نسيان الحبيب على الدوام من الأمور التي تأخذ حيزا كبيرا في آلام العلاقة، يمكن لأي آلام أخرى أن تسكن غير أن الآلام المترتبة على فراق الحبيب ومحاولة نسيانه من الأمور التي تصعب على أي إنسان، كيف لا وكل شيء يذكره بالراحلين، لأن الإنسان حين يدخل في علاقة تتلون كل الأشياء من حوله بشريك علاقته، بالتالي عندما يذهب فإنه من الطبيعي أن تظل كل تلك الأشياء محتفظة بأثره، ربما قد لا تستطيع محو كل أثر للحبيب الغائب بعد قراءة هذا المقال ولكن ربما تتمكن بصورة أفضل من المضي قدما في محاولة نسيانه.
استكشف هذه المقالة
هل من الممكن نسيان الحبيب فعلا؟
هذا السؤال بالغ الصعوبة وربما تكمن صعوبته في اختلاف الشخصيات التي تتقبل عدم وجود الأشخاص في حياتهم بعد الآن وتعمل جاهدة لإعادة هيكلة حياتها بعد حذفهم منها وبناء مستقبلهم على عدم وجودهم لذلك نعم نقول أنه من الممكن نسيان الحبيب فعلا إذا أراد الشخص هذا وصدق أنه يستطيع أن يمضي في حياته بدونه، لا يوجد نسيان بمعنى محو كامل من الذهن هذا لا يحدث إلا بعد فترة طويلة ولكن يوجد مضي قدما في الحياة بدون أن يعيق هذا المضي عدم وجود هذا الشخص ولذلك يظل هناك أشخاص سجناء لعلاقة معينة لا يستطيعون تخطيها حيث يتوقف التاريخ والزمان والمكان عند اللحظة التي غاب فيها الحبيب ولا يقدرون على معاصرة الأيام ولا نسيان الحبيب ولا حذفه من المعادلة.
كيف نقيس استعداد الشخص لنسيان الحبيب؟
يتوقف نسيان الحبيب على الأشخاص مثلما قلنا ونلاحظ مثلا أن الأشخاص الذين لديهم حياة مزدحمة ومليئة بالأشخاص والهوايات والنشاطات يستطيعون بسرعة التجاوز والتعافي من العلاقات السابقة وبالتالي لديهم القدرة الأكبر على نسيان الحبيب أما الأشخاص الذين يبنون حياتهم بأكملها على وجود أشخاص آخرين تماما يكونون مثل شركة إنتاج تنتج فيلما بأكمله على أساس النجم الأوحد بالتالي وجوده سيعمل على إصدار الفيلم وغيابه سيؤدي إلى توقف الفيلم، وهكذا الأشخاص أيضًا، من لديهم شخص واحد يبنون عليه حياتهم لن يستطيعون نسيان الحبيب ومن لديهم نشاطات وهوايات وأشخاص عدة وحياتهم ممتلئة بالفعل سيستطيعون التجاوز والتخطي.
نسيان الحبيب بالروحانيات
تحمل كتب التراث وغيرها بأدعية تتضمن آيات قرآنية وغيرها من أجل نسيان الحبيب بالروحانيات، وهذه الأدعية لا أعلم مدى فاعليتها وعلى أي حال فهي ليس لها أساس علمي يستند إليه ولكن نقول لمن يستخدمها أنه لا يجب عليه توقع أن النسيان سيأتيه بشكل آلي بمجرد تلاوة الأدعية، هذه الأمور في الغالب لا تحدث بهذا الشكل ولكن يمكن لمن يتلوها أن يكون لديه النية الخالصة للنسيان وبالتالي يعمل على فعل ذلك بالإضافة لأشياء أخرى وبالتالي يستطيع المضي قدما بسبب أنه اعتقد أنه يستطيع نسيان الحبيب وبالتالي حالة الاقتناع هذه تنتج تحسنا ولو بشكل جزئي، أما أن نستخدم هذه الأدعية على أساس أنها ستجعلنا ننسى الحبيب بشكل آلي وميكانيكي فلا ينبغي أن نتعامل مع الأمر بهذا الشكل.
نسيان الحبيب بالسحر
هذه الأمور نستخدمها عادة للهزل أو المزاح ولكن لا يوجد شيء اسمه نسيان الحبيب بالسحر كما أنه لا يوجد شيء اسمه سحر ومسألة اللجوء لدجال أو ساحر من أجل نسيان الحبيب عن طريق القوى السفلية أو المخلوقات غير المرئية فهذا كله خرافات ما أنزل الله بها من سلطان ويدخل فيها الاحتيال ولا ينبغي علينا أن نصدق هذه المعتقدات الفاسدة لأن نسيان الحبيب إن لم يتم عن طريقك أنت وبتحكمك أنت وحدك فلن يأتي من أي قوى خارجية سواء كانت طبيعية أو خارقة، بالتالي لا يمكننا تصديق مثل هذه الأمور ومن يقول لك أن مفعولها سحري وقوي فلا تصدقه على الإطلاق وكلها خزعبلات وليس لها أي فاعلية على الإطلاق وسوف نعرض في الفقرة القادمة إحدى هذه الطرق المتخلفة الخرفة لنسيان الحبيب ولكن قبل ذلك عليكم أن تقتنعوا أنها كلها بلا استثناء خرافات.
