تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » كيف تستقبل الأخبار الحزينة وتقلل من حدة تأثيرها السلبي عليك؟

كيف تستقبل الأخبار الحزينة وتقلل من حدة تأثيرها السلبي عليك؟

الأخبار الحزينة لا تنتهي من هذا العالم، وهي مؤلمة لنا جميعا، فقد تتوقف حياتك تماما إن لم تستطع التعامل معها، ومن الأخبار الحزينة ما هو عام ومنها ما هو شخصي، فكيف نستقبل الاخبار الحزينة بأقل قدر من الخسائر؟ هذا هو موضوعنا اليوم.

الأخبار الحزينة

الأخبار الحزينة باختلاف أنواعها تؤثر فينا بشدة، والبعض يظن أنه بتجاهل الأخبار الحزينة سينجو من تأثيرها، ولكن سأخبرك بأول الأخبار الحزينة وهي أن التجاهل ليس حلا، ستتأثر بتلك الأخبار الحزينة مهما تجاهلتها، فلا يأخذ هذا التأثير شكلا واحدا، ولكنه يتمثل في أشكال متعددة، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر، إذن كيف ننجو وسط هذا الكم من الأخبار الحزينة والكوارث؟ وهل النجاة ممكنة أم أن هناك من الأخبار الحزينة ما لا تعود الحياة بعده كما كانت؟ والإجابة أننا نستطيع، نعم نستطيع التجاوز والنجاة، والحياة لا تتوقف بفعل كارثة ما أو موت الأحبة أو انتهاء علاقة، ويكمن السر في كيفية التعامل مع الأخبار الحزينة وطريقة استقبالها، ولنتمكن من الحديث عن الطرق المثالية والحلول الفعالة للتعامل مع الأخبار الحزينة، ينبغي علينا توضيح أنواعها وتقسيمها، وسنتحدث عن مخاطرها وكيفية التفكير فيها بما لا يتسبب في مخاطر كارثية، وفي النهاية سنخبرك بالحلول الفعالة مهما كان نوع الأخبار الحزينة التي تصلك، فاقرأ بعناية.

أنواع الأخبار الحزينة وتقسيمها

الأخبار الحزينة أنواع الأخبار الحزينة وتقسيمها

معرفة أنواع الأخبار الحزينة لا يقل أهمية عن طرق التعامل معها، ذلك أن الخلط بين الأخبار الحزينة وعدم التمييز بينها يضعها جميعا في سلة واحدة، وهو ما يصعب علينا مهمة تجاوزها والتعافي منها، كيف لا تكن مهمة صعبة وكل الأخبار الحزينة بالنسبة لنا واحدة وتسبب الألم ذاته، كما أن تقسيم الأخبار الحزينة يساعدنا في رسم حدودها وتحديد الوقت اللازم لتجاوزها، فلا يعقل تساوي خبر موت صديق مع حادثة سيارة في آخر العالم، الأمر يختلف بالطبع، فبداية ليست كل الأخبار الحزينة واحدة.

ولمعرفة أنواع الأخبار الحزينة يمكننا استعمال طريقتين، الطريقة الأولى هي الاعتماد على قدرتنا في التأثير على الأحداث، وبذلك يمكننا تقسيم الأخبار الحزينة إلى ما يمكننا التصرف معها والتدخل للمساعدة وإصلاح الأمور، وإلى ما ينتهي للأبد وليست هناك حلولا معها، فالأمور التي يمكننا التأثير فيها هي خسارة صديق لأمواله أو فقدانه أحد أقاربه أو تعرضه لصدمة ما، هنا يمكننا التدخل لمساعدة هذا الصديق، أما الأمور التي لا نستطيع حلها فهي التي تنتهي بالموت، لا يمكننا إحياء الموتى، كما يصعب التدخل لإنقاذ من يبعدون عنا بآلاف الأميال، هي أمور خارج سلطتنا وقدرتنا على التأثير.

تتمثل الطريقة الثانية في تقسيم الأخبار الحزينة إلى أحزان شخصية وأخرى عامة، تتمثل الأحزان الشخصية في كل ما يخصنا بشكل مباشر ويخص الأهل والأصدقاء والزملاء، فوفاة صديق أو إصابتنا بمرض أو انتهاء علاقة عاطفية هي شئون شخصية مباشرة، أما الحزن العام فهو كل ما لا تربطنا به علاقة مباشرة، مهما كانت درجة كارثية الخبر يظل هناك مسافة بينك وبينه، فلم يمسك بشكل مباشر حتى وإن نتج عنه مئات القتلى، وستظل ضمن الأخبار الحزينة لكنها تحتفظ بعموميتها وعدم اقترابها منك.

مخاطر الأخبار الحزينة

الأخبار الحزينة مخاطر الأخبار الحزينة

كل الأخبار الحزينة مؤلمة، لا يهم هنا قدرتنا على التأثير فيها وتقديم المساعدة وحلول المشكلات أو انعدام تلك القدرة، كما لا يهم إن كان هذا الحزن شخصيا يمسنا بشكل مباشر أم عاما لا تربطنا بصاحبه أي صلة، في النهاية تظل كل الأخبار الحزينة مؤلمة وذات تأثير خطير علينا، ويسهل معرفة ذلك بمجرد مشاهدة صورة صامتة لطفل صغير من ضحايا المجاعات، سيحزنك هذا حتما، ولا يهم عدم معرفتك بهذا الطفل أو اسمه أو دينه وقوميته، فالرابطة الإنسانية التي تجمعنا تقوم باستحضار الألم والتعاطف مع الجميع، وأقول لهذا لإن البعض وجود ما يدعى مخاطر الأخبار الحزينة من الأصل، وهو أمر شائع جدا، وهناك الكثير من الأبحاث العلمية التي درست تأثير الأخبار الحزينة على الأفراد سواء كانت كارثة جماعية عامة أو شخصية.

وتتمثل مخاطر الأخبار الحزينة في الاضطرابات النفسية والاكتئاب وغيره، كما تتمثل في القلق المزمن والخوف المرضي وتشتت التركيز وضعف الإنتاجية، وفي حالات الحزن الشخصي قد يصل الأمر لتوقف حياة الشخص بشكل تام من جراء التعرض للصدمات والانهيارات العصبية، فيفقد البعض قدرته على المشي بشكل مؤقت وربما يفقد الذاكرة أو تأتيه نوبات غضب عنيفة، ومن مخاطر الأخبار الحزينة أيضا خسارة الشخص لبعض علاقاته سواء العاطفي منها أو علاقات الصداقة فعندما تتعرض لتلك الأخبار الحزينة يتغير سلوكك بشكل كبير، والبعض يتصرف بعدوانية تجاه رغبة الآخرين في مساعدته، وهو ما ينتهي به لخسارتهم نهائيا، إذن مخاطر الأخبار الحزينة كبيرة ولا يجب إهمالها، فقد تصيبك بشكل مادي مباشر في جسدك أو تصيب قدرتك على مواصلة الحياة، فتفقد العمل والزوجة والأصدقاء، ولهذا تزيد أهمية طرق التعامل مع الحزن واستقبال الأخبار الحزينة بذكاء.

طريقة التفكير المناسبة للتعامل مع الأخبار الحزينة

الأخبار الحزينة طريقة التفكير المناسبة للتعامل مع الأخبار الحزينة

طريقتك في التفكير عند استقبال الأخبار الحزينة هي نصف عملية تجاوزها والتعافي منها، فطريقتك في التفكير هي التي ستحدد طريقتك في التصرف فيما بعد، كما تنعكس على كافة سلوكياتك فيما بعد، فدائما ما يسبق العقل ما سواه، يأتي العقل أولا في كل شيء، سواء كان ما تواجهه هو الأخبار الحزينة أو مشكلات عادية لا تسبب لك الحزن، وسنخبرك في السطور التالية بمجموعة من الأفكار ينبغي تذكير نفسك بها عند التعامل مع الأخبار الحزينة، يجب أن ترددها لنفسك باستمرار وتظل تقولها بصوت مرتفع حتى تقتنع بها، كما يمكنك الحديث عنها مع الآخرين، ويمكنك أيضا كتابتها في مذكراتك أو على جدران غرفتك، فتلك الأفكار ضرورية للغاية لتجاوز الأخبار الحزينة والتعافي منها، تأملها معي ورددها كل صباح ومساء.

