كيف يمكن تعويض غياب الأم عن الطفل أثناء وجودها في العمل؟
يتوقف على كيفية تعويض غياب الأم عن طفلها أثناء العمل الكثير من الأمور؛ بل إنه قد يتوقف قرارها في العمل من عدمه على هذه النقطة. والسبب في ذلك أن كثيرا من الأمهات يشعرن بالذنب إذا ما لازموا أطفالهن على مدار اليوم دون انقطاع.
عادة ما تكون عدم القدرة على تعويض غياب الأم عن طفلها أثناء فترة عملها دافعا للتخلي عن الحياة المهنية والأحلام والطموحات التي تراود الأم. والحقيقة أن تحقيق النجاح على جميع الأصعدة هو أمر صعب نسبيا، ويحتاج للكثير من الحرفية والفن لتحقيقه. ولكي يمكن تعويض غياب الأم عن الأطفال لعدة ساعات من أجل العمل، لابد من حساب حسبتها كاملة ووضع الخطة التي تشمل جميع الجوانب الخاصة بطفلها، مثل كيف سيتناول طعامه وينام ومن سيشرف عليه وكيف سيكون ذلك، وهكذا. وعادة ما تحتاج الأم لبعض المساعدة من المحيطين بها لأجل تحقيق ذلك. وليس من الجيد أن تشعر الأم بالذنب تجاه طفلها لأنها تعمل وتضطر لتركه بعض الوقت؛ فهذا عملها الذي حتما سيعود بالنفع على جميع أفراد أسرتها، بما فيهم أطفالها.
جدول المحتويات
كيفية النجاح في المنزل والعمل
لا يأني نجاح المرأة العاملة خارج المنزل بيسر على الإطلاق. فهي لكي تقوم بذلك تحتاج إلى بذل جهد مضاعف وعدم إضاعة جزء من الثانية من وقتها للوصول إلى ذلك. وإذا كان النجاح عامة يحتاج إلى بذل الجهد، فإن نجاح الزوجة والأم يحتاج إلى جهد مضاعف. وهذا لا يعني أن المرأة العاملة دائما ستكون مضغوطة لا تستطيع الاستمتاع بحياتها كما الأخريات. كل ما في الأمر أنها تحتاج لترتيب أولويتاها وتنظيم حياتها بشكل يسمح لها بتحقيق النجاح على جميع الأصعدة. ولكي يمكن تعويض غياب الأم عن الأطفال والوفاء بجميع أدوارها وواجباتها تجاه نفسها والمحيطين بها، يمكنها الاستعانة بالنصائح التالية:
- الاعتماد دائما على الورقة والقلم في تحديد كل شيء، الأولويات والواجبات واحتياجات الجميع والخطط المستقبلية وغيرها.
- تحديد وكتابة جميع الأشياء التي تطمح بتحقيقها على مدار حياتها. ويساعد هذا دوما على عدم مضيعة الوقت في لا شيء؛ فهي تعرف ما يجب عليها فعله في كل وقت من الأوقات.
- بعد كتابة جميع الأشياء التي تود تحقيقها، على الأم العاملة تحديد الأولويات وإدارة الوقت. فهناك مهمة لابد من إنجازها خلال هذا العام وهناك مهمة سيحتاج إنجازها إلى الانتظار قليلا حتى تنتهي غيرها وهكذا. أما فكرة تراكم جميع الأفكار فوق بعضها البعض والتصرف بعشوائية فلا يمكن النجاح من خلالها.
- وضع جدول بالمهام المطلوبة من الأم على جميع الأصعدة وتقسيمها. فمثلا، تكتب واجباتها المنزلية وواجباتها في العمل وواجباتها تجاه نفسها ومن حولها وواجباتها الاجتماعية، ثم تحاول التوفيق بين كل هذه الأمور، بما يتناسب معها ولا يشق عليها.
- اليقين بأن الحياة لا يمكن أن تخلو من المشكلات والعقبات. والأم التي لا تعمل خارج المنزل من الممكن أن تكون أقل نجاحا داخل المنزل من تلك العاملة. كما أنه ليس بالضرورة أن يكون السبب وراء وجود مشاكل داخل المنزل هو عمل الأم.
- عليك وضع أطفالك وزوجك دائما في المقدمة. فوجود المشاكل الأسرية الناتجة عن التقصير في حق أفراد الأسرة سيؤثر حتما عليك وعلى توازنك وعلى نجاحك بالخارج.
- من أهم ممارسات تعويض غياب الأم طلب المساعدة من المحيطين بالأم. فإذا كانت الأم قائمة وحدها على رعاية المنزل والأطفال بشكل كامل، فهي لا تستطيع تحقيق نجاح يرضيها في مجال عملها. ودائما ما أرى أن المرأة الناجحة يعود نجاحها إلى مساعدة زوجها لها، سواء بشكل معنوي أو تعاوني.
- تعويد كل من بالمنزل تحمل جزء من المسؤولية، حتى ولو كانوا أطفالا؛ فهذا يوفر على الأم الكثير من الوقت والجهد الذي تدخره لنجاحها المهني والشخصي.
- لكي يكون جميع أفراد الأسرة ناجحين، لابد من التخلي عن العادات والتقاليد التي تعيق ذلك، وتحقيق المصلحة العامة والتركيز عليها.
- وضع نظام يومي منضبط يسير عليه أفراد الأسرة جميعا؛ فلكل وقت عمل وكل فعل له مدة زمنية لا يمكن تجاوزها، وإلا أثر على غيره.
- وضع موعد محدد للنوم والاستيقاظ وتناول الطعام وممارسة الأنشطة المنزلية لجميع أفراد العائلة والبعد عن العشوائية.
- لابد من الحرص على إعطاء جسدك وروحك حقهما وعدم التقصير في ذلك؛ فأنت تحتاجين لقسط كاف من النوم وتغذية جيدة ووقت للترويح عن النفس ووقت مسل ممتع تقضينه مع أفراد عائلتك أو أصدقائك.
- ولابد كذلك من التعامل المرن مع جميع المشكلات والعقبات وتقبل التغييرات التي تطرأ بين الفينة والأخرى؛ فوجود طفل بحياتك لن يدعك تسيرين على نفس المنوال الذي تسيرين عليه منذ عشر سنوات مثلا، وإنما حتما سيكون هناك تغيير من وقت لآخر يناسب طبيعة طفلك وعمره واحتياجاته التي تختلف من وقت لآخر.
تأثير عمل المرأة على الأسرة والمجتمع
بالطبع تملك المرأة غير العاملة متسعا من الوقت عن المرأة التي يأخذ عملها جزءا من وقتها. وليس بالضرورة أن تكون غير العاملة مهتمة بشؤون أسرتها أكثر من التي تعمل؛ فهذا يعتمد على شخصية كل امرأة ومدى حرصها على الاهتمام بالمحيطين بها. وقد ثبت بالدراسات الحديثة أن المرأة العاملة ينعكس نجاحها في عملها على إدارتها لأمور منزلها ورعايتها لأبنائها وزوجها. والسبب في ذلك أنها تكون نشيطة تستغل جميع طاقاتها وتشعر بالسعادة والرضا بنجاحها. أما لو كانت المرأة تحب العمل ولم تحصل على هذه الرغبة ولم تجد من يساعدها في ذلك، فإنها عادة ما تكون مصابة بالاكتئاب والتوتر وتقصر كثيرا في مهامها المنزلية ولا تحب الإقبال على الحياة بحب. بل إن الدراسات قد أثبتت أن أبناء الأمهات العاملات هم أكثر نجاحا من غيرهم وأنهم يحتلون مراكز قيادية هامة للغاية. وهذا بالطبع يعتمد على ما ذكرناه من قبل من أهم النقاط التي يساعد الالتزام بها على تعويض غياب الأم أثناء العمل وعدم التقصير في حق الأبناء. وعادة ما يكون الابن الذي تعمل والدته متقبلا لثقافة التعاون وحب النجاح لزوجته عندما يتزوج؛ فقد رأى كيف كان والده يتعاون مع والدته ويساعدها في الشؤون المنزلية ولا يمانع في عملها خارج المنزل. وبالتالي فهي ثقافة نربي أبناءنا عليها.
هل من الصواب التخلي عن تحقيق الطموح وتكريس الحياة للأطفال؟
هذا يعتمد على عدة أمور، منها طبيعة شخصية المرأة ومدى قدرتها على التوفيق بين مهامها المنزلية ورعاية أطفالها وعملها خارج المنزل وكونها مرتاحة لقرار التخلي هذا. وهناك من الشخصيات من لا تستطيع القيام بأكثر من عمل في نفس الوقت. وطالما أنه لا يمكن تعويض غياب الأم في وقت العمل تكون المهمة الأولى هي المنزل والأطفال؛ وحين تشعر المرأة بأن لديها المقدرة على القيام بما هو أكثر من ذلك تفعل. كذلك هناك من السيدات من تكون شاعرة بجلد الذات بقرار التخلي عن العمل لرعاية الأطفال. وهذا الشعور قد يكون مؤذيا في كثير من الأوقات؛ فكل منا يحب لنفسه الأفضل. وهنا أنصح هذه المرأة بعدم جلد الذات ولا الشعور بالذنب تجاه الأطفال. ويكون ذلك بالعمل في مجال يتيح لها توفير أكبر قدر ممكن من الوقت لأطفالها. وفي وقتنا الحالي أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي مكان عمل الكثير من الناس، وخاصة السيدات، وأصبحت ثقافة العمل من داخل المنزل لتحقيق الطموحات وعدم البعد الأبناء في نفس الوقت سائدة عند الكثيرين.
