عادة ما نفاجئ أن طريقتنا في التعبير عن المشاعر تختلف من فترة للثانية دون حتى أن نلحظ ذلك، نجد أن أسلوب التعبير تغير، فلماذا يمكن أن يتغير التعبير وما هي نظرتنا لطرقنا القديمة وكيف أصبحنا نمارس الطرق التي ظنناها من قبل في مرحلة أصغر أشياء مضحكة وباعثة للسخرية؟ نتحدث في المقال التالي حول هذه الأشياء لنعرف كيف يمكن التعبير عن المشاعر أن يتغير بمرور الزمن ودخولنا مراحل عمرية مختلفة.
استكشف هذه المقالة
لماذا تتغير طرق التعبير عن المشاعر ؟
تتغير طرق التعبير عن المشاعر حسب نظرتنا نحن للحياة، حسب رؤيتنا للأمور من حولنا، تتغير طرق التعبير عن المشاعر بسبب التجارب والمواقف التي مرت بنا وأثرت في شخصيتنا، تطورنا العقلي وتطور شخصيتنا إما أن يفرض علينا قيودا أو يجعلنا أكثر تحررا، وهذا ما سنراه بعد قليل، يمكنك التعبير بشكل أكبر وأكثر تعقيدا في مرحلة معينة ويمكن التعبير بطرق بسيطة أو طرق أكثر لفتا للنظر وصارخة أكثر، هذا حسب تطور شخصيتك وحسب رؤيتك للأمور حيث تقوم بالتعبير عن مشاعرك بالطريقة التي تظنها مناسبة لذلك سنتحدث عن طرق التعبير عن المشاعر.
كيف يكون التعبير عن المشاعر في الطفولة؟
التعبير عن المشاعر في مرحلة الطفولة لا يمكن قياسها بمقياس واحد، تنقسم إلى مستويات عدة حسب النقلات العمرية في مرحلة الطفولة فمثلا التعبير عن المشاعر في عمر 3 سنوات ليس مثله بالنسبة لطفل عمره 7 سنوات، الأمر يختلف كثيرا.
الطفل الرضيع
يعبر شعوره بالجوع بالبكاء ولا يحمل سوى البكاء كوسيلة للتعبير عن مشاعره، ثم يكبر قليلا فتبدأ تعابير وجهه تدل على شعوره، يمكن أن يحس بالفرح والحزن والخوف والجوع والعطش والنعاس في هذه الفترة وتستشف شعوره من خلال تعبير وجهه وبعد دخوله عمر العامين مثلا تجد أنه استطاع تطوير لغة معينة للتعبير عن مشاعره خصوصًا أنه أضيف له تعابير أخرى مثل الابتهاج والاندهاش والتعاطف والاستغراب وغيرها، مشاعره أصبحت معقدة أكثر بالتالي تحتاج للغة أكثر تطويرا.
الطفل بعد الثلاث سنوات
يكون قادرا على التعبير عن مشاعره ببساطة وسهولة وصدق ودون تعقيد وأيضًا يكون قادرا على التعبير بشكل أكثر عنفا قليلا وأنشط كثيرا، حيث يمكن أن يضربك للتعبير عن الحب، لا زالت لديه مشكلة في التمييز، في تلك الفترة يكون مستكشفا لردود أفعال البشر تجاه الناس فلا يعرف ما الذي يفرحهم وما الذي يؤذيهم، نجده مثلا يعبر بالحب فيُقبلك أو يحتضنك إذا أحبك وهكذا.
الطفل بعد الخمس سنوات
يكون قادرا على تطوير التعبير عن المشاعر لديه بصورة أكبر، وأذكر أنني حينما كنت أعمل مدرسا للصفوف الابتدائية كان العديد من الطلاب في الصف الأول حيث كانوا لا يتجاوزون عمر الست سنوات يحتضنونني بمجرد الدخول إلى الغرفة الدراسية كتعبير عن الابتهاج لا الحب، الحب كان له وسيلة تعبير أخرى وهي أن يرسمونني بأشكال عدة، بعضها لطيف وبعضها مضحك نوعا ما، أما البعض الآخر فكانوا يعاملونني بمزيد من الحب والفرح في نفس الوقت حيث كانوا يصرون أن أحملهم وألعب معهم وكانوا يتجمهرون حولي في الفُسحة ويشكلون حلقة ويقومون بضربي بشكل ليس عنيف وهم يضحكون وهذا كان يعني قمة الحب، كنت أتفهم هذا ولكن المشرفات كان يرونه نوع من الشغب يحتاج إلى الردع الفوري.
