تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أبوة وأمومة » كيف تغير سلوكيات الأطفال الخاطئة في فترة قصيرة بسهولة؟

كيف تغير سلوكيات الأطفال الخاطئة في فترة قصيرة بسهولة؟

هل يقوم طفلك بالبكاء والتدحرج في السوبر ماركت عندما يريد شيئا؟ يقوم بالصراخ والتشبث بك عند خروجك للشارع؟ يقوم بضرب الحيوانات أو التلفظ بألفاظ بذيئة؟ هذه بعض سلوكيات الأطفال الخاطئة والتي يكتسبونها من محيطهم سواء نتيجة لدلال الأهل في البيت أومن أقرانهم في المدرسة أو أقاربهم.

سلوكيات الأطفال الخاطئة

لتجدي الحل لتعديل سلوكيات الأطفال الخاطئة يجب علينا قبلها أن نعرف الفرق بين السلوكيات والقيم، فالقيم هي التي تحرك السلوكيات وتتحكم بها، ولكن قد ينشأ سلوك ما لغيابها كما أن القيم وجدانية يصعب تعديلها في فترة قصيرة بعكس السلوك، فالقيم تتكون على المدى البعيد وتعتمد على ما يراه الطفل من والديه ومحيطه الأولي، فلو رأى الطفل أباه يأخذ الأشياء من خلف أمه سيتعلم السرقة. كما أن بعض القيم قد تدمر بسبب تصرفات الآباء الخاطئة اتجاه أطفالهم وعدم تفريقهم بين تعمد الطفل وقصر تفكيره، فالطفل مثلا في بداياته يتسم بالخيال الخصب ولا يفرق بين الواقع وبين ما يتخيله، فلو اتهمناه بالكذب كلما تخيل سيتعلم الكذب فعلا. فكيف إذن نستطيع فهم السلوكيات أولا لنجد طرقا لتغيير سلوكيات الأطفال الخاطئة؟ وكيف يمكن فعل ذلك في فترة قصيرة دون الحاجة لحجز الطفل أو منعه من الخروج والاحتكاك بمحيطه؟

ماهي السلوكيات؟

سلوكيات الأطفال الخاطئة ماهي السلوكيات؟

السلوكيات تصرفات مباشرة يقوم بها الطفل وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بقيمه بل قد تكون دخيلة عليه من محيطه وأقرانه، فالطفل قد يتربى على عدم التلفظ بألفاظ بذيئة لكنه قد يسمع كلمة بذيئة في يوم ما ويقوم بتكرارها دون إدراك منه بأنها خاطئة، فلو قمت بقمعه بحدة وغضب سيفهم أن هذه الكلمة تثير غضبك وسيتعلم استخدامها كلما أراد استفزازك، لكنه أبدا لن يفهم أنها خاطئة، وستصبح حينها سلوكا سيئا. لذا من المهم التعامل مع سلوكيات الأطفال الخاطئة بهدوء وروية لتجنب إعطائهم أسلحة يستخدمونها ضدك.

تقييم سلوكيات الأطفال الخاطئة

قبل محاولة معالجة غالب سلوكيات الأطفال الخاطئة ستحتاجين لتقييم هذا السلوك جيدا قبل التخلص منه، ومن ثم اختيار الأسلوب المناسب للتعامل معه. وأول الخطوات لذلك:

  • ابدئي بتقييم نفسك أولا فهل بدر هذا السلوك منك ثم انتقل إليه أم تعلمه من الخارج؟ فلو كان منك يجب أن تقومي بتعديل نفسك أولا قبل معاقبة طفلك على تقليده لك.
  • قيمي مدى سوء السلوك: هناك سلوكيات لا تعالج بسهولة وهناك سلوكيات عابرة، هناك سلوكيات يمكن أن تبني عليها مدى نجاح أو فشل طفلك مستقبلا كأن يكون فضا في التعامل والحديث وهذا سيجعله مكروها وغير قادر على إنشاء العلاقات الاجتماعية في المستقبل. وعلى قدر سوء السلوك يكون التدخل.
  • تدخلي بسرعة في حال كان السلوك مؤذ لشخص آخر كضربه لأخيه الصغير أو الحيوان الأليف أو تكسير الأشياء من حوله. فالصبر على هذه السلوكيات قد يؤدي لنقلها لمن حوله.
  • في حال تكرار الموقف لا تلومي الطفل مباشرة بل راجعي العلاقات الأسرية داخل المنزل، والتي أدت لسلوك الطفل هذه السلوكيات وتكرارها أكثر من مرة، فقد يكون جو المنزل هو ما يجعله عرضه للتوتر والغضب وممارسة بعض التصرفات السيئة للفت الانتباه. كالخلافات المستمرة بينك وبين زوجك أو السكن في بيت العائلة ومشاهدة الخلافات يبن الأعمام.

خطوات عملية للتعامل مع سلوكيات الأطفال الخاطئة

كوني هادئة

يجب أن تتعاملي مع سلوكيات الأطفال الخاطئة بهدوء لتتجنبي إثارة غضب طفلك وتوتر أعصابك، وحتى لا يعاندك أكثر.

حاوريه بهدوء

فلو صرخ يجب أن تبيني له أنك تتحدثين بنبرة هادئة وتحتاجين لأن يتكلم معك بنفس النبرة، ولكن من الطبيعي أنه لن يهدأ إن كان قد اعتاد صراخك في وجهه عند حديثك أو نقاشك معه في السابق!

إذا رفض التفاهم

ستقومين بإنهاء الحديث مباشرة وتطلبين منه الهدوء، فلو صرخ باكيا لطلب شيء ما، خاطبيه بأنك لا تفهمينه وهو يصرخ وأنك ستستمعين إليه عندما يكون مستعدا لأن يطلب بهدوء ومن دون صراخ، وأطلبي منه التوجه لغرفته ليفكر مليا قبل الكلام وإن كان معاندا فحاولي التعامل معه بحزم شديد وأصري على التمسك بطلبك لذهابه لغرفته.

حاولي مساعدته في تفريغ غضبه قبل التحدث معك

فذلك يساعده على تجاوز غضبه وقد يساعد على إنهاء الموقف. أطلبي منه التوقف والتفكير أو الجري حول المكان ليعود وقد فرغ شحنات غضبه. ويستحسن دائما استخدام طرق الإلهاء بدلا من المواجهة أي أن هذه النقطة ستفلح مع طفلك أكثر من الخطوة السابقة؛ والتي قد يحدث فيها تصادم وعدم تلبيته لطلبك ذهابه لغرفته.

لا تشتكي من صراخه

لا تشتكي وتقولي بأنه يضايقك، فذلك سيزيد من صراخه، كونه تأكد تماما من أن صراخه يمثل نقطة ضعف لك، لذا لا تشعريه بذلك وتجاهليه، وحاوريه غير مبالية بما يفعله للفت انتباهك حتى لو كنت تطلبين منه السكوت. فقط التكرار والإصرار هو الحل.

جدي نقطة التقاء

حاولي أن تجدي حلا يوافق جميع الأطراف أي نقطة التقاء بينكما، لكن تجنبي تماما الخضوع له فيما يطلبه، بل جدي بديلا أوضعي اتفاقا معين بينكما. كأن تقولي له ستكف عن قول اللفظ السيئ مقابل أن نقوم بنشاط معين وهكذا.

قواعد تعديل سلوكيات الأطفال الخاطئة

هناك خطوات محددة مبدئيا لتعديل سلوكيات الأطفال الخاطئة، ولكن هي فقط مبدئية ويجب عدم الاكتفاء بها ومن ثم اليأس في حال عدم نجاحها كليا، فلا توجد قاعدة ثابتة للتعامل مع كل الأطفال لاختلافهم عن بعضهم ولاختلاف البيئة المؤثرة في كلا منهم.

تحديد السلوك المراد تعديله

فليس كل سلوك كغيره وليس كل مسبباته واحدة، لذلك حددي السلوك بمفرده بمعزل عن السلوكيات الأخرى؛ وليس عن المسببات! وركزي عليه وقرري ما ستفعلينه لمعالجته.

اتفقي مع طفلك

تكلمي مع الطفل حول ما تريدينه منه بالضبط وما المنتظر منه، ويعني ذلك عدم الوعظ واعتماد محاضرات الحلال والحرام ركزي فقط على المطلوب منه بشكل مباشر. فمثلا قولي له أريدك ألا تستخدم هذه الكلمة كلما كنت غاضبا، وأتمنى أن تراعي هذا وتنفذه.

بيني له كيف ينفذ طلبك

فلا يكفي أن تقولي له توقف عن الفعل أو القول التالي بل أضيفي فكرة أن يحاول استخدام كلمات أخرى بديلا عما كان يستخدم، وبهذا تبعدين تفكيره تماما عنها.

المدح والثناء

امتدحي واشكري سلوكه الحسن واثني على هذا السلوك، واستمري بالثناء عليه حتى بعد تركه السلوك السيئ فذلك يعلمه تمييز القيم الحسنة ويبدأ في استيعاب معاييرها.

بعض سلوكيات الأطفال الخاطئة مرهقة ويصعب التخلص منها بسهولة، فاجتنبي استعمال العنف، وإلا لزاد عناده وتمسكه بالأمر، وتحملي مهما طال انتظارك لتحسن سلوكه، فلا تنسي أنك لست بمفردك في عالمه وهناك من يهدم في لحظة ما تبنينه في شهر، فتحلي بالصبر ولهكذا أمور وجد الحب.

كوني معهم

وهذا الأمر ينطبق أكثر على الآباء، فلا يكفي أن تكوني بمثابة كتيب أوامر وتوجيهات، بل يجب تواجدك معهم أثناء تنفيذهم لأوامرك ومتابعتهم لتحفيزهم على الاستمرار، فلو وجدوا عدم اهتمام ومتابعة سيتركون الالتزام ويشعرون بالإحباط وعدم اهتمامك الحقيقي بتحسنهم.

