غيرة الأخ الأكبر من أخيه المولود حديثا هي إحدى المشكلات الكبيرة التي تواجه الأمهات عند الإنجاب للمرة الثانية أو الثالثة. وتستمر هذه المشكلة لفترة ليست بالقصيرة، ويعتمد طول المدة بالطبع على أسلوب التعامل مع الابن الأكبر، بحيث أنه من الممكن أن يسئ الأبوين التعامل فتستمر المشكلة لوقت أطول، وقد لا تبرحه مدى الحياة وتظل الشحناء هي السمة الرئيسية لعلاقة الأخوين. وقبل مجيء الطفل الثاني يفضل أن يعرف كلا من الأم والأب كيفية التعامل مع الابن الأكبر وإعطائه أكبر قدر ممكن من الاهتمام الذي يخفف من تأثير المشكلة عليه وينهيها في أقرب وقت. تعرفي معنا من خلال سطور هذا المقال على بعض الأفكار التي تساعد على التخلص من غيرة الأخ الأكبر من أخيه الرضيع.
استكشف هذه المقالة
غيرة الأخ الأكبر من المولود الجديد
من الأهمية بمكان أن يعرف الوالدين وجميع المحيطين بالطفل الأول أن مسألة الغيرة من شقيقه الرضيع هو أمر طبيعي جدا وأنه مجرد عرض سيزول بمرور الوقت. ويجب العلم بأنه من الوارد جدا أن تستمر مشكلة غيرة الأخ الأكبر لمدة طويلة. وهذا يعتمد بالطبع على أسلوب التعامل مع الطفل. والحقيقة أن معرفة كيفية حل مشكلة الغيرة من الأخ الصغير يوفر الكثير من الوقت والجهد على الأبوين كما يكون له أثرا محمودا على جميع الأصعدة؛ فالطفل الأكبر يبدأ بالتعلق بأخيه بمرور الوقت وتنشأ بينهما علاقة جيدة، وهذا يجعله أكثر هدوء وتقبلا لوجود من يشاركه نفس المكان بالمنزل كما أن المنزل يكون خاليا من الخلافات التي تقع بين الأطفال في حال ظلت حالة الغيرة والمشاحنة بينهم لمدة طويلة.
مظاهر غيرة الأخ الأكبر من أخيه
بالطبع هناك بعض السلوكيات التي تظهر على الطفل، والتي تفسر بوجود مشاعر الغيرة من أخيه. ومن الجيد أن يعلم كلا الوالدين هذه السلوكيات حتى يتمكنا من التعامل معها بالشكل الذي لا يؤذي الطفل ويزيد من تفاقم المشكلة لديه. وهذه السلوكيات تتمثل فيما يلي:
- العناد مع الأبوين وعدم طاعتهما وتعمد القيام بما كانا ينهيانه عنه في السابق والعكس، حيث أن عقله قد يصور له أنهما قد قاما بإنجاب طفل آخر لأنه لم يعد يرضيهما، كما أنه يشعر بالغضب تجاههما ويحاول لفت أنظارهما له بهذه الطريقة.
- الصوت العالي والحركة الكثيرة والبكاء الكثير الذي يهدف به الطفل إلى لفت أنظار المحيطين به، والذين ينشغلون عنه تماما بالأخ الجديد.
- تقليد الطفل الأكبر لأخيه الصغير في أمور مثل شرب الحليب في المِرضعة أو الجلوس في سريره أو تعمد تبليل ملابسه والتبول خلال النهار أو الليل.
- التعامل بشكل عنيف مع الأخ الأصغر، خاصة لو رأى أنه يستخدم نفس ملابسه وسريره وأشيائه الخاصة.
كيفية التعامل مع غيرة الاخ الأكبر
على الرغم من أنه لا مفر من مواجهة غيرة الأخ الأكبر والمعاناة منها لفترة من الوقت، إلا إنه هناك بعض الطرق التي تساعد على التخلص منها في أسرع وقت ممكن دون ترك أثر سلبي في نفس الطفل. ومن هذه الطرق نورد لكل أبوين ما يلي:
- تهيئة الطفل الأكبر من الناحية النفسية والذهنية قبل ولادة أخيه الرضيع، وذلك بالتحدث إليه عن قيمة الأخ وجعله يتخيل حياته بوجود أخ صغير يلعب معه ويسلي وقته ويشاركه نشاطاته اليومية.
