لو نظرنا إلى الأطعمة التي نأكلها لوجدنا أن أكثرها يحتوي على المغنيسيوم وهذا بالتأكيد يدل على ضروريته الشديدة في أجسامنا فالمغنسيوم يحتل المرتبة الرابعة بحسب ترتيب المعادن الأكثر أهمية في حياه الإنسان على الرغم من أننا لم نسمع عنه كثيرا أو نسمع عن فئة كبيرة من الناس تعاني من نقص المغنسيوم فما السر في ذلك؟ وما هي أهميته؟ وهل له أضرار؟ إن هذا ما سنتطرق للحديث عنه تفصيلا في السطور التالية.
استكشف هذه المقالة
ما هو المغنيسيوم؟
يصنف على كونه واحدا من المعادن التي لا يتم إنتاجها في الجسم بصورة تلقائية بل يتم الحصول عليها عبر الغذاء، وهو ينتشر في أكثر من 70% من الأطعمة والمشروبات التي نتناولها، ويحتاج الجسم تقريبا إلى توفير ما يصل إلى 400 مللي جرام منه بشكل يومي لكي يتمكن الجسم من تأدية وظائفه على أكمل وجه والتي تشمل على تكوين الخلايا، والأنسجة، والعظام، والعضلات، وإرسال الإشارات للمخ، وذلك من خلال التفاعلات الكيميائية التي يشترك بها والمواد التي يدخل في تركيبها أما الكمية الزائدة منه فهي تظل مختزنة في العظام لحين الحاجة لها.
للمغنسيوم فوائد كثيرة فهو يحمي من الإصابة بهشاشة العظام وبخاصة لدى السيدات نظرا لأنهن الفئة الأكبر عرضه للإصابة بالمرض عند بلوغهن سن اليأس كما يعمل على تحفيز امتصاص الجسم لكمية أكبر من عنصري الكالسيوم وفيتامين (د)، ويدخل في تفاعلات كثيرة أهمها تنظيم مستوى السكر في الدم مما يحمي من الإصابة بمرض السكر، ويعتبر من العناصر الهامة للحفاظ على ثبات الوزن والوقاية من اضطراب الهرمونات وهو مسكن قوي للصداع وآلام المعدة وانتفاخها وذلك يعود إلى الدور الذي يؤديه في إصلاح الخلايا والأنسجة التالفة في الجسم ودخوله في إنتاج غالبية الهرمونات المحفزة على تخفيف الألم والتوتر.
المغنيسيوم في الطعام
كما أسلفنا سابقا فإن المغنسيوم تقريبا متواجد في كافه الأطعمة والمشروبات التي نتناولها يوميا ومن أهمها: الأطعمة الغنية بالبقوليات مثل قول الصويا والفاصوليا والعدس والتي يتوافر بكل 100 جرام منها ما يزيد عن 120 مللي جرام منه، والحبوب الكاملة أيضا كالشوفان والأرز البني والشعير، وكافة أنواع الأسماك مثل السمك البوري وسمك السلمون وبالنسبة للفاكهة فهناك التمر، والموز، والأفوكادو، والتوت، والتين، والبطاطا، والقرع، والرمان، والمشمش، ويوجد أيضا في كثير من الخضروات كالكزبرة، والفلفل الأخضر، والبامية، البروكلي، والبازلاء، والسبانخ، ويوفر كلا منهما ما يقرب من 150 جرام من احتياجاتنا اليومية من المغنيسيوم، ومن البذور أيضا يوجد السمسم، وعباد الشمس.
المغنيسيوم وضغط الدم
يعاني كثير من الناس من مشكلة ارتفاع ضغط الدم، وهى تحدث لأسباب كثيرة منها تناول المأكولات المالحة بكثرة أو التدخين وشرب المواد الكحولية والتعرض للضغط العصبي ووجود أمراض بالكلى أو الغدة الدرقية بالجسم وقد يكون السبب وراثي أو عائدا إلى وجود نقص في معدن المغنيسيوم في الجسم لذلك يعد أفضل علاج لمشكلة ارتفاع ضغط الدم هو تناول المأكولات الغنية بالمغنسيوم حيث أنها تساهم في زيادة تدفق شرايين القلب بصورة طبيعية، ومن خلال توفير الكمية الكافية التي يحتاج لها الجسم يوميا يعود معدل الضغط للانخفاض التدريجي في فترة وجيزة.
المغنيسيوم للحامل
يضطر الطبيب أحيانا إلى وصف مكملات المغنيسيوم لبعض السيدات أثناء فترة الحمل في حالة إصابتها بفقر الدم أو وجود مشاكل صحية للمرأة أثناء حملها مثل إصابتها بمرض السكري أو القلب نظرا لكونه من العناصر ألعامه التي تمنع من حدوث تشنجات الرحم، وتسمم الحمل بالإضافة إلى دوره في تكوين المشيمة، وحماية المرأة من الإصابة بهشاشة العظام وهو يسهم في ضبط مستوى السكر في الدم ويلزم على المرأة تناول 350 مللي جرام على الأقل بشكل يومي.
