يحتاج كل إنسان منا إلى تشجيع الآخرين له ومساعدته على النجاح والتقدم، وبالتالي فإن عملية تشجيع الآخرين على النجاح تعتبر من الأمور الحيوية والضرورية في إنجاز الأمور بكفاءة عالية وفي النجاح في الحياة بشكل عام. وسوف نتعرف في هذا المقال على بعض الأساليب التي يمكن اتباعها لكي نتمكن من تشجيع الآخرين على النجاح وسوف تظهر نتائج هذا التشجيع سريعًا وتحقق نتائج مذهلة على كافة المستويات العملية والشخصية.
استكشف هذه المقالة
اختار الكلمات المناسبة من أجل تشجيع الآخرين على النجاح
ليست اللغة البشرية مجرد رموز وأصوات أو مجرد وسيلة نستخدمها للوصول إلى ما نريد وفقط، بل إنها تمثل الوعاء الثقافي الذي تنصهر بداخله شتى مكونات التجربة والخبرة الإنسانية بأكملها. لذلك فإن اللغة مشحونة ومحملة بالأفكار والانفعالات وموجهة للسلوك.
الكلمات وتشكيل الانفعالات السلبية
انظر مثلاً إلى عدد التعبيرات والكلمات المهول الذي يستخدم في اللغات المختلفة لكي يدل فقط على الانفعالات والمشاعر الإنسانية. ثم انظر إلى عدد الكلمات التي تصف الانفعالات السلبية فقط مقارنة بتلك الكلمات التي تصف الانفعالات الإيجابية، وسوف تجد أنها تمثل الضعف تقريبًا. وهذا الأمر يكشف لنا عن السبب الذي يدفع بالكثيرين من الناس الدخول في توجهات وحالات سلبية بشكل يفوق التوجه النفسي الإيجابي، نتيجة لتأثير اللغة أو المصطلحات المستخدمة في تشكيلنا السلوكي والانفعالي. لذلك عليك أن تختار الكلمات المناسبة عندما توجه حديثك إلى أي شخص لأن تلك الكلمات سوف تساهم حقًا في تشجيع الآخرين على النجاح من خلال التأثير في توجهاتهم النفسية.
فعندما تحصل في امتحاناتك التي تخوضها في الكلية، على درجات ضعيفة في بعض المواد، وترسب في الأخرى. فيمكنك هنا أن تلقي باللوم والندم على نفسك وتستخدم العديد من التعبيرات والمصطلحات لكي تصف بها وضعك السلبي، حيث تصف نفسك (الفاشل). والحقيقة أنك تستطيع استخدام تعبيرات سلبية أقل حدة وتأثيرًا من ذلك، لكي تساعدك على تخطي الحالة النفسية السلبية والوضع الصعب الذي تمر به. فيمكنك تغيير مصطلح الفاشل، بتعبير (غير ناجح). وهذا ما يمكن تسميته بالقدرة على تبديل المصطلحات، التي نصف بها خبراتنا وتصوراتنا الحياتية بصدق، من خلال تلك (الكلمات التبادلية).
كيفية التحكم في الانفعالات عن طريق الكلمات
تستطيع إذن أن تتحكم في انفعالات الآخرين وتعمل على إعادة تشكلها بشكل أفضل، من خلال انتقائك للكلمات والمصطلحات التي تستخدمها وبذلك فأنت تعمل على تشجيع الآخرين على النجاح . يحدث هذا عندما تدفع بالكلمات الأكثر حدة ومباشرة ووضوحًا في معناها إلى السطح والاستخدام؛ لتصف الانفعالات والمشاعر الإيجابية. أما الانفعالات السلبية والمحبطة فتدفع بمصطلحات وتعبيرات غير رنانة أو مبهمة وأقل حدة، إلى الاستخدام. فبدلاً من أن تقول أن التحصيل العلمي لشخص ما في لغة من اللغات التي يتعلمها هو (ضعيف) أو (سئ)، فيمكنك أن تقول عوضًا عن ذلك، تحصيل أو مستوى (متواضع). ويمكنك أيضًا أن تدفع إلى حيز الاستخدام، كلمات غير متعارف عليها أو متداولة للتعبير عن التجارب السلبية، فهذا ربما يحقق النتيجة العكسية وينقلك وينقل الآخرين إلى اتجاه نفسي أكثر إيجابية.
اعتمد على الانتصارات السابقة لتحفيز الإرادة و تشجيع الآخرين على النجاح
عندما يتصرف القائد بشكل يظهر فيه الحماسة والإرادة أمام فريق عمله، فإن ذلك سيدفع أعضاء فريقه إلى اتخاذه كنموذج ومثال يحتذى به في أدائهم. وهذا عكس ما إذا اتخذ القائد مسلكًا هجوميًا أو كسول ومحبط، فإن ذلك سوف يدفع بفريقه نحو الخمول وضعف الإرادة. لذلك فإن إظهار الحماسة وتحفيز إرادة الفريق سوف يأتي بالنتائج والإنجازات المرجوة منه على أفضل حال.
فحينما يدفع القائد فريقه نحو الإنجاز عن طريق العبارات التشجيعية والحماسية، بل حينما ينزل القائد إلى مستواهم وإمكانياتهم ويشاركهم ويساعدهم على إنجاز المهام المحددة لهم، فإن ذلك سوف يثير همتهم وإرادتهم على الإنجاز بشكل فعال حتى وإن كانت المهمة تفوق إمكانياتهم ومن ثمّ يتمكن من تشجيع الآخرين على النجاح . فكثيرًا ما نشاهد بعض الساسة أو قادة الجيوش يشاركون بأنفسهم ويضربون المثل العملي في سلوكهم تطبيقًا لمبادئهم النظرية وقيمهم التي يعتنقونها، وهذا شئ يكون له تأثير السحر على التابعين لهم والمؤمنين بنفس المبادئ والقيم أو الجنود في ميدان المعركة.
إن الاعتماد على النجاحات والإنجازات والانتصارات السابقة التي تمت بالفعل، هو خير دافع من أجل الإنجاز والنجاح الحالي، فالإنجاز يؤدي إلى الثقة بالنفس وتقدير الذات وقدراتها وأنها تستطيع فعل المزيد. كما لو كانت حلقة متصلة يؤدي الانتصار السابق فيها إلى انتصار لاحق وبالتالي تتمكن من تشجيع الآخرين على النجاح . فكثير من الشركات حينما تبدأ بتحقيق جودة ونتيجة ناجحة في منتج من منتجاتها يؤدي بها ذلك إلى الاستمرار في تلك الجودة والنجاح بشكل متواصل.
تشجيع الآخرين على النجاح يأتي عندما يشعرون بالاستقلال والتحكم الذاتي
إن القيادة الحكيمة والناجحة، دائماً ما تعتمد على منح موظفيها مساحة من السلطة والإدارة الذاتية حيث يتمكنون من مواجهة المشكلات التي تقابلهم والعمل على حلها بأنفسهم، مع الاحتفاظ بدور التوجيه والإرشاد من القائد. لذلك فإن القادة الحقيقيون لا يسعون إلى المركزية التي تجعل شخصياتهم محورًا لكل الأحداث والأشخاص، بل إنهم يسعون دائمًا إلى تعليم الآخرين ويقدمون لهم الدعم لكي يستطيعوا الوقوف على أرجلهم ومواجهة المشكلات بثقة عالية كما لو كانوا هم القادة.
