لا يوجد إنسان على وجه الأرض معصوم من الوقوع في الخطأ، فكلنا بشر حتى لو صوبنا تركيزنا كله نحو عدم ارتكاب الأخطاء لن ننجح فنحن لسنا ملائكة بالتأكيد، ولكل خطأ نرتكبه رد فعل ينعكس علينا أو على من حولنا، لذا وجب علينا التعامل مع ردود أفعال الأخطاء الصادرة منا بطريقة صحيحة، فمن نبع منه خطأ تسبب في أذى شخص آخر لابد أن يقدم الاعتذار له بشتى الطرق.
ولكي يستطيع أي شخص تقديم الاعتذار بصورته السليمة عليه أن يتقن فن الاعتذار، فالاعتذار بالفعل هو فن وثقافة فهو ليس مجرد كلمة “أنا آسف” بل هو خليط من عدة أفعال وأمور مختلفة لابد أن تجتمع معا حتى يحقق الاعتذار المراد منه.
يعتقد الكثيرون أن الاعتذار هو سمة من سمات الإنسان ذو الشخصية الضعيفة، ولكن هذا المفهوم خاطئ تماما وليس له أساس من الصحة، فالاعتذار هو ثقافة عالمية تدل على شخصية قوية حكيمة تقدر الآخر وتعترف بأخطائها وتتجنب الإضرار بمشاعر الآخرين.
ثقافة الاعتذار
أن ثقافة الاعتذار له منابع عدة، وحتى إذا فُقدت هذه المنابع لابد و أن يخلق الشخص ثقافة الاعتذار في شخصيته، فعندما ينشأ الشخص في منزل لا يقدم فيه أحد اعتذار على أخطائه بالتأكيد سينعكس هذا على شخصيته بالسلب، فالآباء يعتقدون أن من الخطأ تقديم الاعتذار للصغار، وهذا ليس صحيح.
ترتبط ثقافة الاعتذار أيضا بالمجتمع والمدرسة والجامعة فالبيئة المحيطة بالشخص تساهم في تكوين ثقافة الاعتذار لديه، كما أن للدين أيضا دور أساسي في تكوين هذه الثقافة لدى الشخص لما يحمله من مبادئ كثيرة تحث على التسامح.
كيفية تقديم الاعتذار
قبل أن يبدأ الشخص في تقديم الاعتذار عليه أن يؤهل نفسه أولا، وبالتأكيد ذلك سينعكس عليه أثناء تقديم الاعتذار وسينعكس أيضا على الشخص الآخر الذي يُقدم له الاعتذار، فعلى الشخص أن يتحمل مسئولية جميع الأفعال التي يقوم بها بما تحمله من حسنات وسيئات، فلابد أن يحاسب نفسه في البداية على ما ارتكبه من خطأ ويعترف بأخطائه حتى لو كانت تلك الأخطاء بسيطة لا قيمة لها أمام ما ارتكبه الشخص الآخر من أخطاء، وذلك من أجل أن يكون الاعتذار نابعا من أسباب منطقية مقنعة بالنسبة له وبالنسبة للشخص الآخر.
لابد أن يضع الشخص أمام عينيه مبدأ التسامح دائما، ولابد أن يعلم إن مبادرته بتقديم الاعتذار تعني إنه هو الطرف الأقوى والأفضل في الخلاف، فالتسامح والاعتذار من شيم النبلاء، فيجب أن يبادر الشخص ولا ينتظر تقديم الطرف الآخر لاعتذاره أولا.
لابد من اختيار الوقت المناسب للاعتذار، فلا يذهب الشخص لتقديم اعتذاره في الوقت الذي يكون فيه الطرف الآخر منفعلا، وهذا لا يعني تأجيل الاعتذار لفترة طويلة، فالاعتذار يفقد قيمته ومعناه إذا طالت الفترة بينه وبين الخلاف.
يجب ألا يأتي الاعتذار مقترنا بمبررات كثيرة، فقيمة الاعتذار تكمن في الاعتراف بالخطأ المرتكب دون تبريره، وهذا لا يعني أن التسامح لابد أن يكون مقترنا بارتكاب خطأ، فحتى إذا ارتكب شخص خطأ ولم يعتذر عنه، فلابد أن يبادر الآخر بالتسامح فالشخص النبيل هو من يبدأ بالسلام والتسامح دائما.