لا يخفي على أحد أن خبر الوفاة من الأخبار التي لا يتمنى أحد سماعها طوال حياته، فالإنسان، وحتى مع حمله للكره لبعض الأشخاص، فإنه لن يتمنى بأية حال من الأحوال موت هذا الشخص، والآن دعونا ننتقل للجزء الأصعب، وهو وقوع الموت لأحد الأشخاص المقربين، وبالطبع الأهل هم الذين يحتلون المرتبة الأولى من حيث القرابة، تخيلوا قدر الألم الذي سيحدث مع وجود خبر كهذا في أجواء كهذه، بالطبع نحن لا نملك التفكير في هذه الحالة إلا في الأشياء السلبية السيئة، لكن دعونا لا نذهب إلى هذا الأمر أكثر مما يجب ونتخير بعض الطرق التي يُمكن من خلالها التعامل مع هذا الخبر، والسؤال الآن، هل ثمة طرق فعلًا قادرة على حجب التأثير السلبي السيئ لخبر مثل هذا؟ الإجابة تأتيكم في السطور المُقبلة.
استكشف هذه المقالة
صدمة خبر الوفاة
هل لديكم أية شكوك على كون خبر الوفاة يُسبب صدمة كبيرة لكل من يسمعونه؟ الإجابة بكل تأكيد لا، فأنت بلا شك عندما تسمع بوفاة شخص تُحبه أو تهتم لأمر سوف يتبادر إلى ذهنك الكثير من الأمور التي كلها بالتأكيد سيئة وسلبية، لكن ربما الشيء الأكثر سوءًا على الإطلاق أن ذلك الشخص الذي سمعت بوفاته الآن لن يكون متاحًا مجددًا، لن تراه، وكل ما حدث معه في هذا الحياة وعاصرته بات مجرد ذكريات، لا يوجد مستقبل، وهذا أسوأ شيء يُمكن التفكير فيه، إذ أنك ستضطر إلى الاعتراف بعدم وجود أية مستقبل مع هذا الشخص، بات جزء أصيل من الماضي، الماضي فقط، وبالطبع هذا الأمر ألسيئ وذلك التفكير السلبي سوف يؤثر عليك بالسلب تمامًا، وفي هذه اللحظة يأتي دور ما نتحدث عنه من طرق استقبال الخبر.
طرق استقبال خبر الوفاة
اتفقنا قبل قليل على كون التعرض لخبر صادم مثل خبر الوفاة شيء سلبي تمامًا وتأثيره سيء إلى أبعد حد، إنه صدمة، وهذا هو التفسير الأدق، ولكي نتعايش أو نتخطى هذه الصدمة علينا أن نمر ببعض الخطوات أو المراحل، وهي التي أقرها علماء النفس بعد دراسة لمثل هذه الحالات، وعلى رأس الطرق طبعًا الرضى بقضاء الله وقدره.
الرضى بقضاء الله وقدره
في الحقيقة ليست هناك طريقة أهم وأسرع وأفضل في تلقي خبر الوفاة مثل الرضى بقضاء الله وقدره، فإذا كنت عزيزي القارئ موحدًا ومؤمنًا وواثقًا في الله وقدره فسوف تعرف أن الموت في الأساس حق أصيل من الحقوق التي نحصل عليها في هذه الحياة، وأنه مهما كان وضعنا الآن فسوف يأتي يوم من الأيام نموت فيه أو نفقد شخص عزيز علينا لأسباب تتعلق بالموت، وأن من يحدد كل ذلك هو الإله عز وجل في صورة القضاء والقدر، ولذلك فإن تلقي الصدمة الأولى يُمكن التغلب عليه من خلال الرضاء الكامل بهذا القضاء، وألا نجادل الله تعالي في حكمه، كما أنك أصلًا لا تمتلك نفسك أو الشخص الذي رحل عنك، وبالتالي فحياته وموته أمور ليست متاحة لك بالمرة، هذا هو طريقك الأول لتلقي خبرة الوفاة، لكنه ليس الطريق الوحيد.
التفكير في الآخرين وحاجتهم لك
أيضًا عزيزي القارئ بعد أن تُفكر في الجانب الديني عليك أن تُعمل التفكير في الجانب الدنيوي وتنظر إلى الآخرين كي ترى كيف هم في حاجة إليك، في حاجة إلى ثباتك على وجه التحديد، وبالتالي لا يُمكن إفساد كل ذلك بانهيارك الذي سيقود بالضرورة إلى انهيار الآخرين من حولك، عليك أن تُفكر فيهم وتقف موقفًا يُظهر قدرك ومكانتك، وبالمناسبة، هذا الأمر لا يعني على الإطلاق أنك شخص متحجر القلب، ولكنك شخص عاقل، وبالطبع لن يأتي هذا الأمر إلا مع التسليم بالطريقة الأولى، وهي الرضاء بأن ما وقع قضاء من الله قدره من قبل.
