لا أحد ينكر أن أي اضطراب أو خلل يحدث في وظائف الجسم ينتج عنه الكثير من المشاكل الصحية، ولكن بالتأكيد لن يكون هناك ما هو أكثر خطورة من مرض ضخامة الأطراف أو كما يسميه البعض بالعملقة أو العرطلة فهو من الأمراض التي لا يتم اكتشافها إلا بعد أن يكون قد تسبب في تدمير أعضاء كثيرة في الجسم فيشعر المريض حينها باليأس التام من الشفاء ويرفض تلقي العلاج، وقد يصل الآمر إلى إيذاء النفس، ونظرا لأهمية الحديث عن هذا المرض نكتب لكم هذه المقالة لنذكر لكم كافة أسباب الإصابة به، وأهم أعراضه، وكيفية التصدي له.
استكشف هذه المقالة
مرض ضخامة الأطراف
هو أحد الأمراض التي تنجم عن وجود خلل في أحد هرمونات النمو فيتم إفرازها بشكل زائد عن الحد الطبيعي، وتوجد أشكال كثيرة للهرمونات المسببة للمرض فالخلل لا يقتصر على الغدة النخامية فقط، ولا يشترط أن يكون مرتبطا بورم سرطاني خبيث كما يعتقد البعض فقد يصيب أيضا الغدد الموجودة في البنكرياس أو الرئة أو الغدد الكظرية، ولكن غالبية الحالات التي ظهر عليها العملقة كان أصحابها يعانون من مشاكل بالغدد النخامية.
من الطبيعي أن يُفرز هرمون النمو حتى وصول الإنسان لمرحلة البلوغ وبعدها يتوقف تماما، ولكن عند الإصابة بمرض العملقة فإن هرمون النمو لا يتوقف عند سن أو مرحلة ما، وهناك شكل أخر من أشكال المرض يسمى بالأكروميجالي الكاذب، وفيه يتوقف هرمون النمو عند البلوغ، ولا يحدث أي تأثير على غدد الجسم ولكنه يحمل نفس أعراض العملقة يسببها وجود خلل في أنزيمات الكبد يعمل على إنتاج مادة الأنسولين بشكل أكبر من اللازم فيحدث نمو غير طبيعي للعظام والعضلات وفي هذه الحالة تصبح هناك احتمالات شديدة للإصابة بمرض السكر نتيجة لإفراز الأنسولين بشكل أكبر من اللازم.
أعراض مرض تضخم الأطراف
أول الأعراض الواضحة التي تنم عن الإصابة بمرض ضخامة الأطراف تشمل حدوث تضخم في أصابع اليدين والقدمين ثم تتوالى الأعراض بالظهور على بقية أعضاء الجسم فيظهر بروز حاد في عظام الفكين، ويصبح الوجه أشبه بالأسطوانة، وتتضخم عظام الأنف فيبدو شكلها أكبر من اللازم، وأحيانا يحدث جحوظ بالعين مع نمو العظام المحيطة به، تزايد حجم الرأس فيحدث مع ذلك ضغط شديد على الأعصاب ينتج عنه صداع شديد، وضعف في النظر مع ارتفاع في ضغط الدم، والإحساس بوهن في جميع أعضاء الجسد.
هناك علامات أخرى تظهر على الجسم، ومنها زيادة في إفراز العرق وتكون رائحته كريهة بشكل ملحوظ ويخرج معه إفرازات دهنية شديدة قد لا يتم ملاحظتها عند إفراز العرق، ولكن يمكن ملاحظتها بسهولة في تزايد البثور وملمس البشرة الذي يصبح دهنيا أكبر من اللازم، ويشعر المريض بصعوبة شديدة في التنفس خاصة أثناء النوم وقد يشعر بألم أو نغز شديد في الصدر نتيجة تضرر عضلة القلب.
العملقة عند الأطفال
تعتبر غالبية الحالات المصابة بمرض العملقة من الأطفال والبالغين عند إفراز هرمون النمو بشكل زائد عن الحد الطبيعي له، ويلاحظ الآباء والأمهات في هذه الحالة أن الطفل يزداد طوله بشكل سريع كما أن عظامه تصبح أكثر ضخامة عن المعتاد، وقد تظهر أنفه بشكل مسطح مع ظهور بقية الأعراض الأخرى والتي غالبا ما يتم ملاحظتها بسهولة على الطفل.
كيف يتم الكشف عن الإصابة تحليليا؟
عند ظهور هذه الأعراض يمكن بعد ذلك التأكد من أن المريض مصاب بمرض ضخامة الأطراف بشكل فعلي أم أن الأعراض ناتجة عن الإصابة بمرض أخر أيضا يتم معرفة المرحلة التي وصل إليها المرض لتحديد العلاج المناسب بعد ذلك ومن أهم طرق الكشف ما يلي:
الفحوصات المتعلقة بهرمون النمو
قبل إجراء الكشف يجب أن يكون المريض على معدة خاوية حتى تكون نتائج الفحص سليمة، وبعد ذلك يتم أخذ عينة من دم المريض لفحص معدل هرمون النمو ويسأل عنه في المعامل والمختبرات بالرمز التحليلي ( (GHفإذا أظهرت النتائج ارتفاعه عن المعدل الطبيعي فهذا يدل على إصابة المريض.
