تطورت وسائل رصد الفضاء منذ بداية رصد الفضاء من التلسكوب البسيط إلى الأقمار الصناعية التي تعمل كتلسكوبات مثل تلسكوب هابل المعروف، ومع تطور وسائل الرصد اكتشفنا الكثير من الأجرام البعيدة واكتشفنا أمورا لم نعلم بوجودها من قبل وبعضها دفعنا لتغيير قوانين العلم وابتكار نظريات جديدة! وتطورت بالتالي القوانين التي تفسر الكون من قوانين ونظريات نيوتن وحتى قوانين ونظريات آينشتاين، وإحدى هذه الظواهر التي تداعب دوما خيال البشر وتثير أسئلة العلماء هي الثقوب السوداء، والتي تصاحبها الثقوب البيضاء ، وإن كانت أقل منها شهرة.
استكشف هذه المقالة
كيف تتكون الثقوب البيضاء ؟
لكي نفهم كيفية تكون الثقوب البيضاء علينا أولا فهم كيفية تكون الثقوب السوداء، لأن الاثنين وجهان لعملة واحدة. وتتكون الثقوب السوداء عندما ينفجر نجم هائل شديد الضخامة وعالي الكتلة وتتركز كل كتلته في حيز صغير جدا فيكون نتيجة لذلك هائل الكثافة ويؤدي ذلك لتشوه نسيج الزمكان الذي يكوّن الكون تشوها شديدا عند هذا الحيز عالي الكثافة فتصبح للثقب الأسود قوة جاذبية هائلة لا يهرب منها أي شيء حتى الضوء! ولذلك لا ينعكس منها الضوء عندما يسقط عليها فلا نراها، ونلاحظ فقط تأثيراتها. وفي نفس الوقت يتكون إلى جانب الثقب الأسود ثقب أبيض، فالثقوب البيضاء هي ثقوب سوداء معكوسة توجد دوما بجانبها وتنشأ معها.
الثقوب السوداء والثقوب البيضاء
الثقوب البيضاء والسوداء تشبه الجذور التربيعية، فمثلما يوجد لكل رقم جذر تربيعي موجب وجذر سالب ووجود كل منها ضروري، أيضا وجود الثقوب البيضاء مع السوداء ضروري، ويُفترض وجود تلك الأجسام بسبب قوانين الفيزياء والمعادلات التي تفسر الكون.
الثقوب البيضاء كما قلنا ثقوب سوداء معكوسة، فكما للثقب الأسود قوة هائلة تجذب الجسم نحو مركزه، للثقب الأبيض قوة هائلة تطرد الجسم بعيدا عن مركزه. وكما يتكون الثقب الأسود من كتلة موجبة، فيفترض أن الثقب الأبيض يتكون من كتلة سالبة. وهناك بعض الآراء من العلماء تظن أن الثقب الأسود بوابة دخول لبُعد آخر أو كون آخر، وربما بوابة زمنية، والثقب الأبيض هو بوابة الخروج من هذا النفق ، وكما لا يمكن أن يخرج أي شيء من الثقب الأسود لا يمكن كذلك أن يدخل أي جسم للثقوب للبيضاء، إذ إن كمية الطاقة اللانهائية الخارجة منها تقاوم دخول أي شيء.
الثقوب البيضاء في الفضاء
قد يقع في ظن البعض أنه كما يمكننا الاستدلال على وجود الثقوب السوداء من آثارها فيمكننا الاستدلال على وجود الثقوب البيضاء من آثارها، إذ إنهما كما قلنا كتوأمين، لكن ذلك غير صحيح، إذ إن الثقوب البيضاء حتى الآن مجرد أجرام افتراضية موجودة فقط في المعادلات الرياضية على الورق، لكن لم يتم رصدها أو الوصول لكيفية الوصول إليها حتى الآن، كما أنها في الأساس من المفترض أن تتكون بسبب كتلة سالبة، والتي هي أيضا شيء افتراضي غير موجود بشكل فعلي ولم ترصد حتى الآن. فبينما نجد في مركز كل مجرة ثقبا أسودا ونجدها أيضا متفرقة في أنحاء المجرات، لم نجد حتى الآن أي ثقوب بيضاء.
إن علماء الكونيات والفيزياء يواجهون تحديات كثيرة لتفسير الكون، بين النظريات المتضاربة والفرضيات العديدة، وبين السعي للكشف عن مزيد من أجرام الكون -منها الثقوب البيضاء – ورصد الأفق البعيد، ويظل السؤال، هل سنجد النظرية الصحيحة التي تفسر الكون؟ هل سنجد إجابات لأسئلتنا؟ هل سينكشف غموض الكون يوما؟ هل يوجد فضائيون؟ كل تلك أسئلة ربما تُجاب يوما، وربما ينقضي عمر البشرية قبل إجابتها.
الكاتب: أسامة سعد
أضف تعليق