كيف يكون التعبير عن المشاعر في المراهقة؟
في المراهقة يميل المراهق الذي انعتق للتو من مرحلة الطفولة وحدث له نمو ملحوظ في جسده إلى محاولة لفت الأنظار ودمج نفسه في محيطه أكثر عن طريق إقناعهم بأنه شخص متميز يستطيع كسب ثقتهم وإعجابهم، تتنوع الطرق التي يقوم بها المراهق للفت الأنظار وتختلف أيضًا من فتى لفتاة، فهناك من لديه موهبة يريد أن يتميز بها ومن يجيد لعب لعبة معينة وهناك الانطواء والانزواء كوسيلة للفت النظر. نعم فكل شخص منطوي يريد لفت النظر بانطوائه أيضا حتى وإن لم يكون واعيا لهذا.
ما يجعل التعبير عن المشاعر في المراهقة التي تمتد من سن الحادية عشر مثلا وحتى التاسعة عشر هو تأثرها بطرق لفت الأنظار هذه، فتصبح التعبير عن المشاعر أيضًا طريقة للفت الأنظار فتأتي مندفعة متسرعة عجولة ومنتظرة لرد فعل مناسب، وهذا ما يجعل التعبير عن المشاعر في المراهقة من أعقد الأمور.
كيف يكون التعبير عن المشاعر في مرحلة النضج؟
يخرج الإنسان من المراهقة محملا بها قليلا في أوائل العشرينات ولكن المواقف التي يمر بها والتجارب فضلا عن تكوين الجزء الأكبر من شخصيته والمسئول بشكل ما على ضبط تصرفاته وسلوكياته وإضفاء الاتزان على التعبير عن المشاعر لديه وضبط إيقاع أفعاله يجعل الأمر أبسط بكثير، في مرحلة النضج التي تستمر لفترة طويلة نوعا ما نرى أن الإنسان يفكر قبل أن يقول ويضاف شيء من المصداقية تجاه التعبير عن مشاعره مع بعض اللؤم أيضًا، مستوى بين الاثنين لأنه أصبح أكثر حنكة ومهارة نوعا ما ولأنه يتعامل مع ناضجين أيضًا فهناك نوع من أنواع الشفرات لحل طرق التعبير عن المشاعر بصورة ناضجة وكلما تقدم الإنسان في العمر كلما صار أنضج فيما يخص مشاعره فهو يعلم متى يطلقها ومتى يقمعها، حيث تختلف طريقة التعبير عن المشاعر لدى شاب في أوائل العشرينات ورجل في الأربعينات، قد تتقارب ولكن لا ريب أنها عند رجل الأربعينات – في الغالب ولا نعمم – تكون أكثر نضجا.
كيف يكون التعبير عن المشاعر في الكهولة؟
يجد الإنسان منا نفسه في مرحلة الكهولة في حالة يرثى لها، حيث بعد أن كان شخصا مهما يعتمد عليه فلو كان رجلا فهو بالطبع كان يعتمد عليه في جلب الرزق وسد احتياجات البيت واتخاذ القرارات وتنفيذ الأمور الهامة وغيرها، ولو امرأة فيكون مسئوليتها التربية والقيادة الداخلية والاستشارة فيما يخص أمور المنزل بل وربما الاضطلاع بها أيضًا وهكذا، هذه الأمور تأخذ منحى أقل عند الكهولة حيث يجد الإنسان نفسه فجأة يعامل بشيء من الإهمال والتهميش، لا نقصد عدم الاحترام ولكن لا يخوّل إليه الكثير من المهام ويكتفى فقط بسد حاجاته هو الشخصية وتلبية غرائزه البسيطة كالأكل والنوم وغيرها، لذلك يكون التعبير عن المشاعر بعد أن كان قويا وحازما في السابق أقرب إلى الاستجداء والوهن في الكهولة، وأصبح هناك نوع من الشكوى الدائمة ومحاولة كسب التعاطف على الدوام.
يحكي الكاتب جلال أمين أنه كان مرة عائدا من السينما مع أصدقائه فوجد والده جالسا وحيدا وأخذ يسأله أين كان ومع من وما هو الفيلم الذي شاهدوه، وطلب منه أن يحكي له قصة الفيلم، كان يقول د. جلال أنه ضاق بأسئلة والده لكنه عرف شعوره عندما كبر وصار لديه أولاد وأصبح هو في موقف والده فيما بعد.
التعبير عن المشاعر يأخذ عدة منحنيات على حسب نضج الشخص والمراحل العمرية هذه تكون عامة غالبا ولكن الشخص الذي مر بمواقف كثيرة وخاض تجارب متنوعة وامتحن في أحداث جلل وشهد محافل كبيرة يكون تعبيره عن مشاعره أكثر نضجا حتى إن كان صغير السن.