الدعاء للشخص المتوفي بالجنة
أفضل يُمكنك فعله عند سماع خبر الوفاة ويُمكن اعتباره من سبل تخطي هذا الخبر ألسيئ أن يتم الدعاء للشخص المتوفي، وأصحاب الديانة الإسلامية يعرفون هذا الأمر جيدًا ويُدركون أن أسهل طريق للميت من أجل الوصول إلى الجنة أن يتم الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وربما يتم التعجب من ذلك بعض الشيء، إلا أن الدعاء للشخص الميت يُسهم كذلك في تثبيت قلبك وجعلك في حالة كبيرة من الرضاء بالقضاء والقدر، إنه ببساطة حل آخر فعال من أجل تخطي صدمة خبر الوفاة، وخصوصًا إذا كان المتوفي شخص تحبه وتعرف أن الدعاء له سيُفيد في حياته الأخرى.
تغيير الأجواء بأسرع وقت
بعد أن تقوم بكل الخطوات السابقة، وإذا كنت لا تزال تشعر بوجود بعض الألم النفسي جراء خبر الوفاة فبكل تأكيد سوف يأتي الدور عليك أنت لتُغير الأجواء وكل شيء مُحيط بها، إذ أنك ستجد حياتك في تغيير المكان والذهاب إلى آخر لا يُذكرك بالشخص المتوفي، كذلك يُنصح بتغيير الأجواء من حيث الأشياء التي تقوم بها، هي أيضًا تستحق التغيير في هذه المرحلة، أنت ببساطة ستكون في حاجة إلى شخص جديد ليعيش هذه المرحلة الجديدة من حياتك.
الالتزام بعادات الشخص المتوفي
بعد أن تهدأ قليلًا صدمة خبر الوفاة ويُصبح من غير الضروري النحيب والبكاء فسوف يكون هناك شيء عقلاني يُمكننا التفكير فيه ونتوقع الفائدة الكبيرة منه، هذا الشيء ببساطة يتعلق بفكرة الالتزام بنفس العادات الطيبة التي كان يقوم بها الشخص المتوفي والمتسبب في الصدمة، فمثلًا إذا كان يقوم برعاية شخص مسن علينا أيضًا أن نفعل نفس الشيء، وإذا كان هناك مكان يذهب إليه باستمرار علينا بعد وقت الاستمرار بزيارة هذا المكان، المهم في النهاية أن نلتزم بكل ما كان يتم الالتزام به آنفًا، هكذا يُمكن أن تمضي الأمور بصورة أسهل قليلًا.
تلقى مواساة الآخرين
بعض الأشخاص عند يحصلون على خبر الوفاة فإنهم يُغلقون على أنفسهم ويقومون بالبكاء إلى الحد الذي يُمكن وصفه بالانهيار، وهذا في الحقيقة أمر خاطئ تمامًا، إذ أن وجود الآخرين بجوارك في مثل هذه الظروف سبب من أسباب تخطي المرحلة على نحو جيد بعض الشيء، فالآخرين يقومون بمواساتك ويقومون كذلك بالتخفيف عنك، هذه أساسًا الوظيفة التي وُجد من أجلها البشر، وإذا كنا منصفين فإن الأمر على الرغم من صعوبته لدى الشخص المتألم من خبر الوفاة إلا أنه في الحقيقة الشيء الوحيد الذي يتمناه في ذلك التوقيت، فالبعض قد يتخيل بعد سماع خبر الوفاة لأحد المقربين منه أن الحياة قد انتهت تمامًا من كوكب الأرض، لكن المواساة تأتي لتزيل ذلك التخيل والاعتقاد.
لماذا نتخطى خبر الوفاة؟
البعض الآن قد ينظر إلى الأمر بطريقة مختلفة تمامًا، فإذا كان هناك خبر وفاة، والشخص المتوفي يُعد شخصًا عزيزًا عليك بخلاف كونه أساسًا من الأقارب، فلماذا يا تُرى قد نُفكر في تخطي هذا الأمر؟ لماذا لا نشعر به ونتعايش معه؟ إنه سؤال منطقي، والإجابة عنه تأتي في صورة عرض بعض التأثيرات السلبية لهذا الأمر، والتي على رأسها كره الحياة وما يتعلق بها.
