تقوم البراغماتية على مبدأ النفعية والعملية فهي لا تعترف بالقيم والمبادئ أوحتي الأخلاق والثوابت، بل تقاس الأشياء في الفلسفة البراغماتية بمدى النفع الناتج عنها، فمقياسك لصحة حقيقة ما يكون عن طريق ما تقدمه لك من تحقيق لمصلحتك الخاصة ليس أكثر، لذلك يمكن أن نختصر فكرة البراغماتية في المنفعة قبل أي شئ، المنفعة التي يمكن أن يتم فعل أي شئ في سبيل الحصول عليها، كما أن الفلسفة البراغماتية تؤمن بأنه لا يوجد أي قيمة لأي فكرة لا يمكن تطبيقها على الواقع ليس هذا فحسب، بل يجب أن تكون الفكرة ذات جدوى وتطبيقها سينتج عنه نفعًا، ومن ثم فإن قيمة الفكرة تتحدد من خلال المنفعة التي تقدمها. وبذلك تكون البراجماتية ضد أي أفكار نظرية لا يمكن تطبيقها على الواقع وبالتالي لا تقدم أي خدمة للإنسان في حياته العملية، والبراغماتية أيضاً لا تعترف بالفكر القديم أوالأفكار الثابتة، فهي تري أن كل وقت له أفكاره المختلفة التي تساعد على تحقيق المنفعة الخاصة بهذا الوقت، وهذا أساس مذهب البراغماتيين.
استكشف هذه المقالة
البراغماتية في السياسة
مع الوقت وتدريجيًا تم تجريد البراغماتية من كونها مذهب فلسفي إلي العمل السياسي، وتغير المصطلح قليلاً حيث أصبح يعني الانتهازية، وتري البراغماتية السياسية أن العمل السياسي لا تحكمه الأخلاق أطلاقاً، بل تحكمه مصالح الدول لذلك فإن البراجماتية السياسية عند أي براغماتي سياسي هي مصلحة بلاده ومنفعته. والبراغماتية هي المنبع الذي تقوم عليه السياسات الحالية بين البلاد، كما أن الفلسفة البراغماتية تُكون النظرية البراغماتية التي تعكس الواقع الحالي لأن كل دولة تقوم على تحقيق أهدافها ومصالحها أينما كانت، مثال بسيط يمكن أن تعترف بعض الدول بإسرائيل وحق وجودها لمجرد أن لها مصالح مشتركة معها بغض النظر عن مدى أخلافية هذا الاعتراف من عدمه، فالمهم هو المنفعة والمصلحة المشتركة، والمهم هو الفعل والتنفيذ فكل التطبيقات النظرية والأقوال ما لها أي أهمية بدون تنفيذ فعلي لها.
ما معنى كلمة براغماتي؟
كثيراً ما استمعنا لكلمة “براغماتي” أو”براجماتي” في التلفزيون أوعلى الإنترنت أوحتى قرأناها في كتاب، وقد يمكن أن تكون قد صادفت واستمعت إلي هذه الكلمة في حياتك اليومية، فما ما معنى البراغماتية ؟، الإجابة باختصار شديد هي أن البراغماتية تعني النفعية أوالعملية، وهذا يعني أن أي فعل يقوم به الفرد لا بد أن يقيس مدى النفع المترتب عليه جراء هذا الفعل، وإن لم يطابق الفعل منفعته أومصلحته الشخصية فلن يقوم به، لذلك فالمعنى المختصر لكلمة براغماتي هي نفعي، فأن تكون براغماتي يعني أنك إنسان لا يهتم بأي مبادئ أوقيم، وكل ما يقيس به الأشياء هو مصلحته ومدي النفع الذي سيعود عليه إن قام بذلك الفعل، فالمصلحة هي أساس تصرفاتهم حتى لو كانت على حساب المبادئ، ومبدأهم الرئيسي أن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتأكيد أنك قد رأيت مثل هذه النوعية من البشر في حياتك اليومية. البراغماتي ليس لديه رؤية واضحة أوأهداف حياتية محددة بل هو ابن وقته يبحث عما يفيده هذه الساعة ويخدمه وبعد أن ينتهي يواصل رحلة البحث عن منفعة جديدة.
البراغماتية في اللغة
الفلسفة البراغماتية وعلم البراغماتية، عند ذكر مصطلح البراجماتية فإن ما يقصد غالبا هو المذهب النفعي الذي يقوم على مصلحة الأشياء كما أشرنا ولكن هناك مفهوم آخر يلتبس مع معنى البراغماتية وهو البراغماتية اللغوية pragmatics، pragmatism وكما نرى أن الكلمتين متشابهتين جدا مع بعضهما البعض في النطق والكتابة، لكن في الحقيقة لا توجد أي علاقة بين الكلمتين فالبراغماتية اللغوية هي مصطلح هام في اللغات بشكل عام، وهو الذي يحدد طريقة كلامك وغرضك منها، ومدي علاقتك بمن تحدثهم، فمثلا يمكن أن تقول أن “الفأر قد اصطيد من القطة” وقد تقول أن “القطة اصطادت الفأر”، لذلك فلكل جملة من الجملتين السابقتين لها دلالتها وغرضها في الحديث وهذا هوما يبحثه علم البراغماتية. مثال آخر: يمكن أن تقول”أنا ذاهب إلي هولندا”، متبوعة بجملة أخري وهي “أمي تسكن هناك”، ومن تلك الجملتين يمكن أن نستنتج أن أم المتحدث تعيش في هولندا، وهذا بالتحديد ما تدرسه البراغماتية اللغوية، أي المعنى الأبعد من الكلمات ومقاصدها.
البراغماتية في الإسلام
كما سبق وذكرنا أن البراغماتية مذهب نفعي يضر أكثر مما ينفع، فهو قائم على الأنانية ومصالح الأفراد بشكل أساسي، بينما الإسلام عكس ذلك تمامًا فالإسلام يهتم بالمجتمع وبالجماعة، ولا ينظر إلى مصلحة الفرد وحده فقط، بل ينظر إلى مصلحة الفرد والجماعة معًا، ولا يأمر بشيء قد يضر أي منهما، وبذلك يتنافى الإسلام مع البراغماتية ولا يوجد أي اتفاق بينهما، ولكن إذا نظرنا في العصر الحالي فإننا نرى أن الإسلام السياسي، بمعنى أن بعض التيارات التي تتخذ من الدين شعاراً لها، قد ادخل البراجماتية مع الإسلام في الحكم السياسي الإسلامي عن طريق تحقيق ذاته وأغراضه، عن طريق وسائل لا تمثل الإسلام وآدابه وتقوم على مصالح دنيا تتنافى مع المبادئ الإسلامية والواقع الأخلاقي لتنفيذ سياسية غير أخلاقية، هدفها المصلحة في المقام الأول.
الفرق بين البراغماتية والميكافيلية
تطرقنا إلى البراغماتية وعرفنا إلي ماذا تشير، ولكن إذا أردنا التوسع في مع معرفة هذا المصطلح ومقارنته بغيره، فهناك مصطلح آخر مشابه نوعاً ما في المعنى مع البراجماتية ألا وهو الميكافيلية، وخاصة في الوسط السياسي؟، فماذا يعني هذا المصطلح وفيما يتشابه مع الميكافيلية؟
الميكافيلية تعني انتفاء وجود مبادئ يقوم عليها الواقع السياسي، بل هي مرهونه بالواقع والمصلحة أيضًا، فتقوم فكرة الميكافيلية على أن الغاية تبرر الوسيلة، فأيًا كان هدفك فإن الوسيلة التي يمكنك أن تحصل بها على هذا الهدف مشروعة دائمًا بغض النظر عن منافثتها للدين أوالواقع، فكل شيء مشروع طالما يحقق لك هدفك. ومن أشهر مبادئ ميكافيلي الكاتب والدبلوماسي صاحب ومؤسس فكرة الميكافيلية هي أن الأديان ليست سبل لنشر الفضيلة أوتعميم السلام،بل نقوم نحن لنجعلها وسيلة لتحقيق الأهداف والمطامع، عمل الأمير يجب أن يقوم على الواقع وما يتطلبه ولا يقوم على أي مبادئ أخلاقية أودينية وبذلك تشترك الميكافيلية مع البراجماتية في جعل الإنسان شرير بطبعه ويعمل وفق مصلحته ومنفعته فقط، وبالطبع كل هذه الفلسفات شريرة. وسيئة وتتنافي مع فكرة أن الإنسان خير بطبعه.
وهكذا نكون قد أوضحنا فكرة البراجماتية ومدى مطابقتها لبعض الأفكار الفلسفية الأخرى مثل الميكافيلية وما مدى تشابهه مع البراجماتية اللغوية وعرفنا أن البراجماتية مذهب نفعي لا ينفع لنا ولا يجب أن نستعمله في تفكيرنا اليومي، لأننا نتعامل حقيقة بما يتوافق مع أخلاقنا وديننا، وأنت اذكر لنا بعض المدارس الفلسفية الأخرى التي تعرفونها وترونها مشابهة لهذه الفلسفة.
أضف تعليق