تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف يمكنك التحدث لأطول فترة ممكنة دون أن يمل المستمع؟

كيف يمكنك التحدث لأطول فترة ممكنة دون أن يمل المستمع؟

ربما يميل الكثير من الناس إلى التحدث لأطول فترة ممكنة دون أن يصاب المتحدث بالملل، ولعل يطيب للجميع أنهم حين يتحدثون يجدون من يستمعون إليهم بتشوق واستمتاع ولذلك منظر الآذان المصغية والعيون المتعلقة بالشخص المتحدث من أفضل المنظر للذين يودون الحديث والتأثير في الآخرين.

التحدث لأطول فترة ممكنة

إن كنت مُحاضرا أو مدرسا أو خطيبا أو كانت تفرض عليك مهنتك التحدث لأطول فترة ممكنة فإنك عليك أن تضمن أن المتحدث لن يمل ويدعو الله أن ترأف بهم وتكف عن التحدث وتنهي خطبتك هذه حتى يرحموا أنفسهم من الاستماع إليك، ولعل الإنسان لا يحب أن يتحدث أحد إليه إلا في شيء يهمه، وربما الموضوع التي تنوي الحديث فيه لن يهم الآخرين كثيرا ولكن تود أن تجذبهم إليه بالتالي تريد أن تلتقط الأسلوب الذي يمكنك من لفت انتباههم واستعارة آذانهم وأذهانهم طوال فترة تحدثك من أجل شرح فكرتك وطرح موضوعك وضمان وصوله بالشكل المُراد، لذلك سيكون محور حديثنا في السطور التالية حول مهارة الحديث لأطول فترة ممكنة وكيف تكتسبها وتطعم أسلوبك بالعناصر الجذابة لأي خطاب.

كيف يحدث الملل لدى الآخرين من حديثك؟

التحدث لأطول فترة ممكنة كيف يحدث الملل لدى الآخرين من حديثك؟

أحيانا تلقي خطابا أو تشرح فكرة أو حتى تطرح موضوعا بين أصدقائك فتجد الأوجه الممتعضة والملامح الملولة والأعين التي تنتظر انتهاء هذه الكلمات والسبب في ذلك يرجع إلى عدة أمور أهمها أنك تتحدث عن نفسك وعن مآثرك وانتصاراتك وبطولاتك وبالتالي تثير الملل بل والنفور أيضا أو أنك تتحدث في أمر لا يفيد المستمعين بشكل كلي ولا يحتوي على أي ذرة من الإثارة، ولا يمت لواقع المتلقين بأي قدر من الصلة بالتالي فأنت لن تكسب انتباههم على الإطلاق ولن تستطيع جذبهم إلى محتوى حديثك وتستطيع التحدث لأطول فترة ممكنة ولكن هذا في حالة إن انتاب هؤلاء الأشخاص الخجل من الإعلان عن مللهم وضيقهم بسبب الكلام الذي تقوله.

كيف تجذب الآخرين بحديثك؟

هناك عناصر تستطيع جذب الآخرين من خلالها إلى حديثك ومن ثم يمكنك التحدث لأطول فترة ممكنة دون الشعور بالضغط على الآخرين من أجل أن ينصتوا إلى حديثك وهذه العناصر نبرز أهمها من خلال النقاط التالية:

مراعاة السياق

عليك أن تراعي السياق إن كنت تنوي التحدث لأطول فترة ممكنة وتود استثمار الوقت لصالحك أن تتحدث الحديث الذي يناسب السياق فإن كنت مثلا في عزاء أو تأبين فلا ينبغي عليك أن تتعامل بحس الدعابة على الإطلاق، يمكنك أن تتكلم عن مآثر الميت وشمائله وصفاته ولكن حس الدعابة سيثير النفور منك على الفور، كذلك عليك مراعاة الأشخاص الذين تتحدث إليهم واللغة المستخدمة لهم فالكلام لأشخاص على مقهى لا يكون مثل لطلاب دراسات عليا ولا يكون في تقديم مشروع لمجموعة من رجال الأعمال، هذه هي النقطة الأهم يجب أن يدرك المستمع أنك لديك ما يجعلك جدير بأن ينصتون إليك.

احترام المستمع

لا يمكنك التقليل من المستمع أو إشعاره بأنك أفضل منه على أي حال عليك أن تكون على مسافة واحدة منه أن يشعر بالندية وأنت تحدثه وأنك تلفت نظره لأمر ما ولكن لا ينبغي أن يشعر بأنك تفهم أكثر منه لذلك عليك أن تكون متواضعا في حديثك ولعلك تشاهد المحاضرات العلمية للعلماء العظام على يوتيوب فتراهم متواضعين وبسطاء ولا يصنعون أي مسافة بينهم وبين الطلاب ولا ينظرون لهم من الأعلى.

حدد ما تريد

سأسألك سؤالا، هل اهتممت بقراءة مقدمة كتاب من قبل؟ هل أحببت أن تستمع إلى مقدمة إذًا من قبل؟ حسنا بمجرد ما تتحدث سيسأل الناس عما تريد، الأمر يصبح أكثر صعوبة حين لا تعرف أنت ماذا تريد تحديدا، لذلك عليك أن تتخلى عن كل المقدمات وتدخل في الموضوع مباشرة.

