شق العجان : هل لابد منه في الولادة الثانية وما هي خطورته؟
على الرغم من أن الولادة الطبيعية هي الأفضل، لا زالت عملية شق العجان تثير الخوف منها. وبعد الولادة الأولى قد تتخوف المرأة من المرور بتجربة جرح الولادة ثانية، حتى لو كانت تجربتها ليست سيئة، وتتساءل عن حتمية إجراء هذه العملية ثانية.
كثيرا ما تنشغل الحامل للمرة الثانية بمسألة شق العجان وتستعيد ذكريات ولادتها الأولى وتتخيل أنها ستمر بها ثانية. ولكن الحقيقة هي أن كل ولادة هي تجربة منفصلة، ولها ظروفها الخاصة. وهذا ينطبق على الحمل كذلك، كما ينطبق على رعاية الطفل؛ فليس بالضرورة أن يكون الطفل الثاني يشبه الطفل الأول، بل هو شخصية فريدة مستقلة لها سماتها وظروفها الخاصة. وعودة للحديث عن شق العجان في الولادة الثانية، والذي هو موضوع هذا المقال، فإنه يتوقف على ظروف الولادة والطريقة التي يتبعها الطبيب في الولادة الثانية. اعرفي المزيد عن هذا الموضوع من خلال متابعة قراءة هذا المقال.
جدول المحتويات
أين يوجد العجان؟
العجان هو المنطقة التي تربط ما بين فتحة الشرج والمهبل عند المرأة، والتي تحتوي على أربطة وعضلات تقوم بمهمة حمل محتويات البطن، بما فيها الرحم والمثانة. وتعتبر هذه المنطقة مليئة بالنهايات العصبية. ويمكن عمل فتحة بهذه المنطقة عند الولادة، فيما يعرف بشق العجان.
ما هو شق العجان ؟
- شق العجان هو عملية جراحية بسيطة تتم خلال الولادة الطبيعية في المنطقة ما بين المهبل وفتحة الشرج بهدف توسيعها والسماح للجنين بالخروج دون أن يتسبب في حدوث تمزقات عشوائية قد تصل إلى فتحة الشرج نفسها. ومنذ عشرات السنين يتم عمل هذه العملية البسيطة عند الولادة الطبيعية، خاصة لو كانت الولادة الأولى للمرأة. وكانت النساء قبل ذلك يقمن بالولادة على يد قابلات، ولم يكن هناك ما يعرف بـ شق العجان ، ولكن كانت الولادة تسير بطبيعتها، حتى إذا حدثت تمزقات بفعل دفع الجنين رأسه ناحية العجان تقوم القابلة بعمل غرز لتعود لما كانت عليه. وكان من ضمن طرق توسيع المهبل لتسهيل عملية الولادة استخدام كمادات ساخنة توضع على منطقة العجان منذ بدء عملية الولادة، فتساعد على استرخاء عضلات المهبل وتوسيعها بشكل طبيعي. ولأنه لم يوجد وقتها العقاقير التي تعمل على تسريع الولادة، فإنها كانت تأخذ وقتها الكافي الذي يسمح للجنين بالضغط المتواصل لساعات طويلة على منطقة المهبل. وهذا الضغط على المهبل وعنق الرحم يعمل على تليين المكان وإعداده لخروج الجنين دون تمزقات شديدة.
- ولكن لما دخل الطب في الولادة الطبيعية وأصبحت تجرى على يد طبيب، أصبح هناك ما يعرف بـ شق العجان . وهي، كما ذكرنا سلفا، عملية جراحية يتم من خلالها عمل فتحة تأخذ شكلا مائلا يبدأ من المهبل ويقترب قليلا من فتحة الشرج. ويتم استخدام مقص معين لهذا النوع من الفتحات، كما يقوم الطبيب بعمل جراحة تجميلية بعد تمام عملية الولادة. وفي الآونة الأخيرة بدأ هذا النوع من العمليات يتقلص في دول العالم الأول، وأصبحت قاصرة على الدول النامية. والسبب في ذلك هو أن الدول المتقدمة طبيا اكتشفت أنه من الأفضل أن تسير الولادة بشكل طبيعي دون أي تدخل طبي. كما أنهم وجدوا أن التمزقات العشوائية التي تحدث في بعض حالات الولادة تلتئم بسرعة وتعود الخلايا في مكان التمزق لما كانت عليه في وقت قصير، كما أن ألمها يكون أخف من المزق الذي يحدث من قبل الطبيب. ولكن لكي تتم الولادة طبيعيا دون تدخل جراحي تخضع الحامل طيلة فترة حملها لنظام غذائي معين وتمارين رياضية تساعد على تقوية منطقة العجان، حتى لا تتعرض للتمزق بفعل الدفع أثناء الولادة.
