الثقة في العلاقات الاجتماعية تحتم عليك أن تثق في الآخرين وتثق في حبهم لك وإخلاصهم لك، وتجعلهم يثقون في نفس الشيء أيضًا، وأن تثق في نفسك في العلاقات الاجتماعية يعني ألا تظل أسيرا لفكرة عدم تقبل الناس لك وعدم قدرتك على اندماجك وسطهم وإن كانوا يحبونك أم لا، الثقة باختصار يعني ألا تظل مهووسا بفكرة قبول الناس لك أو إن كانوا يعتبرونك شخصا لطيفا أم لا، بالطبع يحب الإنسان أن يحظى بالقبول الاجتماعي ولكن القلق الدائم حول مكانته عند الناس أو مستوى قبولهم له سيجعله متوترا ولا يستطيع أن يبلي حسنا بالأساس عند احتكاكه بهؤلاء الأشخاص وستظل كل كلمة وكل تصرف وكل كلمة يقولها وكل تصرف يصدر عنه وكل فعل يقوم به يفكر في آثاره على الآخرين وكذلك بالمقابل كل ما يقوله ويفعله أي شخص آخر هو محفز للتفكير المبالغ فيه لديه.
استكشف هذه المقالة
تعريف الثقة بالآخرين
الثقة بالآخرين هو الشعور الدائم بالارتياح تجاه علاقاتك وأن المحيطين بك يحبونك لعدة أسباب سواء كانت مقصودة لديك أم أنها محبة فطرية أي بمعنى سواء كانت هذه الأسباب تقوم بفعلها متعمدا حتى تحصل على المحبة والقبول الاجتماعي أم أنهم يفعلون ذلك من أجل ذاتك فحسب، المهم أن الأمر يظل متعلقا إلى حد كبير بتصورنا عن مكانتنا لدى الناس وتصورنا عن مكانة الناس لدينا وهل مكانتنا على نفس المستوى أم لا لذلك الثقة بالآخرين انعكاس للثقة بأنفسنا والثقة بأنفسنا انعكاس للثقة بالآخرين كلاهما متلازمان ولا يمكن فصل الآخر عن الثاني، فكل منهما مكمل للآخر ولا تقوم لإحداهما قائمة دون الأخرى.
انعدام الثقة في العلاقات
يحدث أن تنعدم الثقة في العلاقات فيشعر الناس بالفوضى تماما مثلما يشعر الناس الآن، لاحظ مثلا حجم المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي حول الأشخاص الذين يبدون مهتمين ومعتنين بنا في البداية ثم بعد ذلك يخذلوننا وغير ذلك، كل هذه الأمور بالطبع تؤدي إلى انعدام الثقة في العلاقات فتنظر على يمينك خوفا من أن يكون يسار وتنظر إلى يسارك خوفا من أن يكون يمين، للأسف لم يعد هناك الكثير من الثقة في أي شيء وصار هناك ميوعة في كافة الأمور مما جعل الأمور تخرج عن السيطرة كليا، بشكل إجمالي وكلي، وذلك كله بالطبع له أسبابه، والأسباب التي سنتحدث عنها ستأتي في الفقرة التالية.
أسباب انعدام الثقة في العلاقات الاجتماعية
هناك عدة أسباب لانعدام الثقة بين الناس سنعرضها في هذه النقاط السريعة التالية، ونقصد أن نقول انعدام الثقة في العلاقات بين الناس بشكل مفرد ثم تحولها إلى تيمة جماعية بين الناس الجميع يحذر الجميع ألا يطمئن لأحد وألا يثق في أحد وألا يأمن لأحد وهكذا، فكيف أصبحت الأمور بهذا الشكل؟
الشعور بالخذلان ممن نحب
دائما ما تحب شخصا وتثق به وتهبه كل أسرارك وعطاءك وحياتك وفجأة تفقد كل ما يجعلك تمنحه هذه الثقة بسبب أنه بعد فترة تجده يخذلك في موقف ما ويخون ثقتك وينكر عطاءك ويستهين بعلاقتك به، هذا الشعور عند حدوثه أول مرة قد يسبب صدمة كبيرة لكن عند حدوثه بعد ذلك تبدأ تتصور أن هذا هو قانون الحياة وأن الثقة في العلاقات منعدمة ومن الطبيعي ألا نثق في أحد.
طغيان المادة وسيادة التعامل العملي من أسباب إنعدام الثقة في العلاقات
في ظل عصر اقتصادي مثل الذي نحيا فيه يجب على الإنسان أن يسحق كل من أمامه من أجل الوصول، تماما مثل التدافع عند حدوث زلزال لن تبصر من تحتك ولن تهتم بمن أمامك المهم أن تنجو أنت بنفسك بالتالي ليس من الطبيعي أن تظل تمنح الناس ثقتك وتنتظرهم أن يثقوا بك وتبني علاقات راسخة مبنية على المحبة والإيثار والعطاء وكل هذا، بل يجب أن تستخدم الناس من أجل الحصور على مبتغاك.
