كيف تجعلي قضاء الوقت مع الأطفال متعة لك ولهم على حد سواء؟
تعود الكثير من المنافع على جميع أفراد الأسرة عند الحرص على قضاء الوقت مع الأطفال والالتزام به. فالطفل هو اللبنة الصغيرة التي تحتاج إلى ما ينمي مهاراتها ويأخذ بيدها إلى العالم الخارجي ويعدها لذلك. وهذه بالطبع هي مهمة كلا الأبوين.
ليس قضاء الوقت مع الأطفال هو مضيعة للوقت أو شيء بلا قيمة أو معنى، بل إنه الاستثمار الحقيقي في الحياة. ولو وقفت مع نفسك للبحث عن أغلى ثروة في حياتك، والتي لا تستطيع العيش بدونها، لوجدتها الأطفال. نعم هم الزينة التي تجعل للحياة لونا مختلفا وطعما حلوا وشكلا زاهيا. وقضاء الوقت معهم هو في حد ذاته متعة كبيرة لا يعوضها شيء. ولكن مع الأسف الشديد أدت ظروف الحياة في الفترات الأخيرة إلى حرمان الأب والأم من الاستمتاع بصحبة أطفالهما وقتا كافيا، وتسبب هذا في حرمان الأطفال أنفسهم من كثير من احتياجاتهم النفسية. ولابد من أن يعيد الأبوين حساباتهما ويفكرا مليا في أولويات الحياة قبل أن يأزف الوقت وينظرون حولهم ليجدوا أن أطفالهم صاروا كبارا دون أن يشعروا بهم ويعيشون معهم لحظات الفرح والحزن، ثم ما لبثوا أن ابتعدوا عنهم سالكين دربهم في شق الطريق وغض النظر عن كل ما عدا ذلك.
جدول المحتويات
أهمية قضاء الوقت مع الأطفال
لو حاولنا حصر المنافع التي تعود على الأطفال وأبويهم عند قضاء وقت كاف معهم فلن يمكننا ذلك. فالطفل يأتي إلى الدنيا ليرى أن أبويه هما النافذة التي ينظر من خلالها على الدنيا والنور الذي ينير دربه فيها والمحيط الذي يعيش فيه وينعم بأمانه. وكلما قضي الأبوين وقتا مع الأطفال، كلما تعلم الطفل المزيد وقويت الروابط بينه وبين الأبوين وزادت ثقته فيهم وأصبحا هما الملجأ له والملاذ إذا ما كان هو في حاجة إلى من يحميه ويوجهه.
أهمية قضاء وقت مع كل طفل على حده
لا يقتصر قضاء الوقت مع الأطفال على جمعهم والقيام ببعض الأنشطة الجماعية معهم، بل بلابد من قضاء بعض الوقت مع كل طفل على حدة. والسبب في ذلك هو أن كل طفل يختلف عن الآخر. ولابد من أن تتقرب إلى كل طفل وتنفرد به ويكون لك معه حديثا دائما، حتى تحاول فهمه وتصل إلى الأسلوب الأمثل للتعامل معه. وأهم مزايا قضاء وقت مع كل طفل وحده هي ما يلي:
- تقوية الروابط بينك وبين كل واحد من أطفالك وخلق نوع من الصداقة التي تدوم معه. فعلاقة القوية والصداقة المتينة تحتاج دوما إلى وقت يختلي فيه طرفيها ويخرج مكنن صدره.
- شعور الطفل باهتمامك به عند تخصيص ذلك الوقت له وحده، لأنه إن لم يشعر بذلك فغالبا سيقوم بأعمال مزعجة لك ولجميع أفراد الأسرة من باب لفت الأنظار.
- التواصل الجيد مع الطفل وتعزيز ثقته بنفسه؛ فهناك من الأطفال من يمنعهم خجلهم من التعبير عن أنفسهم ومشاعرهم ويكونون في حاجة إلى حديث خلوي مع شخص قريب.