- ونسبة السيدات اللاتي يتعرضن لعملية شق العجان في هذه الدول لا يتخطى 5%، وهي حالات يستحيل ولادتها دون هذا الشق. ويضطر الطبيب إلى عمل شق العجان لأسباب طبية، يأتي في مقدمتها تعسر الولادة وطول مدتها، مما يسبب تعرض الطفل للاختناق واعتصار جسمه بسبب الانقباضات الرحمية. وهنا لابد من إتمام الولادة بأسرع وقت ممكن حتى لا تكون هناك خطورة عليه. كذلك قد يضطر الطبيب إلى استخدام أدوات طبية تساعد على الولادة، مثل الجفت والشفاط، وهي لا يمكن استخدامها في حال ضيق فتحة المهبل، فيكون الحل هو شق العجان . وقد يكتشف الطبيب عند ظهور رأس الجنين أنه أكبر من أن يمر من فتحة المهبل. وحتى لا يضطر إلى الولادة القيصرية يعمد إلى عمل شق بالعجان. وقد لا يكون الطفل نفسه قادرا على الدفع، كما يمكن أن يعرضه الدفع لبعض المشاكل الصحية، كما في حالات الولادة المبكرة. وهنا يتم شق العجان لمساعدة الطفل على الخروج دون دفع منه.
- ويتم شق العجان في المنطقة ما بين المهبل وفتحة الشرج. ويقوم الطبيب بوضع مخدر موضعي قبل القص بدقيقتين، وبعد خروج الطفل والمشيمة يضع المخدر للمرة الثانية ويقوم بتعقيم مكان الجرح ليبدأ بعمل خياطة تجميلية له. ويستخدم في الخياطة نوع من الخيط الذي يذوب بنفسه خلال أيام قلائل بعد أن يبدأ الجرح في الالتئام. وهذا النوع من الخيط لا يحتاج لإزالته من قبل الطبيب أو الأم، بل هو يتساقط شيئا فشيئا من تلقاء نفسه.
شق العجان في الولادة الثانية
- تتعرض نسبة كبيرة من السيدات إلى شق العجان في الولادة الأولى في مجتمعاتنا. وعند الحمل للمرة الثانية تتخيل المرور بنفس التجربة، خاصة لو كانت قد تسبب لها في بعض المشاكل. ولأن روتين الولادة لدينا لا يساعد على تمدد عضلات المهبل، فلابد من عمل هذا الشق في الولادة الأولى، تفاديا لتعرض الأم لتمزقات خطيرة أو تعرض الجنين للخطر من طول مدة الولادة وتعسرها. وأما عن الولادة الثانية، فإنه ليس بالضرورة أن يتم فيها عمل شق للعجان. وهذا يتوقف على تيسر الولادة وأسلوب الطبيب في الولادة. والولادة الثانية تكون في الغالب أيسر من الأولى، كما أن وقتها يكون أقل، ومنطقة المهبل أكثر اتساعا بسبب المرور بتجربة الولادة الأولى.
- ولكن قد تكون هناك أسباب تدفع بالطبيب إلى عمل شق العجان في الولادة الثانية، كأن يكون رأس المولود أكبر من 10 سم، وهو الاتساع الأقصى لفتحة المهبل عند الولادة، أو تكون الولادة مبكرة ولابد من إجرائها في أسرع وقت، أو يكون جرح الولادة الأولى قد ترك ندبات تمنع تمدد الجلد بشكل طبيعي دون حدوث تمزقات به. وهناك من الأطباء من يقومون بعمل فتحة صغيرة لا تتجاوز سنتيمترا واحدا في الولادة الثانية، حتى إذا مرت الولادة دون الحاجة إلى فتح فلا ضير من الفتحة الصغيرة، وإذا تسببت الولادة في حدوث تمزق كان هذا التمزق في المكان الصحيح، وهو مكان القص الذي قام به الطبيب، بدلا من أن يحدث ناحية فتحة الشرج ويسبب للأم الكثير من المشكلات.
