جزء كبير من تطور الإنسان يعتمد على القراءة، والتعلم من الأخطاء السابقة، والاستفادة من الاكتشافات والتعلم، وحتى يومنا هذا وسيلة التعليم الأولى على مستوى العالم هي القراءة، ربما تختلف وسيلة عرض القراءة، ولكن الثابت هو أن تسجيل المعلومات والعلوم والإرشادات تكون دائمًا عن طريق القراءة، ولذلك كلما تطورت لدى البشر مهارات القراءة كان هذا تطور مفيد جدًا في تطور البشر عمومًا، ويظهر هذا في الزمن الحالي عن طريق تناقل الرسائل النصية بسهولة وسرعة، وأهم أربع أركان للقراءة والواجب العمل عليهم في حالة تطوير مهارات القراءة هم: فهم الكتابة، والقدرة على نطقها، وحل المشكلات، والقدرة على النقد والتفنيد، وفي هذا المقال سيتم توضيح هذه المهارات.
استكشف هذه المقالة
أنواع مهارات القراءة
هناك نوعان من مهارات القراءة، فهناك مهارات القراءة بصوت عالٍ، وهناك مهارات القراءة بصوت منخفض، ومرحلة الاحتراف هي معرفة التوفيق بين مهارات القراءة بصوت عالٍ والقراءة الصامتة، حيث أنه من الممكن أن يفهم أحد الأشخاص نص بسهولة جدًا، ولكن حينما يقرأه بصوت عالٍ، لن يستطيع عرض المكتوب بصيغة صحيحة، خصوصًا في اللغة العربية، التي تحتاج إلى تشكيل في رسم ألفاظها، ومن خلال هذا التشكيل يمكن تغير معنى الكلمة بالكامل، ومن هذا المنطلق هذه هي أهم الطرق التي يمكن من خلالها تحسين مهارات القراءة:
إجادة أساسيات القراءة
أساسيات القراءة هي الحروف الأبجدية، ومعرفة كل حرف وكيف يُنطق، ومتى يُنطق الحرف بطرق مختلفة، وهذا الأمر ليس صعب، بل يتعلمه الأطفال في بدايات ذهابهم إلى المدرسة، عن طريق العديد من مهارات التعليم المختلفة، وهناك دورات لمحو الأمية للكبار للتعريف بالحروف العربية وطريقة نطقها وكتابتها.
إجادة القواعد النحوية
اللغة العربية واحدة من أصعب لغات العالم، وعلى الرغم من أنها من أكثر لغات العالم التي تحتوي على ألفاظ، حيث تتخطى الألفاظ العربية 12 مليون لفظ وكلمة، إلا أنها صعبة خصوصًا فيما يخص القواعد النحوية والبلاغية، والحقيقة أنه من أجل القراءة بصوت منخفض فالقواعد النحوية لن تكون مهمة، لأن الكلام سيكون مفهوم للقارئ، أما المشكلة الأساسية هي في النطق بصوت عالٍ حيث أن نطق اللغة العربية يعتمد على أصوات التشكيل والإعراب، حيث أن كل إعراب يحدد التشكيل للحرف الأخير للكلمة، ومن خلال هذا التشكيل يتم تحديد الكلمة المنصوبة أو المكسورة أو المرفوعة أو المجزومة، ولأن كل تشكيل له صوت يختلف عن الآخر فإن معرفة القواعد النحوية تعد أساسية جدًا في عملية تنمية مهارات القراءة بصوت عالٍ.
إدراك معنى المكتوب
لو لم يفهم الشخص ما هو مكتوب، ولو كان هذا المكتوب ليس به مشكلة في فهمه، فهذا الأمر يحتاج إلى وقفة، وهذا يكون غالبًا بسبب قلة التركيز في القراءة، حيث تتم عملية القراءة بصورة عينية فقط، ولكن دون أن تدخل هذه القراءة على العقل ليتم معالجتها، وهذا من الممكن أن يُدعى “السرحان أو الشتات”، وهذا الأمر في أحيان كثيرة يُضيع وقت القراءة الحقيقية، ويعتقد البعض أنهم بالفعل قاموا بقراءة المكتوب، ولكنهم لم يقرؤونه بالطريقة التي جعلتهم يفهمون، وعلاج هذا الأمر بالتأكيد هو زيادة عملية التركيز أثناء القراءة والبُعد عن أي أشياء تعمل على تشتيت العقل أثناء القراءة.
إمكانية ترتيب ما تم قراءته
هذه المهارة مفيدة جدًا في عمليات الاستذكار، وتحدث عن طريق إدراك النصوص المقروءة، ومن ثم القدرة على تفصيل هذه النصوص، ومن مهارات القراءة العالية جدًا هي عدم الاحتياج لتكرار القراءة لمرات كثيرة لمعرفة الترتيب الكامل لما تم قراءته، الأمر بسهولة يكون ناتج من عملية التركيز، كما أن عملية ترتيب مجمل النص تجعل القارئ يفهم أي نص ويقوم بتحليله ونقده سريعًا.
نقد النصوص
النقد هو من أهم مهارات القراءة على الإطلاق، فبعد تعلم القراءة، والوصول لمرحلة التحكم في نطق النصوص، وإدراك النص ومعرفة ترتيبه، يأتي دور النقد، والنقد هو عملية تحليل كاملة للنصوص، هذا التحليل يكون شامل، ويمكن تشبيه النقد بفلتر القراءة والنصوص، فكلما كان القارئ قادر على نقد النص، سواء لغويًا أو نحويًا، أو فلسفيًا، وصل هذا القارئ لمرحلة كبيرة من الوعي والإدراك القادرين على جعله يحترف القراءة.