- شعور طفلك بمدى احترامك له ولشاعره ورغباته، خاصة إذا كان الوقت الذي تقضينه معه تحرصي على القيام بالأنشطة التي يحبها ويختارها. والطفل يحب من يحبه ويحترم من يحترمه بالتأكيد.
- من خلال الوقت الذي تقضينه مع طفلك وحدكما تستطيعين معرفة مشاعره الخاصة ومواضيعه الخاصة. وهذا بالطبع يفيد في توجيهه إذا كان على وشك الوقوع في الخطأ.
فوائد قضاء الوقت مع الأطفال
- يساعد قضاء الوقت مع الأطفال على حدوث تطورات كبيرة على جميع النواحي، التربوية والبدنية والعقلية والاجتماعية. ومن الناحية التربوية، فإن قضاء الوقت مع الطفل يساعد على الاحتكاك المباشر به بشكل كبير، وهذا يجعل الأبوين يقوما بدورهم التربوي ويوجها طفلهما للصواب ويحذرانه من ارتكاب الخطأ. ويمكن من خلال بعض الأنشطة المشتركة من الطفل غرس القيم والمبادئ الحميدة في نفسه وهو في سن صغيرة، كما أن ذلك يساعد على تقويم شخصيته من خلال الأفعال وردود الأفعال التي تحدث بالفطرة أثناء اللعب.
- وبالنسبة للجانب البدني، فليس هناك شك من أن ممارسة الأنشطة المختلفة تعد أحد العوامل الهامة للحفاظ على صحة الطفل. أليس الطفل الذي يلعب ويتحرك يقضي وقتا مرحا أصح بكثير من ذلك الذي لا يبرح شاشة التلفاز؟ وقد ثبت أن تحرك الطفل بشكل صحي يعمل على نمو عضلاته وعظامه ويقوي منها، كما أنه يقيه من أمراض السمنة والسكري لأنه يساعد على التخلص من الدهون والسعرات الحرارية الزائدة في الجسم.
- ومن الناحية العقلية، فإن العقل السليم في الجسم السليم، كما يقولون. وطالما أن الطفل صحيح جسمانيا فإن مستوى النضج العقلي لديه سيكون هائلا. وتساعد الألعاب الحركية التي يقوم بها الأطفال على تنمية الكثير من المهارات لديهم، مثل التخيل والابتكار وتعلم القراءة والكتابة والرسم والطبخ وترتيب الأشياء وغير ذلك مما يستفيد به الطفل. ويظل الطفل في تطور مستمر حتى يكون على مستوى عال من المهارية عند بلوغ مرحلة الطفولة المتأخرة.
- وبالنسبة للناحية الاجتماعية، فلا شك في أن قضاء الوقت مع الأطفال وممارسة النشاطات المختلفة معهم تساعدهم على معرفة كيفية التعامل مع المواقف المختلفة وإدارتها إدارة جيدة وتفادي المشكلات والتعامل معها إذا ما واجهتهم. وهناك بعض القيم المهمة التي تساعد الطفل على الانخراط في العالم الخارجي من خلال اللعب معه، مثل روح التعاون واحترام الآخر وتقبل الاعتذار والهزيمة وغير ذلك.
كيفية قضاء الوقت مع الأطفال
في ظل مشاغل الحياة الكثيرة، والتي قد لا تمكن الأم من قضاء وقتا طويلا مع أطفالها كل يوم، يمكنها القيام بروتين يومي يتيح لها ولأطفالها الاجتماع سويا دون الاضطرار إلى إهدار الكثير من الوقت. وإليك نموذجا من هذا الروتين، عزيزتي الأم:
- استغلال وقت إعداد الفطور الصباحي للتحدث مع الأطفال وعن النشاطات التي عليهم القيام بها خلل اليوم والكيفية التي سيقضونها به، وهكذا.
- تخصيص 10 دقائق يومية، على الأقل، للجلوس مع الطفل قبل النوم، تقومين فيها بالاطمئنان عليه وعلى يومه الذي مضى وتعدينه للنوم، وقد تحكين له قصة ما قبل النوم.
