خوف الطفل من النوم : أهم الممارسات التي تجعل هذه المشكلة تختفي
لأنه لا يكاد يخلو بيت من وجود ذلك الطفل الذي يهاب النوم ويخشى منه بحلول المساء، لابد من معرفة الطريقة المثلى للتعامل مع مشكلة خوف الطفل من النوم وحده؛ حتى يتمكن الوالدان من ممارسة نشاطاتهما الحياتية الطبيعية، ليلا ونهارا.
بعد أن تكون الأم قد انتهت لتوها من مهمة الرضاعة وتخلصت من العناء الشديد الذي يسببه قلة النوم وعدم الاستغراق فيه لساعات متواصلة، تأتي مشكلة خوف الطفل من النوم وحده لتحول بينها وبين قضاء ليلا مريحا تستعيد فيه طاقتها وتستعد لليوم التالي. ومشكلة خوف الطفل من النوم وحده، أو حتى مع أحد والديه، يعاني منها عدد لا بأس به من الأطفال، ويشاركهم المعاناة، بالطبع، الآباء والأمهات. ومع ذلك، هناك بعض الطرق التي تساعد على حل هذه المشكلة والتخلص منها نهائيا. وكل ما يستلزم الأمر هو فهم طبيعة المشكلة وأسبابها؛ وبالتالي معرفة كيفية التعامل معها بشكل صحيح يناسب الطفل ووالديه.
جدول المحتويات
خوف الطفل من النوم في غرفته
هناك نسبة كبيرة من الأطفال يشعرون بالخوف من النوم وحدهم؛ كما أن هناك نسبة تصل إلى 15% يخافون من النوم نفسه، سواء كانوا بمفردهم أو مع أمهاته. فهم ما إن يستغرقون في النوم، حتى يستيقظون فزعين يبكون. والحقيقة أنه ليس بالضرورة أن يكون الطفل يعاني من مشكلة نفسية أو مرض عضوي؛ ولكن ربما يكون الطفل في حاجة إلى المزيد من الوقت للاستغراق في النوم والانفصال عما حوله. وتعرف الأم إذا كان طفلها يعاني من الخوف إذا رأته منزعجا يلوح بيديه ويظهر عليه التوتر. وهنا تعلم أن لا شيء يخيفه. كل ما في الأمر أنه يشعر بالتشوش ولا يستطيع النوم جيدا. والجدير بالذكر أن الطفل في هذه الحالة لا يمكنه التواصل مع الأم ولا الشعور بها وهي تهدئ من روعه وتساعده على النوم؛ لأنه يكون في نقطة ما بين النوم واليقظة؛ فلا هو يستطيع التعمق في النوم ولا هو مستيقظ يراها فيطمئن ويهدأ. ويستمر الطفل على نفس الحال لعدة دقائق ثم يهدأ ويعود لنومه من جديد.
الفرق بين الفزع الليلي والكابوس
يقصد بالفزع الليلي خوف الطفل من النوم في بداية نومه، وهي المرحلة التي يكون فيها لم يصل إلى النوم العميق. وهو موضوع مقالنا هذا. وأما الكابوس فلا يأتي للطفل إلا في الأحلام التي يراها عندما يتعمق في النوم. وعادة لا يستطيع الطفل التعبير عما رآه في أحلامه قبل بلوغه عامه الثاني. أما قبل ذلك فإنه يبكي ويتغير مزاجه طوال اليوم التالي بسبب رؤية هذا الكابوس.
أسباب خوف الطفل من النوم لوحده
تعتمد الأسباب التي تؤدي بالطفل إلى الخوف من النوم وحده على نمط الحياة التي يعيشها وطبيعة الشخصيات المحيطة به والجو العام الذي يلفه. ومن أهم أسباب خوف الطفل من النوم وحده ما يلي:
- مشاهدة الطفل لمشاهد تخيفه في التليفزيون أو أفلام الكارتون. وعندما يصبح وحده يتذكر هذه المشاهد ويهيأ له أن الشخصيات المخيفة التي رآها ستأتي له في غرفته.
- تخويف الطفل من قبل الأم والأب والاعتماد على هذه الطريقة حتى يستجيب لكل ما يطلبانه منه. وهذه طريقة خاطئة، لأن الطفل يفعل ما يفعل من باب الخوف، ليس إلا، كما أن الحكايات المخيفة والشخصيات الوهمية التي ترعب الطفل تظل عالقة بذهنه خلال الليل وقد يرى الكوابيس بسببها.
- حدوث مشاجرات بين الأم والأب أمام ناظري الطفل. وهنا يفقد الطفل الشعور بالأمان والثقة بأبويه ويخاف من النوم وحده.
- التحدث أمام الطفل بأنك ستغادرينه وتتركينه وحده إذا لم يفعل كذا والتهديد بهذا بشكل متكرر. هنا تظهر مشكلة خوف الطفل من النوم بشكل واضح، لأنه يظن أنك سترحلين وهو نائم.
- قد يرى الطفل الأحلام التي تزعجه وتشعره بالقلق فيغادر سريره ويتجه إلى سرير والدته ليكمل نومه معها. ويحدث هذا غالبا من عمر سنتين إلى عمر ست سنوات. والطفل في هذا العمر لا يستطيع التفريق بين الواقع والأحلام، فيظن أن الحلم هذا حقيقي ويخاف منه.
- قد يؤدي زيادة اندماج الطفل في المجتمع عند دخوله الحضانة إلى الخوف من النوم بمفرده؛ فهو يري أطفال قد يسيئون إليه أو يعتدون عليه فيخاف طيلة الوقت ويهرع إلى مصدر الأمان الوحيد له، وهما والديه.
- في حال كانت الأم تعمد إلى إيقاظ طفلها ليلا ليدخل الحمام، يعتاد هو على الاستيقاظ خلال الليل ويخاف من العودة إلى النوم وحده ويلجأ لأمه لتبدد له مخاوفه.
- وهناك بعض الأمهات اللاتي تعنف الطفل إذا ما تبول في ملابسه وتخيفه وتهدده بشيء يسيء إليه إذا ما فعل ذلك. وهذا الطفل عادة ما يقلق مرات عديدة خلال الليل، خوفا من التبول على الفراش وإغضاب الأم.
- وعندما يأتي أخ صغير للطفل وينام مع أمه في غرفتها لا يعطي عقل الطفل مبررا مقبولا لهذا؛ بل إنه يشعر بالغيرة من أخيه الأصغر ويتساءل لماذا لا ينام هو كذلك مع أمه كما يفعل الرضيع؟ ولماذا تهتم أمه بالصغير وتتركه هو ينام بمفرده؟
- المعاملة السيئة في المدرسة، سواء من الزملاء أو المعلمين من أشهر أسباب خوف الطفل من النوم . فهنا يستيقظ الطفل كثيرا خلال نومه من أثر التوتر الذي يسيطر عليه ويلجأ إلى أبويه ليحمياه.
- بعض الأهل يعودون الطفل على النوم معهم حتى سن متأخرة. والطفل عندما يبلغ عامين من عمره يبدأ في الكلام والمشي والأكل بمفرده ويميل إلى الاستقلالية. فإذا قتل الوالدان هذا الشعور وتركاه ينام بجانبهم تعود على ذلك وكان من الصعب تعويد على النوم وحده.
- في حال كانت غرفة الطفل تحتوي على بعض الدمى أو الصور، قد يسبب له ذلك الشعور بالخوف إذا استيقظ خلال الليل. فهذه الأشياء تظهر بشكل مختلف في الظلام؛ وقد يقوم خيال الطفل بعمله ويراها تتحرك وتتحدث إليه، وهكذا.
- في حال كانت الأم تنوم طفلها في سريرها أولا ثم تحمله إلى غرفته عندما يستغرق في النوم. هنا لا يتعود الصغير على غرفته ولا يعتبرها مكانه الطبيعي، كما أنه يفزع إذا استيقظ ليلا ويفاجأ بأنه تم نقله دون علمه إلى مكان آخر لا يعتاده.
- أحيانا تلجأ الأم العاملة إلى تعويض طفلها عن غيابها لساعات عدة، فتعمد إلى تنويمه معها خلال الليل، لأنها تشعر بالذنب تجاهه لتركها إياه في فترة النهار. وهنا يتعود الطفل على النوم معها ومن الصعب تعويده على غير ذلك.
علاج خوف الطفل من النوم لوحده
ليست مشكلة خوف الطفل من النوم وحده بالمعضلة التي تفتقر إلى الحلول؛ بل إن هناك الحلول المناسبة لها؛ على الرغم من أنه قد تكون هناك صعوبة في تطبيقا. وإليك، عزيزتي الأم، أهم طرق التغلب على خوف الطفل من النوم وحده فيما يلي:
- في حال كان الطفل يعاني من نوبات الفزع أثناء النوم ويبكي وهو نائم، لا يمكن للأم مساعدته على الخروج من حالته تلك إلا إذا أيقظته وجعلته يشعر بالعالم حوله، فيراها ويسمع صوتها ويهدأ، ثم تحاول تنويمه من جديد. وإذا لم تكن الأم تحب إيقاظ طفلها ثانية يمكن وضع حلمة ثديها أو الرضاعة في فمه وستساعده على الهدوء وسيعود إلى النوم خلال دقائق عدة.
- لابد من الحفاظ على الحالة النفسية للطفل طوال النهار. فالروتين الذي يسير عليه الطفل، سواء في أسلوب تناول الطعام أو اللعب أو طريقة التعامل مع المحيطين به، يكون له عظيم الأثر على نوم الطفل بالليل ويحدد ما إذا كان سينام مرتاح البال هانئا أم متوترا يشعر بالفزع ويعاني من مشكلة ما.
- لابد من تهيئة مكان النوم للطفل بشكل يساعده على الاسترخاء والنوم العميق. ويساعد كذلك وضع روتين هادئ للطفل قبل النوم، كشرب كوب من الحليب والغناء له وهدهدته لبعض الوقت والتبسم في وجهه فينام سعيدا، لأن آخر الأحداث التي مر بها تشعره بالراحة والسعادة وتساعد على التغلب على مشكلة خوف الطفل من النوم .
- يمكن الجلوس لبعض الوقت أمام الغرفة التي ينام فيها الطفل حتى يغمض عينيه وهو يراك فلا يشعر بالخوف من الاستغراق في النوم.
- يمكن التحدث إلى صغيرك لبعض الوقت من خارج الغرفة. وعندما يبدأ النوم في مداعبة جفنيه سينام وهو يتذكر أن آخر تجربة له خلال اليوم هي سماع صوت أمه.
- لابد من التحدث إلى الطفل كثيرا خلال النهار والتقرب منه وفهم حالته النفسية والتكلم معه عما يزعجه ومعرفته ومحاولة إقناع الطفل بعكس ما يعتقد.
- لو كانت الكوابيس هي المشكلة لابد من إقناع الطفل بأن هذا ليس حقيقيا وأن الواقع يختلف عن ما يراه في أحلامه. كما أنه لابد من التكلم عن هذه الكوابيس بشكل منفتح وإقناع الطفل بعكس ما يتصور عنها. وأما الاعتقاد الشائع بأن الأم لا ينبغي لها التحدث عما يزعج الطفل من كوابيس فإنه يؤدي إلى أن تظل الأفكار السيئة حبيسة عقل الطفل ولا تتغير للأفضل.
- إذا كانت هناك مشكلة بين الطفل وأحد المحيطين به فلابد من معالجة الأمر حتى يستقر الطفل نفسيا ولا يكون المجتمع المحيط به مصدرا للإزعاج خلال النهار والليل.
- لابد من أخذ كلام الطفل دائما على محمل الجد وعدم الاستهانة به والتقليل من حجم المشكلة. فلو قال بأن هناك ما يضايقه لابد من فهم الأمر ومعالجته لأن هذه الأسباب هي مؤشرات لبدء مشكلة خوف الطفل من النوم وحده.
- في حال كان الطفل يخاف من الظلام يمكن استخدام ضوء خافت للغاية يساعده على النوم.
- يمكن الاستعانة بقصص خيالية يكون فيها البطل طفلا جميلا به صفات يحبها طفلك، ومن مميزاته أنه يتمسك دوما بالنوم بمفرده في غرفته، وأن سبب حبه لغرفته هو كذا وكذا. هنا سيقتدي الطفل بالبطل الذي أحبه ويقتنع بالنوم بمفرده.
- يمكن مشاركة الطفل في تزيين الغرفة ووضع الأشياء التي يحبها ويتعلق بها بداخلها. وهنا أنت تصنعين مكانا مألوفا لطفلك.
- يمكن شراء دمية يحبها الطفل قبل تعويده على النوم بمفرده ببعض الوقت. وعندما تبدئي في تعويد الطفل على النوم بغرفته ضعي هذه الدمية هناك وقولي له أنها لا تحب سوى النوم على هذا السرير وأنه إذا أحببت البقاء إلى جوارها أثناء النوم فلتنم هنا.
- لابد من التدرج في تعويد الطفل على النوم وحده. وعلى سبيل المثال، يمكن تنويم الطفل في سريره الخاص ووضعه داخل غرفة والديه، ثم نقله إلى غرفته مع نوم أحد الوالدين معه، ثم نوم أحد الوالدين على الأرض إلى جوار السرير، ثم جلوسه على كرسي مجاور للسرير، ثم وقوفه على الباب حتى يغمض الطفل عينيه، ثم التحدث إليه من خارج الغرفة حتى يستغرق في النوم، وهكذا.
- لا يفيد توتر الوالدين في جعل الطفل ينام بمفرده، بل لابد من التحلي بالصبر وهدوء الأعصاب، لأن الأمر قد يستغرق وقتا طويلا حتى يتم بنجاح.
- لابد من الجدية والحزم عند تعويد الطفل النوم بمفرده؛ وليس من الجيد أن يشعر الوالدين بالشفقة على الطفل عند رؤيته يبكي من الخوف من النوم وحده فيأخذانه ثانية إلى سريرهما ويعطلا مسير المهمة.
هذه هي بعض الطرق التي تساعد على التغلب على خوف الطفل من النوم بمفرده. والقاعدة العامة تقول بأن كل طفل يختلف عن الآخر. وعلى الأبوين فهم طبيعة طفلهما والتعامل معه بالطريقة التي تناسبه لحل هذه المشكلة.