كره الحياة وكل شيء متعلق بها
بعد الاستماع إلى خبر الوفاة يُصاب الشخص بحالة شديدة للغاية من الكره وانسداد الشهية عن كل شيء يتعلق بالحياة، لا تظنوا أبدًا أننا نبالغ في ذلك فالبعض يكره الحياة لدرجة عدم تمني وجودها من الأساس، وهذا الوضع يكون معرضًا للحدوث بنسبة أكبر في الحالات التي يكون فيها الشخص الميت قريب من الدرجة الأولى، كأن يكون المتوفي الوالد أو الوالدة أو الابن أو الزوجة، فكل هؤلاء بالتأكيد يجمعهم بك العديد من الذكريات الطيبة في الحياة، والتي ستشعر أنها لن تتوقف عن إيلامك إلا عندما تتوقف أنت عن الحياة، أرأيتم كيف يحدث الأمر؟ إنه جنوني بلا شك ويستحق البحث عن طرق لمنعه.
التألم من خلال الذكريات
كما ذكرنا، من الآثار السلبية التي تضرب الشخص عند وفاته وجود بعض الذكريات التي تحاول مهاجمته في هذه الأثناء، وبالتالي تُسبب الألم له، وهذا الأمر في الحقيقة لا يُعتبر مجرد أثر سلبي عادي، وإنما هو أسوأ أثر على الإطلاق إن جاز التعبير، فالشخص الذي مات وحزنت عليه لابد وأنك قد قضيت معه في هذه الحياة أوقات طويلة، وتلك الأوقات بالطبع ستترك فيك بعض الذكريات، هذه الذكريات سوف تجد وقتها المناسب لحظة الوفاة، حيث ستقوم بمهاجمتك وتسبيب الألم لك، إنه بلا شك وضع لن يكون بمقدورك التعامل معه بسهولة، ولهذا هو من الآثار السلبية لمثل هذه الأخبار.
التفكير في الموت
كنتيجة بديهية منطقية يتمنى الشخص بعد الاستماع إلى خبر سيء مثل خبر الوفاة أن يكون في نفس وضع ذلك الشخص الذي يُحبه ورحل عن عالمه، ببساطة، يتمنى الموت، وفي بعض الحالات لن يتوقف الوضع عند مجرد التمني، وإنما ستكون هناك بعض المحاولات لجعل الأمر أكثر من كونه تفكير، كمحاولة إيذاء النفس فعلًا، وهنا تتجسد المشكلة الكبرى والأثر السلبي الذي نحاول بكل الطرق الممكنة تفادي حدوثه، خصوصًا بالنسبة للشخص المتعلق جدًا بالمتوفي وضعيف النفس كذلك.
عدم القدرة على رعاية الآخرين
أيضًا من الآثار الجانبية التي يجب وضعها في الاعتبار كون خبر الوفاة يجعل الشخص ينهار بصورة تامة، وبالتالي يفقد قدرته على فعل الشيء الأهم في هذه الظروف، وهو رعاية الآخرين، والذين بالتأكيد يعانون مثله، لكن ربما يكونون من النساء أو الأطفال أو الأشخاص الغير قادرين على رعاية أنفسهم، وبالتالي هم في حاجة إلى شخص ليقوم بهذا الدور، أي أن انهيارك سيأتي بتأثير سلبي جدًا عليهم، والحقيقة أننا إذا فكرنا في هذه النقطة تحديدًا فسنجد أن هذا الأثر يُعد من الآثار القوية للغاية لأي خبر كارثي، فما بالكم إذا كان هذا الخبر هو خبر الوفاة لأحد الأشخاص القريبين جدًا منك.
مخالفة الهدف من وجودنا
البشر موجودون على هذه الأرض لعبادة الله، صحيح أنهم مع الوقت يرتبطون ببعضهم البعض ويحبون بعضهم لكن هذا لا يعني أبدًا القفز فوق إرادة الله وطلب الموت من أجل الذهاب إلى من يحبونهم والتواجد معهم، هذه ليست للغاية، وإن حدث ذلك فإننا بالطبع سنكون مخالفين تمامًا للهدف من وجودنا، ولذلك يُنصح بعدم ترك صدمة خبر الوفاة بالتأثير علينا كثيرًا لأنها، وكما فسرنا الآن، لن تقود إلا لمخالفة الهدف الأسمى من وجودنا على ظهر الأرض، عبادة الإله.
أضف تعليق