تسعة بيئة
حيوانات الأراضي الزراعية
بيئة » الزراعة والغذاء » حيوانات الأراضي الزراعية : حيوانات تصاحب النشاط الزراعي

حيوانات الأراضي الزراعية : حيوانات تصاحب النشاط الزراعي

منذ القدم، ارتبطت الزراعة بتربية الكثير من أنواع الحيوانات لأغراض مختلفة، في هذا المقال نستعرض أنواع حيوانات الأراضي الزراعية المفيدة للفلاح والمزارع.

تُعتبر حيوانات الأراضي الزراعية من أهم عناصر التربة وعملية الزراعة عمومًا، فهي تقوم ببعض المهام التي ربما لا يستطيع الإنسان القيام بها، إضافةً إلى أن استفادتها تتخطى حتى العملية الزراعية، لذلك يقال أن حاجة الأراضي الزراعية للحيوانات أشد من حاجتها للإنسان، لكن، في الآونة الأخيرة، بدأ بعض المزارعين في الاستغناء عن حيوانات الأراضي الزراعية واستبدالها ببعض الآلات والمعدات الحديثة، لذلك كان لابد من التذكير بهذه الحيوانات وفوائدها، لكي يعلم المُزارع أنه لا يستطيع الاستغناء عنها مهما بلغ التقدم التقني والتكنولوجي، وأنها هي أساس العملية الزراعية برمتها، فإليكم في السطور الآتية أشهر حيوانات الأراضي الزراعية.

نظرة على حيوانات الأراضي الزراعية

حيوانات الأراضي الزراعية

قد يعتقد البعض أن حيوانات الأراضي الزراعية هي حيوانات مُخصصة للعمل في الأراضي الزراعية فقط، وهذا بالطبع ليس صحيحًا، وإنما الإنسان هو من قام باستخدام تلك الحيوانات في الأغراض الزراعية حتى أصبحت وكأنها مخصصة للشئون الزراعية فقط، وهذه الحيوانات كثيرة، لكن أهمها البقر والحمير والخيول.

البقرة، حيوان الأرض الأول

تُعتبر البقرة من أكثر حيوانات الأراضي الزراعية تأثيرًا، فهي أساس العملية الزراعية بلا مبالغة، بل يمكن القول أن تسعين بالمئة من المزارعين يمتلكون بقرة ويذهبون بها إلى أراضيهم الزراعية، فقد كانت في الماضي، وقبل اختراع مولد المياه للأرض، تُستخدم في جرّ الساقية وضخ المياه في كل شبر، كما كانت أيضًا تحمل مُعدات الحقل وتساعد الفلاح على التنقل، هذا إذا لم يتم الاستفادة من لبنها ولحومها، أي أن البقرة كانت، ولا تزال، مملوءة بالخير، ومهما تقدمت الآلات الزراعية لم تستطع سلب أهميتها تلك، وإنما قللت منها فقط، فحتى الآن يُنظر إلى المُزارع الذي لا يمتلك بقرة في حقله على أنه مُزارع بلا رفيق، ما زال ينقصه شيء.

تطور حياة البقر

البقرة عمومًا حيوان غريب، فقبل أن تكون من حيوانات الأراضي الزراعية كانت متوحشة، تُهاجم الناس في البيوت وتلتهم الحيوانات الضعيفة في الطرقات، لكن فجأة طرأ عليها تطور غير معلوم إلى الآن وتحولت إلى حيوان مُستأنس، مُستعد لخدمة الإنسان وبذل الجهد، بل وتوقفت عن أكل مثيلاتها من الحيوانات واكتفت بالحشائش والنباتات الخضراء، وبالطبع لا نغفل أنها من الحيوانات النادرة التي ذُكرت في القرآن الكريم ولها قصة مميزة فيه، وهي أيضًا عدة أشكال وأنواع وتتواجد في جميع أنحاء العالم بأعدادٍ كبيرة، فتقريبًا لا يوجد مكان في العالم لا يحتوي على الأبقار حتى لو بنسبةٍ قليلة، حتى المناطق الغير زراعية تحتاج البقرة من أجل اللحوم والألبان، ولا نبالغ إذ نقول أن العالم إذا تمت مفاضلته بين الأبقار والحياة الزراعية بأكملها فسيختار الأبقار، فهي حياة في حد ذاتها، والمنافع التي ذكرنها آنفًا خير دليل على ذلك.

تدليل البقر

أخيرًا بقي أن نقول فيما يتعلق بالبقرة أن درجة الاهتمام بها وتدليلها وصلت إلى حد إقامة مسابقة في المكسيك لاختيار البقرة الأكثر جمالًا، أو بمعنى أدق، مسابقة ملكة جمال البقر، وقد حصل صاحب البقرة الأجمل على مبلغٍ من المال، وهناك أيضًا، بالرغم من أنه غير شائع، ما يُعرف بعلم تربية البقر الأليف، وهذا يُشبه كثيرًا تربية القطط والكلاب، لكن بشكل عام من السهل جدًا ملاحظة أن البقرة قد تمكنت من أخذ مكانة مرموقة وسط الحيوانات الموجودة على الأرض، حتى ولو كانت أصلًا معروفة بخدمتها للإنسان وكونها واحدة من حيوانات الأراضي الزراعية.