المغنسيوم للجنين
وبالنسبة للجنين فالمغنسيوم يحميه من العيوب والتشوهات الخلقية الناتجة عن انقسام الخلايا الضارة في الجسم ويساهم كذلك في بناء عظام قوية له وإذا ما تعرضت المرأة لنقص المغنيسيوم أثناء فترة الحمل قد تعاني من مشاكل صحية خطيرة وخاصة بالمشيمة والرحم، وهذا ينذر بخطورة الولادة المبكرة نتيجة ضعف المشيمة وبالتالي يسقط الجنين، وللوقاية من انخفاض مستوى المغنيسيوم أثناء الحمل ينصح بعدم تناول المنبهات، ومدرات البول، والتوقف عن التدخين، والابتعاد عن رائحة الأبخرة، وعدم الإكثار من الأطعمة الغنية بالكالسيوم وتناولها بنسبه معتدلة حيث أن زيادتها في الجسم قد تمنع من امتصاصه بشكل جيد.
المغنيسيوم والنوم
الأرق واضطرابات النوم والتوتر وعدم القدرة على ضبط الساعة البيولوجية في الجسم كلها أعراض تواجهنا بين الحين والحين ولكننا لم نفكر يوما أنها قد تدل على نقص أحد العناصر في الجسم وفي الحقيقة أن نقص المغنيسيوم قد يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب والضغط العصبي، وصعوبات النوم نظرا لأنه يزيد من ارتخاء العضلات ويدخل في تفاعلات إنتاج النواقل العصبية ويساهم في تكوين هرمون السيروتونين.
المغنيسيوم للشعر
إذا لاحظتي أن شعرك قد بدأ في التساقط بشكل غير طبيعي وتحول من النعومة إلى الجفاف ولم يعد بريقه كما كان فمن المؤكد أنك لا تتناولي أطعمة تحتوي على المغنيسيوم بشكل كافي فبصرف النظر عن كونه عنصر أساسي في تغذية الشعر وأنه هو المسئول عن زيادة طوله وكثافته إلا أنه يساهم كذلك في ضبط الهرمونات الأنثوية لدى المرأة والتي يؤدي إضرابها إلى تساقط الشعر والإصابة بالاضطرابات النفسية وآلام العظام وغيرها من الأعراض، ويساعد في إنتاج مزيد من الدهون في فروه الرأس مما يحميه من التعرض للجفاف ويجعل مظهره صحي ولامع.
مكملات المغنيسيوم
توجد أنواع وأشكال كثيرة من مكملات المغنيسيوم ولكنها عموما تنقسم إلى ثلاثة فئات تستند كل فئة حسب حاجه الجسم لها فهناك مثلا مكملات تحتوي على سترات ولاكتات المغنيسيوم حيث يعتبر تركيزهما متوسط ويتم استخدامهما لعلاج مشاكل المعدة والجهاز الهضمي من انتفاخ وإمساك وغير ذلك أما كلوريد المغنيسيوم فهو يعمل على تحسين وظائف الكلى وحرق الدهون في الجسم، ونظرا لأن المغنيسيوم متوفر في طعامنا بصورة كافيه لا ننصح بالبدء في تناول المكملات دون التأكد من انخفاضه في الجسم من خلال إجراء الفحص الدموي حيث تؤدي الزيادة منه إلى أعراض ضاره ومشاكل صحية خطيرة.
ويجب أن تعلم أن استهلاك نسبة كبيرة من عنصر الكالسيوم يعني انخفاض المغنيسيوم في الجسم نظرا لأن الكالسيوم يثبط من امتصاص الخلايا له، وبشكل عام توجد مجموعة من الأعراض التي يمكن التنبؤ من خلالها بالحاجة للمغنسيوم مثل الغثيان الصباحي، والتعب المستمر، وآلام العضلات، والإحساس بنخز في الجسم، والإصابة باضطرابات النوم، والعصبية المفرطة، ويجب سؤال الطبيب في حاله الإصابة بأمراض مزمنة فالمكملات الغذائية أحيانا تتفاعل مع بعض الأدوية وبخاصة أدوية العظام والأدوية التي تستخدم لعلاج تجلط الدم، وأدوية السكر، والضغط، والقلب، ومدرات البول، وقد يؤدي استخدامها مع المكملات لحدوث أضرار صحية جسيمة.