- استغلي الوقت الذي تمارسين فيه الرياضة لإشراك أبنائك معك، فهم بذلك يقضون معك وقتا ممتعا ويقومون بشيء صحي للغاية.
- احرصي على أن يتناول أفراد الأسرة الوجبات الرئيسية سويا، حتى لو اضطررت إلى تغيير ميعاد الوجبات حتى تناسب ميعاد عودة أحدهم من المدرسة أو النادي.
- خصصي وقتا يوميا من أجل قضاء الوقت مع الأطفال تقومين فيه بنشاط مفضل لهم. ويمكن لعب لعبة يحبونها أو القيام بالرسم أو الخياطة أو حتى الطبخ. وهنا يتعلم الطفل شيئا مفيدا، وتقوى الروابط بينك وبينه، ومن خلال احتكاكك به في المواقف المختلفة ستتمكنين من إرشاده إلى الصواب دائما.
- بعد عودة الأطفال من المدرسة يمكنك مشاركتهم في إعداد مائدة الطعام، فذلك يعلمهم أصول التعاون ويمثل لهم نشاطا محببا.
- يمكنك اصطحاب طفلك أثناء التسوق، مثلا، حتى تستفيدي من قربك منه وتحضري طلبات المنزل في نفس الوقت.
- واحرصي على تفريغ نفسك كليا على الأقل يوما واحدا خلال الأسبوع تأخذين أطفالك للتنزه أو تغيير الروتين، حتى لا يملوا وتقل طاقتهم وإقبالهم على الحياة.
أفكار للعب مع الأطفال في المنزل
قمت في الفقرة التالية بتجميع عدد من الألعاب التي يمكن ممارستها عند قضاء الوقت مع الأطفال داخل المنزل. وهذه الألعاب هي:
- عمل صندوق الأحلام: وهذه الفكرة لها الكثير من المميزات التي ستعرفيها الآن. ومن خلال هذه اللعبة تجلسي مع طفلك في البداية وتعلميه عن طريق القصة ماذا تعني أمنيات أو أحلام. وبعد ذلك تتفقا على عمل صندوق جميل المظهر يقوم الطفل بوضع جميع الأمنيات الخاصة به داخله كلما فكر فيها. ويمكن زخرفة هذا الصندوق بمساعدة الطفل، كما أن الطفل من الممكن أن يرسم أحلامه بدلا من كتابتها. وتفيد هذه اللعبة في توسيع خيال طفلك وتنمية مهارات مثل الرسم، غير أنها طريقة مثالية تساعد الطفل على التعبير عما بداخله أمامك.
- الخيمة الخيالية: وهذه اللعبة تساعد على قضاء الوقت مع الأطفال وتنمية مهاراتهم في نفس الوقت. ويمكن عمل خيمة بمساعدة طفلك ثم الإشارة عليه بوضع ما يفضل من ألعاب داخلها واللعب معك أو مع أخوته. وهنا يتخيل الطفل إقامة حفل مثلا ويعد له باستخدام الألعاب المتوفرة. وقد يحتاج لهذا الحفل إلى إعداد بعض الأطعمة بنفسه داخل المطبخ.
- لعبة المسرح: والتي فيها يمكن للطفل تخيل قصة معينة يود تمثيلها ويحضر الألعاب التي تساعده على ذلك. ويمكن للأبوين تشجيع الطفل من خلال مشاهدته والثناء عليه وتقديم بعض الأفكار التي تنمي من خياله كذلك.
- لعبة البائع: وفيها يقوم الطفل بعمل دور البائع الذي يقوم بترويج سلع لديه. ويمكن للأم القيام بدور المشتري في حال لم يكن لديه أخوة آخرين يشاركونه اللعب.
- لعبة السائق: وفيها تقومين بوضع اثنين من الكراسي والجلوس على أحدهما وجلوس الطفل على الآخر. ويمكن تبادل دور السائق بينك وبين طفلك. ومن خلال هذه اللعبة ستحكي لطفلك عن الأشياء التي سيراها في الطريق أثناء السير وأصول وقواعد التعامل مع سائق التاكسي أو كيفية ركوبه بالطريقة الصحيحة.
