تغذية الحامل : أطعمة لا غنى للمرأة الحامل عن تناولها بانتظام
يتوقف على جدول تغذية الحامل الكثير من الأمور المهمة؛ والتي يأتي على رأسها صحتها خلال الحمل وبعد الولادة والرضاعة الطبيعية. ومن ناحية الجنين، فإنه يتأثر طيلة حياته من الناحية الجسدية والنفسية بتغذيته وقت الحمل وخلال الرضاعة كثيرا.
هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة عن تغذية الحامل في مجتمعاتنا. والغالبية العظمى منا يظن أن المرأة تحتاج خلال فترة الحمل إلى مضاعفة كمية الطعام التي تتناولها في ظروفها العادية. غير أن هذا الأمر يخالف الصواب تماما. فالأم خلال فترة حملها لا تحتاج لكم كبير من الطعام بقدر ما هي في حاجة إلى الالتزام بتناول العناصر الغذائية المتنوعة التي يحتاجها جسمها وجنينها. كذلك قد تكون هناك صعوبة في ترك العادات الغذائية غير الصحية التي تتبعها الأم قبل الحمل واستبدالها بعادات غذائية تناسب جنينها وتعطيه احتياجاته. وفي كثير من الأحيان تجد الأم صعوبة في تنظيم غذائها خلال الفترة الأولى من الحمل؛ نظرا لأن أعراض الحمل خلال هذه الفترة تعيق تناول الطعام بشكل طبيعي وتمنعها من كثير من الأطعمة التي تستطيع تناولها في أوقاتها العادية. ومن خلال سطور هذا المقال نقدم أهم الأمور المتعلقة بمسألة تغذية الحامل على مدار فترة حملها.
جدول المحتويات
تغذية الحامل في الشهور الأولى
ذكرنا فيما سبق أنه ليس من السهل على الحامل في شهورها الأولى الانتظام في تناول الطعام بشكل صحي، بسبب الأعراض المنغصة التي تلازمها طيلة هذه الفترة. ولكي تستقر تغذية الحامل خلال هذه الفترة، عليها معرفة كيفية التغلب على صعوباتها والطرق التي تستطيع من خلالها تناول طعامها بشكل طبيعي، إلى حد ما. ولنذكر في البداية العناصر الغذائية التي تحتاجها الحامل في هذه الفترة. تحتاج الحامل إلى غالبية الفيتامينات والمعادن والبروتينات والكالسيوم وغيرها من العناصر الغذائية المهمة. ولكي تحصل الحامل على هذه العناصر لابد لها من التنويع في طعامها على مدار اليوم. والأطعمة المثالية للحامل خلال هذه الفترة هي الخضروات والفواكه والبروتينات بأنواعها والنشويات ومنتجات الألبان والحبوب. وأهم العناصر الغذائية خلال الثلث الأول من الحمل هو حمض الفوليك الذي يعد مسؤولا عن تكوين الجنين خلال هذه الفترة. ولابد للحامل من أخذ هذا العنصر عن طريق الحبوب الدوائية التي يصفها الطبيب؛ خاصة إذا كانت لا تستطيع تناول الأطعمة المحتوية عليه. وبالطبع يفضل الإكثار من الأطعمة المحتوية على حمض الفوليك.
ولأنه من المعروف أن الثلث الأول من الحمل تحدث به بعض الأعراض التي تعيق الأم عن تناول طعامها بشكل طبيعي؛ وهذه الأعراض تتمثل في القيء والغثيان والدوار والإجهاد والتعب المستمر وفقدان الشهية وعدم القدرة على تناول أنواع متعددة من الأطعمة، لأن الأمر كذلك فإننا نقدم بعض النصائح التي تساعدها على تناول طعامها قدر الإمكان. وهذه النصائح تتمثل في الآتي:
- تقسيم الوجبات إلى ست وجبات صغيرة بدلا من ثلاث وجبات كبيرة. وهذا يساعد على التأقلم مع وضع المعدة في هذه الفترة؛ حيث تكون مرتخية ومفتوحة الفم ولا يمكنها الانغلاق على ما بها من طعام، مما يسبب القيء أثناء تناول الطعام أو بعده مباشرة. كذلك يساعد هذا في تفادي مشاكل الجهاز الهضمي والأمعاء التي تعمل ببطء شديد، بسبب ارتخاءها الناتج عن ارتفاع معدل الهرمونات بالجسم.
- من أهم أساسيات تغذية الحامل الاهتمام بأخذ حبوب حمض الفوليك وحبوب الحديد، في حال كانت الأم لا تستطيع تناول الأطعمة التي تحتوي على هذين العنصرين. واعلمي أنه ليس من الجيد على الإطلاق الخروج من الثلث الأول من الحمل وأنت تعانين من أنيميا نقص الحديد.
- تقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون، والتي يصعب هضمها. ويمكن الاعتماد على الأطعمة الخفيفة، مثل خبز القمح الكامل واللحوم قليلة الدسم والفواكه والخضروات والمكسرات وغيرها من الأطعمة الخفيفة.
- في حال كنت تعانين من الغثيان الذي يمنعك من تناول الطعام أساسا، فيمكنك محاولة التقيؤ قبل تناول الطعام، وهذا أمر يسير على الإطلاق. يكفيك شم بعض الأطعمة التي تسب لك الهياج والتقيؤ. وبعد عملية التقيؤ ستجدي أن معدتك أسبحت أكثر استقرارا وأنه بإمكانك تناول طعامك. ويمكن عمل روتين يومي صباحي بغسل الأسنان عند الاستيقاظ، وعندها ستتقيئين بنسبة كبيرة، وستكونين مستعدة لتناول طعام الفطور. ولكن حذار من التقيؤ ومعدتك فارغة تماما؛ فهذا يسبب الكثير من الألم. يمكنك شرب بعض الماء حتى لا تتألمين كثيرا. واحذري من غسل أسنانك بعد تناول طعامك مباشرة، فهذا يعرضك لخسارة ما تناولتيه من طعام.
- احرصي على شرب كميات كافية من الماء؛ ما لا يقل عن ثمانية أكواب يوميا. وهذا يفيد كثيرا في تعويضك عن السوائل التي تفقديها بسبب القيء. كما أن الماء والسوائل يساعدان الجهاز الهضمي على الحركة بسرعة أكبر وعدم إصابتك بالإمساك.
- ويساعد كذلك للتخلص من الإمساك تناول الألياف الموجودة بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة. واعملي أن تناول حبوب الحديد يزيد من احتمالية الإصابة بالإمساك.
تغذية الحامل في الثلث الثاني من الحمل
- يختلف الثلث الثاني من الحمل عن ثلثه الأول كثيرا. وتعتبر هذه الفترة هي أفضل فترات الحمل على الإطلاق. وهي الفترة التي تستمتع بها الحامل بحملها دون أن تعاني من أعراض الثلث الأول السخيفة ومشاكل الثلث الثالث المتعبة. ويتلاشى تدريجيا فقدان الأم لشهيتها وتبدأ في الإقبال على الطعام بشكل أكبر بكثير. ومن الشائع زيادة الوزن خلال هذه الفترة. وهذا بالطبع يعتمد على نوعية الأطعمة التي تتناولها الحامل. وتعتمد تغذية الحامل في هذه الفترة على نفس العناصر الغذائية التي ذكرناها خلال الثلث الأول من الحمل؛ غير أن هناك تغير في كميات الحليب التي تحتاجها الحامل.
- ولأن عظام الجنين تبدأ في التكوين خلال هذه الفترة، بداية من الشهر الخامس من الحمل، فهو يحتاج لكميات كبيرة من الكالسيوم. ولتعطي الأم جنينها احتياجاته من الكالسيوم، عليها تناول ما لا يقل عن أربع وحدات من منتجات الألبان يوميا. ويمكنها اختيار الأفضل لها من منتجات الألبان. كما يمكنها التنويع في الأصناف التي تتناولها. وعلى سبيل المثال، يمكن شرب كوبين من الحليب تناول كوبين من الزبادي، أو شرب كوبين من الحليب وكوب من الزبادي وقطعة من الجبن القريش، ويمكن شرب الحليب الرائب أو تناول القشدة أو غيرها من منتجات الألبان. المهم أن لا يقل ذلك عن الوحدات الأربع. ويمكن كذلك تناول بعض الأطعمة التي تخرج عن نطاق منتجات الألبان، والتي تحتوي على الكالسيوم، ومنها العنب والطماطم والخيار والتمر والزبيب وغيرها.
- وطالما أن الأم تتناول الكالسيوم لتقوية عظام طفلها والحفاظ على مخزون الكالسيوم في جسمها، فلا يقل بسبب الحمل، فمن المهم للغاية تناول فيتامين د. والحقيقة أن تناول الكالسيوم دون فيتامين د لا فائدة منه ولا طائل من ورائه. والسبب في ذلك أن فيتامين د هو العنصر المسؤول عن ترسيب الكالسيوم في العظام، وبدونه يخرج الكالسيوم من الجسم مع البول ولا يستفيد الإنسان منه. وللحصول على الكميات الكافية من فيتامين د يمكن للأم تناول عدد 2 بيضة يوميا، كما أن عليها التعرض لأشعة الشمس لمدة 10 إلى 15 دقيقة يوميا؛ وليكن ذلك في الساعة الثامنة إلى العاشرة صباحا أو من الثالثة إلى الخامسة عصرا.
تغذية الحامل في الثلث الثالث من الحمل
تخرج الحامل من الثلث الثاني من الحمل لتبدأ في فقدان الراحة التي كانت تشعر بها شيئا فشيئا. وهذا لا يعني أن هذه الفترة هي أسوأ من أول فترات الحمل، أو حتى تشبهها؛ فليس هناك ما يضاهي الفترة الأولى من الحمل. كل ما في الأمر هو أن حجم الجنين يبدأ في التضاعف بصورة أكبر بكثير من ذي قبل؛ فإذا كان الشهر السادس من الحمل ينتهي ووزن الجنين كيلو جراما واحدا، فإن هذا الوزن يتضاعف مرتين خلال الثلث الثالث من الحمل. وبالطبع يحدث هذا بشكل سريع يدهش الأم ومن حولها. ومع زيادة حجم الجنين وزيادة ثقله تحدث بعض المشاكل بالجهاز الهضمي؛ والتي تتسبب في اضطراب في تغذيتها.
وتحتاج الحامل خلال هذه الفترة إلى جميع العناصر الغذائية. ويجب عليها اختيار الصحي منها؛ فذلك يساعد على تخفيف آلام هذه الفترة والتعايش مع أعراضها. واعلمي أنه كلما كانت تغذية الحامل سليمة خلال هذه الفترة، كلما ساعد ذلك على نجاح الرضاعة الطبيعية في فترة ما بعد الولادة. وتتبع الحامل تقريبا نفس النظام الغذائي المتبع منذ بداية فترة حملها، وتتناول العناصر الغذائية المتنوعة والمتوفرة، وتستمر على الحفاظ على نفس كميات منتجات الألبان التي تتناولها. ومع بداية الشهر الثامن من الحمل تستطيع تقليل هذه الكميات؛ فعظام الجنين تكون اكتملت بدرجة كبيرة. ولكن لا تترك تناول الكميات التي يحاجها جسدها.
وأهم ما في الأمر هو أن تستطيع الحامل التعايش مع ظروف الثلث الثالث من الحمل. ويمكن تنظيم تغذية الحامل بالاستعانة ببعض النصائح التي نقدمها فيما يلي:
- على الحامل الإقلال من تناول الأطعمة الدسمة والمقلية؛ لأنها تتسبب في الشعور بالحرقة وعسر الهضم والإمساك وزيادة الوزن بدرجة كبيرة. وهي ليست في حاجة إلى الكميات الكبيرة من السعرات الحرارية التي تحتوي عليها مثل هذه الأطعمة.
- كذلك ليس من الجيد الإكثار من الأملاح والمخللات، لأنها تسبب الشعور بالحرقة والحموضة وتحبس الماء تحت جلدها؛ مما يسبب لها التورم؛ وخاصة في اليدين والقدمين.
- تناول كميات مناسبة من الماء والسوائل؛ فهي تساعد الجسم على التخلص من الأملاح الزائدة وتسهل عملية الهضم. ويراعى شرب الماء على رشفات صغيرة وعدم شرب كميات كبيرة منه دفعة واحدة؛ فهذا يرهق المعدة صغيرة الحجم في الوقت الحالي.
- وفي حال كانت الحامل تعاني من الإمساك، فيمكنها تناول الألياف التي تسهل من عملية الهضم.
- ويلزم الابتعاد عن الأطعمة التي تسبب الشعور بالانتفاخ.
- تناول كميات قليلة من الطعام على مدار اليوم وعدم ترك المعدة خاوية لفترات طويلة؛ فهذا قد يشعر الحامل بالهبوط الحاد والإغماء في بعض الحالات.
- لابد من الإكثار من الأطعمة التي تحتوي على الحديد ومتابعة نسبة الهيمجلوبين بالدم عن طريق التحاليل؛ فالحامل لا يمكنها الإقبال على الولادة وهي تعاني من أنيميا فقر الدم.
- لا يفضل الجمع أبدا بين الأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم والأخرى التي تحتوي على الحديد؛ وكذلك حبوب الكالسيوم وحبوب الحديد. والسبب في ذلك أن كلا منهما يكسر الآخر، فلا تستفيد الحامل من أي منهما. ولابد أن يتم الفصل بين كل منهما بمدة لا تقل عن ساعتين.
جدول غذاء الحامل
ليس من الصعب أن تضع الحامل جدول غذاء لها يساعدها على تناول ما تحتاج هي وجنينها طيلة فترة الحمل. ولأن كل فترة من فترات الحمل لها ظروفها وملابساتها الخاصة، وأعراضها التي تتطلب معاملة خاصة، فإن لكل فترة جدول غذائي يناسبها، وقد لا يناسب غيرها. ولأن كل شخص يختلف عن غيره، فإن الفيصل في تحديد جدول تغذية الحامل هو تضمينه جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها. وعلى سبيل المثال، إذا حاولنا وضع جدول يناسب الفترة الثانية والثالثة من الحمل، فإنه سيشتمل على ست وجبات طوال اليوم، ثلاثة وجبات رئيسية وثلاثة أخرى خفيفة. وبالنسبة لوجبة الفطور الرئيسية، فيمكن أن تشتمل على بيضة واحدة وكوب من الحليب وقطعة من الخبز البلدي وبيضة واحدة. ويمكن تناول قطعة من اللحم الأحمر أو الأبيض أو سمكتين إلى ثلاث سمكات وطبق من الأرز الأبيض أو البني أو الفريك وطبق من السلطة الخضراء وطبق من الخضار المطبوخ في وجبة الغداء. ويمكن على العشاء تناول كوب من الحليب وقطعة من الجبن القريش وقطعة من الخبز وبيضة واحدة. وبالنسبة للوجبات الخفيفة، فيمكن أن تكون عبارة عن زبادي أو فواكه طازجة أو مجففة أو مكسرات؛ حسب ما تحب الحامل. ويمكن إحداث تغييرات في نظام تغذية الحامل حسب ما تشتهي؛ شرط أن يكون ذلك مقيدا بالضوابط الصحية.
وبالنسبة للثلث الأول من الحمل، فإن له ظروفه الخاصة. ومن المهم أن تتناول الحامل خلال يومها كوبا من الحليب وكوبا من الزبادي وثمرتين من الفواكه وبيضة واحدة وقطعة من الخبز وعدة ملاعق صغيرة من الأرز وقطعة من اللحم وبعض الخضروات الطازجة أو المطبوخة. ويمكن إضافة بعض المكسرات الخالية من الملح. ولم أذكر هنا تقسيما للوجبات كما فعلت في الثلثين الأول والثاني لأن هذه الفترة ليس من السهل أن يحكمها جدول معين؛ نظرا لأن الحامل تنام فيها ساعات طويلة وتكون متقلبة جسديا ونفسيا. أهم ما في الأمر هو أن تحاول قدر الإمكان إعطاء جسمها ما يحتاج من طعام. ويمكن الاستعانة ببعض الفيتامينات والمكملات الغذائية لتعويض أي نقص في تغذية الحامل في هذه الفترة.
وهناك أمور يجب مراعاتها في العموم عند وضع جدول تغذية الحامل. وهذه الأمور هي:
- عدم تناول الكالسيوم مع الحديد؛ حتى يستطيع جسم الحامل الاستفادة من كليهما ولا يخسر أيهما.
- يفضل بدء اليوم بشرب فنجان صغير من العسل الأسود مضافا إليه عصير نصف ليمونة، أو ليمونة كاملة. وهذا يقي من أنيميا نقص الحديد ومن هبوط الدورة الدموية.
- يفضل عدم الإقلال عن 8 أكواب من الماء؛ حتى لا تصاب الحامل بالجفاف والإمساك الذي يؤثر على تغذيتها.
ونهاية، ننصح الحامل بالابتعاد عن الأطعمة الجاهزة والمعلبة والاعتماد على كل ما هو طازج ومضمون المصدر ومصنوع في المنزل؛ فالمواد الحافظة وأي تلوث قد يكون بالغذاء له تأثيره الكبير على صحتها وعلى جنينها. كما أن الأطعمة المعدة خارج المنزل عادة ما يكون مضاف إليها كميات كبيرة من الدهون والبهارات والملح والتي لا تلائم تغذية الحامل الصحية.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.