أضرار المغنيسيوم
بالنسبة للمعدلات الطبيعية منه في الغذاء فهي لا يمكن أن تصيبنا بأية أضرار على الإطلاق، ولكن الكمية المفرطة من استهلاكه سواء أكان في الغذاء أو من خلال المكملات الغذائية هو ما يتسبب في حدوث حالة فرط المغنيسيوم بالدم، وهناك أيضا أسباب أخرى خارجة عن الاستهلاك المفرط للمغنسيوم مثل وجود قصور بالكلى يمنع من طرد النسبة الزائدة منه أو وجود قصور بالغدة الدرقية أو جارات الغدد الدرقية أو الغدة الكظرية أو نتيجة للارتفاع الشديد في مستوى الليثيوم في الدم وكل هذه الحالات تتسبب في ارتفاع نسبته في الدم ومع هذا تظهر الأعراض التالية:
- يقوم الجسم بطرد كميات كبيرة من الكالسيوم في البول وبالتالي تزيد الاحتمالية بالإصابة بهشاشة العظام، وتساقط الأسنان، والشعر، وعدم القدرة على المشي.
- حدوث اضطرابات في تصنيع البروتينات، والأحماض الأمينية.
- انخفاض شديد في ضغط الدم وما يصاحبه من أعراض مثل الكسل، والخمول، وضيق التنفس، وزيادة ضربات القلب.
- خلل في تصنيع السترويدات في الغدة الكظرية مما يتسبب في انتفاخ الجسم، وزيادة الوزن، واحتباس البول.
نقص المغنيسيوم والاكتئاب
إن نقص المغنيسيوم له علاقة كبيرة بسوء الحالة النفسية خاصة عند السيدات حيث ينتج عن نقصه بالجسم إضرابات الهرمونات الأنثوية ونقص هذه الهرمونات يضعف من إفراز المواد المضادة للاكتئاب وبجهة أخرى فالمغنسيوم يساهم في تهدئة الأعصاب وتحفيز إنتاج النواقل العصبية، ويدخل أيضا في تكوين معظم الهرمونات التي ينتجها الجسم وأهمها هرمونات السعادة، وعندما تزيد هذه الهرمونات فإنها تؤثر عكسيا على النسبة التي تنتجها الجسم من هرمون التوتر وهرمون الكورتيزون.
فوائد المغنيسيوم للأعصاب
يحتاج الجهاز العصبي إلى وصول التغذية السليمة له ويعتبر أفضل غذاء يحصل عليه هو عنصر المغنيسيوم حيث أن التفاعلات التي تتم بالمخ والجهاز العصبي لا تكتمل إلا بوجوده فالمغنسيوم غني بأحماض هامة يطلق عليها (الجاما أمينوبتيريك) وهى تعمل على تنظيم إنتاج النواقل والوصلات العصبية في الدماغ فتحمي من فرط الكهرباء بالمخ ونوبات الصرع ونظرا لارتباط النواقل العصبية بالقولون والمعدة فهي تساهم كذلك في علاج مرض القولون العصبي، وللمغنسيوم فائدة في طرد العناصر السامة من الجسم كعنصري الزئبق والرصاص اللذان يتسببا في إتلاف خلايا المخ وتدمير الأعصاب ومن جهة أخرى تذكر بعض الدراسات الحديثة أن التوتر العصبي والعصبية الشديدة قد ينتجان أيضا عن ارتفاع السكر بالدم، ومن المعروف أن للمغنيسيوم دور في ضبط معدلات السكر وبالتالي التحسين من كفاءة الجهاز العصبي.
تحليل المغنيسيوم
يجب إجراء الفحوصات اللازمة لقياس نسبة المغنيسيوم في الدم في حالة ظهور أعراض انخفاضه أو ارتفاعه على الجسم حتى يتم علاج المشكلة بشكل أسرع ويتم اختبار النسبة بواسطة سحب عينه من الدم ومن الممكن إجراء الفحص للأطفال أو النساء الحوامل وكبار السن وكافه الفئات حتى المرضى فليس هناك أية موانع من إجرائه، وتكون النتائج طبيعية إذا كانت نسبة المغنسيوم تتراوح بين (1.5 إلى 3 مللي جرام) على الأكثر، وعندما تزداد النسبة عن 4 مللي جرام فهذا يدل على الارتفاع الشديد في نسبة المغنيسيوم في الجسم ويجب حينها عرض نتائج الفحص على الطبيب لاتخاذ العلاج اللازم.
خاتمة
يجب عليك أن تبدأ من اليوم بمراقبة كمية المغنسيوم التي تتناولها في غذائك، وإذا أحسست أنك تعاني من أعراض نقص المغنسيوم في الجسم فأعلم بذلك أنك بحاجة إلى استهلاك المزيد منه فأبدأ بتناول كبسولة واحدة يوميا من المكمل الغذائي ولكن لا تفرط في استعماله فمثلما تتسبب الجرعة المنخفضة منه في مشاكل صحية كبيرة أيضا تؤدي الجرعة الزائدة منه إلى مشاكل أكبر خطورة وأقلها اضطرابات المعدة.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق