الكهرباء في هذه الدولة توزع مجانًا على الشعب، وبالرغم من تعرض التجربة لبعض الفشل الناجم عن استغلال سيء إلا أنها قد جعلت تشيلي في مكانة أخرى غير التي كانت عليها قبل تنفيذ المشروع، وهذا بالطبع ما وضعته القيادة المغربية نصب أعينها قبل البدء في تنفيذ محطة نور، والتي استغرقت مرحلتها الأولى كما ذكرنا ثلاث سنوات، ومن المقرر أن تنتهي مرحلتها الثانية 2020.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

13 − إحدى عشر =