كيف يصبح موضوعك شيقا؟

تحدثنا عن كيف تجذب الآخرين لحديثك في البداية، والآن كيف تجبرهم على الاستمرار في الإنصات طالما نويت التحدث لأطول فترة ممكنة :

حس الدعابة

لا يمكن أن يكون هناك حديثا شيقا بدون حس دعابة، الدعابة هي أكثر الأمور التي تجعلنا مشدوهين ومنجذبين للأشخاص المتحدثين ولعلك تتذكر حين كنت صغيرا في المدرسة كيف كان المدرس الذي يتمتع بحس الدعابة يستطيع جذبك لحصته وانتظارها بشوق كبير، وأعتقد أن الأمر لم يختلف كبيرا فحتى ونحن كبارا نود أن يحدثنا الناس في أمور خفيفة وبأسلوب فكاهي مهما كان الموضوع عميقا أو معقدا.

اقترب من واقع المستمع

إن كنت تحكي لشخص موقف حدث معك في ماليزيا مثلا وهم لم يذهب إلى ماليزيا قط ولا يدري أي شيء عنها وليس لديه أي فكرة عن ثقافة شعبها فإنه سيمل بعد نصف دقيقة ولكن إن تحدثت عن قرية في ماليزيا ثقافة أهلها مثل ثقافة الأشخاص في محيط منزله أو هناك التقاء في بعض النقاط بينهما فإنك بذلك ستكسب انتباهه ويمكنك التحدث لأطول فترة ممكنة دون أن يشعر بالملل.

بسط فكرتك قدر الإمكان

الناس يخافون من التفكير الزائد في الأمور ويخافون من الدخول في متاهات ذهنية من أجل فهم فكرتك وهم ليسوا مجبرين على ذلك، ومثلما قال العالم الكبير آينشتاين أنك إن لم تستطع شرح فكرتك لطفل عنده 6 سنوات فأنت لم تفهمها بالقدر الكافي، لذلك عليك ألا تبدأ بالتعقيد وتحدث بشكل بسيط حتى لا يشعر المستمع أنك معقد وفكرتك معقدة وغير صالحة.

كيف تبدأ الموضوعات؟

لو لم يكن هناك أهمية للبداية لما كان هناك شيء في علم البلاغة اسمه “براعة الاستهلال” أي المهارة التي لدى الأفراد في استهلالك حديثهم بشكل بارع يستطيع جذب الأنظار ولذلك كان الشعراء قديما يبتدئون قصائدهم بالغزل من أجل استمالة آذان السامعين، وكذلك الخطباء من أجل التحدث لأطول فترة ممكنة من خلال الشعر والأدب للعمل على انسجام المستمعين واندماجهم في محتوى الخطاب، ولأن الأشخاص يحبون الحكايات يمكنك أن تبدأ شرح فكرتك بقصة قصيرة توضح وجهة نظرك وتساعد على تهيئة المستمعين للموضوع الذي ستطرحه عليهم، ولأن الحكايات هي الأكثر رواجا يمكنك إن كان هذا متاحا أو يناسب طبيعة الموضوع أن تصيغه في شكل قصة، خصوصًا أنك حين تفرض قوانين أو قواعد أو نظريات تثبت بها فكرتك يجب أن تقدم التأصيل العلمي أو المنطقي لها ولن تسلم من مناقشات المستمعين، لكن هناك تسامح مع القصص والحكايات بشكل عام وستساعدك جدا في إقناع المستمعين بوجهة نظرك.

كيف يمكنك التحدث لأطول فترة ممكنة بشكل ارتجالي؟

التحدث لأطول فترة ممكنة كيف يمكنك التحدث لأطول فترة ممكنة بشكل ارتجالي؟

التحدث لأطول فترة ممكنة تحدثنا عنه في السطور السابقة بافتراض أنك لديك موضوع أو فكرة أو وجهة نظر تود أن تعرضها على آخرين ولكن ماذا لو وضعتك الظروف وعليك التحدث لأطول فترة بشكل ارتجالي أي دون تحضير أي فكرة؟ لا ريب أن العقل يصاب بالشلل في مثل هذه الظروف ولكن عليك أن تحركه بشكل ما، حدث مرة عندما كنت أعمل مدرسا دخلت ذات مرة في حصة احتياطي ولم يكن الطلاب مستجيبين لشرح أي مواد علمية للاستفادة فبدأت بإمساك القلم ورسم عشرات النقاط متباينة الحجم على السبورة وبدأت في سؤالهم: ما هذا؟ كانت كل الإجابات خاطئة فأمسكت بالقلم الأحمر ووضعت علامة على نقطة صغيرة وعشوائية من النقاط وقلت لهم أن هذه هي المجرة وهذه النقطة الصغيرة جدا ذات العلامة هي كوكب الأرض الذي نحيا عليه، ومن خلال هذه المقدمة التي ألهمني إليها العالم كارل ساجان بالطبع، بدأت أتحدث عن تاريخ الأرض والبشرية، وأمكنني فعلا التحدث لأطول فترة ممكنة ووجبت استجابة عجيبة من الطلاب رغم أنه كان مجرد ارتجالا ليس إلا، ولكن كان لدي فكرة حاضرة في ذهني، لذلك يجب عليك أن تمتلك ولو فكرة واحدة تستطيع التحدث عنها.

التحدث لأطول فترة ليس صعبا طالما عرفت ما الذي يحتاج إليه جمهورك وكيف يمكنك أن تعرض عليهم فكرتك بالطريقة التي ينجذبون بها إليك ويستمعون إلى ما تقول لأنه يهمهم.

محمد رشوان

أضف تعليق

واحد × خمسة =