فالقيادة المركزية التي تعتمد على القائد الفرد الواحد والوحيد، سوف تؤدي إلى عقبات وطرق مسدودة، لأن باقي الأفراد سوف يصبحون مجرد تابعين وسلبيين كما لو كانوا قطيع من النعاج، بدون أدنى مشاركة أو فعالية من جانبهم. وبدلاً من ذلك فإن المؤسسات المتطورة يشارك كل أفرادها بشكل أو بآخر في القيادة ويتبادلون الأدوار كل حسب مهاراته ونتائجه وكفاءته. لذلك فإن نشر الروح القيادية داخل المؤسسة وتمكين الأفراد والموظفين من ممارسة القيادة بنفسهم، سوف يحمي المؤسسة من أي عقبات قد تواجهها. وهذا ينطبق على الحياة الاجتماعية والعائلية والشخصية للإنسان وعلاقاته وبالتالي يتمكن من تشجيع الآخرين على النجاح ، وليس فقط في المؤسسات والحياة المهنية.
إن دفع الموظفين أو فريق العمل للمشاركة الفعالة في عملية اتخاذ القرارات مما يسمح لهم بتنمية أسلوبهم وسلوكهم القيادي الخاص بهم. إن العمل على إنشاء جيل جديد من القادة يكون على أهبة الاستعداد لممارسة القيادة في أي وقت وهو بالفعل يمارسها بشكل مستقل تحت مظلة القيادة الرئيسية، سوف يعود بالخير الكثير على أي مؤسسة أو فريق عمل. لذلك فإن التحكم والإدارة الذاتية الممنوحة للموظفين تمثل الخطوة النهائية في سلم القيادة. فدائمًا ما يعمل القادة الحاليون على خلق جيل جديد من قادة المستقبل، ويكفي أن يرى المرء نتيجة عمله وإرثه الذي يخلفه وراءه ومدى تأثيره في الآخرين ومساندتهم للوقوف على طريق القيادة والنجاح، لكي يشعر بالرضا وبتحقيق رسالته في الحياة.
قم بتوفير الأجواء المناسبة التي يحتاج إليها الأشخاص الانطوائيين
تتكون شخصيتنا وحياتنا النفسية من خلال جانبين، الأول هو الجانب الموروث والبيولوجي الذي نولد به، والآخر هو الجانب المكتسب الذي نحصل عليه من خلال التعليم والمهارات والخبرات التي نمر بها في حياتنا وعلى وجه الخصوص في مرحلة الطفولة حيث يتشكل الكثير من عاداتنا وتكويننا النفسي والشخصي.
فإذا نظرنا إلى الأشخاص الانبساطيين، أثناء استجابتهم للمثيرات الخارجية، نجدهم قادرون على التكيف والتقدم والإندماج التام في تلك في كافة الأماكن والأجواء. بينما نجد الأشخاص الانطوائيين، على النقيض، في حاجة إلى تشجيع الآخرين على النجاح ، فهم لا يتقدمون إلا في الأجواء والأماكن المناسبة لهم، ويتوقفون عن الإندماج والتكيف في الأماكن التي ليسوا على وفاق معهم ولا تدعمهم.
لذلك يحاول المربين والآباء توفير البيئة المناسبة لأطفالهم التي تساعدهم على النمو والتقدم. ويقومون بالتعامل معهم بأسلوب خاص يتميز باللين والمودة واللطف والتقدير، لكي يستطيعوا دفعهم للأمام. فوجود شخص منطوي يعني أنه بحاجة إلى الدعم والدفع التدريجي وتشجيع الآخرين على النجاح ، لكي يتمكن من مواجهة وتخطي المواقف الصعبة التي يواجهها وغالباً ما تكون مواقف مشتملة على أشخاص كثيرين وأجواء مزدحمة وذات نشاط وطاقة عالية.
ويأتي هذا الدعم للأشخاص المنطويين، من خلال التدريب والتمرين التدريجي على المواقف، فحينما يجد الشخص صعوبة في التحدث وتقديم عروضاً أمام جمع من الناس، فإنه يبدأ بالإلقاء والتحدث أمام مجموعات أصغر من الناس كالأصدقاء المقربين، حتى يتمكن من الإلقاء والعرض أمام العديد من الأشخاص والغرباء، وهذا هو جوهر تشجيع الآخرين على النجاح .