نسيان الحبيب بالموس
إحدى طرق نسيان الحبيب بالسحر والخرافات والتي يتبعها الجهلة والمغفلون من البشر والتي لا يجب أن نصدقها ولكن نعرضها هنا من أجل العلم بالشيء ليس إلا وهي أن تشتري موس جديد أو “شفرة حلاقة” ويوضع في الماء على البوتاجاز حتى يسخن تماما ثم يوضع في ماء بارد ويقول صاحب المشكلة: “يا رب مثلما بردت هذا الموس برّد قلبي” وهكذا سبع مرات وفي النهاية تشرب الماء. طبعا طرق مضحكة ويمكن أن تستخدم كمشاهد كوميدية في الأفلام، ولكن يتم خداع المكلومين بها والذين يلجؤون لهذه الطرق من قلة حيلتهم وضعف نفوسهم، وهناك الطريقة الأخرى بكتابة حرف الغين على صفحة بيضاء بدون سطور ونقعها في الماء ثم شرب الماء قبل النوم، بالطبع أي خبل هذا؟ لا ريب أن مخترع هذه الطرق كان يحاول استعراض ضعف البشر وإلى أي مدى يمكن خداعهم ولذلك استخدم أغرب الطرق بهذا الشكل.
نسيان الحبيب بعد الفراق
هل من الممكن نسيان الحبيب بعد الفراق؟ ربما لا يمكن إرجاع الذاكرة لما قبل الالتقاء به ومحو أي أثر له في الذاكرة ولكن هل يمكن التعايش بدون وجوده والتعامل في غيابه بدون معوقات أو منغصات وهذا ما نعني به نسيان الحبيب والإجابة: بالطبع ممكن بهذه الإرشادات البسيطة والتي لا نبالغ ونقول أنها ستجعلك تنسى الحبيب بشكل موثوق ومؤكد لأننا لسنا بسحرة ولا أتباع خرافات ولكن سنقول أنها ستساعدك إن كان لديك النية الخالصة في نسيانه ومقتنع حقا من داخلك أنك تستطيع فعلا نسيان الحبيب والمضي قدما بدون وجوده في الحياة دون أن يؤثر عليك عدم وجوده بالسلب وسنسوق في السطور التالية كيف يمكننا نسيان الحبيب .
لا ترتعب من وجود الأشياء التي تذكرك به
على عكس ما يقال لك على الدوام فيما يخص نسيان الحبيب بألا تقترب من أي شيء يذكرك به وهذا مستحيل نظريا بل على العكس نقول لك بشكل دائم ألا تصاب بالذعر من تواجد تلك الأشياء في محيطك، فمثلا الفيلم الذي يذكرك به شاهده مرة أخرى والأغنية التي تذكرك به اسمعها مئات المرات حتى تملها، الأكلة التي كان يحبها تناولها باستمرار، بمعنى اصنع ذكريات جديدة دائما، قد لا يمكنك محو الذكريات القديمة كلها ولكن يمكنك صنع ذكريات جديدة في الأشياء التي تتعلق به، دائما يقول فرويد “افعل ما تخاف” ومحاولة تجنبك الأماكن والأفلام والأغاني والأطعمة والأشخاص والروائح التي تذكرك به ستصيبك بمزيد من الهوس حول تفاصيله، وستجد أن كل شيء يذكرك به، والحل هو أن تعيد ارتباطك بهذه الأشياء من جديد، بأن تمحو أثرها منه وتصنع معها ذكريات جديدة بحيث تذكرك بها بدلا من أن تذكرك بالحبيب المفارق.
زر الأماكن التي زرتها معه مرة أخرى
بينما كنا نمر أنا وصديق لي من أمام سينما تعرض فيلما لمخرج نحبه عرضت عليه أن ندخل لمشاهدة الفيلم فقال لي: “لا ويجب أن نسرع بالابتعاد من هنا” فسألته لماذا فقال لي أنه اعتاد على أن يصطحب إسراء (حبيبته السابقة) على الدوام مرة كل شهر ليشاهدا فيلما جديدا وبالتالي لا يستطيع دخول هذه السينما ولا يمكن أن يمر من هذا الشارع إلا ويتذكرها وهذا سيدخله في حالة جنونية، لا أدري كيف حملته بالقوة للدخول من أجل التغلب على هذا الخوف المرضي ودخلنا بالفعل السينما وفي البداية كان مستاء جدا وعلى وشك البكاء بعد الدخول في أجواء الفيلم والكثير من المزاح والسخرية من تصرفات الأبطال أصبح يتحسن وشيئا فشيئا أصبنا بالصدمة بسبب التواء الحبكة في نهاية الفيلم وخرجنا ونحن نتحدث عن الفيلم والصدمات المشابهة له، وقال لي أننا يجب أن ندخل هذا الفيلم مرة أخرى، فسألته هل ندخل هذه السينما وأجاب نعم. باختصار شديد هذا نموذج للإرشادات التي تختص بصنع ذكريات جديدة تشطب بها الذكريات القديمة التي تمنعك من نسيان الحبيب وتعمل على المضي قدما في حياتك ولا تتوقف عندها لأن هذا هو عينه ما سيجعلك لا تقدر على تجاوزه أبدا.
