قديمًا كانت تعاني دول الخليج من حالة فقر شديد وكان شبابها يسعون للعيش في أي من الدول العربية الأخرى مثل مصر وسوريا والعراق، حتى أن كسوة الكعبة الشريفة كانت تأتي من مصر نظرًا لفقر السعودية، والأدهى أنه منذ دخول مصر في الإسلام كان ولاتها يرسلون القوافل المحملة بالطعام والشراب والمال كل عام إلى دول الخليج العربي نظرًا لجدب العيش به وفقره الشديد، أما الآن فقد تغير الوضع تمامًا وأصبحت دول الخليج هي أكثر الدول جذبًا للشباب العربي بل وشباب العالم أجمع، فقد تطورت تلك الدول كثيرًا عقب ظهور النفط وهذا التطور لم يكن مقتصرًا على شيء معين، بل طال جميع مجالات الحياة من تعليم وصحة وعمل واقتصاد وصناعة وإنشاءات وأمن وغيره، وهذا كله بفضل الاستثمار الجيد للأموال التي لدى تلك الدول فلم يكونوا كغيرهم ممن يستخدم الأموال بشكل جيد فتفنى وتعود لفقرها مرة أخرى، بل عملت دول الخليج على استثمار تلك الأموال في الكثير من المجالات المختلفة، وعملت أيضًا على تنمية صناعتها وخلق مجالات عمل وتوريد أموال جديدة مما يضمن لهم الاستثمار في تقدمهم حتى ولو نفذت كل آبار النفط التي لديهم.
عوامل جذب دول الخليج للشباب العربي
توجد مجموعة من العوامل التي أدت إلى جذب الكثير من الشباب العربي إلى دول الخليج، وبالطبع لن تكون كافة العوامل متوافرة ف جميع البلدان الخليجية على حد سواء، ولكن سنحاول جمع أكثر العوامل المرتبطة بجميع بلدان الخليج، فما هو موجود في دولة السعودية ليس متواجد بشكل كامل ومماثل في سلطنة عمان، أيضًا الكلام ينطبق على الكويت والإمارات والبحرين وقطر، عامة سنقوم بالتحدث عن أشهر هذه العوامل وأولها هو وجود مرتبات مجزية جدًا.
توفير مستوى معيشة جيد
أيضًا من ضمن العوامل التي يسافر من أجلها الشباب العربي إلى دول الخليج هو توفير مستوى معيشة جيد، حيث تقوم تلك الدول بتوفير كافة ما يحتاجه المقيمين بها بشكل دقيق وكامل ومتوافق مع العاملين في الدولة، فمستوى المعيشة ذلك مقسم إلى عدة عناصر وهي معدل الفقر في الدولة وهذا بالطبع لا يقارن بباقي الدول العربية بتاتًا، وتوفر الوظائف وهذا أيضًا متوفر جدًا نظرًا لقلة تعداد شعوب دول الخليج مع كثرة الاستثمارات والمشاريع الموجودة بها، ولذلك يحتاجون إلى أيدي عاملة كثيرة تلبي تلك الاحتياجات، بعد ذلك لدينا جودة المساكن ونظافتها وتطورها وتكاليفها أيضًا وهذا يختلف من دولة خليجية لأخر، ولكن بالنظر إلى مرتبات العاملين بتلك الدول فأسعار المساكن مقدور عليها مع بعض العمل، ولا ننسى أيضًا معرفة الناتج المحلي الإجمالي للدولة وللفرد وهو يعد مرتفع للغاية على مستوى العالم، فالدولة تحقق أرباح كثيرة والأفراد يحققون من عملهم أرباح جيدة أيضًا.
ومن العناصر والأمور التي تعد ضمن مستوى المعيشة هي الرعاية الصحية، وهذا الأمر في دول الخليج يتميز بتوفره بشكل ممتاز وصحي جدًا، ويتميز أيضًا بتوفر لأغلب فئات الشعب مجانًا وفي بعض الدول الخليجية توفره لجميع القاطنين بها بلا استثناء بشكل مجاني، لذلك فلا تقلق على صحتك وأنت في دول الخليج فهي نظيفة وصحية والرعاية بها على أكمل وجه، ومن الجدير بالذكر أن مستوى التعليم من الأمور الهامة التي لا يجب إغفالها إذا كان من يسافر لإحدى هذه الدول لديه أطفال صغار، وهذا أيضًا تتفوق فيه دول الخليج وخاصة قطر والإمارات حيث تعد قطر الرابعة عالميًا في جود التعليم، تليها الإمارات في المركز التاسع من حيث جودة التعليم عالميًا، لذلك فمستوى المعيشة الجيد في دول الخليج هو أحد أهم عوامل جذب الشباب العربي للسفر إليها.
توافر عنصر الأمن والأمان
تتميز دول الخليج بانخفاض معدل الجريمة لديها بدرجة كبيرة جدًا حتى أنها قد تفوقت على الكثير من الدول الأوروبية العظمى في انخفاض مستوى الجرائم لديها، فالأمن والأمان هما بالشيء السائد على أراضي شبه الجزيرة العربية وخاصة بعض الدول مثل قطر والإمارات، هذا على النقيض من باقي الدول العربية التي توجد فيها نسب ليست بالقليلة من معدلات الجريمة من سرقة وقتل وخطف وفساد واغتصاب، وهذا عائد إلى قلة الأموال في تلك الدول حيث أنه لو كانت الدول غنية وتعطي مبالغ مالية جيدة لشعبها فهذا سوف يجعلهم بعيدين كل البعد عن كل هذا الجرائم، فلو كانت هناك أموال لتزوج الشباب سريعًا وبالتالي لن نجد ظاهرة الاغتصاب، ولو كانت هناك أموال لاختفت عمليات السرقة، وبالقياس على أغلب الجرائم التي يكون للمال يد فيها.
ولذلك دول الخليج تختفي منها مثل هذه الأشياء وهذا ما يجذب الكثير من الشباب العربي إليها، ليس الشباب العربي فقط بل الكثير من شباب العالم، فدولة الإمارات على سبيل المثال يزورها الملايين من الأوروبيين والأمريكيين والأسيويين، وهذا لأسباب كثيرة منها توافر عنصر الأمن والأمان وهو الذي نتحدث عليه الآن، لذا فتوافر هذا الأمر هو سبب من أسباب جذب الشباب العربي إلى دول الخليج، فبالطبع الجميع يريد أن يعيش في بيئة آمنة سالمة خالية من المشاكل والجرائم وهذا ما هو موجود في دول الخليج.
جودة التعليم في دول الخليج
نأتي هنا للحديث عن عامل أخر من عوامل جذب الشباب العربي إلى دول الخليج ألا وهو جودة التعليم في تلك الدول، حيث أن دول الخليج وعلى رأسهم قطر والإمارات هما أفضل الدول العربية من حيث جودة التعليم، وقطر تعد الرابعة على مستوى العالم في المجال التعليمي في حين أن مصر تحتل المرتبة المائة وستة وأربعين تقريبًا، وهذا يوضح لنا مدى التقدم التعليمي الذي وصلت إليه مثل هذه الدول بالمقارنة مع باقي الدول العربية، فإن كنت تود أن تستكمل دراستك في دولة تمتلك مجموعة من الجامعات المتقدمة والمتطورة وذات المستوى العالي فيجب عليك أن تسافر إلى أحد دول الخليج وخاصة قطر، ففيها ستجد اهتمام تعليمي كبير جدًا وأساليب شرح عصرية وحديثة جدًا تسير وفق أنظمة أجنبية عالمية.