أيضا تفضل المعامل المختبرية إجراء تحليل أخر يُعتقد أنه يعطي نتائج أكيدة، وفيه يتم فحص معدل هرمون النمو كالمعتاد وبعد ذلك يتم إعطاء المريض محلول جلوكوز، والكشف مجددا عن هرمون النمو ففي حالة الإصابة سيظل معدل الهرمون مرتفعا في الاختبارين وأما في حالة عدم الإصابة ستنخفض معدلاته تدريجيا كرد فعل طبيعي لزيادة الجلوكوز.
التصوير المغناطيسي
يمكن تصوير الغدة النخامية بواسطة أشعة الرنين المغناطيسي للكشف عن وجود أي أورام على الغدد، وتحديد ما إذا كانت تحتاج إلى عملية جراحية لاستئصال الورم أم لا.
هل يمكن علاج مرض ضخامة الأطراف ؟
نعم هناك الآن الكثير من الطرق لعلاج ضخامة الأطراف ، ولكن الطبيب هو من يحدد الطريقة المناسبة للمريض بعد معرفة معدل هرمون النمو في الجسم وتاريخ ظهور الأعراض وهل الحالة الصحية تسمح للمريض أم لا ومن أهم طرق علاج المرض ما يلي:
علاج ضخامة الأطراف بالأدوية
هناك مجموعة من الأدوية تستخدم لتثبيط آلية عمل الهرمون في الجسم ومنها (ساندوستاتين) و(البروموكريبتين) و(البيجفيزومانت) وجميع هذه الأسماء متوافرة على شكل أقراص وحقن تؤخذ تحت الجلد، ويبدأ الطبيب في العلاج بهذه الطريقة إذا كان المريض يحتاج فقط إلى تثبيط هرمون النمو، وإن لم تكن لديه أيه موانع من المادة الفعالة الموجودة بالدواء، وأيضا في حالة عدم حاجة المريض إلى التدخل الجراحي.
علاج ضخامة الأطراف جراحيا
إذا أثبتت أشعة الرنين المغناطيسي أن المريض يعاني من ورم على الغدة النخامية يلجأ الطبيب حينها إلى استئصاله جراحيا لتجنب انتشاره أو تحوره من ورم حميد إلى ورم خبيث يصعب علاجه، ويتم الاستئصال عن طريق استخدام المنظار الجراحي ومن خلاله يتم الوصول إلى الورم وإزالته كليا أو جزئيا حسب حالة الورم، وبعدها تختفي أعراض ضخامة الأطراف بشكل تدريجي.
علاج ضخامة الأطراف إشعاعيا
يتم اللجوء لهذه الطريقة من العلاج كوسيلة أخيرة للقضاء على الخلايا النشطة التي قد تتسبب في ظهور الورم في المستقبل حتى بعد استئصاله جراحيا، ويوجد نوعان من العلاج الإشعاعي يُطلق على أحدهما الطريقة التقليدية وتستغرق أسابيع وأشهر أما الطريقة الأخرى فيٌطلق عليها طريقة العلاج بالبروتونات وفيها يكون الأشعة مرتكزة ومحددة بشكل أكبر من الطريقة التقليدية فيتم القضاء على الخلايا النشطة بشكل أسرع وفي نفس الوقت يكون هناك حماية أكبر للخلايا السليمة من التعرض للأشعة.
الفرق بين مرض جوشير ومرض ضخامة الأطراف
يخلط كثير من الناس بين مرض ضخامة الأطراف ومرض جوشير نظرا لاشتراك العامل الوراثي في الإصابة لكل منهما، ولكن مرض جوشير يؤدي إلى انخفاض هرمون النمو على عكس مرض العملقة الذي يسبب زيادة في إفراز هذا النمو.
ويتعلق مرض جوشير بغياب الهرمون المسئول عن امتصاص وتكسير الدهون في الجسم بعد هضمها، ويعتبر مرض خطير في حد ذاته لأنه يؤدي إلى الإضرار بالجهاز العصبي، وقد يظهر منذ مرحلة الطفولة، ولكن تشتد أعراضه في مرحلة البلوغ فتصل إلى حدوث تضخم في الجهاز التنفسي وتراكم الدهون على الكبد والطحال، وتعتمد طريقة علاجه على تناول أنزيم صناعي مماثل للهرمون المسئول عن امتصاص الدهون.
إذا ظهرت عليك أعراض ضخامة الأطراف اذهب للطبيب فورا، وقم بإجراء كل التحاليل والأشعة اللازمة لفحص الغدة النخامية وهرمون النمو، وهناك سيتولى الطبيب المعالج الربط بين ظهور الأعراض وحقيقة الإصابة، وتأكد أنه حتى إذا ثبتت إصابتك فهناك الآن أبواب كثيرة للعلاج، ولكن الآمر يحتاج منك إلى الثبات النفسي وعدم الإهمال.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق