أهم الطرق الصحيحة للتعامل مع الطفل الخديج أو الطفل المبتسر
الطفل الخديج أو المبتسر حالة خاصة. فلأنه مولود قبل أوانه، لم يكتمل نمو أجهزته ولم يصل بعد إلى وزنه الطبيعي، لذا لا بد من التعامل معه بأقصى درجات الحرص والاهتمام والرعاية. سنتعرف في هذا المقال على أهم ما يخص الطفل الخديج.
يشغل مستقبل الطفل الخديج كل من رزق بطفل خديج أو مبتسر، فنجد الآباء والأمهات قلقين للغاية بشأن طفلهم الخديج وتدور في أذهانهم الكثير والكثير من الأسئلة: هل سيبقى على قيد الحياة؟ كم سيجلس في الحضانة؟ متى سيخرج من المستشفى؟ هل سينمو كأقرانه من نفس العمر الذين ولدوا بعد قضاء مدة الحمل الطبيعية بشكل كامل في أرحام أمهاتهم؟ هل سيضاهي وزنه وزنهم؟ متى سيضحك؟ متى سيجلس؟ متى سيمشي؟ هل سيعاني من أية مشاكل على المدى الطويل؟ كيف سيكون مستقبله؟ لذا سنقوم في السطور التالية بالإجابة على كل هذه الأسئلة وأكثر، وسنقدم معلومات قيمة سنعرف من خلالها طريقة التعامل الصحيحة مع الخديج.
جدول المحتويات
من هو الطفل المبتسر؟
يربط كثير من الناس خطأ بين الخِداج وحجم الوليد أو وزنه، ويعتقدون غلطا أن الخديج هو كل طفل ولد بوزن أقل من الوزن الطبيعي، والصحيح هو أن الطفل الخديج أو المبتسر هو من وضع قبل تمام أيامه في رحم أمه، أي قبل انتهاء أسابيع الحمل الأربعين بثلاثة أسابيع أو أكثر، حتى وإن كان تام الخلق. وقد يكون الطفل خديجا مبكرا جدا، إذا ما ولد قبل الأسبوع الخامس والعشرين، وقد يكون خديجا مبكرا، إذا ما وضع قبل أن يبدأ الأسبوع الثاني والثلاثين، وقد يكون خديجا معتدلا، إذا ما ولد بين الأسبوعين الثاني والثلاثين والرابع والثلاثين، وقد يكون خديجا متأخرا، إذا ما وضعته أمه بين الأسبوعين: الرابع والثلاثين والسابع والثلاثين.
الطفل الخديج والوزن
تعد مدة الحمل من العوامل الرئيسة التي لها تأثير مباشر على وزن المولود، فكلما تأخر وقت الولادة، ولد الطفل بوزن أكبر، والعكس صحيح. لذا يوضع الخديج بوزن أقل من 2500 جرام، بل قد يصل وزنه إلى 500 جرام فقط، أي نصف كيلوجرام. ومن المعروف أن الوزن الطبيعي الذي يولد به الطفل الذي يمكث في رحم أمه إلى نهاية مدة الحمل الطبيعية يتراوح ما بين 2500 و3500 جرام.
هذا، وتتباين أوزان الأطفال الخدائج وفقا لوقت ولادتهم المبكرة أو ما يعرف بعمر الحمل، ويمكن تصنيف الأطفال الخدوج أو المبتسرين حسب الوزن إلى فئتين: فئة المبتسرين ذوي الوزن القليل جدا وفئة المبتسرين ذوي الوزن القليل. أما الفئة الأولى فهم أولئك الأطفال الذين يولدون بوزن أقل من 1500 جرام، وأما الفئة الثانية فيندرج تحتها هؤلاء الأطفال الذين يولدون بوزن يتراوح بين 1.5 و2.5 كليو جرام.
وبوجه عام، يقل وزن المبتسرين بعد ولادتهم، لكنهم يكتسبون زيادة في الوزن بعد ذلك تدريجيا بواقع خمسة جرامات إلى عشرين جراما تقريبا كل يوم. ويتوقف ذلك بشكل أساسي على مدة الحمل ووزن الولادة الخاص بكل خديج، فأطفال الفئة الأولى ربما لا يزداد وزنهم إلا بمقدار 5 جرامات فحسب، أما أطفال الفئة الثانية فقد يصل مقدار زيادة وزنهم إلى 20 جراما. كما تلعب الجينات الوراثية وجودة الرعاية والعناية بالخديج وتغذيته ومدى إصابته بأي مرض، لا قدر الله، دورا مهما في زيادة وزنه. وفي أغلب الحالات، يصل وزن الطفل الخديج إلى المعدل الطبيعي لأقرانه من نفس العمر من غير الخدائج في خلال العامين الأولين من الولادة.
