تعود فكرة صناعة الدراجة الهوائية إلى الفنان الإيطالي (ليوناردو دافنشي) غير أن فكرته لم تلقى صددا حسنا، ولم يلق أحد لها بالا، مما جعلها طي النسيان في صفحات التاريخ التي لم يفتحها إلا الكونت الفرنسي (دي سيفراك)، وبالفعل قام بصناعة أول دراجة هوائية والتي يرجع تاريخها إلى نهاية القرن الثامن عشر، وتعد صناعة الدراجات الهوائية من الأمور المهمة في حياتنا اليوم، حيث تعد وسيلة المواصلات الأمثل في التكدس المروري الذي يحدث في الطرق حيث يسهل الحركة بها على خلاف السيارة، كما تعد من وسائل النقل النظيفة (صديقة البيئة) وذلك لعدم تواجد أي نوع من الوقود لمساعدتها على الحركة، بالإضافة إلى هذا تعد الدراجة الهوائية أرخص وسيلة للمواصلات حيث لا تحتاج إلا ثمن شراءها فقط، وتعتبر الدراجة الهوائية التي نعرفها اليوم غير التي تم صنعها على يد الكونت الفرنسي، حيث أخذت صناعة الدراجة الهوائية مراحل وتطورات عديدة إلى أن ظهرت بالشكل الحالي، وسنعرف في هذا المقال كيف تقوم المصانع بصناعة هذه الدراجات.
استكشف هذه المقالة
بداية صناعة إطارات الدراجة الهوائية
يعود اختراع إطار الدراجة الهوائية إلى عام 1888 ميلاديا على يد (جون تالوب)، وتعد الأجزاء التي يتكون منها الإطار مشابهة إلى حد كبير الإطار الذي نراه اليوم، حيث كانت تتكون من سلكين على حواف الإطار وكان الهدف من السلكين هو جعلهما المرتكز الصلب الذي يعمل على تدعيم الإطار، كما يشكل سطح الإطار بطريقة معينة لضمان ثبات توازنه عند السير، وكانت إطارات السيارات تصنع من مطاط عضوي يستخرج من الأشجار إلى أن ظهر المطاط الصناعي في ستينات القرن الماضي، وتعد صناعة إطار الدراجة الهوائية من أصعب مراحل صنع الدراجة وذلك لأن الإطار له خليط معين يجب عدم تغييره ولو قليلا، فتبدأ عملية الصنع بإرسال المطاط الثقيل الخاص بكل دراجة منفردا إلى أسطوانات كبيرة يتم تشكيل الإطار عليها، ويتم إعطاء المطاط اللون الأسود لكي يوفر التنظيف على صاحب الدراجة فيما بعد، وبعد الانتهاء من التشكيل يتم إضافة عدة مكونات مثل: الزيت المعدني، والسيليكا، والكبريت، وأكسيد الزنك، وتعمل هذه المكونات على إكساب الإطارات المرونة والكثافة اللازمة.
الخطوات الأخيرة للإطار
عند الانتهاء من تماسك المكونات التي تم إضافتها إلى المطاط يتم إضافة النايلون إليهم، ثم تتم إعادة هذا المزيج مرة أخرى إلى الأسطوانات ويتم فرده وتقطيعه على أسطوانات متساوية مع حجم الإطار، ويتم بعد ذلك تثبيت طبقتين من المطاط الثقيل عالي الكثافة على هذا المزيج ويتم تشكيلهم على شكل إطار الدراجة ثم يتم تسخينهم لثلاث دقائق عند 280 درجة مئوية، ويتم بعد ذلك وضع الإطار تحت الاختبار لمدة ثلاثة أيام وعند الاجتياز يتم تركيبه على الهيكل المعدني ويصبح الإطار جاهزا للاستخدام. وبعد ذلك تبدأ عملية صنع محرك الدراجة الهوائية من سلسلة طويلة مغلقة تعمل على نقل قوة الضغط على المحرك (الدواسة) إلى قوة حركة في الإطار الخلفي، لذا يمكن القول أن هدف هذه السلسلة عند صناعة الدراجة الهوائية هو توليد قوة ردة الفعل التي تعمل على حركة الدراجة، تبدأ صناعة هذه السلسلة بآلة كبيرة تعمل على ضغط الصلب بشكل كبير، ثم تعمل على تشكيله على شكل رقم ثمانية في الحروف الهندية، وتصل إنتاجية هذه الآلة إلى 10 الآف قطعة لكل ساعة، يتم بعد ذلك إرسال هذه القطع للتأكد من عملية الصنع والتأكد من الفوارغ الموجودة في الدائرتين الصغيرتين في كل شكل.
الخطوات النهائية في صناعة سلسة المحرك
وبعد التأكد من الأقطار وملائمة تكوينها للسلسلة يتم وضع هذه القطع في فرن (موقد) تصل درجة حرارته إلى 1500 درجة فهرنهايت، ثم يتم تبريد القطع ووضعها في إناء كبير مفلطح الشكل ويوضع على القطع مسحوق السيليكا والسيراميك وكمية قليلة من الماء، ثم يتم غلق هذا الإناء، ويتم هزه بقوة حتى تمتزج هذه المكونات، تتم بعد هذه الخطوات مرحلة تلميع القطع التي تأخذ هذا الشكل (8) حيث يتم وضعها في عدة حمامات كيميائية، ثم يوضع عليها مركب النيكل تفلون الذي يجعلها مقاومة للصدأ وتتميز بملمس أملس ولامع، الآن القطع جاهزة لبناء السلسلة التي تحرك الدراجة، يتم وضع هذه القطع في آلة كبيرة تعمل على تجميع وربط هذه السلاسل الواحدة تلو الأخرى بواسطة براغي (مسامير) وبعد أن يتم الانتهاء من عمل سلسلة مغلقة ترسل مباشرة للاختبار، وعند النجاح في الاختبار يتم وضع السلسلة في ماء ساخن، ثم تبدأ عملية التشحيم وامتصاص الفائض من الشحم، وهكذا توضع السلسلة في مكانها في المحرك المسنن وتصبح جاهزة للاستخدام. وبعد ذلك تبدأ عملية تجميع الدراجة وبدء صناعة الهيكل وتتم صناعة الدراجات الهوائية حيث يتم تحضير المعدن الذي تصنع منه الدراجة سواء أكان نيكلا، أو سبيكة من الكروم والمولبينديوم.
الخطوات الأخيرة في صناعة الدراجة الهوائية
يتم ضغط المعدن الذي يستخدم في صناعة الدراجة الهوائية وتشكيله إلى أنابيب كبيرة وصغيرة، لكي يتم ربطها فيما بعد عند تشكل الدراجة، بعد قطع هذه الأنابيب ترسل إلى آلة بها قواطع حادة تعمل على تعديل الزاوية والحواف لهذه الأنابيب، وتتم بعد هذا عملية اللحام وتوضع مع الأنابيب قطعة من الفضة والبرونز مما يزيد هذه القطع قوة وصلابة، ثم يتم وضع القطع في درجة حرارة 800 درجة مئوية لمدة دقيقتين، وبعد ذلك يبدأ تجميع هذه القطع لتكوين شكل الدراجة في عملية لحام تستغرق أربع دقائق دون الحاجة إلى أي حرارة، يتم بعد ذلك طلاء الهيكل المعدني عن طريق مسدسات مسئولة عن رش الطلاء، وبعد هذا الرش المتصل يذهب الهيكل المعدني إلى الفرن حيث سيبقى لمدة 15 دقيقة عند 280 درجة مئوية، وبعد خروج الهيكل تحدث له عملية تبريد مزامنة مع تجهيز وعمل الفرامل، وتجميع قطع الفولاذ لتشكيل الهيكل المعدني للإطار من الداخل ثم ربط أجزاء الإطار الخارجي المصنع من الألومنيوم، ويتم بعد ذلك وضع الإطار المطاطي الذي سبق شرحه في خطوة سابقة، بعد هذا ترسل الدراجة للاختبار، ثم يتم تركيب باقي الأجزاء الميكانيكية للدراجة مثل: الدواسة، والمقود، والفرامل وملحقاتها، ويتم وضع السلسلة وتثبيت المحرك، وهكذا تكون الدراجة جاهزة للنزول في الأسواق وبيعها مباشرة للعملاء.
تعد صناعة الدراجة الهوائية من الصناعات المهمة وذلك لزيادة الطلب عليها، لذلك نجد أن معظم مصانع الدراجات الهوائية تقوم بصنع ما يقرب من 2500 يوميا، كما وصل عدد الدراجات الهوائية اليوم إلى تريليون دراجة مما يجعلها وسيلة التحرك الأولى عالميا، ويعد أعلى تسجيل لسرعة هذه الدراجة 283 كم لكل ساعة، ولا تعد الدراجة الهوائية وسيلة للتنقل وإنجاز مهامك فقط، بل تعمل أيضا على تنشيط الدورة الدموية في الجسد كما يستعملها معظم الرياضيون كوسيلة لحرق الدهون وتنشيط معظم عضلات الجسم. ونلاحظ جميعا التطورات العديدة التي تدخل في صناعة الدراجة الهوائية، حيث بإمكاننا تزويدها بمحرك يشبه محرك الدراجة النارية، كما أصبحت الدراجة تنزل إلى الأسواق بعدة سرعات، وإن كنت من عشاق المغامرة والاكتشاف فالدراجة الهوائية هي الحل الأمثل لجولتك اليومية.
أضف تعليق