موجة الحر مُصطلح لا يخلو منه عام أصبحت تختلط فيه السمات المناخية للفصول الأربع لتُسيطر عليها ارتفاعات شديدة في درجات الحرارة والرطوبة وأشعة الشمس الحارقة على حد سواء. وبمُراجعة تاريخ موجات الحر على مستوى العالم قد تتفاجأ بأشخاص يرقدون بالمستشفيات وآخرين توافيهم المنية أثنائها نتيجة لهذه الارتفاعات الجنونية في درجات الحرارة، فالأمر ليس بالسهل الهين الذين يُمكن التغافل عنه والتهاون فيه؛ فلموجات الحر تأثيرات سلبية بالغة على صحة الإنسان تزداد لدى فئات مُقارنةً بأخرى إلى حد يصل للوفاة. لذا يُمكنك التعرف على هذه التأثيرات السلبية لموجة الحر وكيف يُمكنك حماية نفسك وأسرتك منها فور قراءتك لهذا الموضوع.
استكشف هذه المقالة
موجات الحر وآثارها السلبية على الإنسان
هناك نوعين من الأضرار التي تُسبّبها موجة الحر الشديدة والتعرض لها هما:
التأثيرات الناتجة عن الارتفاعات الشديدة في درجة الحرارة والرطوبة
- طفح جلدي مؤلم من خفيف إلى شديد يظهر في صورة بقع حمراء قد يُصاحبها حكة أو تتحول إلى بثور صغيرة في مناطق الجسم التي تُعاني من ارتفاع مُفرِط في درجة الحرارة.
- تشنج عضلي وإجهاد ناتج عن الارتفاعات المُفرِطة في درجات الحرارة والرطوبة مع بذل الجهد وقلة استهلاك المياه والسوائل، وتكثر هذه الحالة بين صفوف كبار السن والرياضيين والعمال الذين يتطلب عملهم بذل جهد شاق، وتظهر في صورة انقباضات مؤلمة في مناطق كالبطن والساقين والذراعين مع جفاف نتيجة نقص معدلات سوائل الجسم، إضافة إلى غثيان وميل للقيء وصداع ودوخة واضطرابات في الرؤية والوعي قد تصل إلى حد الإغماء فيما يُعرف بالإغماء الحراري.
- الجفاف وينتج عن ارتفاع درجات الحرارة أثناء موجة الحر مع قلة تناول السوائل خاصةً في حال بذل مجهود عنيف، وتتراوح شدة الجفاف من خفيف إلى متوسط فشديد ولكلٍ منهم أعراضه التي تتراوح ما بين العطش الشديد وفقدان الشهية وتراجع القدرة على النشاط البدني والذهني مع جفاف الجلد في حالة الجفاف الخفيف، يزداد عليها تراجع مستويات البول ودكانة لونه مع الشعور بالتوكل وجفاف الفم والحلق وانخفاض ضغط الدم السريع عند القيام بحركة مُفاجئة وكذلك الصداع والدوخة في حالة الجفاف المتوسط.
- وأخيرًا تسارع معدلات التنفس وضربات القلب وتجاعيد الجلد والشعور بالتعب ورغبة في النوم مع اضطراب وفقدان في درجة الوعي في حالة الجفاف الشديد التي تحتاج لرعاية طبية فورية قبل حدوث مضاعفات خطيرة تتعلق بوظائف وأنسجة الكلى والكبد والمخ نتيجة انخفاض مستويات السوائل والأملاح وضغط الدم في الجسم.
التأثيرات الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس الشديدة
- الحروق الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس الحارقة والتي تتراوح شدتها من الخفيفة التي تُصيب طبقات الجلد السطحية مُسبّبة احمرار يُصاحبه بعض الألم كألم الحرق أو اللسع البسيط يليه موت هذا الجلد السطحي وتقشره، وحتى الحروق الشديدة التي تُصيب الأعصاب والأنسجة تحت الجلد وتُسبّب حبوب مؤلمة تتطلب فترة أطول من العلاج، وبعض حروق الشمس تترك ندبة حمراء دائمة في بعض المناطق بسبب تضرر الأوردة والأوعية الدموية فيها.
- ضربات الشمس الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة والتواجد تحت أشعة وحرارة الشمس الشديدة أثناء موجة الحر مما يترتب عليه الإصابة بالحمى والصداع والدوخة والغثيان والتوعك مع تسارع ضربات القلب والطفح الجلدي أحيانًا، الأمر الذي قد يصل حد الوفاة في بعض الحالات التي لا تتلقى المساعدة الطبية السريعة. يرفع التعرض لأشعة الشمس الحادة لفترات طويلة من احتمالات الإصابة بمرض المياه البيضاء على العين الشهير بالساد والذي يتسبب في وجود طبقة بيضاء عاتمة على عدسة العين تؤثر على الرؤية.
- ظهور بقع الكلف البنية لدى أصحاب البشرة الداكنة أو زيادة حالتها سوءًا، أو إصابة أصحاب البشرة البيضاء بالنمش الذي قد يجعلهم أكثر تعرضًا للإصابة بسرطان الجلد، ترهل الجلد وتسريع عملية ظهور التجاعيد نتيجة فقدانه لليونته ومرونته بسبب الحرارة العالية والجفاف ونقص السوائل بالجسم.
من هم الأشخاص الأكثر تأثرًا من موجة الحر ؟
هناك مجموعة من الفئات التي تؤثر فيهم موجة الحر الشديدة تأثير سلبي وتُسبّب لهم مخاطر جسيمة قد تصل إلى حد الوفاة وهم الأطفال والرضع، كبار السن خاصةً إن اقترن كبر السن بالإصابة بأمراض مزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى والقلب، مرضى البدانة والسمنة المُفرِطة وكذلك من لا يُمارسون رياضة مُنتظمة، من يُمارسون أعمالًا شاقة أو يبذلون جهد كبير كعمال البناء والحمّالين والرياضيين، من يتناولون عقاقير من تأثيراتها الجانبية أو استخداماتها زيادة حرارة الجسم أو إدرار البول أو زيادة التعرق، مرضى خلل الغدة الدرقية وفرط التعرق.
كيف يُمكنك التعامل مع موجة الحر وتجنب مخاطرها؟
فهناك مجموعة من النصائح التي يجب إتباعها لتجنب التأثيرات السلبية الناتجة عن موجة الحر ومضاعفاتها الخطيرة على الصحة العامة أهمها:
- الاهتمام بتناول قسط كافي من المياه والراحة خلال اليوم، ورغم ذلك عليك ألا تُفرط في تناول المياه تجنبًا لميوعة الدم الناتجة عن نقص مستويات الصوديوم فيه، فإن كانت حاجة الجسم اليومية من المياه تتراوح ما بين 8 إلى 10 أكواب أي من لترين إلى ثلاثة لترات قد تزيد قليلًا بسبب شدة العطش فقم بتناولها على دفعات صغيرة كل بضعة دقائق.
- الاهتمام بتناول المشروبات والمأكولات المُثلجة لترطيب الجسم مع ضرورة استشارة الطبيب في كمية السوائل المُناسبة التي يجب استهلاكها خلال اليوم بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي وأمراض الكلى عامةً، وكذلك مرضى القلب والصرع.
- تجنب الأطعمة الساخنة أو عالية البروتينات أو السعرات الحرارية واستبدالها بالفواكه والخضروات الطازجة التي تمنح للجسم قدرًا لا بأس به من المياه ولا تُسبب سخونته في ظل موجة الحر.
- استخدام واقي الشمس المناسب والقبعات والملابس التي تغطي الجلد وتحميه من حروق الشمس، ويُفضّل استهلاك الملابس القطنية الواسعة والفاتحة اللون التي تطرد الحرارة عن الجسم، والأفضل على الإطلاق تجنب الخروج أو التواجد أسفل أشعة الشمس بشكل مباشر خلال موجة الحر.
- الاهتمام بالاستحمام اليومي باستخدام ماء بارد يُلطّف حرارة الجسم ويُقلل من احتمالات أو حدة الطفح الجلدي، مع تشغيل مُبردات الهواء وفتح النوافذ من الحين للآخر لتجديد الهواء والتخلص من سخونته.
- عدم احتجاز الأطفال في السيارة مع غلق النوافذ والأبواب عليهم حتى مع تشغيل المُكيّف، إذ ترتفع درجات الحرارة داخل السيارة المُغلقة إلى الضعف تقريبًا بينما يُسبب غاز المُكيّف الاختناق، وهو ما قد يؤدي لإصابة الطفل بإحدى مُضاعفات ارتفاع الحرارة المُفرِط التي قد تصل إلى الوفاة.
- تجنب تشغيل الإضاءة والأجهزة الكهربائية في المنزل قدر الإمكان لتقليل انبعاث الحرارة منها، الأمر الذي يُزيد من الشعور بالحر خلال الموجات الحارة، مع تأجيل ممارسة الرياضة حتى ساعات الليل حيث تكون الأجواء ألطف والتوقف عن ممارستها فور الشعور بالتعب.
والآن عزيزي القارئ، بإمكانك التغلب على موجات الحر الشديدة والمُزعجة عن طريق تطبيق بعض النصائح والإجراءات السابق ذكرها بشكل صحيح، حتى يمر فصل الصيف بسلام ودون أن يترك أثره السلبي الضار عليك، بل بالعكس يُمكنك التمتع بهذا الفصل من العام مع مراعاة اختيار الأماكن التي تتواجد بها وأنواع الملابس الصالحة لحالة الطقس. متعكم الله بدوام العافية.
أضف تعليق