كم يجلس الطفل المبتسر في الحضانة؟
قد يجلس الخديج في الحضانة أياما معدودة، وقد يمكث بها أسابيع، بل شهورا. وبشكل عام، ترتبط مدة جلوس الخديج في الحضانة ارتباطا وثيقا بالوزن الذي ولد به وعمر الحمل، أي المدة التي قضاها الخديج في بطن أمه. فكلما زاد وزن الخديج، قلت فترة مكوثه في الحضانة، وكلما قل وزن الولادة، زادت فترة بقائه بالحضانة. كما أنه كلما زاد عمر الحمل، قلت مدة البقاء بالحضانة، وكلما قل عمر الحمل، زادت مدة جلوسه بالحضانة.
متى يخرج الطفل الخديج من المستشفى؟
يولد الخدائج بوجه عام بمشاكل في الوزن والتنفس وربما غير ذلك، لذا فهم بحاجة إلى رعاية خاصة حتى تتحسن حالتهم ويجتازوا هذه الفترة الحساسة من عمرهم بسلام. وتقدم الحواضن والمستشفيات للمبتسرين الرعاية الشاملة المتكاملة، ويتم فيها التعامل مع كل مشاكلهم بعناية فائقة، وذلك من خلال اتخاذ جملة من التدابير لتوفير البيئة الضرورية للخديج لضمان سلامته ونموه، كتوفير درجة الحرارة والرطوبة المناسبة له، والاعتناء بمجراه الهوائي ورئتيه اللتين لم يكتمل نموهما بعد، وإمداده بالأكسجين اللازم من خلال وضعه على جهاز التنفس الصناعي لبعض الوقت إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وتغذيته بشكل مناسب لحالته، وإمداده بفيتامين ك الشديد الأهمية.
كل ذلك مما يستدعي بقاء الطفل الخديج في المستشفى، لذا لا يسمح بخروجه منها إلا عند معالجة كافة المشاكل الصحية المؤثرة التي يعاني منها واستقرار حالته تماما وتأهيله للعيش في الظروف الحياتية الخارجية. كذلك لا بد من ثبات درجة حرارة جسمه خارج الحضانة، واستقرار ضربات قلبه وتنفسه، ويجب إجراء جميع الفحوصات الطبية للاطمئنان على حالته، كفحص السمع والعين وضغط الدم وفقر الدم، إلخ. كما يجب أن يكون وزنه مقبولا، أي حوالي 1800 إلى 2100 جرام، وأن يستقر معدل نموه بين عشرة وثلاثين جراما كل يوم، ويصير قادرا على تناول الغذاء اللازم لنموه عن طريق التقام حلمة ثدي أمه أو بمساعدة حلمة المِرضعة.
متى يضحك الطفل الخديج ؟
يتعجل الوالدان دائما رؤية طفلهما وهو يضحك، لكن الطفل الخديج طفل ولد قبل موعده الطبيعي كما ذكرنا، لذا فهو يحتاج إلى وقت أطول من نظرائه الذين ولدوا في أوانهم للوصول إلى نفس المرحلة التي وصلوا إليها. عادة ما يضحك الطفل المولود في أوانه في ثاني أو ثالث شهر من الولادة، أما في حالة الطفل المبتسر فيجب أن نضع في حسباننا عمره منذ الموعد الطبيعي الذي كان من المفترض أن يولد فيه، وليس منذ وقت ولادته الفعلي، فإذا ولد الطفل قبل موعد الولادة الطبيعي بشهر ونصف مثلا، فمن المتوقع أن يقوم بنفس الأشياء التي يقوم بها نظراؤه المولودين في أوانهم بعد شهر ونصف من بلوغهم هذه المرحلة. وعلى كل حال، ينبغي أن نعلم أن حركاتنا وأصواتنا وتعبيرات وجوهنا ولغة أعيننا وابتساماتنا وردود أفعالنا بوجه عام هي التي تجعل أطفالنا يضحكون، لذا يجب مداعبة الطفل والتكلم إليه والتفاعل معه وإثارة حواسه وجذب انتباهه وملاحظة مدى انتباهه للمؤثرات الخارجية واستجابته لها.
الطفل الخديج متى يجلس؟
يعد الجلوس مهارة من المهارات التي يكتسبها الأطفال بشكل عام بمساعدة أبويهم، لكنها تتطلب عضلات قوية تمكن الطفل من رفع رأسه والجزء العلوي من جسمه والاستناد على يديه والمحافظة على توازنه وإبقاء ظهره في وضع مستقيم. ومن المعروف أن الأطفال يمكن مساعدتهم على الجلوس بدءا من الشهر الرابع من الولادة وحتى الشهر السابع، إلى أن يصير بمقدورهم الجلوس بشكل كامل، بمفردهم تماما، في الشهر التاسع. غير أن الأطفال الخدائج أو المبتسرين يحتاجون وقتا أكبر من ذلك لتعلم هذه المهارة؛ إذ يولد الطفل الخديج غيرَ مكتمل النمو، وبالتالي فهو أضعفَ من أقرانه المولودين في الموعد الطبيعي، لذا يحتاج إلى وقت أطول حتى تقوى عضلات جسمه، وبخاصة عضلات الرقبة والظهر، ويصير مؤهلا لاكتساب هذه المهارة بمساعدة والديه، وليس هناك وقت محدد لذلك.
الطفل الخديج متى يمشي؟
كما ذكرنا آنفا، يولد الطفل المبتسر بحجم أصغر من حجم الطفل الذي يولد في موعد الولادة الطبيعي، ويكون جسمه بوجه عام أضعف من جسم الطفل غير الخديج لعدم اكتمال نمو أجهزته، كما أنه قد يعاني من مشاكل صحية تصاحبه لفترة ما. ولا شك أن كل هذا يؤثر بشدة على مهارات الخدائج الحركية بوجه عام، ومنها المشي. وإذا كان عمر المشي يختلف من طفل إلى آخر من غير الخدائج، فإنه لا يمكن تحديد الوقت الذي يبدأ فيه الأطفال الخدائج المشي، فلكل حالة وضعها الخاص؛ إذ يعتمد اكتساب الخديج لمهارة المشي على مدة حمله ووزن ولادته ومدى تطور نموه، مع الأخذ في عين الاعتبار أن المشي، بخلاف الجلوس، مهارة فطرية، يكتسبها الطفل بمفرده، بدون تعليم أو توجيه من أحد. فلا تتعجل الخطوات الأولى لطفلك الخديج، ولا تقارن بينه وبين أحد من الأطفال الخدائج أو غيرهم، واحرص دائما على زيارة طبيب الأطفال ومتابعة نمو طفلك.
مستقبل الطفل الخديج
مع تقدم علم الطب وتحسن مستوى الرعاية الطبية، زادت فرص بقاء الطفل الخديج على قيد الحياة بشدة، وأصبحت أكبر بكثير من ذي قبل. ومع الأخذ في عين الاعتبار أنه كلما طالت فترة الحمل وتأخر وقت ولادة الخديج، زادت فرص بقائه على قيد الحياة، بل وتمتعه بمستقبل صحي وسلوكي أفضل على المدى الطويل. ويمثل وزن الولادة أيضا عاملا مؤثر جدا في ذلك. وقد أثبتت الدراسات أن الخدائج الذين وضعتهم أمهاتهم بعد مدة حمل قصيرة جدا لا تتعدى ستة وعشرين أسبوعا، وبالتالي بوزن قليل جدا، يكونون عرضة لمخاطر ومشاكل صحية أكبر من تلك التي يواجهها الخدائج المتأخرون، كمشاكل الجهاز التنفسي الهضمي والقلب والأمعاء والأعصاب.
كما أثبتت الأبحاث أن الخدائج بشكل عام يواجهون مشاكل سلوكية وتحديات في التعلم بوجه عام، كمشاكل التذكر واستيعاب المواد الدراسية واكتساب المهارات اللغوية، مقارنة بنظرائهم المولودين بعد مدة حمل كاملة؛ غير أن المبتسرين المولودين في وقت مبكر جدا قبل الموعد الطبيعي للولادة يواجهون في هذا الشأن مشاكل أكبر من تلك التي يواجهها أقرانهم من الخدائج المعتدلين والمتأخرين. لذا فالمبسترون عامة بحاجة إلى مساعدة إضافية في الدراسة. لكن البشرى هي أن الدراسات تشير إلى أن السواد الأعظم من الأطفال الخدائج هم من الخدائج المعتدلين والمتأخرين، أي أنهم يولدون في ما بين الأسبوع الثاني والثلاثين والسابع والثلاثين، وأن جزءا قليلا منهم فقط هو من يولد في مراحل مبكرة جدا من الحمل.
وعلى كل حال، لكل حالة من حالات الطفل الخديج خواصه المميزة به في النمو والتطور والمستقبل الصحي والسلوكي، فليس ثمة قالب واحد يجمع الجميع. لذا يجب على الآباء والأمهات أن لا يقارنوا بين طفلهم الخديج ونظرائه من غير الخدائج أو حتى من الخدائج، وألا يتعجلوا بلوغه مرحلة ما قد بلغها طفل آخر من نفس عمره، حتى وإن كان مولودا قبل الموعد الطبيعي مثله. الأمر يحتاج إلى صبر بجانب الرعاية والاهتمام والمتابعة المنتظمة مع الطبيب المتخصص. ويجب التخلي عن العصبية والاستعجال الناتجين عن قلق الوالدين الزائد عن الحد وتشككهما المبالغ فيه. نعم لا داعي للقلق؛ فالرعاية الطبية في تقدم مستمر؛ وهذا يضمن مستقبلا أفضل للطفل الخديج بمشيئة الله.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.