وأيضًا إذا كنت تبحث عن مدرسة جيدة لابنك الصغير وتضمن أن يتخرج من تلك المدرسة وهو على مستوى تعليمي عالي، فلابد من أن تدخله أحد المدارس الخليجية الجيدة، فشبكة التعليم في دول الخليج على مستوى عالي للغاية وهذا نظرًا للإدارة الحسنة التي تتولى الأمر، والموظفين المهرة الذين يعملون في القطاع التعليمي فهم يأخذون مرتبات عالية ويتمتعون بمستوى معيشي جيد ولذا يدرسون بكل احترافية، فكما هو معروف كلما قدرت من يعمل كلما أنتج لك شيء فاخر، وهذا ما يتم في دول الخليج يقدرون المدرس ويعتبرونه خليفة الله في الأرض ووارث الأنبياء والصالحين ولذلك يخرج لهم طلاب متفوقين، في حين أن المرتبات في باقي الدول العربية قليلة جدًا ولذلك ينظر المدرسين لمهنتهم على أنها واجب يقومون به فقط.
كثرة المشاريع والاستثمارات بها
تعمل دول الخليج على إنشاء الكثير من المشاريع والاستثمارات التي تقوي اقتصاد الدولة وتسحب البساط شيئًا فشيء من تحت النفط، فقد يأتي يوم وينتهي ذلك النفط فماذا لو صرفت كل النقود التي جنيت من وراءه بشكل عبثي ومن دون أي فائدة، بالتأكيد سيؤدي ذلك إلى فقر وقحط رهيب في المنطقة وتعود دول الخليج إلى ما كانت عليه مسبقًا، ولذلك تعمل هذه الدول على إنشاء الكثير من المشاريع الاستثمارية التي تخدمها من شتى المجالات، هذا بجانب عمليات تطوير البلاد وتنمية بنيتها التحتية والتي تجرى منذ عدة أعوام، كل هذا جعل منطقة الخليج صاحبة أعلى معدل في إقامة مشاريع البنية التحتية بها، عامة هذه المشاريع التي تجري بكم رهيب في دول الخليج تتطلب أيدي عاملة كثيرة جدًا، وهذا ما جذب الشباب للتقديم كعمال في تلك المشاريع فهناك ملايين من الشباب العربي الذي سافر للعمل بدول الخليج.
فقد استغل هذا الشباب تلك المشاريع الكثيرة مع حاجة هذه الدول الخليجية للقوى العاملة، في حين أن باقي الدول العربية تعاني من معدلات البطالة المرتفعة فالمشاريع بها قليلة والأيدي العاملة كثيرة جدًا، لذلك كان لبدء من حدوث تبادل بين الدول العربي فالشباب العربي يسافر للعمل في دول الخليج، والمستثمرين يأتون للدول العربية حتى يضعوا بعض أموالهم في مشاريع جديدة تحقق المصلحة لكلا الجانبين، لذلك فكثرة المشاريع والاستثمارات التي تجري في دول الخليج جذبت الكثير من الشباب العربي إليها، وجعلتهم يقدمون للعمل في إحدى هذه المشاريع الكبيرة كمهندسين أو عمال أو حرفيين أو فنيين أو محاسبين أو مدرسين أو أطباء، أو غير كل هذا فالوظائف كثيرة ومتنوعة تصلح لكافة التخصصات.
التنوع في دول الخليج
لم تتقدم وتنمو دول الخليج بوتيرة واحدة فبالطبع كل دولة منهم لها سياسة ونظام خاص بها يختلف عن الدول التي تجاورها، ولذا هناك تفاوت في النمو والتقدم لديهم لعل أكثرهم تقدمًا ونموًا هما دولتي الإمارات وقطر، فهما الأكثر نجاحًا من بين دول الخليج ويأتون في قائمة العشرة دول الأوائل بالكثير من المجالات أشهرها التعليم ومستوى دخل الفرد والأمن والبنية التحتية والاستثمارات، عامة كما قلنا كل دولة من دول الخليج تقدمت في شيء معين لذلك يقوم الشباب العربي بدرس تلك الدول جيدًا واختيار الأنسب له حسب مجاله وما يمكنه القيام به في حياته.
أضف تعليق