تفهم أسباب الحزن

من الضروري عند التعامل مع الأخبار الحزينة أن نمنحها ما تستحق من الاعتراف، فيخطئ البعض عند التعامل معها بإنكار وبعدم تفهم، فمن الطبيعي أن تسبب الأخبار الحزينة الحزن، فهي الأخبار الحزينة يا عزيزي، سواء كانت شخصية أو عامة، والتفهم هو اقتناعك بشكل عقلاني بحتمية تأثرك بما يحدث، يجب التسامح مع النفس عندما نشعر بالحزن ويختل التوازن لبعض الوقت، لا يعقل أن تزجر نفسك في تلك الأوقات، فعندما تنتظر من نفسك عدم التأثر تنتظر الوهم لا الواقع ولا الحقيقة، والحقيقة أنه ما دمنا بشرا سنظل نحزن عندما تسوء الأمور، سنظل نحزن لفراق من نحبهم أو حدوث مشكلة لهم، كما سنحزن عندما يموت الأبرياء في كل بقاع العالم، سنظل نشعر بالآخرين ونتأثر بهم، ومن الطبيعي أن تتأثر حياتنا بشكل مؤقت إلى أن نتمكن من التجاوز والتعافي من تلك الأخبار الحزينة، لذا يجب تفهم الحزن وتقبله وتقبل آثاره، ستنتهي إن منحناها التفهم.

هذه ليست نهاية العالم

هناك من الأخبار الحزينة ما يجعلنا نشعر بنهاية حياتنا، والبعض يشعر حينها بنهاية العالم ككل، حتى أنه أحيانا عندما يموت أحد المقربين منا نتعجب من استمرار حياة البشر بشكل عادي، نتعجب من بقاء الحركة ومظاهر الاحتفالات كما لو أنه لم يحدث شيء، كأننا نطالبهم بالتوقف عن الحياة والشعور بنا، وهو أمر غير طبيعي، أما ما هو طبيعي فهو استمرار الحياة والعالم، ويجب أن تخبر نفسك بذلك دوما، تذكر نفسك بأنها ليست نهاية العالم يا عزيزي، نعرف حجم الحزن الذي تشعر به ونحترمه ونقدره، ولكن الحياة لم تنتهي، تلك حقيقة وليست وجهة نظر قابلة للنقاش، ربما لا يمكنك استمرار حياتك بعد خروج شخص تحبه اعتدت مشاركته لحياتك، لكن سواء أمكنك التصور أم لا فالحياة ستستمر، وهذه ليست نهاية العالم، يمكنك كتابة ذلك فوق فراشك.

لن نستطيع تغيير العالم وإيقاف المعاناة

تصلنا الأخبار الحزينة كل يوم، هذا حادث إرهابي يقتل الأبرياء، وهذه مجاعة تحصد آلاف الأرواح، وذاك نظام سياسي يقتل شعبه، وتلك الأخبار الحزينة لا تنتهي، وحتى الشخصي منها لا ينتهي، فهذا صديق خسر كل أمواله، وهذا آخر أصيب بالسرطان وهذا غيره تعرض لحادث ويحتاج الملايين لإنقاذه من الموت، الأمر مؤسف بالطبع لكن ماذا يمكننا عمله لتغيير العالم؟ لا شيء في أغلب الأحوال والحالات، لن نستطيع تغيير العالم يا عزيزي، لا أحد يستطيع إنهاء الحروب والدمار وتخليص العالم من الشر، سيظل الشر موجودا ما دام هناك حياة، ولكن سيظل الخير أيضا، ولا يمكننا مساعدة الجميع وإيقاف كل صور المعاناة، ربما يشعرك بهذا بالعجز، لكن التفكير في ذلك حتميا، فيجب تذكير نفسك عن التعامل مع الأخبار الحزينة بعدم قدرتك على تغيير العالم، وبعدم قدرتك على التدخل طوال الوقت وإيقاف معاناة جميع البشر، ينطبق هذا على الحزن الشخصي والعام على السواء، وهو ما يساعدك على تجاوز الحزن.