املأ حياتك بأشخاص ونشاطات وأهداف جديدة
نتفهم تماما أنه في معظم الأحيان عندما يكون الإنسان في علاقة عاطفية فإنه يخطط لحياته على أساس وجود هذا الشخص وتتجه أهدافه كلها نحو اتجاه واحد لذلك حين تنهار العلاقة العاطفية فإن هذا الشخص يفقد البوصلة التي كانت توجهه في حياته والأساس الذي كان يبني عليه حياته ومستقبله ينهار بالتالي لا تترك نفسك لهذا الانهيار يقتلك وقم في الحال كي تصنع لنفسك أهداف جديدة تسعى لتحقيقها وتجعل من نفسك ومن مصلحتك أساسا لها، ولتملأ حياتك بالأصدقاء المخلصين بحيث لا تستند على شخص واحد، بل اجعل كل شخص تعرفه يشارك في مهمة الدعم والمساندة فإن تخاذل أحد منهم لا تتأثر بغيابه لوجود الآخرين.
تخلص من الأشياء التي تجعلك تحن له
هل توجد أشياء تجعلك تحن له ولا تستطيع معها نسيان الحبيب بشكل أسرع؟ هناك طريقة سابقة كما قلنا وهي أن تطمس الذكريات المتعلقة به بذكريات جديدة، ولكن إن لم تستطع هذا أو استطعت أن تفعله لكن عجزت أمام بعض الأمور الأخرى خصوصا الهدايا التي تلقيتها منه فتخلص منها، أعرها لشخص لكي يخزنها عنده بحيث لا تحن له ولا تشعر بأنك تفتقد صاحب هذه الأغراض، وهذا لا يتنافى كثيرا مع النصيحة السابقة لأنه ليس كل الذكريات يمكن طمسها بذكريات جديدة.
كم مدة نسيان الحبيب؟
يرجح المختصون أن الإنسان يمل من أي شيء أو يبدأ يتسرب الملل إلى حياته بعد سبع سنوات لذلك يقال أن أصعب سنة في الزواج هي السنة السابعة لذلك يمكن أن ينسى الإنسان الشخص الذي أحبه بعد سبع سنوات ولكن هل هذه قاعدة؟ بالطبع لا.. أريد أن أقول أن هناك أشخاص لا ينسون من أحبوهم ولو بعد مرور عشرات السنين، وهناك فئة أخرى بمجرد ما ينفصلون كأنه كان قميصا وتمزق، ينمحي هذا الشخص من حياتهم كأنه لم يكن، لكن على أي حال من خلال التجارب من حولنا فإن أصعب مدة لنسيان الحبيب هي الأسابيع الثلاثة الأولى، حيث يستطيع الإنسان الاعتياد على تنظيم حياته بدون وجود هذا الشخص فيها.
عدم القدرة على نسيان الحبيب
فقدان القدرة على نسيان الحبيب يأتي في حالة الحب المرضية التي تصل إلى حد الهوس بالشخص، بالطبع لا نريد لأي شخص أن يصل إلى هذه الحالة، نأمل الحب العقلاني الذي أساسه العاطفة وبنيانه العقل والمنطق، بحيث ينطلق من الحب ولكن زاد رحلته الاحترام والتفاهم، لا يمكننا بالطبع محو شخص من ذاكرتنا تماما كأنه ملف على سطح المكتب في جهاز الكمبيوتر نضعه في السلة الإلكترونية، هذا الخيار لا يتوفر سوى للحواسيب، ولكن في معظم الأحوال نسيان الحبيب الخطوة الأولى فيه أن يقتنع الإنسان بأنه يريد أن ينسى حقا ويتجاوز هذا الشخص، بألا يعلق نفسه بآمال زائفة أو بأحلام لن تتحقق، بمعنى أنه لو اقتنع الإنسان نفسه بأنه سينسى هذا الشخص فإنه سيفعل في النهاية أو على الأقل ذكراه لن تكون مؤلمة، أما لو استسلم لشعوره بعدم قدرته على نسيانه فإنه سيظل طوال حياته عالقا في ذكراه لن يبرحها.
نسيان الحبيب ينبع من داخل الشخص نفسه خصوصًا أن بعد أي انفصال يرغب طرف في استرجاع العلاقة ولكن الإيمان بعدم صلاحية هذه العلاقة والمضي قدما في الحياة هو الذي سيعينه على النسيان أما التعلق بالحبال الذائبة ذلك ما سيجعله يهوي في حفرة الضياع العميقة.
أضف تعليق