آثار الأدوية القديمة الجانبية جعلت الأطباء يتوقفون عن استخدامها بمجرد اكتشاف العلاج البديل، فعلى الرغم من تطور علم الأدوية من مجرد استخدام الأعشاب وخلطها مع العديد من المواد الكيميائية إلى صناعة مواد الأدوية نفسها والتشكيل في المادة الفعالة كما يرغب العلماء، ولكن إلى وقت قريب لم يكن ذلك كافيًا، وكانت الآثار المدمرة للأدوية أخطر من الأمراض التي تعالجها نفسها، في المقال التالي توضيح لمجموعة من الأدوية الحقيقية التي انتشر استخدامها إلى أواخر تسعينات القرن الماضي والمشاكل التي ارتبطت بها، وجميع الأدوية مأخوذة عن كتاب pharmacology and therapeutics، وهو كتاب دستور للأدوية الغريبة والقديمة لمؤلفه آرثر روبرتسون كوشني.
استكشف هذه المقالة
عقار الميترازول
عام 1926، تم اكتشاف دواء الميترازول، وتمت تجربته على الحيوانات، ولاحظ مخترعه أن الجرعات العالية منه تسبب في حدوث تشنجات مثل الصرع، وفي الجرعات الأقل يسبب تحفيز للقلب وزيادة في معدل التنفس في حالات التسمم التي تعمل على إحباط عملية التنفس مثل التسمم بالكلوروفورم، إلا إنه لم يُستخدم كمضاد للتسمم، بل في عام 1934، تم استخدامه لعلاج الأمراض العقلية عبر تأثيره المحفز على التشنجات، وأصبح الميترازول أول دواء مُعترف به للانفصام عند البشر، كان المريض يذهب إلى المستشفى ويأخذ جرعة من العلاج، وبعد ساعات قليلة يخرج من المستشفى لأن مفعوله سريع جدًا.
ومن ثم استمر أطباء النفس في استخدامه لعلاج أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب والذهان الذي لم تتخطى مدة الإصابة به ثلاث سنوات، آثار هذا الدواء الجانبية لم تكن متمثلة فقط في التشنجات التي يحدثها للمريض، بل امتدت لتشمل أعراض خطيرة جدًا مثل كسور في العمود الفقري والإصابة بمرض السل وحدوث تلف في الدماغ، ولم يتم التنازل عن استخدامه سوى مع ظهور العلاج بالتخليج الكهربائي، أو العلاج بالصدمات الكهربائية، والذي كان يعتبر علاجًا أفضل من ناحية الآثار الجانبية على جسد المريض، يُستخدم الميترازول اليوم في المختبرات العلمية فقط، ويُعطى للفئران للحث على الإصابة بالتشنجات والصرع، لتجربة آثار الأدوية الحديثة التي تعالج التشنجات والصرع.
آثار الأدوية القديمة مع عقار تريبروموإيثانول
يمكن تصنيف دواء تريبروموإيثانول ضمن تصنيف الكحوليات، تم تصنيعه لأول مرة عام 1923، ولم يتم استخدامه سوى عام 1926، تم استخدامه كمخدر يُعطى عبر فتحة الشرج، وكان تأثيره مذهلًا، حيث يتم امتصاصه 95% من الجرعة خلال 25 دقيقة فقط، ويوفر نوم عميق لمدة تصل إلى ساعتين ونصف، مناسب جدًا لإجراء العمليات الجراحية في وقته، ولكن تمامًا مثل آثار الأدوية القديمة الأخرى، كانت آثاره مدمرة، فلا يمكن التحكم به، أي طالما تناول المريض الجرعة المناسبة سيقع في نوم عميق لا يمكن لأي دواء في وقتها أن يعادل تأثيره ليفيق المريض، بالإضافة إلى أعراض جانبية أخرى مثل تدهور الكبد والكلى وإصابات بالشرايين أو الأوردة وتباطؤ في عملية الأيض بنسبة 15%، والأخطر من كل ذلك هو الارتفاع الشديد في سكر الدم الذي قد يؤدي إلى الوفاة، حاليًا لا يُستخدم دواء تريبروموإيثانول سوى في المختبرات لتخدير الفئران أحيانًا.
عقار بلبوكابنين
هذا العقار كان ضمن أشهر العقاقير سيئة السمعة من حيث آثار الأدوية القديمة والتي استخدمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في مشروع إم كي ألترا، وهو مشروع غير قانوني قامت تجاربه على البشر مباشرة، لتجربة العقاقير التي تساعد على السيطرة على عقل البشر مما يمكن المخابرات من استجوابهم وانتزاع الاعترافات ولو بقوة التعذيب، وهو من ضمن العقاقير المثيرة للاهتمام، لأنه يؤثر بطرق مختلفة على الحيوانات المختلفة، فتأثيره على الحيوانات ذوات الدم البارد مثل تأثير المورفين تمامًا، فيعطي تهدئة للأعصاب وتخفيفًا للألم، أما في الحيوانات ذوات الدم الحار والإنسان، فإن يتسبب في حالة تُعرف باسم الإغماء التخشبي، وهي حالة يتصلب فيها كامل جسد الإنسان في وضعية معينة مع فقدان كامل الإحساس والوعي، وفي ذات الوقت يسبب الدواء تحفيزًا للأمعاء بحيث يسبب تغوط الإنسان وإفراز اللعاب، وليست له نتائج إيجابية علاجية، وبسبب استخدامه في مشروع إم كي ألترا، تسبب في العديد من المشاكل والآثار الجانبية الخطيرة لضحايا المشروع.