هذه ليست كل الحياة

أحيانا تعزلنا الأخبار الحزينة عن العالم، فتصبح بمثابة سجن انفرادي ضيق، نحبس أنفسنا داخله ولا نبرحه لفترة طويلة، وهو ما يصنع هزيمتك أمام الحزن، ولتجاوز الأخبار الحزينة يجب عليك تذكير نفسك بباقي جوانب الحياة، الحياة واسعة عزيزي القارئ وكبيرة ومتنوعة جدا، وأنت وحدك ما تقوم بالاختيار بين الأشياء، أنت من يختار التركيز على هذا الأمر أو غيره من الأمور، وعند التركيز على الأخبار الحزينة دون غيرها نختار الجانب المظلم فقط، وننسى وجود الأمور الجيدة الأخرى واللحظات المبهجة السعيدة، وهنا يأتي دورنا في تذكير أنفسنا بما يسعدنا، فالحزن هو العابر في حياتنا وليس العكس، وسيظل لدينا أصدقاء وأهل ونجاح وترفيه وغيره، وعلى المستوى العام الصورة ليست قاتمة تماما، فبين من يقومون بالأعمال الإرهابية هناك الملايين التي تفعل الخير وتهب لمساعدة غيرهم، هناك كل ما هو جميل وإنساني، هناك كل ألوان البهجة والفرح بالرغم من قدرة الأخبار الحزينة على التأثير بشكل أكبر، فلا تحبس حياتك في لون واحد.

أحزانك ليست فريدة

عندما تكون الأخبار الحزينة شخصية تأخذ أبعادا إضافية، فيقوم البعض بمحاولة تحويلها إلى أحزان استثنائية فريدة، فيظن أنه أول إنسان في العالم يختبر هذا القدر من الألم، والحياة قديمة جدا يا عزيزي، لم نكتشفها نحن بمجيئنا إلى هذا العالم، كانت الحياة قبلنا وستظل بعد موتنا، وربما لا يعرف غيرك حجم ما تشعر به من ألم وحزن، لكن لا يعني هذا أن أحزانك جديدة وفريدة من نوعها، وإكساب الأخبار الحزينة لهذا التفرد والاستثنائية لا يساعدك على تجاوزه أو التعافي منه، وقل لي سبب حزنك وسأخبرك بملايين آخرين مروا بنفس التجربة، موت الأحبة ليس جديدا وانتهاء العلاقات العاطفية يحدث من آلاف السنين، واعتبار تلك الأخبار الحزينة ذات صفة استثنائية لا يجعلها جذابة بل تصبح مميتة ومؤلمة للغاية.

هذه ليست التجربة الأولى

عند مواجهة الأخبار الحزينة نشك في قدرتنا على تجاوزها، وتضعف ثقتنا بأنفسنا كلما كانت الأخبار الحزينة شخصية، ونكاد نظن أنها النهاية، ونرى حينها أن الحزن بالذات فوق طاقتنا على الاحتمال، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق، فهذه ليست تجربتنا الأولى مع الحزن، حتى عندما تكون الأخبار الحزينة جديدة هذه المرة، تظل الفكرة واحدة وقديمة، فالأمر يتعلق بالمعنى العام المجرد لتجربة الحزن وليس بتطبيقاتها وأمثلتها المختلفة، فالحزن في جوهره تجربة صعبة وحرب نخوضها حتى ننتصر ونعود للحياة بشكل طبيعي، وهو ما يجعل موت صديق مشابه لانتهاء علاقة عاطفية فالفكرة واحدة وهي الفقد والفراق، وكذلك عند التعامل مع المرض والإصابات وكافة أشكال الأخبار الحزينة، يجب تذكير أنفسنا دوما بآلام الماضي وكيف استطعنا تجاوزها ونسيانها، فطريقة التفكير هذه هي ما تمنحك القوة الدافعة للاستمرار والمقاومة، وتعطيك الثقة بنفسك وقدراتك.