لا للمعايرة أو العتاب والتذكير

فالطفل يمتن كثيرا لمن ينسى أخطائه السابقة، ذلك أنه يشعر بالخجل منها ويحب نسيانها، لذا لا داعي لتذكيره بها ولا تحاولي إثارة غضبه بإحراجه، وتحويله لكائن بليد بكثرة معاقبته على ماضيه، فذلك سيجعله يكررها مجددا لكن هذه المرة دون شعور بالذنب.

لا ضرورة للعقاب دائما

لا يجب معاقبة الطفل دائما ومن المستحسن ترك العقاب جانبا حين يكون لدى الطفل رغبة حقيقية في تحسين نفسه.

نصائح عامة لتعديل سلوكيات الأطفال الخاطئة

سلوكيات الأطفال الخاطئة نصائح عامة لتعديل سلوكيات الأطفال الخاطئة

حاربي السلوك لا الطفل

لا تحاولي لوم الطفل أو اتهامه أو وصمه بالسلوك السيئ، فلا تقولي له أنت كاذب أو أنت أناني، بل قولي لا تتصرف بأنانية ولا تقل كلام غير حقيقي، فأنت بهذا لا تعززي بداخل عقله صفات سيئة يصدقها عن نفسه وتلتصق به.

عززي بداخله القيم الإيجابية

حفزيه وشجعيه كلما قام بخطوة تبعده عن السلوك السيئ، وداومي على مدح كل السلوكيات الحسنة التي يقوم بها حتى تصبح عادات له، وقلنا هنا السلوكيات نفسها، فلا تقولي له أنت شاطر كحزمة كاملة بكل ما يفعله، بل قولي له سلوكك اليوم كان جيدا أو سلوكك الفلاني أعجبني وشكرا على هذا التصرف.

لا للمكافئات الملموسة

يحتاج تعديل سلوكيات الأطفال الخاطئة تجنب تعويده على مقابل لتركها، فلا تعطيه المكافئات المالية خصوصا لئلا يتحول لطفل انتهازي سيفعل الشيء الجيد فقط للحصول على المكافئات والهدايا. ويستحسن إلغاء المكافئات المباشرة تماما كالحلوى والفلوس والألعاب.

تجنبي العبارات السلبية

كاتهامه بالكسل والضعف والبطء عند إنجاز أمر طلبته منه، فلا تتوقعي منه أن ينهي مهمة ترتيب غرقته وأنت نعته مسبقا بأنه كسول ولا يقوم بشيء، أو اتهامه بأنه قذر ويقوم برمي حاجياته في كل مكان.

اشغليه بعمل المهام والأنشطة الجيدة

اخلقي مساحة من المهام والأنشطة لطفلك ومن الأفضل أن تقومي أنت أو أحد أفراد العائلة بمشاركته هذا، وأجعلي الأنشطة دائمة فهي تعزز التواصل بينك وبين طفلك، وتسهل معالجة السلوكيات الخاطئة بشكل أسرع.

أنشئي علاقة صداقة بينك وبين طفلك

لأن طفلك سيحب تقليد أصدقائه أكثر منك بطبيعة الحال، لذا كوني صديقة أولى لتجنبيه التأثر من سلوكيات الأطفال الخاطئة وتصرفات أقرانه السيئة.

كوني في حياته

من المنطقي غالبا أن سلوكيات الأطفال الخاطئة تنشأ في الأساس من غياب الأهل عن أطفالهم، لذا تواجدي دائما في حياتهم وراقبي تصرفاتهم الجيدة والسيئة، ولا تغفلي حتى يتفاقم السلوك.

أنتِ قدوة أطفالكِ

أخيرا لا تنسى أنك القدوة في كل تصرفاتهم، فلا تطلبي منهم ألا يشتموا وأنت أو أحد الكبار يقوم بذلك أمامهم، ولا تكثري من السهر واللعب أمامهم ثم تطلبين منهم الجدية والالتزام.

في النهاية علينا فقط أن ندرك أن سلوكيات الأطفال الخاطئة هي صفات مؤقتة ودخيلة فالطفل لا يولد شريرا، وكل المطلوب منك هو حثه على تحسين شخصيته باستمرار، وليس فقط التركيز على تقويم السلوك السيئ بعد ظهوره، بل الأهم هو الوقاية وتعليمه لوحده القدرة على حماية نفسه من السلوكيات الضارة في محيطه لاستحالة عزله عن عالمه عبر معرفة معيار الجيد والصحيح، وذلك يتم عبر المتابعة الدائمة سواء لتصرفاته أو تصرفاتك، وهذه لا تتم إلا بتقربك الدائم من طفلك والتعامل معه كشخص مستقل محترم له أراءه وكيانه وليس كتابع يؤمر فينفذ. لذا عليه أن يدرك ويتأكد أنه لن يتعرض لمعاقبة أو منع إلا حين يرتكب خطأ ما يستدعي العقاب والتصرف معه بحزم نتاج لذلك.

الكاتب: فاطمة الزهراء

ابراهيم جعفر

محرر موقع تسعة : مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

تسعة + ثلاثة =