الحمار، المُزارع رقم اثنين

يُعتبر الحمار من أهم حيوانات الأراضي الزراعية، فهو لا يقل أهمية عن البقر، بل أنه من كثرة تردده على الأرض الزراعية تم تسميته بالمزارع رقم اثنين، ومهنة الحمار الرئيسية تتلخص في نقل الفلاح من مكان الإقامة إلى مكان الزراعة، ثم تطورت بعد ذلك وأصبحت تشمل حمل بعض المزروعات والخضروات وأدوات ومعدات التربة، ببساطة، كان الحمار، ولا يزال، خادم التربة الزراعية والمذود الرئيسي لها بكل ما تحتاجه من مُعدات ومبيدات وزروع، والأهم من كل ذلك كما أسلفنا هو نقل المُزارع الذي تحتاجه الأرض الزراعية أكثر من أي شيء آخر، وقد قال البعض أن الحمار هو من اختار أن يفعل ذلك بنفسه ولم يُجبره المزارع على الحمل والتنقل، وهذا إن صح فسيصح أيضًا القول بأن الحمار حيوان مُدرك!

حقيقة الحمار

البعض يردد دون علم ما يُشاع عن الحمار من كونه أكثر الحيوانات غباءً، بل ويُضرب به المثل في الجهل، لكن هذا ليس صحيحًا بالمرة، فهذا الحمار يُمكنه أن يحفظ الطريق إلى أرضه الزراعية من مرةٍ واحدة، والقريبون من الزراعة يعرفون أن الحمار أكثر طوعًا وفهمًا للمزارع من أي شيء آخر، وبالرغم من ذلك لا يجد الحمار أي تقدير أو احترام لخداماته، فهو تقريبًا أكثر الحيوانات تعرضًا للضرب، وربما يرجع ذلك إلى انخفاض تكلفة شراءه، فهو حتى أرخص من الماعز الصغير، ذلك بالطبع لأن لحومه غير صالحه للأكل مثل باقي الحيوانات مرتفعة الثمن كالجمال والبقر والجاموس والإبل.

الحمار والطبقية

الحمار نتاج عملية معاشرة بين حصان ونوع آخر من الحيوانات، ويندرج تحته عدة أنواع أخرى، منها ما يتم اقتناءه في الغابات الحدائق العامة، وهو بمثابة الطبقة العليا في الحمير، ومنها ما يتم الزج به في الحقول لخدمة المزارعين، وهؤلاء هم أصحاب الطبقة السفلى، حيث اعتادوا على الخدمة فقط مقابل المسكن وما بقي من خشاش الأرض، وبالرغم من ذلك تجد أن النوع الخدوم من الحمير يشهد زيادة كبيرة قادرة على سد أية عجز، لكن الفارق بين الحمار والبقرة أن الحمار يُمكن الاستغناء عنه في ظل التطور الحالي وظهور أشياء أخرى تنوب في عمليات النقل التي تعد مهمته الرئيسية، وإن كنا بالطبع لا نأمل ذلك، فقد تعود الجميع على رؤية الحمار ضمن العملية الزراعية، وربما لا يتقبلها البعض بدونه.

الخيول، حمار العرب

بالرغم من أن الخيول تُعد من حيوانات الأراضي الزراعية إلا أنها لا تتواجد بكثرة في دول أفريقيا وشرق أسيا، إذ لم تكن أسيا بأكملها، فهي حيوان أوروبي أمريكي أصيل، يُستخدم بديلًا للحمار في الزراعة اللاتينية، فيقوم بكل مهامه من نقل وحمل، حتى أنه معروف وسط المزارعين بحمار العرب، وبناءً عليه نجدها متوفرة بكثرة في الأمريكيتين وأوروبا، وهي أيضًا غير صالحة للأكل مثل الحمار، لكن الفارق الوحيد بينهما أنها تُعامل معاملة أفضل قليلًا، فهي تُعتبر أرقى منه.

الخيول قديمًا كانت تُستخدم في المعارك والحروب، ثم أصبحت فيما بعد تُستخدم في المهام والأشغال، إضافةً إلى ذلك أصبحت الآن طريقًا للفروسية والبطولة، فكل من يمتطي حصان الآن يتم تسميته فارس، وذلك كحنين إلى ماضي الخيول من استخدامها من قِبل الفرسان في الحروب، وأيضًا هناك شيء آخر تمتاز به الخيول عن الحمير وهو أنه تُستخدم في السباقات المُعترف بها دوليًا، فركوبها لعبة مثل باقي الألعاب، وبالطبع هناك تجارة قائمة بذاتها تختص بتربيتها.

في النهاية يجب التأكيد على أن حيوانات الأراضي الزراعية تشمل أنواع أخرى بخلاف التي تم ذكرها، لكنها غير مؤثرة في الحياة الزراعية كهذه الأنواع الثلاثة، والتي تُعد أعمدة الحياة الزراعية.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

15 − 14 =