يمكن للأمور أن تصبح أسوء

ينسى البعض عند الاستسلام للحزن أنه يمكن للأمور أن تصبح أسوء، فالاستسلام للحزن قد يؤثر على العمل وينتهي بإقالتنا منه، كما قد يتسبب في إنتاج المزيد من الأخبار الحزينة الأخرى، فعندما يدفعك الحزن على وفاة صديق لإهمال زوجتك قد تخسرها، وهكذا على كافة النواحي والجوانب، الحياة صعبة يا عزيزي، وعلينا الوقوف والعمل والمقاومة وبذل الجهد في كل شيء حتى لا نخسر المزيد، ومديرك في العمل لن يغفر لك غيابك تفهما لما تشعر به، كما أن الحياة نفسها لن تؤجل الأخبار الحزينة الباقية حتى يتم تعافيك مما أنت فيه الآن، تلك هي الحقيقة المؤسفة، كما أن الحزن ليس جذابا كما يصور لك البطل الحزين في أفلام السينما، بل يجعلك عبئا ثقيلا على من حولك، وقد يتحملون جانبك المظلم لبعض الوقت، لكن هذا الدعم ليس نهائيا، وذلك ليس لنذالتهم بل لحدود طاقتهم البشرية، فلا يجب أن تجعلك الأخبار الحزينة تخسر كل ما لديك دفعة واحدة، تذكر هذا.

طرق سحرية للتغلب على الأخبار الحزينة

الأخبار الحزينة طرق سحرية للتغلب على الأخبار الحزينة

تحدثنا عن طريقة التفكير في الأخبار الحزينة وهي نصف عملية الشفاء منها، إذ تنعكس طريقتنا في التفكير على السلوك وطريقة التصرف، فكل الأخبار الحزينة تستمد قوتها من استسلام عقولنا لها، وعند اتباع طريقة التفكير المناسبة وتذكير أنفسنا بالأفكار السابقة نكون قطعنا الشوط الأكبر في عملية التعافي، ويبقى بعد ذلك بعض الطرق السحرية التي تقضي تماما على كل آثار الأخبار الحزينة علينا، وفيما يلي أهم الطرق الذكية والمجربة للتعامل مع الأخبار الحزينة بكافة أشكالها وأنواعها.

البكاء ضروري للغاية

البكاء ليس ضعفا، ومن الحماقة ربط البكاء بالنساء والأطفال فقط، البكاء فعل إنساني صادق ونقي، وعند التعامل مع الأخبار الحزينة يصبح البكاء ضروريا، البكاء ليس ترفا يا عزيزي، بل هو أول طريق النجاة، وحبس الدموع ليس شجاعة، وليس حيا من لا يمكنه البكاء عند فراق الأحبة، بل هو للجماد أقرب، كما يعتبر البكاء اعترافا بوجود الحزن وتفهما لأسبابه، فلا يجعلنا نقع في خطأ تجاهل الأحزان والتأثر بها في الوقت ذاته، كما يساعدنا البكاء على تفريغ الحزن والتخلص منه مع الوقت، لا تحبس دموعك يا عزيزي، اطلقها وسترحل الأخبار الحزينة معها.