آثار الأدوية القديمة مع بيكروتوكسين
بيكروتوكسين هو نوع من السموم المُستخرجة من نبات عنيبية حورية الأوراق أو سم السمك، تم استخدامه لعلاج التسمم بالباربيتورات لأنه ينافس الباربيتورات على الناقلات العصبية، ومع ذلك فآثاره الجانبية كانت أكثرًا خطورة، ففي البداية يسبب القيء وزيادة إفراز اللعاب والتنفس السريع مع تباطؤ في معدل ضربات القلب والخفقان، ثم يبدأ المريض في فقدان الوعي، ثم يُصاب بشلل في الجهاز التنفسي بين الحين والآخر، إلى أن يحدث توقف تام أو حالة من الاختناق التي تؤدي إلى موت بالتسمم.
عقار الثيمول
عقار الثيمول هو مستخلص من نبات الزعتر العشبي ولديه خواص مضادة للميكروبات ولذلك يُستخدم بكثرة في معاجين الأسنان، بالإضافة إلى نكهته الجيدة، كدواء قديم كان يُستخدم لعلاج بعض الأمراض الجلدية مثل التينيا والقوباء الحلقية والإصابة بديدان الأنكلستوما، وأعراض آثار الأدوية القديمة المكونة منه في البداية تبدأ بالقيء والغثيان والصداع، ومن ثم تطور إلى الشعور بالاكتئاب الحاد والدوار ويوجد احتمال كبير لانهيار المريض وموته، كان السر يكمن دائمًا في الجرعة المطلوبة للعلاج، وهذه المعلومات لم تكن واضحة عند كافة المرضى، وبالتالي حدث العديد من حالات التسمم بالثيمول وحدوث الأعراض السابق ذكرها
عقار بيثيدين
يمكن استخدام عقار بيثيدين كمثال عن آثار الأدوية القديمة المُستخدمة في الولادة، فمنذ تطويره عام 1939، كان يُستخدم في عنابر الولادة في المستشفيات، وهو يشبه في تركيبة وعمله، مسكنات الألم الأفيوني، حيث يسبب تخفيف لألم الولادة دون التسبب في إحباط للجهاز التنفسي مثل المورفين، كما يعمل على العضلات الملساء في الجسم، ولكن مع الوقت تبين إلى الأطباء الآثار الجانبية من استخدامه، ومن أهمها النشوة أو الشعور بفرط النشاط، وأحيانًا كثيرة الإدمان إن تكرر استخدامه أو عند تناول جرعات عالية منه، كما أن مفعوله قصير المدى ولا يتخطى الساعتين ثم يعود الألم وبقوة، كما يتسبب في حالة من الارتباك للمريضة وتسارع في نبضات القلب، ويطيل من وقت المخاض، كما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الطفل حديث الولادة.
آثار الأدوية القديمة 4،2-ثنائي نترو الفينول
بداية اكتشاف هذا العقار جاء مع الحرب العالمية الأولى، حين مات العمال ممن تعرضوا لهذا المركب عن طريق الصدفة، فبدأ الأطباء باستكشافه لمحاولة استخدامه كعلاج دوائي، ليجدوا بأن استخدام جرعة قليلة منه تسبب زيادة في عملية الأيض بمقدر 20 إلى 30%، لأنه يزيد من استهلاك الأوكسجين، وبالتالي كان من أوائل الأدوية التي تستخدم في علاج السمنة، ولكن آثار الأدوية القديمة تظهر غالبًا بسبب سوء الاستخدام، وهذا العقار تم استخدامه بلهفة من قبل الراغبين في التخلص من السمنة.
وبدأت تظهر أعراض جانبية من استخدامه مثل زيادة التعرق وارتفاع درجة حرارة الجسم بمقدار 3 درجة مئوية، وفي حال تناول جرعة عالية منه تظهر العديد من الأعراض الخطيرة بما في ذلك تسارع في عملية التنفس، هذه المشكلة بالإضافة إلى زيادة معدل استهلاك الأوكسجين تسبب لدى المرضى بحالة نقص التأكسج أو حالة نقص إمداد الأكسجين إلى خلايا الجسم مع ضيق في التنفس وارتفاع بحرارة الجسم، وبدون توافر العلاج المناسب والسريع ينتهي الحال بالمريض إلى الموت، وبسبب هذه الآثار المدمرة تم منع استخدامه كعلاج للسمنة، واستخدم كمضاد للحشرات الضارة.
آثار الأدوية القديمة كانت نتيجة استخدام الأدوية في غياب الأبحاث اللازمة عن الآثار الجانبية، وهذا ما استدعى كتابة الكثير من القوانين التي تقنن وتنظم عملية استخدام الأدوية الجديدة منذ نهايات تسعينات القرن الماضي، وعلى الرغم من أن تلك القوانين تسببت في زيادة أسعار الأدوية وتأخر ظهور الأدوية واستخدامها في الأسواق، نتيجة السنوات اللازمة لإتمام كافة الإجراءات والتجارب السريرية، إلا إنها قللت من الأضرار الكارثية التي كانت تسببها الأدوية القديمة حين ينتشر استخدامها دون وعي سابق بكافة خواصها والجرعات المناسبة منها.
أضف تعليق