مهارات القراءة ومستوياتها
مهارات القراءة ستجعل أي قارئ ينتقل من مستوى قراءة إلى مستوى آخر أفضل، ويعد المستوى الاحترافي في القراءة هو أول مستويات القراءة، وفيه يتم التعرف على المعنى للكلمات وللنص، ثم التعرف على الأفكار والتفاصيل الصغيرة التي يتكلم عنها النص، بعدها يأتي المستوى التنظيمي للقراءة ويتميز هذا المستوى بالتوسع في فهم الألفاظ المعجمية والمفردات اللغوية الغير منتشرة، وتمييز طريقة وسير النص، بعدها يأتي المستوى الاستنتاجي لتفسير النصوص، وفي هذا المستوى يتم استنتاج الأفكار والأهداف الموجودة في الجمل والفصول.
لو كان النص قصصي أو روائي يتم التعامل مع الأشخاص بطريقة عاطفية من خلال هذا المستوى، مع القدرة على فهم البلاغة والتشبيهات والكنايات، وتمييز الأفكار المستترة من النص، أيضًا يتم فهم الجمل في إطار سياقها وليس في إطار كتابتها، ويأتي هذا المستوى بعد المستوى النقدي، وهو مستوى يعتمد على مدى فهم القارئ الحقيقي لأي نص يقرأه، ويعرف ما المناسب في هذا النص، وما هو الغير مناسب، سواء من الناحية اللغوية، أو من الناحية التفسيرية للنص، أو من الناحية البلاغية، وأخيرًا يأتي آخر مستوى من القراءة وهو المستوى الإبداعي.
مهارات القراءة السريعة
مهارات القراءة السريعة هي عبارة عن القدرة على تحصيل أكبر عدد من الكلمات التي يتم قراءتها بنفس القدرة على الاستيعاب، وهذه المهارة يمكن تعلمها عن طريق عدة أساليب مختلفة، أهمها القراءة الصامتة، والتي تحتاج إلى تركيز عالي جدًا، لأن الشتات قد يحدث ويضيع الوقت المخصص للقراءة، دون أن يدري الشخص أنه مشتت، أيضًا يمكن تحريك العين والرأس مع النص، وليس العين فقط، وتحريك الرأس يكون لضمان عملية التركيز، حيث أن العضلات تكون بمثابة منبه دائم في حالة توقفها عن الحركة مع النص، ويمكن تحديد وقت عن طريق منبه، في البداية لن يستطيع الشخص قراءة النص في الوقت المحدد على هذا المنبه، ولكن مع الوقت سيعتاد الشخص على التركيز ومحاولة بذل مجهود أكثر في تحصيل أكبر كمية من المعلومات في وقت قليل.
مهارات القراءة الجهرية
القراءة الجهرية تحتاج إلى حس اللباقة، وذلك لأن المستمعون يجب أن يلاحظوا جودة النطق حتى يفهمون الفروقات بين الكلمات، وكما تم الذكر فإن هناك بعض الكلمات التي تشبه في رسمها كلمات أخرى وكمثال كلمة “ودود”، هذه الكلمة يمكن أن تأتي بمعنى شخص لطيف، ومن الممكن أن تأتي في سياق الجملة بواو العطف وبعدها كلمة “دود” وهي جمع كلمة “دودة”، ومن هذا المنطلق، وعند نطق النصوص بصوت عالٍ، يجب التفرقة بين الكلمات، وفهمها قبل نطقها، حتى لا يستغرب المستمعون الكلمات المنطوقة في غير محلها.
أيضًا من أهم المهارات التي يجب امتلاكها في القراءة الجهرية هي مستوى الصوت، ونوع الصوت، حيث أن نطق الجمل بمستوى صوت متوسط ليس بعالٍ أو منخفض من أفضل طرق الإلقاء على الإطلاق، هذا غير التباين الصوتي الذي يمكن أن يُدخله القارئ في نبرة صوته أثناء القراءة، وهذا الأمر يُستخدم بكثرة في القراءة للأطفال، ففي قصص وروايات الأطفال، يمكن أن يميز فيها الطفل المقروء من النبرة التمثيلية للنص المقروء، أيضًا بالنسبة للقراءة الجهرية أمام الجماهير، فيفضل التمرن جيدًا على حفظ النص ونطقه بالطريقة الصحيحة، ويجب التحلي بالثقة في النفس.
مهارات القراءة الناقدة
القراءة الناقدة هي مستوى مرتفع جدًا من إدراك النصوص، فيها يتم الحكم على أشياء عدة في النص، وعلى الكاتب أيضًا، حيث يتم الحكم على البراهين الموجودة، ومدى صحة وخطأ الأفكار الموجودة في النص، ومدى اتساق النص من البداية للنهاية، واستنتاج الأفكار الرئيسية، والتمييز بين الفكرة الرئيسية الكاملة والفكرة الثانوية التي تخدم الفكرة الأساسية، أيضًا من خلال النقد يمكن تبين توجه الكاتب، كما يمكن التمييز بين الحجج القوية والحجج الضعيفة، كل هذه التفاصيل تصنع بُعد مختلف للنصوص، وقد يحدث أن يكون هناك كتاب لا يعلم عنه أحد أي شيء، ولكن بمجرد قراءة هذا الكتاب من الناحية النقدية، يتم رؤية الكثير من التفاصيل المهمة جدًا في هذا الكتاب والتي كانت غير وضحة عن طريق القراءة العابرة.
أخيرًا مهارات القراءة تُعد من أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها جميع الناس، في جميع مناطق العالم، لأنها تزيد من القدرة على التطور، حيث أن القراءة من أهم العوامل الرئيسية في استمرار التطور العقلي والمجتمع البشري.
أضف تعليق