ابحث عن الدعم بعد تلقي الأخبار الحزينة

عندما تتساقط الأخبار الحزينة فوق رؤوسنا نصبح بحاجة للدعم والمساعدة، هذا أمر طبيعي، فليس من الجيد أن نحمل الأحزان بمفردنا، هنا يأتي دور الأصدقاء، يمكننا اللجوء إليهم، يمكننا الحديث عن مشاعرنا السلبية بحرية تامة، ويمكننا الثقة في احتفاظهم بأسرارنا وعدم التفريط فيها أبدا، كما يمكنهم مساعدتنا على الخروج من المنزل وعدم البقاء طويلا في غرفتنا، فالبقاء في الغرفة المظلمة لا يؤدي لزوال الأخبار الحزينة من هذا العالم، ولعلك جربت تلك الطريقة من قبل وتوصلت إلى النتيجة ذاتها، ومن الحماقة أن يمد لك الأصدقاء يد العون في تلك الظروف الصعبة وتصدها متعمدا، كما لا يجب استغلال رغبتهم في المساعدة في تحميلهم ما لا يطيقون، ولكن في النهاية يجب أن تحصل على الدعم سواء كان من الأهل أو الأصدقاء أو من أصحاب التجارب المماثلة في جلسات العلاج الجماعية أو بأي وسيلة أخرى.

في الكتابة شفاء للناس

أفضل وسيلة للتعامل مع الأخبار الحزينة هي الكتابة، ولن تستطيع إدراك قيمة الكتابة بدون تجربتها، ولا أتحدث هنا عن الكتابة الإبداعية، ربما يصعب عليك تحويل الحزن إلى قصة قصيرة، لا أتحدث هنا بصفتي كاتب يعشق الكتابة أكثر من الطعام والشراب منذ الطفولة، بل أتحدث عن الكتابة كوسيلة للتعافي، فالكتابة العادية التي نصف فيها مشاعرنا وأفكارنا هي الحل المثالي للتفريغ، فهي التي تخلصنا من الضغوط وزحام المشاعر والأفكار في رؤوسنا وقلوبنا، فهي التي تمنحنا الخفة وتخلصنا من الأثقال التي نحملها معنا في كل مكان، والدفاتر تجيد الاحتفاظ بالأسرار عزيزي القارئ، فقط قم بتخصيص وقت يومي للكتابة عما تشعر به، لا تهم الطريقة التي تكتب بها، ركز فقط على الكتابة وستذهلك النتائج، صدقني فهذه طريقتي المثالية للتخلص من المشاعر السلبية.

ضع أهدافا ليومك

تكمن خطورة الأخبار الحزينة في قدرتها على شل حركة الإنسان، فحين يطوق الحزن عنقك لا يجب الاستسلام له، لا يجب أن نقضي الحياة في الفراش، بالطبع لن تكون لديك الرغبة في كثير من الأمور، وسيجبرك الحزن على التوقف عن بعض الأشياء، كل هذا طبيعي ومتوقع، لكن خير وسيلة للمقاومة هي ضمان استمرارية الحركة، ويمكنك تنفيذ ذلك بأن تضع أهدافا يومية، ولا يجب أبدا التقاعس عن تنفيذها أو التقصير في ذلك، فلتكن تلك معركتك الشخصية لاستمرار حياتك، ولا يهم عدد تلك المهام اليومية أو طبيعتها، ليكن غسيل ثيابك أو زيارة مريض من بين الأهداف لا يهم، فقط وجه طاقتك لتنفيذ تلك الأهداف.

الأنشطة التطوعية ومساعدة الآخرين

لو أن هناك فائدة وحيدة من الاخبار الحزينة ستكون زيادة قدرتنا على الشعور بالآخرين، فمرورك بتجربة ما يجعلك الأقدر على معرفة شعور الآخرين وأفكارهم تجاه التجارب المماثلة، يمكنك الاستفادة من ذلك في مواجهة أحزانك والتخلص منها، فيمكنك تخصيص الوقت للأنشطة التطوعية وتقديم الدعم والمساعدة لمن يجتاحونها، ولا ينطوي هذا الأمر على العمل الخيري الإنساني وما يتسم به من نبل فقط، بل يساعدك أنت على التعافي والتجاوز، فعندما تقدم المساعدة للآخرين تشعر بالرضا عن نفسك، كما يجبرك موقع المسئولية على التماسك والجلد، وكل ما سبق يمنحك القوة لتقهر الحزن وتتغلب عليه.

ممارسة الرياضة

ممارسة الرياضة هي ضربة موجهة إلى الاخبار الحزينة، ومن المعروف أهمية الرياضة وفوائدها الصحية والشكلية، وكذلك فوائدها غير المباشرة على طريقة تفكيرك وتعاملك مع الحياة ومشكلاتها، كما أن لها دورا كبيرا في تكوين العلاقات الجديدة وتمنحك القدرة على مساعدة الناس، وما يهمنا هنا هو قدرة الرياضة على تفريغ الغضب والحزن وكافة المشاعر السلبية التي تشعر بها، تمنحك الرياضة الثقة بالنفس أيضا، إذ تقوم الرياضة على التدريب ورفع حدود القدرات بالتدريج، وعند زيادة قوتك وقدراتك ستشعر بالإنجاز، ويساعدك هذا على التفكير في قدرتك على مواجهة الأخبار الحزينة بالطريقة ذاتها، فلا تفوت تلك الفرصة على نفسك.

السفر للتغلب على الأخبار الحزينة

السفر هو خير وسيلة لشحن الطاقة وتفريغ الأحزان، لذا يفضل أن تقطع تذكرة سفر كلما شعرت باقتراب الأخبار الحزينة منك، فيمكنك تجاهل الترفيه وضرورة تغيير الهواء في الظروف العادية، لكنه يصبح ضروريا عند الشعور بالحزن، ولا يهم طبيعة المكان الذي ستسافر إليه، ليكن سفرك إلى الريف أو إلى بلدتك أو مكان بعيد يسكنه صديق لك، لا يهم إلى أين ستسافر، ما يهم هو مغادرة المكان المعتاد والابتعاد لفترة مؤقتة، سيمنحك هذا بعض الراحة إلى أن ينتهي الحزن.

احرص على مظهرك

علمتنا السينما أن المشهد التالي لكل الأخبار الحزينة هو ظهور البطل بمظهر مبعثر خالي من الأناقة والاهتمام، وهو خطأ شائع في التعامل مع الأخبار الحزينة بكل أنواعها، بالطبع لا تكون هناك رغبة في التأنق في حالات الحزن، ولكن الاهتمام بالنظافة الشخصية والأناقة أمور هامة وضرورية جدا لمواجهة الحزن، وعلى العكس من ذلك فالإهمال يعد استسلاما للحزن، وذلك أن للمظهر عظيم الأثر على الحالة النفسية وما نشعر به، فأعد نفسك لتجاوز الأخبار الحزينة بدلا من إعداد نفسك لجلسة تصوير الضحايا.

الأخبار الحزينة ستستمر في هذا العالم، والحياة أيضا ستستمر، فلم تتوقف الحياة يوما أو يهتز لها رمش مهما حدث من الفواجع، تلك هي الطبيعة، وكل ما علينا هو التعامل معها، وتذكر دوما أنه لولا الأخبار الحزينة لما كان للأخبار الجيدة أي معنى، ويجب الاعتراف بالحزن حتى نتمكن من مواجهته، فتجاهل الأحزان لا يمحوها، يجب علينا تقبل الحزن ومنحه ما يكفي من الوقت، ثم البحث عن الدعم ومساعدة الأصدقاء، وإذا لم يفلح كل هذا علينا التوجه فورا للطبيب، وفي النهاية الحزن مجرد ضيف، مهما مكث لديك فإنه حتما سيغادر، عليك الإيمان بهذا ما كان حجم الأخبار الحزينة التي تستقبلها، وليوفقك الله.

الكاتب: أحمد ياسر

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

واحد + 8 =