- لعبة الطباخ: وفيها يقوم الطفل بعمل دور الطباخ واستخدام ألعاب المطبخ لديه لعمل بعض الوصفات التي تعلميه إياها. وتحتاج هذه اللعبة إلى إشراف كامل منك في حال كان الطفل يستخدم الموقد.
- نط الحبل: هذه تعتبر إحدى الرياضات الشهيرة التي كان الجيل الماضي يمارسها تقريبا بصفة يومية. ومع الفائدة الكبرى لهذه اللعبة نراها قد اختفت واستبدلها الأطفال هي وغيرها بمشاهدة التلفاز والأجهزة اللوحية.
- ألعاب الفيديو: وهناك البعض منها يناسب الأطفال وينمى مهاراتهم. ومن أهمها لعبة الرسوم المتحركة ولعبة الحروب ولعبة شخصيات مشهورة ولعبة الأبطال وألعاب ديزني. ويراعى دوما قضاء الوقت مع الأطفال ومشاركتهم عند استخدام هذه اللعب، حتى لا يعتادون على الجلوس أمامها بمفردهم لأوقات طويلة.
أفكار لشغل وقت فراغ الأطفال
في كثير من الأوقات تكون الأم مضطرة إلى المكوث داخل المنزل، بسبب انشغالها بالأعمال المنزلية وعدم توفر وقت فراغ أو بسبب سوء حالة الطقس التي تمنعها من الخروج. وبالطبع لا يمكن للأطفال استيعاب مثل هذه الأمور، فهم لا يتوقفون عن مطالبة أمهم بأخذهم للخارج وقضاء وقت مسل ممتع. وهنا لابد من إيجاد بعض الطرق التي تساعد على قضاء الوقت مع الأطفال داخل المنزل في جو من المرح وتعلم الكثير من المهارات في آن واحد. وإليك، عزيزتي الأم، بعض هذه الطرق:
- ممارسة القراءة: ولابد للأم من تعويد طفلها على القراءة وهو في سن صغيرة، حتى إذا أحبها تعلق بها وطلب المزيد من الكتب ليقرأ. ولا يمكن أن ينكر أحدنا القيمة الكبرى للقراءة ولا التأثير الإيجابي الكبير لها على الطفل في جميع النواحي. وليس بالضرورة أن يكون الطفل مجيدا للقراءة حتى تعطيه الكتاب ليمسك به، بل من الممكن أن ينجذب له بسبب الصور الموجودة فيه ويقوم خياله ببقية المهمة.
- الرسم: حتى في حال كان الطفل لا يمكنه الرسم، فهو بالطبع يحب الإمساك بالألوان وإحداث أشكال مختلفة بها. ويمكن استخدام ما يعرف بالقص واللصق ليتمكن الطفل من تشكيل ما يحب.
- النحت بالطين الصلصال: وهذا يعلم الطفل مهارة جميلة، فهو يتخيل الأشياء التي يود تشكيلها ثم يحاول القيام بذلك. وفي حال كنت تخشين من أن يكون هناك تأثير سلبي من الطين الصلصال المتوفر بالسوق على صحة الطفل، إذا ما ابتلع جزءا منه، فربما يكون من الأفضل تحضيره منزليا بمواد غذائية آمنة.
- ممارسة الرياضة: من ضمن القواعد العامة للتربية الصحيحة في علم النفس أن الأبوين لو لم يكونا يمارسان الرياضة أمام ناظري أطفالهم، فإن هناك خلل ما في الجانب التربوي لهم. ويجب تعويد الأطفال على ممارسة الرياضة، فهي تساعدهم على إخراج طاقاتهم بشكل سليم وتكون بالنسبة إليهم في نفس الوقت شيئا ممتعا مسليا.
والقاعدة العامة تقول بأن أهم ما يساعد على قضاء الوقت مع الأطفال بشكل يرضيهم هم وجود جو من الحب الذي يغلف العلاقة بينهم وبين أبويهم.