- تعويد الطفل على الاعتماد على نفسه في كثير من الأمور، مثل استخدام الحمام وتناول الطعام، قبل الولادة بفترة كافية، حتى لا يؤدي انشغال الأم عنه في الأيام الأولى بعد الولادة إلى خلق مشكلة لديه.
- التحدث إلى الطفل الكبير عن الولادة ويوم الولادة والمتاعب التي تواجهها الأم، والتي واجهتها عند ولادته هو نفسه، حتى لا يترسخ في ذهنه أن أخيه هو السبب في تعب أمه عندما يراها تتألم وتعاني فيزداد نفورا منه.
- يمكن تجهيز حقيبة من الحلوى والبالونات واللعب وتقديمها للطفل الكبير يوم ولادة أخيه وإخباره بأنه هو من أحضرها له.
- مشاركة الطفل الأكبر وأخذ رأيه عند تحضير احتياجات الطفل الصغير وشراء أغراضه.
- استخدام أسلوب القصة منذ وقت الحمل وبعد ولادة الطفل الصغير، والتي من خلالها تستطيع الأم توصيل ما يحتاج الطفل الكبير إلى فهمه ومعرفته، كأن تحكي له عن ذلك الطفل الذي كان يشعر بالوحدة ثم أتاه أخ صغير يسليه ويلعب معه أو ذلك الطفل الذي كان يشعر بالغضب ناحية أخيه الصغير ثم وقعت له مشكلة ساعده فيها الصغير أو ذلك الأخ الذي كان يشعر بالمسؤولية تجاه أخيه الصغير، وهكذا.
- لا يفضل أن تحدث تغييرات مفاجئة قبل ولادة الطفل الصغير مباشرة، كأن يقوم الأبوين بنقل سرير الطفل الكبير إلى حجرته، فعندها سيشعر بأنه انتقل إلى هناك ليترك مكانه لأخيه وسيغضب لذلك.
- في حال وجدت الأم أن طفلها الكبير يتمسك بالأشياء الخاصة به، والتي يقوم الصغير باستخدامها في الوقت الحالي، ويقوم باللعب بها، فلا داعي للتعامل بعنف معه، بل لابد من الهدوء التام.
- لا يفضل إعطاء الأشياء الخاصة بالطفل الكبير إلى أخيه قبل استئذانه، حيث أنه يعتبرها من ممتلكاته ويرى أن التعدي عليها هو تعدي عليه شخصيا. ويمكن إقناعه بأنها لم تعد تصلح له وبأنك ستجلبين له ما يناسبه بدلا منها.
- التعبير عن الحب للطفل الأكبر دائما، بحيث لا يمر يوم دون أن يقوم كلا من الأم والأب باحتضانه وتقبيله وإخباره بأنهما يحبانه كثيرا وبأن له مكانا كبيرا في قلبيهما.
- إشعار الطفل الأكبر بأن الطفل الصغير مسؤول منه وأنه من المتوقع منه مشاركة الأم في العناية به ورعايته، فالإحساس بالمسؤولية تجاه الأخ الأصغر يزيل روح التنافس من داخل الطفل الأكبر.
- عند ولادة الطفل الصغير يفضل أن تقوم الأم بإشراك طفلها الأكبر في عنايتها بالرضيع، كأن تسمح له بتنظيف يديه أو وجهه أو مساعدتها في تحضير ملابسه، وهكذا.
- في حال رفض الطفل الكبير مساعدة الأم في المهام الخاصة بالرضيع فالأفضل أن تتركه وشأنه ولا تعلق على ذلك، فلعله يحب اللعب ولا يشعر بالارتياح والاستعداد لتحمل مسؤولية كتلك.
- لا يستحب أبدا إبعاد الطفل الأكبر عن أخيه عندما يحاول التقرب منه ولمسه واستكشافه والنظر إليه بدافع الخوف على الصغير، حيث أن الكبير لا يعرف كيفية التعامل مع من هم في نفس عمره، بل يفضل أن يحمل الطفل الأكبر أخيه وهو جالس وأن يلاعبه، مع وجود أحد من الكبار معه بالطبع.
- محاولة تخصيص ولو جزء يسير من الوقت كل يوم للعب مع الطفل الأكبر وحده حتى يشعر بأن الطفل الصغير لم يستحوذ على جل وقت الأم واهتمامها وأنه لا زال يحتفظ بمكانه لديها.
- تجنب التعامل بأسلوب يزيد من غيرة الأخ الأكبر والعداء ناحية أخيه الرضيع، كأن يقوم الأبوان بالمقارنة بينهما، حيث أن كلا منهما يعتبر في مرحلة عمرية مختلفة تماما عن الآخر، وليس متوقعا أن يكونا متماثلين.
- إيجاد بعض الطرق التي تساعد على انشغال الأخ الأكبر بتطوير بعض المهارات بدلا من مراقبة أخيه الصغير طيلة اليوم، كأن يذهب إلى الحضانة أو يمارس بعض أنواع الرياضة أو يذهب للتنزه بعيدا عن الأحداث التي تنغصه.
- عندما يبدأ الطفل الصغير في التفاعل مع العالم المحيط به والاندماج فيه، يمكن شراء بعض الألعاب التي تناسب عمره وأخيه الأكبر، حتى يتمكنا من اللعب سويا وتبدأ علاقة جيدة إيجابية بينهما.
- عدم تعنيف الطفل الكبير في حال رفض التفاعل مع أخيه الصغير أو اللعب معه إذا حاول هو ذلك، بل الأفضل تجاهل هذا الأمر تماما، فغريزة حب الأخ ستدفع به في وقت ما إلى الاندماج معه.
- على الأب القيام بدوره في دعم الطفل الأكبر نفسيا وإعطائه احتياجاته في الفترة الأولى بعد ولادة الأم، حيث تكون في الغالب غير قادرة على القيام بهذه المهمة.
- في يوم ولادة الطفل الصغير، يفضل أن يقوم الأب بحمل الطفل الكبير وطلب المساعدة من أحد المصاحبين له وللأم حتى يقوم بمهمة حمل الطفل الصغير، حتى لا يشعر الطفل الكبير بأنه مهمش أو مهمل.
- لابد من إظهار تفهم مشاعر الطفل الكبير وتقديرها وعدم الاستهانة بها أو إظهار السأم منها. ويفضل التحدث إليه عن ذلك وإعطائه فرصة للتعبير عن مشاعره السلبية والغضب الذي يجتاحه وتغيير الأفكار السيئة التي تحاصره.
- لابد من إشعار الطفل الكبير بأنه ما زال ملفتا للانتباه وأن له مكانة بدلا من ترديد بعض الكلمات التي تستفزه وتشعره بأنه لم يعد مرغوبا فيه، وهذا هو دور جميع المحيطين بالطفل.
- يمكن أن يطلب الأبوين من الطفل الكبير أن يقوم بسرد حكاية لأخيه الصغير وتسليته واللعب معه، وهو سيقوم بذلك بحماس منقطع النظير، خاصة لو اندمج الطفل الصغير معه وتفاعل وظهر عليه إعجابه بما يقوم به الأخ الأكبر.
- يمكن للأم أن تشرك الطفل الكبير في تأملها لطفلها أثناء النوم أو عند قيامه بحركة ما، فهو بالطبع سيحب ذلك منه وسيتعلق به ويحبه.
وفي النهاية، أقول لكل أم أن الطفل الجديد في العائلة لا يحتاج إلا للعناية الجسدية، وأما الطفل الأكبر فاحتياجاته نفسية، ولابد من وضع ذلك في الاعتبار. ولابد كذلك من استيعاب فكرة أن غيرة الأخ الأكبر قد تستمر طويلا، فهو لن يستسلم بسهولة إلى أن يتقاسم أحد معه مكانه ويشاركه فيه. والحق أن شخصيات الأطفال تختلف، فهناك الطفل المرن الذي يستطيع بسهولة التأقلم مع الوضع الجديد، كما أن هناك الطفل الحساس الذي يصعب تخليصه من هذه المشكلة في وقت قصير.
أضف تعليق