لو توقفنا للحظات وتأملنا وفكرنا في طريقة نشأة الكون لعجزنا عن التفكير. نعم الانسان رغم التطور المذهل الذي وصل اليه في كل المجالات عاجز عن الاجابة على الاسئلة المتعلقة بظهور النجوم والكواكب والحياة بصفة عامة. ورغم اجتهاد العديد من العلماء في عديد العصور وابتكارهم لنظريات متعلقة بنشأة الكون الا ان اياً منه لم تلق الاجماع ولم تنجح في اماطة اللثام حول الحقيقة التي يبحث عنها الجميع. بعض الباحثين اشاروا ان معرفة هذه الحقائق امر مستحيل لأنه يتجاوز العقل البشري لتبقى من معجزات الله عز وجل. لكن الانسان ظل يلهث وراء اسرار بداية الحياة وفعل كل ما باستطاعته حتى اتفق العلماء على نموذج يقرب بصورة ما طريقة تكون الفضاء والكواكب والنجوم وهو الانفجار الكبير او ما يعبر عنه بالبيغ بانغ.
ـ المحاولات الاولى لتفسير نشأة الكون
اولى الانسان اهمية فائقة لهذا الموضوع عبر كل العصور. اذ تعود التصورات الاولى الى العصر الحجري حيث ربط اجدادنا حينها كل شيء في الكون بسيطرة الالهة وتصوروا انها من يتحكم في كل شيء. ومع التطور الكبير الذي توصلنا اليه في المجال الفلكي تمكن العلماء مع بداية القرن العشرين من التقدم اكثر في طريق الكشف عن خبايا نشأة الكون. وقد ارتكزوا في ذلك على نظرية النسبية التي اسسها العالم الالماني البرت اينشتاين. في سنة 1927 قدم الكاهن والعالم البلجيكي جورج لوميتر صورة جديدة لنشأة الكون لم يسبق لأحد ان وصل اليها وقد وافقه العديد من زملائه حول النظرية المقترحة ليتم تسميتها لاحقاً بالانفجار العظيم او البيغ بانغ . وفي حقيقة الامر فإن اول من توصل الى هذه النظرية هوالروسي الكسندر فريدمن الذي عرضها سنة 1922 لكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار بسبب رفض الاخير الاعتراف باستنتاجات البرت اينشتاين التي تؤكد ثبات الكون.
ـ نظرية البيغ بانغ
كل الابحاث اليوم تؤكد صحة هذه النظرية. وان كانت الظاهرة معقدة فإننا سنحاول تبسيطها بأكبر قدر ممكن حتى يتمكن للجميع فهمها. وتقول هذه النظرية ان الكون انشئ تقريباً قبل 13.7 مليار سنة وقد كان في بدايته كتلة غازية شديدة الكثافة والحرارة. ثم وبتأثير الضغط الكبير المنبثق من الحرارة وقع انفجار عظيم فتت الكتلة الى اجزاء متناثرة كونت بمرور الوقت الكواكب والنجوم والمجرات ايضاً. ومما يزيد في نسبة صحة احتمال حدوث البيغ بانغ هو الاكتشاف الذي توصل اليه الفيزيائيان الامريكيان ارنوبانزياس وايرنست ويلسون سنة 1969. حيث اكدا حينها التقاطهما لموجات راديو لم يعرف مصدرها ومتواجدة في كل انحاء الكون. وقد استنتج العالمان انها متأتية من بقايا الانفجار العظيم – البيغ بانغ – وسمياها اشعاع خلفية الكون.
لا يمكن لأحد ان يؤكد بنسبة مائة بالمائة حدوث البيغ بانغ او الانفجار الكبير. لكن هذا النموذج يبقى الاقرب للواقع. والتحدي الكبير امام العلماء الان هو اكتشاف اصل الكون قبل الانفجار الكبير ومصدر الكتلة التي تحدثنا عنها اثناء تفسيرنا للنظرية. فهل هذا ممكن ؟ دعونا ننتظر ونرى.