يستطيع الطفل الانطوائي على أي حال أن يتقدم ويزدهر بشكل إيجابي ويكتسب ثقة وقدرة حقيقية على مواجهة المواقف الصعبة بالنسبة لهم، فقط إذا تم دعمهم وتنشئتهم تنشئة سليمة بدون الضغط عليهم أو إلقاء اللوم المتكرر على سلوكياتهم، حتى لا يصابوا بإحباط ومزيد من الانغلاق.
قلل من انتقادك المستمر للأشخاص من أجل تشجيع الآخرين على النجاح
كم من كلمة تشجيع وإطراء من معلم أو أستاذ، إلى تلميذ أو طالب، كان لها مفعول السحر، بحيث يسعى دائماً لتحقيق مستوى مرتفع من النجاح لكي يظل عند حسن ظن معلمه. إن آلية الانتقاد والتوبيخ المستمر للآخرين، أسلوباً هداماً يدمر العلاقات الشخصية والاجتماعية بين الناس. فلا يتبقى شيئاً من رصيد المودة والمحبة بين الأشخاص، نتيجة لهذا النقد الدائم، الذي لا يحبه أي شخص مهما كان في حاجة إليه، وبالتالي فإن هذا الأسلوب لا يساعد في تشجيع الآخرين على النجاح والتقدم وتصحيح الأخطاء.
فعندما يقوم المعلم بتوبيخ تلاميذه ونقدهم بشكل مستمر على تقصيرهم في واجباتهم المدرسية أو سلوكيات خاطئة معينة، فإن ذلك ربما يأتي بنتيجة عكسية، وليست النتيجة المنشودة من التربية والتعليم. لأن التركيز على الجانب السلبي وعلى أخطاء الناس بشكل دائم، لا يدفعهم أو يحفزهم للتعلم والسعي لتغيير هذه الأخطاء أو السلوكيات. فالناس تتعلم بالمثال الإيجابي الحي، والقدوة الحسنة، والتأثير العاطفي والانفعالي، وبالتشجيع والإطراء أحياناً على مجهوداتهم البسيطة، لكي يقبلون على مجهود أكبر مضاعف ننتظره منهم.
إن الأفراد الذين نقوم بنقدهم، عادة ما يعتبرون هذا النقد هجوماً على شخصياتهم ورفضاً لسلوكياتهم وأفكارهم، لذلك يقومون باتخاذ موقف دفاعي بشكل تلقائي. فيحاول كل فرد أن يدفع عن نفسه كل النقد الذي يوجه له كما لو كانت تهم وجرائم منسوبة إليه يسعى للتخلص منها. فعلى الرغم من أننا ننظر أحياناً إلى النقد باعتباره ضرورة أو له أسباب حقيقية، لكن النتيجة تأتي مخالفة، لأن الأشخاص لا يستمعون لهذا النقد بل يدافعون. لذلك فإن العلاقات تبدأ في التوتر بين الأشخاص مع مرور الوقت وبدلاً من أن يساعد النقد على التغيير وإعادة النظر والفهم بشكل مختلف ومن ثم يمكن تشجيع الآخرين على النجاح ، فإن المودة والمحبة بين الأشخاص تبدأ في التلاشي.
فلننظر على سبيل المثال إلى الكثير من العظماء الناجحون في التاريخ، سنجدهم لا يتخذون من النقد عادة ووسيلة مستمرة في أيديهم، تجاه الآخرين. فبنيامين فرانكلين، صرح بأن نجاحه يقوم في الأساس على احترام وتقدير أي شخص دائماً دون توجيه نقد أو توبيخ إليه. كذلك نجد أبراهام لينكولن، يتوقف عن نقده للآخرين، عندما دفعه خصم له إلى مبارزته. واشتهر لينكولن بمقولته الشهيرة لمن ينتقد أهل الجنوب: (لا تقوموا بنقدهم، لأننا سنكون مثلهم تماماً إذا كنا واقعين تحت وطأة نفس الظروف).
عندما ترغب في بناء علاقات جيدة قائمة على المودة والمحبة وكذلك عندما تريد تشجيع الآخرين على النجاح والتقدم، فتعلم أن تتوقف عن انتقادهم، واستبدل ذلك بالتفهم وتقدير ظروفهم الخاصة التي تدفعهم لهذا النهج أو السلوك أو التفكير. فعندما تساند الآخرين وتتغاضى عن أخطائهم، وتدفعهم من خلال التشجيع والإطراء وإعادة المحاولة نحو التغيير والتحسن، كل ذلك خيراً من النقد ويعمل على بناء العلاقات القوية ويجعلك محبوباً.
بناء الثقة المتبادلة يساهم في تشجيع الآخرين على النجاح والتقدم
هناك جوانب أخرى من شخصيتك يعود إليها قدر كبير من نجاحك وتقدمك في الحياة، فبالإضافة إلى ملكاتك ومواهبك الفطرية الخاصة التي تمتلكها، فهناك عنصر في بناء شخصيتك يدفع بك نحو النجاح، وهو أن تجعل الآخرين يثقوا بك. ومن ثم تثق أنت أيضاً فيهم. ولكي تتمكن من تحقيق هذه الثقة المتبادلة مع الآخرين، يمكنك أن تتبع المبادئ التالية والتي سوف تحسن من سلوكياتك وكفاءتك بشكل مستمر على كسب هذه الثقة وبثها في الآخرين، وعندها سيصبح لك قدرة كبيرة في عملية تشجيع الآخرين على النجاح والعمل بكفاءة عالية.
أن تكون شخصاً ملتزماً ومرتبطاً بما تقوله أو تعد به، فلا تقل شئ وأنت لا تنوي فعله أو تكون غير متأكد من قدرتك على عمله وإنجازه، لأن ذلك يمثل العائق الأكبر أمام بناء الثقة بين أي طرفين.
أن تكون شخصاً ودوداً وتحسن التواصل والتحدث مع الآخرين بطريقة مهذبة. فيكفي أن تظهر بعض من التعاطف أو التفهم الوجداني أو تقدم بعض المساعدة البسيطة لشخص آخر، أو حتى تقول كلمة شكر وعرفان لمن يسدى إليك خدمة. كل تلك الأمور تحدث تأثيراً قوياً بين الأطراف المختلفة. ابتعد عن التحدث عن الآخرين بشكل سلبي لأن ذلك يعيق الطريق أمام الثقة. فقط، عليك أن تجعل كلماتك موجهة إلى القلوب بالإضافة إلى العقول.
تعلم أن تقدم اعتذار سريع على أخطاءك في الوقت المناسب وقبل أن تتفاقم الأمور من حولك. فقدرتك على الاعتراف بالخطأ وتقديم تصحيح واعتذار عن ذلك يعتبر نقطة أساسية في ترك انطباع ممتلئ بالثقة والصدق تجاهك من الآخرين. حينها سيطمئن إليك الطرف الآخر طالما أنك تتدارك أخطاءك سريعاً وتصوبها وتعتذر عليها، وبالتالي تصبح أهلاً للثقة.
إن الثقة تقوم بالعمل في اتجاهين وبين طرفين، ولا يتم بناءها من جانب واحد فقط. عليك إذن أن تتعلم الثقة بصدق في الآخرين، وعندها سوف تساعدهم على معرفة قيمتهم وملكاتهم ونقاط تميزهم الخاصة، وبالتالي يزداد تأثيرك وتتمكن من تشجيع الآخرين على النجاح ، وكذلك سوف يتكشف لهم قدراتك ومواهبك أنت أيضاً. فالعمل على بناء هذه الثقة المتبادلة سوف يدفع بعلاقاتك على كافة مستوياتها؛ الشخصية والاجتماعية والعملية نحو مزيد من النجاح والفعالية والتحسن، وهذا أمر متاح لك أن تحققه بسهولة من خلال المبادئ البسيطة التي عرضنا لها.
اظهر احترامك وتقديرك لمجهود الآخرين لمساعدتهم في التطوير المستمر
يمثل الاحترام والتقدير المتبادل بين الأفراد عنصراً أساسياً مهماً في بناء العلاقات المتينة والجيدة بينهم. فمن خلال إظهار التقدير الاحترام الكافي للأشخاص، حينما نطلب منهم مساعدة ما، أو حينما يقدمون لنا دعم ما، فإن هذا التقدير والعرفان يأسر قلوبهم ويمثل دافعاً قوياً لهم لكي يقدموا لك أي دعم أو معروف تكون في حاجة إليه.
فالبشر جميعاً يريدون أن يكونوا موضع احترام وتقدير. حيث يمثل ذلك محرك أصيل لأفعال وسلوكيات الناس، من أجل سماع كلمة شكر أو تقدير على مجهودهم وأفعالهم التي قاموا بها وهو أمر ضروري في تشجيع الآخرين على النجاح والإنجاز. ويمكن لأي إنسان أن يقوم بإنجازات جبارة من أجل دافع التقدير والثناء على عمله وإنجازه؛ فكم من نجاح حققه موظفين في أعمالهم أو طلبة في مدارسهم وكم من مشاق ومجهودات ذهنية وجسدية تحملها الناس.. من أجل أن يكونوا موضع تقدير واحترام من قبل الآخرين.
فلكي تدفع وتحفز أي شخص في أن يقدم لك دعم ومساعدة ما، فعليك أن تظهر له كم تكون ممتناً ومقدراً لهذا المجهود والمساعدة التي تتلقاها منه. ونستخلص من ذلك، أن إظهار الاحترام وكلمات الشكر للآخرين تعتبر كهدية أو محرك معنوي لهم لكي يقدموا أي معروف. ولكي تتمكن من تشجيع الآخرين على النجاح ، فإنه بدلاً من استخدامك لأسلوب النقد السريع والتوعد بالعقاب ما لم يحقق الشخص الإنجاز المطلوب، فيمكنك استبدال ذلك بإظهار التقدير على أقل مجهود يبذله الأفراد من أجلك لتحصل على نتائج أفضل.
عليك أن تبني علاقاتك إذن بشكل جيد من خلال تقديم كلمات الشكر أو الاعتذار البسيطة، وتقديم كلمات الثناء والامتنان دون أن تصل إلى مرحلة النفاق. فقط احتفظ بصدقك ونزاهتك، لكن من خلال منظور إيجابي ترى فيه مجهود الآخرين الذي يبذلونه ويستحقون من أجله الشكر والتقدير.
يمكنك أن تتخذ من طريقة تفكير (إمرسون) أسلوباً إيجابياً يساعدك على ذلك، حيث كان يرى كل الأفراد الذي يلتقي بهم في حياته بوصفهم أفراداً ناجحين ومتميزين عنه، ومن ثم يمكنك أن تتعلم بشكل دائم من الآخرين مهما كانت مستوياتهم. فكثيراً من المعلمين وأساتذة الجامعة الحقيقيين، هم الذي يعتبرون طلابهم أساتذة لهم ويتعلمون منهم بطريقة ما، وهو درس مهم في تشجيع الآخرين على النجاح والعمل الدؤوب.
يساعدك تقديرك للآخرين واحترام مجهوداتهم ومساعداتهم مهما صغرت، على التقدم بنجاح في علاقاتك معهم والتي ستبنى حينئذ على المحبة والرغبة في أن يكونوا معك دائماً أو يوفروا لك الدعم متى كنت في حاجة إليه.
استخدم أساليب المكافأة والإطراء والثناء على الأعمال الإيجابية
تخيل أن أحد الموظفين قام بتحقيق إنجاز ما أو عرض متميز لخطة عمل، فماذا سيكون رد الفعل من الشركة والمديرين تجاه ذلك؟ في واقع الأمر سنجد أن غالبية المديرين لا يقدمون إلى موظفيهم ملاحظات أو مراجعات على أعمالهم الناجحة الإيجابية، بل يركزون فقط على الأخطاء وإرسال رسائل سلبية لهم نتيجة لتلك الإخفاقات، كما لو كانوا لا يلاحظون سوى السلبيات في العمل فقط، وهذا الأمر لا يؤدي إلى تشجيع الآخرين على النجاح والإنجاز في العمل.
وهذا الأسلوب يدفع كثير من الموظفين للإحباط وعدم الحماس تجاه العمل، طالما كان معظم إنجازهم ليس له قيمة أو موضع تقدير ولا ينال قبول وثناء من المديرين. لذلك فإن المدير الناجح هو الذي يستغل وجود أي عمل إيجابي ويقدم فيه الثناء على المجهودات المبذولة والإنجازات التي تستحق التقدير من قبل الموظفين، وهذا الأمر ستجد أن له أثار جبارة على حماس ودافعية الأفراد تجاه عملهم وتجاه الشركة. فما المانع بأن تقول لموظفك: لقد قمت بعمل رائع أحييك عليه، أو أنك قدمت عرضاً متميزاً حقاً في الاجتماع.
إن الثناء والكلمات الإيجابية والتشجيعية للموظفين لها تأثيراً كبيراً وفعالاً حقاً، لأنها تشعر الموظفين بالتقدير والاحترام وبأن هناك من يهتم بمراجعة أعمالهم والنظر إليها، ومن ثم تجدهم في حالة نشاط زائدة تدفعهم لمزيد من الإنجاز المتميز والسريع في أعمالهم التالية، وبذلك فأنت تساهم في تشجيع الآخرين على النجاح . وإذا كان هذا الأمر مهماً لجميع الأفراد، فإنه ذو أهمية أكبر بالنسبة للموظفين الجدد على وجه التحديد، فهم أكثر الناس الذي يحتاجون هذه الدفعة الإيجابية لكي يتم وضعهم على المسار الصحيح الفعال. ولهذا السبب يتعين على المديرين أن يجتهدوا في إيجاد عناصر قوة وتميز في أعمال هؤلاء الموظفين ويعطونهم عليها ملاحظات تشجيعية في فترات عملهم الأولى.
انظر على سبيل المثال، إلى الأسلوب الذي يتم به ترويض الحيتان الخطيرة، لكي تتمكن من تقديم عروض ترفيهية في المتنزهات. ستجد أنه نفس أسلوب التشجيع المتبع كما ذكرناه، لكنه يأتي في هذه الحالة على صورة مكافأة تحصل عليها الحيتان نتيجة عمل بسيط يقوموا به في حمام السباحة. ويتم هذا الأمر بشكل تدريجي حتي تستطيع الحيتان إنجاز مهمة أكثر تعقيداً. فالجميع إذن يمكنه أن يصل إلى الإنجازات الكبيرة والمعقدة عن طريق الإنجازات البسيطة الصغيرة التي يتلقى عليها تحفيزاً وتقديراً. لكن تأثيرها يدوم لأوقات أبعد من ذلك بكثير.