العناية بشق العجان بعد الولادة
شق العجان تعتبر عملية جراحية بسيطة. ومع ذلك لابد من العناية بها بالطريقة الصحيحة، حتى لا يؤدي إهمال العناية بها إلى حدوث مضاعفات كثيرة قد تترك آثار على المدى البعيد أو تبطئ من تعافي الأم والتئام الجرح. وللعناية بـ شق العجان في الأيام الأولى بعد الولادة، على الأم الالتزام بالآتي:
- اتباع إرشادات وتعليمات الطبيب للعناية بالجرح والمواظبة على تناول الأدوية التي تساعد على التئام الجرح وعدم تورمه أو التهابه.
- الجلوس في حوض ممتلئ بالماء الدافئ، والمضاف إليه نوع من المطهرات التي يرشحها الطبيب، وذلك لعدة مرات على مدار اليوم.
- الحرص على نظافة مكان الجرح وتغيير الفوطة كل 6 ساعات على الأكثر حتى لا يتعرض للالتهاب.
- تجنب الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة وتغيير الوضعية من وقت لآخر.
- عدم الجلوس في وضع القرفصاء أو التحرك بشكل عنيف، حتى لا يؤدي ذلك إلى تمزق الخيط قبل التئام الجرح.
- عدم الضغط على الجرح عند الجلوس، واختيار وضعية النوم على أحد الجنبين عند إرضاع الطفل.
- عدم استخدام أنواع الغسول والمنظفات القوية التي لا تناسب فترة ما بعد الولادة، والاقتصار على الأنواع التي يصفها الطبيب.
- وضع كمادات باردة على جرح شق العجان حتى يخف الألم الناتج عنه ولا يحدث للجرح أي تورم.
- شرب كميات كافية من الماء والسوائل والألياف لعدم الإصابة بالإمساك، والبعد عن الأطعمة المسببة له.
- عدم الجلوس على الأماكن الصلبة التي قد تؤدي إلى حدوث مشاكل في الخياطة وألم في مكان الجرح.
- عدم تعريض الجرح للهواء الخارجي أو الماء البارد أو الدش المهبلي.
- استخدام الماء الدافئ عند دخول الحمام، حيث أنه يساعد على اندمال الجرح وسرعة سقوط الخيط.
- في حال الخوف من دخول الحمام في المرات الأولى بعد الولادة، يمكن تسليط الدش الدافئ على مكان الجرح حتى لا يسبب حمض البوليك الموجود في البول الشعور بالحرقة في الجرح.
- القيام بالضغط الخفيف والطبطبة على الجرح باستخدام المناديل الورقية النظيفة عند دخول الحمام للمرات الأولى بعد الولادة، فذلك يخفف من الألم ويعمل على تثبيت الخيط.
- بمجرد سقوط الخيوط جميعها، يفضل البدء في عمل تمارين كيجل التي تساعد على إعادة خلايا منطقة العجان إلى ما كنت عليه وتمام التعافي من الجرح في وقت قصير.
- الاتصال بالطبيب فور ملاحظة أي شيء غريب، كالتهاب الجرح أو تورمه أو انفكاك خياطة شق العجان .
وفي النهاية، أنصح كل حامل باختيار الطبيب الماهر الذي يشرف على عملية الولادة، حيث أن التهاون في هذا الأمر قد يؤدي إلى معاناة المرأة من مشاكل صحية تلازمها مدى الحياة. فكم من طبيب لا يمتلك الخبرة والمهارة لم يحسن فتح وخياطة منطقة العجان عند الولادة، وكانت النتيجة عدم التئام الجرح بشكل طبيعي ومعاناة المرأة لسنوات طويلة، بل وصعوبة الولادة الطبيعية في مرات قادمة دون عمل شق آخر.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.