المشاعر الزائفة التي يقابلنا بها الناس
ألا ترى أحيانا أن هناك امرأتين يقابلان بعضهما للمرة الأولى وبعد دقائق تجد الأخرى تقول للثانية “يا حبيبتي” وتناديها “يا روحي” وتصفها “قرة عيني” وكأنهما تربيا سويا، في حين أن كل هذه لزمات في الكلام ليس لها أي سند شعوري حقيقي، مجرد مشاعر زائفة وجميعنا متفقون أنها زائفة وليس لها أهمية، ومع تكرار الأمر واعتيادنا عليه لم نعد نميز الحقيقي من الزائف ولم نعد نهتم حتى بإدراك الحقيقي من المصطنع.
كيف تكتسب الثقة في العلاقات الاجتماعية؟
الآن نتحدث عن كيف يمكنك اكتساب الثقة في العلاقات الاجتماعية ، هذا ما سنتحدث عنه خلال السطور التالية وفي نقاط سريعة أيضًا، بحيث كيف يمكنك النجاة بنفسك وتقنع من أمامك أن يثق فيك، وأنك فعلا لست مزيفا وتمتلك مشاعر محبة حقيقية وليست زائفة؟
التصالح مع نفسك
القاعدة الأولى والقاعدة الأهم والقاعدة الأساسية في اكتساب الثقة في العلاقات الاجتماعية أن تكون متصالحا مع ذاتك ومتصالحا مع عيوبك، الطريقة الأولى أصلا لاكتساب الثقة بالنفس قبل اكتساب الثقة بالآخرين واكتسابها من الآخرين أن تعرف نفسك، ما من وسيلة سوى من مواجهة نفسك واكتساب آلية النقد الذاتي والتصالح مع العقد النفسية والعيوب والتعايش مع الأزمات المزمنة في حياتك والتعامل مع المشاكل الطارئة التي تطرأ عليها بمفردك، باختصار شديد يجب أن تكون متحملا لوجودك ومتعايشا مع حياتك نفسها قبل أن تدخل إليها أناسا جدد تمنحهم الثقة.
إخبار الحقيقة على الدوام لكسب الثقة في العلاقات
الكذب هو طارد الثقة في العلاقات بجميع أنواعها، إنه مدمر لكافة العلاقات من كل الأنواع، يجب عليك ألا تخجل من قول الحقيقة مهما كانت صادمة أو غير مألوفة، تعود أن تقول الحقيقة وستنفر من الكذب، كن صادقا حتى النهاية حتى ولو كان في الصدق الهلاك، لا تكذب أبدا مهما حدث.
عدم اغتياب أي شخص
اغتياب الأشخاص للأسف والحديث الدائم حول الآخرين بشكل سلبي سيعطي إحساسا للآخرين بأنك شخص غير مؤتمن على الأسرار وتنصب نفسك حكما أخلاقيا وتظل طوال الوقت تنتقد فيهم وفي أساليب حياتهم أو تخوض في أعراضهم واختياراتهم الشخصية وتخرجهم مخطئين في النهاية، هذا سيجعل الآخرين ينفرون منك جدا، ليست بهذه الطريقة تسير الأمور.
تقبل الناس بعيوبهم
من خلال تعاملك مع عيوبك والتقبل لها يأتي بعد ذلك التعامل مع عيوب الآخرين وتقبلها أيضًا، لا يمكنك تقبل عيوبا جوهرية بالطبع ولكن على الأقل هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تغفرها وتتناساها مقابل الكثير من المميزات الأخرى، ولو ظللت تعيد وتزيد في عيوب الناس فلن تحظى لا بالثقة في العلاقات ولا حتى بالعلاقات نفسها.
عدم انتظار مقابل للمعروف
عند فعل شيء جيد لأحد لا تنتظر مقابلا لهذا الشيء الجيد، اتفقنا أن لديك طاقة للعطاء والمحبة الخالصين الخاليين من أي غرض بالتالي ليس عليك أن تنتظر رد المعروف على الإطلاق بل أن تفعل هذا بترفع وتجرد.
ابحث عمن يشبهك
في النهاية هذه هي النصيحة الأهم، عليك أن تكون انتقائيا في علاقاتك، عمن تحبه بصدق وعمن تكن له المشاعر الطيبة والمودة بقلب خالص، ابحث عمن يشبهونك من الناس ولا تقول أن الاختلاف يثري العلاقات، هذا سفه، التشابه بين الأشخاص خصوصًا في الأمور الجوهرية أي من حيث نظرتهم للحياة ورؤيتهم لما يجب أن يكون عليه شكل العلاقات، حسنا هذا ما يخلق حقا الثقة في العلاقات بشكل مسبق ولا تحتاج لإثبات بعد ذلك لأن كل شخص سينظر في نفسه ويرى انعكاس الأمور عليه ومن ثم بما إنكما متشابها سيفهم أن رؤاكما متفقة من حيث المبدأ.
الثقة في العلاقات الاجتماعية أمر مرهق وملاحقتها على الدوام أمر أشد إرهاقا ومفتاح الثقة في العلاقات دائما هو أنت، أن تعرف نفسك على الدوام، أن تعرف نفسك فحسب، ثم بعد ذلك كل شيء يمكن أن يأتي بعدها.
أضف تعليق