اجعل من نفسك السبب والدافع وراء اكتشاف الآخرين لأنفسهم
يوجد في حياة كل إنسان منا، شخصا آخر يعتبر بمثابة الملهم أو الأب الروحي الذي يقودنا لاكتشاف قيمنا وبصمتنا الخاصة ونقطة تميزنا وتفردنا في هذه الحياة. نعم، ينبغي أن نشكر أولئك الذين يقودونا إلى سماع أصواتنا الشخصية وأرواحنا. وإننا لنجد أن القادة ليسوا سواء، بل يمتاز أحدهم عن الآخر. فما هي السمات التي يتسم بها القائد الممتاز عن سواه، سواء في قيادة الذات أو الآخرين؟
إن القيادة الحقيقية تقوم في جوهرها على تشجيع الآخرين على النجاح ، حيث تقدم وتوصل للناس مدى معرفتك وتقديرك لقيمتهم وملكاتهم بكل وضوح، ومن ثم تساعدهم في رؤية صوتهم وعظمتهم الخاصة. ولذلك فإن القيادة بهذا المعنى لا تقف عند حد إدارة الأفراد والسيطرة عليهم، بل عليك أن تقود هؤلاء الأفراد نحو رؤية ملكاتهم وعناصر قوتهم، وهذا هو جوهر القيادة. ولكي تحقق هذا البعد الجوهري في القيادة عليك أن تلتزم بالأدوار الأربعة التالية لتساعدك على ذلك.
أولاً، عليك أن تمتلك رؤية وخطة بعيد المدى تستطيع من خلالها توجيه مسار العمل والأفراد وتكون كالبوصلة التي تتجه نحوها كافة الجهود المبذولة. ثانياً، أن تكون نموذجاً مثالياً وتضرب المثل العملي للموظفين على التنظيم وعلى قدرتك في تطبيق أفكارك وتصوراتك. ثالثاً، أن تمتلك حباً وشغفاً نحو ما تقوم بإنجازه وبذلك ينتشر التنظيم والتعاون مع الآخرين. رابعاً، أن تعمل على استقرار وضبط الهيكل الإداري في المؤسسة أو الشركة.
ومن أجل استكمال متطلبات تشجيع الآخرين على النجاح وبالتالي تحقق القيادة الأكثر عظمة ونجاحاً، عليك أن تأخذ في الاعتبار تفعيل ذكاءك العاطفي والاجتماعي وتطويره بشكل مستمر مستمر. فهذا الذكاء يحقق لنا أولاً القيمة والعظمة الشخصية، ثم بعد ذلك علينا أن نمد نطاق التطبيق لننتقل من مجدنا الشخصي إلى المؤسسة أو الشركة وبالتالي نتحقق من تطوير الذكاء العاطفي والاجتماعي داخل المنظمة نفسها، ونعتبره كأساس وبناء تقوم عليه الشركة بحيث إذا تم إهماله فإن ذلك يعود بالضرر على الشركة كلها. فعلى سبيل المثال عندما تهمل منظمة ما في الذكاء العاطفي بحيث لا يعطى للتواصل والتفاعل الاجتماعي بين الموظفين وبين المديرين، أي أهمية، وكذلك إهمال المشاركة والتفهم الوجداني، فإنه سيؤدي إلى ضعف العمل الجماعي والتفاعل بين أعضاء فريق العمل الواحد ويقلل من ولاء وثقة الموظفين تجاه المنظمة والمديرين.
خاتمة
إن تشجيع الآخرين على النجاح ، عملية تكتمل بها رسالة الإنسان واكتماله، وقد تعرفنا خلال المقال على بعض النقاط التي يمكن من خلالها المساهمة والمشاركة في تلك العملية الهامة. فعن طريق الكلمات والثناء والاحترام والتقدير المتبادل لمجهود الآخرين، وعن طريق بناء الثقة ومساعدة الآخرين على اكتشاف أنفسهم. ومن خلال التركيز على مواطن القوة التي يمتلكها الأفراد وكذلك الانتصارات الصغيرة التي حققوها سابقًا، كل تلك الأمور سوف تساهم بشكل مباشر في تشجيع الآخرين على النجاح والتقدم وتحقيق مزيد من الإنجازات.
أضف تعليق