كيفية تعويض غياب الأم أثناء عملها ؟
هناك بعض لنقاط التي يساعد الانتباه لها على تعويض غياب الأم عن أطفالها للعمل. وهذه النقاط هي:
- إيجاد الشخص المناسب للمكوث مع الطفل حال كونك في العمل. وهذا الشخص لابد وأن تتوفر فيه غالبية المميزات الموجودة بك. وهو لا يتعدى الأب والجدة والخالة والعمة. فهؤلاء الأشخاص يحبون الطفل ويتعاملون معه بحنان ويوفونه احتياجاته ويستطيعون تعويض غياب الأم بقدر كبير.
- في حال كان طفلك لا يزال رضيعا، يفضل شفط بعض الحليب الذي يكفيه أثناء غيابك من ثدييك بدلا من الاعتماد على الحليب الصناعي.
- في حال كان طفلك بعمر المدرسة أو الحضانة يفضل أن يكون وقت عملك هو نفس وقت تواجده بالمدرسة حتى لا يشعر بغيابك في المنزل.
- يفضل دوما تواجد الطفل بمكان يألفه أثناء تواجدك بعملك، كمنزلك الخاص أو منزل جدته. فهذا يوفر له الكثير من الأريحية ولا يسبب له المعاناة من غيابك لوقت طويل.
- يفضل دوما اختيار الشخص الذي يقوم على التربية بنفس الطريقة التي تتعاملين بها؛ وذلك حتى لا يتربى الطفل بطريقة لا ترضيك فتحتاجين لجهد مضاعف لتغييره أو تحدث له مشاكل نفسية بسبب تناقض أسلوب التربية بينك وبين من يبقى معه أثناء العمل.
- قومي دوما بإعطاء تعليماتك للمشرف على طفلك أثناء غيابك؛ وذلك فيما يخص الأكل والشرب والنوم وطريقة التعامل وغيرها.
- لا يعني غيابك عن الطفل لعدة ساعات أن تبالغي في تدليله بقية اليوم لشعورك بالذنب تجاهه. ولكن تعاملي معه بأسلوب تربوي سوي ولا ترتكبين أخطاء في تربيتك له من الممكن أن تعيق عملك وسير حياتك الأسرية في يوم ما.
- حاولي إيجاد بيئة لطفلك تتيح له الاحتكاك بأطفال غيره، حتى لا يتعود على الانعزال والانطوائية.
- لا تحضري بعضا ما مهام عملك إلى المنزل؛ بل اجعلي وقتك داخل المنزل خالصا لزوجك وأطفالك فهذا من أساسيات تعويض غياب الأم في فترة العمل.
- اجعلي الأنشطة التي تقومين بها مع أطفالك متنوعة. العبي معهم ومارسي الرياضة واقرئي لهم وعلميهم وشاهدي معهم التلفاز، وهكذا.
- اعلمي أن بذل الجهد طوال اليوم من أجل الوفاء باحتياجات منزلك وأطفالك هو أكثر راحة لك من تمضية وقت طويل في راحة جسدك وإهمال غيره.
- قبل النوم، احرصي على عمل قائمة بمهام الغد؛ فهذا يساعدك على النوم بارتياح والاستيقاظ بنشاط.
- في حال كنت تعملين من المنزل، فلابد من تنظيم الوقت وتحديد المدة الزمنية التي تنتهين فيها من مهامك في العمل؛ على أن تكوني متفرغة بقية اليوم إلى المنزل والأطفال.
- من الجيد إجراء اتصال هاتفي بطفلك أثناء عملك يطمئنه ويشعره باهتمامك الذي حتما سيسعده.
- تابعي دوما طفلك من حيث النمو الجسدي والتطور النفسي له؛ فإذا لاحظت عليه ما يدعو للاستغراب، عليك بإيجاد حلول المشكلة على الفور.
- تحدثي كثيرا إلى أطفالك أثناء تواجدك بالمنزل، واحرصي على أن لا تشعريهم بأن عملك يسبب لك الشعور بالإرهاق بقية اليوم؛ وبالتالي فإن نصف اليوم في العمل والنصف الآخر في التعب منه، ولا وقت لهم عندك.
وأخيرا، اعلمي أن لكل شيء في هذه الحياة فاتورة وضريبة يدفعها أحدهم. لا تجعلي أطفالك هم من يدفعون ثمن بعدك عنهم للعمل، ولا تفضلي نفسك عليهم، وقدري أهمية تعويض غياب الأم للعمل؛ فما من شيء أجمل من أن نربي أطفالا صالحين أسوياء نفتخر بهم ونشعر بالرضا عنهم.